- الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة (قال الفراء: وكسر الواو في الولاية أعجب إلي من فتحها؛ لأنها إنما تفتح أكثر من ذلك إذا كانت في معنى النصرة، وكان الكسائي يفتحها ويذهب بها إلى النصرة. انظر: معاني القرآن 1/418)، والولاية: تولي الأمر، وقيل: الولاية والولاية نحو: الدلالة والدلالة، وحقيقته: تولي الأمر. والولي والمولى يستعملان في ذلك. كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل. أي: الموالي، وفي معنى المفعول. أي: الموالى، يقال للمؤمن: هو ولي الله عز وجل ولم يرد مولاه، وقد يقال: الله تعالى ولي المؤمنين ومولاهم، فمن الأول قالالله تعالى:﴿ الله ولي الذين آمنوا ﴾[البقرة/257]،﴿ إن وليي الله ﴾[الأعراف/ 196]،﴿ والله ولي المؤمنين ﴾[آل عمران/68]،﴿ ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ﴾[محمد/11]،﴿ نعم المولى ونعم النصير ﴾[الأنفال/40]،﴿ واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ﴾[الحج/78]، قال عز وجل:﴿ قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس ﴾[الجمعة/6]،﴿ وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه ﴾[التحريم/4]،﴿ ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ﴾[الأنعام/62] والوالي الذي في قوله:﴿ وما لهم من دونه من وال ﴾[الرعد/11] بمعنى الولي، ونفى الله تعالى الولاية بين المؤمنين والكافرين في غير آية، فقال:﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود ﴾إلى قوله:﴿ ومن يتولهم منكم فإنه منهم ﴾[المائدة/51] (الآية:﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم ﴾)،﴿ لا تتخذوا آباءكم وأخوانكم أولياء ﴾[التوبة/23]،﴿ ولا تتبعوا من دونه أولياء ﴾[الأعراف /3]،﴿ ما لكم من ولايتهم من شيء ﴾[الأنفال/72]،﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ﴾[الممتحنة/1]،﴿ ترىكثيرا منهم يتولون الذين كفروا ﴾إلى قوله:﴿ ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ﴾[المائدة/80 - 81] (الآية:﴿ ترىكثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله... ﴾) وجعل بين الكافرين والشياطين موالاة في الدنيا، ونفى بينهم الموالاة في الآخرة، قالالله تعالى في المولاة بينهم في الدنيا:﴿ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ﴾[التوبة/67] وقال:﴿ إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ﴾[الأعراف/30]،﴿ إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ﴾[الأعراف/27]،﴿ فقاتلوا أولياء الشيطان ﴾[النساء/76] فكما جعل بينهم وبين الشيطان موالاة جعل للشيطان في الدنيا عليهم سلطانا فقال:﴿ إنما سلطانه على الذين يتولونه ﴾[النحل/100] ونفى الموالاة بينهم في الآخرة، فقال في موالاة الكفار بعضهم بعضا:﴿ يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ﴾[الدخان/41]،﴿ ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ﴾[العنكبوت/25]،﴿ قال الذين حق عليهم القولربنا هؤلاء الذين أغوينا ﴾الآية [القصص/63]، وقولهم تولى إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية، وحصوله في أقرب المواضع منه يقال: وليت سمعي كذا، ووليت عيني كذا، ووليت وجهي كذا: أقبلت به عليه، قالالله عز وجل:﴿ فلنولينك قبلة ترضاها ﴾[البقرة/144]،﴿ فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ﴾[البقرة/144] وإذا عدي ب (عن) لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه. فمن الأول قوله:﴿ ومن يتولهم منكم فإنه منهم ﴾[المائدة/51]،﴿ ومن يتول اللهورسوله ﴾[المائدة/56]. ومن الثاني قوله:﴿ فإن تولوا فإن اللهعليم بالمفسدين ﴾[آل عمران/63]،﴿ إلا من تولى وكفر ﴾[الغاشية/23]،﴿ فإن تولوا فقولوا اشهدوا ﴾[آل عمران/64]،﴿ وإن تتولوا يستبد قوما غيركم ﴾[محمد/38]،﴿ فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين ﴾[التغابن/12]،﴿ وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم ﴾[الأنفال/40]،﴿ فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ﴾[آل عمران/82] والتولي قد يكون بالجسم، وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار، قالالله عز وجل:﴿ ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ﴾[الأنفال/20] أي: لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله:﴿ واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ﴾[نوح/7] ولا ترتسموا قول من ذكر عنهم:﴿ وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ﴾[فصلت/26] ويقال: ولاه دبره: إذا انهزم. وقال تعالى:﴿ وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ﴾[آل عمران/ 111]،﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾[الأنفال/16]، وقوله:﴿ فهب لي من لدنك وليا ﴾[مريم/5] أي: ابنا يكون من أوليائك، وقوله:﴿ خفت الموالي من ورائي ﴾[مريم/5] قيل: ابن العم، وقيل مواليه. وقوله:﴿ ولم يكن له ولي من الذل ﴾[الإسراء/111]، فيه نفي الولي بقوله عز وجل﴿ من الذل ﴾إذ كان صالحو عباده هم أولياء الله كما تقدم لكن مولاتهم ليستولي هو تعالى بهم، وقوله:﴿ ومن يضلل الله فلن تجد له وليا ﴾[الكهف/17]، والولي: المطر الذي يلي الوسمي، والمولى يقال للمعتق، والمعتق، والحليف، وابن العم، والجار، وكل من ولي أمر الآخر فهو وليه، ويقال: فلان أولى بكذا. أي أحرى، قال تعالى:﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ﴾[الأحزاب/6]،﴿ إن أولى الناسبإبراهيم للذين اتبعوه ﴾[آل عمران/68]،﴿ فالله أولى بهما ﴾[النساء/135]،﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ﴾[الأنفال/75] وقيل:﴿ أولى لك فأولى ﴾[القيامة/34] من هذا، معناه: العقاب أولى لك وبك، وقيل: هذا فعل المتعدي بمعنى القرب، وقيل: معناه انزجر. ويقال: ولي الشيء الشيء، وأوليت الشيء شيئا آخر أي: جعلته يليه، والولاء في العتق: هو ما يورث به، و (نهي عن بيع الولاء وعن هبته) (عبد الله بن عمر يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته. أخرجه البخاري في العتق، باب بيع الولاء وهبته 5/167؛ ومسلم برقم (1506))، والموالاة بين الشيئين: المتابعة.