- أصل المثول: الانتصاب، والممثل: المصور على مثال غيره، يقال: مثل الشيء. أي: انتصب وتصور، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يمثل له الرجال فليتبؤأ مقعده من النار) (عن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يمثل له عباد الله قياما فليتبوأ مقعده من النار) أخرجه أحمد 4/91؛ وأبو داود برقم (5229)؛ والترمذي، وقال: حديث حسن (انظر: عارضة الأحوذي 10/213)). والتمثال: الشيء المصور، وتمثل كذا: تصور. قال تعالى:﴿ فتمثل لها بشرا سويا ﴾[مريم/17] والمثل عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة؛ ليبين أحدهما الآخر ويصوره. نحو قولهم: الصيف ضيعت اللبن (المثليضرب لمن يطلب شيئا قد فوته على نفسه. وقال المبرد: أصل المثل كان لامرأة، وإنما يضرب لكل واحد على ما جرى في الأصل، فإذا قلته للرجل فإنما معناه: أنت عندي بمنزلة التي قيل لها هذا. انظر: مجمع الأمثال 2/68؛ والمقتضب 2/143) فإن هذا القول يشبه قولك: أهملت وقت الإمكان أمرك. وعلى هذا الوجه ما ضربالله تعالى من الأمثال، فقال:﴿ وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ﴾[الحشر/21]، وفي أخرى:﴿ وما يعقلها إلا العالمون ﴾[العنكبوت/43]. والمثل يقال على وجهين: أحدهما: بمعنى المثل. نحو: شبه وشبه، ونقض ونقض. قال بعضهم: وقد يعبر بهما عن وصف الشيء (انظر ص 732 في الحاشية). نحو قوله:﴿ مثلالجنة التي وعد المتقون ﴾[الرعد/35]. والثاني: عبارة عن المشابهة، لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشارك في الكيفية فقط، والمساوي يقال فيما يشارك في الكمية فقط، والشكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط، والمثل عام في جميع ذلك، ولهذا لما أراد الله تعالى نفي التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال:﴿ ليس كمثله شيء ﴾[الشورى/11] وأما الجمع بين الكاف والمثل فقد قيل: ذلك لتأكيد النفي تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف، فنفى ب (ليس) الأمرين جميعا. وقيل: المثل ههنا هو بمعنى الصفة، ومعناه: ليس كصفته صفة، تنبيها على أنه وإن وصف بكثير مما يوصف به البشر فليس تلك الصفات له على حسب ما يستعمل في البشر، وقوله تعالى:﴿ للذين لا يؤمنون بالآخرة مثلالسوءوللهالمثلالأعلى ﴾[النحل/60] أي: لهم الصفات الذميمة وله الصفات العلى. وقد منعالله تعالى عن ضرب الأمثال بقوله:﴿ فلا تضربوا لله الأمثال ﴾[النحل/74] ثم نبه أنه قد يضرب لنفسه المثل، ولا يجوز لنا أن نقتدي به، فقال:﴿ إن اللهيعلم وأنتم لا تعلمون ﴾[النحل/74] ثم ضرب لنفسه مثلا فقال:﴿ ضرباللهمثلاعبدا مملوكا ﴾الآية [النحل/75]، وفي هذا تنبيه أنه لا يجوز أن نصفه بصفة مما يوصف به البشر إلا بما وصف به نفسه، وقوله:﴿ مثل الذين حملوا التوراة ﴾الآية [الجمعة /5]، أي: هم في جهلهم بمضمون حقائق التوراة كالحمار في جهله بما على ظهره من الأسفار، وقوله:﴿ واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾[الأعراف/176] فإنه شبهه بملازمته واتباعه هواه وقلة مزايلته له بالكلب الذي لا يزايل اللهث على جميع الأحوال. وقوله:﴿ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ﴾[البقرة/17]، فإنه شبه من آتاه الله تعالى ضربا من الهداية والمعارف، فأضاعه ولم يتوصل به إلى ما رشح له من نعيم الأبد بمن استوقد نارا في ظلمة، فلما أضاءت له ضيعها ونكس فعاد في الظلمة وقوله تعالى:﴿ ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ﴾[البقرة/171] فإنه قصد تشبيه المدعو بالغنم، فأجمل وراعى مقابلة المعنى دون مقابلة الألفاظ، وبسط الكلام: مثل راعي الذين كفروا والذين كفروا كمثل الذي ينعق بالغنم، ومثل الغنم التي لا تسمع إلا دعاء ونداء. وعلى هذا النحو قوله:﴿ مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ﴾[البقرة/261] ومثله قوله:﴿ مثل ما ينفقون في هذه الحياةالدنيا كمثل ريح فيها صر ﴾[آل عمران/117] وعلى هذا النحو ما جاء من أمثاله. والمثال: مقابلة. مقابلة شيء بشيء هو نظيره، أو وضع شيء ما ليتحذى به فيما يفعل، والمثلة: نقمة تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره، وذلك كالنكال، وجمعه مثلات ومثلات، وقد قرئ:﴿ من قبلهم المثلات ﴾[الرعد/6]، و (المثلات) (وهي لغة بني تميم. وهي قراءة شاذة قرأ بها الأعمش. انظر: تفسير القرطبي 9/285؛ وإعراب القرآن للنحاس 2/166؛ ومعاني الفراء 2/59) بإسكان الثاء على التخفيف. نحو: عضد وعضد، وقد أمثل السلطان فلانا: إذا نكل به، والأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفاضل، والأقرب إلى الخير، وأماثل القوم: كناية عن خيارهم، وعلى هذا قوله تعالى:﴿ إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ﴾[طه/104]، وقال:﴿ ويذهبا بطريقتكم المثلى ﴾[طه/63] أي: الأشبه بالفضيلة، وهي تأنيث الأمثل.