- أصل البرك صدر البعير وإن استعمل في غيره، ويقال له: بركة، وبرك البعير: ألقى بركه، واعتبر منه معنى اللزوم، فقيل: ابتركوا في الحرب، أي: ثبتوا ولا زموا موضع الحرب، وبراكاء الحرب وبروكاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال، وابتركت الدابة: وقفت وقوفا كالبروك، وسمي محبس الماء بركة، والبركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء. قال تعالى:﴿ لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ﴾[الأعراف/96]، وسمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة. والمبارك: ما فيه ذلك الخير، على ذلك:﴿ هذا ذكر مبارك أنزلناه ﴾[الأنبياء/50] تنبيها على ما يفيض عليه من الخيرات الإلهية، وقال:﴿ كتاب أنزلناه إليك مبارك ﴾[الأنعام/155]، وقوله تعالى:﴿ وجعلني مباركا ﴾[مريم/31] أي: موضع الخيرات الإليهة، وقوله تعالى:﴿ إنا أنزلناه في ليلة مباركة ﴾[الدخان/3]،﴿ رب أنزلني منزلا مباركا ﴾[المؤمنون/29] أي: حيث يوجد الخير الإلهي، وقوله تعالى:﴿ ونزلنا من السماءماء مباركا ﴾[ق/9] فبركة ماءالسماء هي ما نبه عليه بقوله:﴿ لم تر أن الله أنزل من السماءماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ﴾[الزمر/21]، وبقوله تعالى:﴿ وأنزلنا من السماءماء بقدر فأسكناه في الأرض ﴾[المؤمنون/18]، ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة: هو مبارك، وفيه بركة، وإلى هذه الزيادة أشير بما روي أنه: (لا ينقص مال من صدقة) (الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، وروايته فيه: (ما نقصت صدقة من مال) في باب البر والصلة رقم (2588)) لا إلى النقصان المحسوس حسب ما قال بعض الخاسرين حيث قيل له ذلك، فقال: بيني وبينك الميزان. وقوله تعالى:﴿ تبارك الذي جعل في السماء بروجا ﴾[الفرقان/61] فتنبيه على ما يفيضه علينا من نعمه بواسطة هذه البروج والنيرات المذكورة في هذه الآية، وكل موضع ذكر فيه لفظ (تبارك) فهو تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر (تبارك). وقوله تعالى:﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾[المؤمنون/14]،﴿ تبارك الذي نزل الفرقان ﴾[الفرقان/1]،﴿ تبارك الذي إن شاءجعل لك خيرا من ذلك جنات ﴾[الفرقان/10]،﴿ فتبارك اللهرب العالمين ﴾[غافر/64]،﴿ تبارك الذي بيده الملك ﴾[الملك/1]. كل ذلك تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر (تبارك).