- المن: ما يوزن به، يقال: من، ومنان، وأمنان، وربما أبدل من إحدى النونين ألف فقيل: منا وأمناء، ويقال لما يقدر: ممنون كما يقال: موزون، والمنة: النعمة الثقيلة، ويقال ذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: من فلان على فلان: إذا أثقله بالنعمة، وعلى ذلك قوله:﴿ لقد من الله على المؤمنين ﴾[آل عمران/164]،﴿ كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ﴾[النساء/94]،﴿ ولقد مننا على موسى وهارون ﴾[الصافات/114]،﴿ يمن على من يشاء ﴾[إبراهيم/11]،﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ﴾[القصص/5]، وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى. والثاني: أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة، ولقبح ذلك قيل: المنة تهدم الصنيعة (انظر أمثال أبي عبيد ص 66، ومجمع الأمثال 2/287، والمستقصى 1/350)، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل: إذا كفرت النعمة حسنت المنة. وقوله:﴿ يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم ﴾[الحجرات/17] فالمنة منهم بالقول، ومنة الله عليهم بالفعل، وهو هدايته إياهم كما ذكر، وقوله:﴿ فإما منا بعد وإما فداء ﴾[محمد/4] فالمن إشارة إلى الإطلاق بلا عوض. وقوله:﴿ هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ﴾[ص/39] أي: أنفقه، وقوله:﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾[المدثر/6] فقد قيل: هو المنة بالقول، وذلك أن يمتن به ويستكثره، وقيل: معناه: لا تعط مبتغيا به أكثر منه، وقوله:﴿ لهم أجر غير ممنون ﴾[الانشقاق/25] قيل: غير معدود كما قال:﴿ بغير حساب ﴾(الآية:﴿ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ﴾) [الزمر/10] وقيل: غير مقطوع (مجاز القرآن 2/292) ولا منقوص. ومنه قيل: المنون للمنية؛ لأنها تنقص العدد وتقطع المدد. وقيل: إن المنة التي بالقول هي من هذا؛ لأنها تقطع النعمة وتقتضي قطع الشكر، وأما المن في قوله:﴿ وأنزلنا عليكم المن والسلوى ﴾[البقرة/57] فقد قيل: المن شيء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر، والسلوى: طائر، وقيل: المن والسلوى، كلاهما إشارة إلى ما أنعم الله به عليهم، وهما بالذات شيء واحد لكن سماه منا بحيث إنه امتن به عليهم، وسماه سلوى من حيث إنه كان لهم به التسلي.