- العرض: خلاف الطول، وأصله أن يقال في الأجسام، ثم يستعمل في غيرها كما قال:﴿ فذو دعاء عريض ﴾[فصلت/51]. والعرض خص بالجانب، وأعرض الشيء: بدا عرضه، وعرضت العود على الإناء، واعترض الشيء في حلقه: وقف فيه بالعرض، واعترض الفرس في مشيه، وفيه عرضيه. أي: اعتراض في مشيه من الصعوبة، وعرضت الشيء على البيع، وعلى فلان، ولفلان نحو:﴿ ثم عرضهم على الملائكة ﴾[البقرة/31]،﴿ وعرضوا على ربك صفا ﴾[الكهف/48]،﴿ إنا عرضنا الأمانة ﴾[الأحزاب/ 72]،﴿ وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ﴾[الكهف/100]،﴿ ويوم يعرض الذين كفروا على النار ﴾[الأحقاف/20]. وعرضت الجند، والعارض: البادي عرضه، فتارة يخص بالسحاب نحو:﴿ هذا عارض ممطرنا ﴾[الأحقاف/24]، وبما يعرض من السقم، فيقال: به عارض من سقم، وتارة بالخد نحو: أخذ من عارضيه، وتارة بالسن، ومنه قيل: العوارض للثنايا التي تظهر عند الضحك، وقيل: فلان شديد العارضة (انظر: البصائر 4/44. ومنه سمى ابن العربي شرحه للترمذي: عارضة الأحوذي) كناية عن جودة البيان، وبعير عروض: يأكل الشوك بعارضيه، والعرضة: ما يجعل معرضا للشيء. قال تعالى:﴿ ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ﴾[البقرة/224]، وبعير عرضة للسفر. أي: يجعل معرضا له، وأعرضك أظهر عرضه. أي: ناحيته. فإذا قيل: أعرض لي كذا. أي: عرضه فأمكن تناوله، وإذا قيل: أعرض عني، فمعناه: ولى مبديا عرضه. قال:﴿ ثم أعرض عنها ﴾[السجدة/22]،﴿ فأعرض عنهم وعظهم ﴾[النساء/63]،﴿ وأعرض عن الجاهلين ﴾[الأعراف/199]،﴿ ومن أعرض عن ذكري ﴾[طه/ 124]،﴿ وهم عن آياتها معرضون ﴾[الأنبياء/32]، وربما حذف عنه استغناء عنه نحو:﴿ إذا فريق منهم معرضون ﴾[النور/48]،﴿ ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ﴾[آل عمران/23]،﴿ فأعرضوا فأرسلنا عليهم ﴾[سبأ/ 16]، وقوله:﴿ وجنة عرضها السموات والأرض ﴾[آل عمران/133]، فقد قيل: هو العرض الذي خلاف الطول، وتصور ذلك على أحد وجوه: إما أن يريد به أن يكون عرضها في النشأة الآخرة كعرض السموات والأرض في النشأة الأولى، وذلك أنه قد قال:﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ﴾[إبراهيم/48]، ولا يمتنع أن تكون السموات والأرض في النشأة الآخرة أكبر مما هي الآن. وروي أن يهوديا سأل عمر رضي الله عنه عن هذه الآية فقال: فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار (أخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت قوله:﴿ وجنة عرضها السموات والأرض ﴾فأين النار؟ قال: أرأيت الليل إذا لبس كل شيء فأين النهار؟ قال: حيث شاء الله. قال: فكذلك حيث شاء الله. المستدرك 1/36. - وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن:﴿ جنة عرضها السموات والأرض ﴾فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار، وإذا جاء النهار فأين الليل؟ فقالوا: لقد نزعت مثلها من التوراة. راجع: الدر المنثور 2/315). وقيل: يعني بعرضها سعتها لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرة، كما يقال في ضده: الدنيا على فلان حلقة خاتم، وكفة حابل، وسعة هذه الدار كسعة الأرض، وقيل: العرض ههنا من عرض البيع (وهذا قول أبي مسلم الأصفهاني محمد بن بحر. قال بيان الحق النيسابوري: وتعسف ابن بحر في تأويلها فقال: عرضها: ثمنها لو جاز بيعها، من المعاوضة في عقود البياعات. انظر: وضح البرهان بتحقيقنا 1/251)، من قولهم: بيع كذا بعرض: إذا بيع بسلعة، فمعنى عرضها أي: بدلها وعوضها، كقولك: عرض هذا الثوب كذا وكذا. والعرض: ما لا يكون له ثبات، ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والطعم، وقيل: الدنيا عرض حاضر (انظر البصائر 4/46، وعمدة الحفاظ: عرض)، تنبيها أن لا ثبات لها. قال تعالى:﴿ تريدون عرض الدنياواللهيريدالآخرة ﴾[الأنفال/ 67]، وقال:﴿ يأخذون عرض هذا الأدنىويقولون: سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله ﴾[الأعراف/169]، وقوله:﴿ لو كان عرضا قريبا ﴾[التوبة/42]، أي: مطلبا سهلا. والتعريض: كلام له وجهان من صدق وكذب، أو ظاهر وباطن. قال:﴿ ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبةالنساء ﴾[البقرة/ 235]، قيل: هو أن يقول لها: أنت جميلة، ومرغوب فيك ونحو ذلك.