- القوة تستعمل تارة في معنى القدرة نحو قوله تعالى:﴿ خذوا ما آتيناكم بقوة ﴾[البقرة/63]، وتارة للتهيؤ الموجود في الشي، نحو أن يقال: النوى بالقوة نخل (أي: يمكنه أن يصير نخلا)، أي: متهيئ ومترشح أن يكون منه ذلك. ويستعمل ذلك في البدن تارة، وفي القلب أخرى، وفي المعاون من خارج تارة، وفي القدرة الإلهية تارة. ففي البدن نحو قوله:﴿ وقالوا من أشد منا قوة ﴾[فصلت/15]،﴿ فأعينوني بقوة ﴾[الكهف/95] فالقوة ههنا قوة البدن بدلالة أنه رغب عن القوة الخارجة، فقال:﴿ ما مكني فيه ربي خير ﴾[الكهف/ 95]، وفي القلب نحو قوله:﴿ يا يحيى خذالكتاب بقوة ﴾[مريم/12] أي: بقوة قلب. وفي المعاون من خارج نحو قوله:﴿ لو أن لي بكم قوة ﴾[هود/80] قيل: معناه: من أتقوى به من الجند، وما أتقوى به من المال، ونحو قوله:﴿ قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد ﴾[النمل/33]، وفي القدرة الإلهية نحو قوله:﴿ إن الله قوي عزيز ﴾[المجادلة/21]،﴿ وكانالله قويا عزيزا ﴾[الأحزاب/25] وقوله:﴿ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ﴾[الذاريات/58] فعام فيما اختص الله تعالى به من القدرة وما جعله للخلق. وقوله:﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾[هود/52] فقد ضمن تعالى أن يعطي كل واحد منهم من أنواع القوى قدر ما يستحقه، وقوله:﴿ ذي قوة عند ذي العرش مكين ﴾[التكوير/20] يعني به جبريل عليه السلام، ووصفه بالقوة عند ذي العرش، وأفرد اللفظ ونكره فقال:﴿ ذي قوة ﴾تنبيها أنه إذا اعتبر بالملإ الأعلى فقوته إلى حد ما، وقوله فيه:﴿ علمهشديد القوى ﴾[النجم/5] فإنه وصف القوة بلفظ الجمع، وعرفها تعريف الجنس تنبيها أنه إذا اعتبر بهذا العالم، وبالذين يعلمهم ويفيدهم هو كثير القوى عظيم القدرة. والقوة التي تستعمل للتهيؤ أكثر من يستعلمها الفلاسفة، ويقولونها على وجهين: أحدهما: أن يقال لما كان موجودا ولكن ليس يستعمل، فيقال فلان كاتب بالقوة. أي: معه المعرفة بالكتابة لكنه ليس يستعمل، والثاني: يقال فلان كاتب بالقوة، وليس يعنى به أن معه العلم بالكتابة، ولكن معناه: يمكنه أن يتعلم الكتابة. وسميت المفازة قواء، وأقوى الرجل: صار في قواء (قال الخليل: أرض قواء: لا أهل فيها. العين 5/237)، أي: قفر، وتصور من حال الحاصل في القفر الفقر، فقيل: أقوى فلان، أي: افتقر، كقولهم: أرمل وأترب. قال الله تعالى:﴿ ومتاعا للمقوين ﴾[الواقعة/73].