ظاهرة الزيارة في ديوان الشعر الحُسينيّ
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » ظاهرة الزيارة في ديوان الشعر الحُسينيّ

 البحث  الرقم: 1478  التاريخ: 27 صفر المظفّر 1430 هـ  المشاهدات: 7081
قائمة المحتويات ما إن وقعت الواقعة الرهيبة الجليلة في كربلاء.. حتى انطلق الصدى الفجيع يخترق طبقات أزمنة البشريّة، حاملاً رسالة إلى العالم فيها من التعبير كلّ نوع. فيها الأنين الآسي، والشجى الباكي، والحزن المُذوِّب، والاستغاثة المكلومة، ونداء الاستنهاض والتثوير.
ذلكم هو صوت الدم الصارخ والعزاء. حسينياً كان مقدساً، ومحمّدياً هو أطهر من كلّ طهر. دماء إلهيّة (وما أشرفها من نسبة إلى الله الحقّ) تُستباح علناً في ظهيرة عاشوراء. ولقد كانت المذبحة الكربلائيّة ـ في وقتها ـ هي الجواب الذي أعدّه أناس الزمان الجَحَدة مكافأةً لرحمة النبيّ ورسالة الرسول صلّى الله عليه وآله؛ نُكراناً للجميل أبشع ما يكون النكران، وبغضاء لصوت الله أقبح ما تكون البغضاء.
من صميم رسالة النبيّ صلّى الله عليه وآله أن يتقدّم الناسُ إلى أهل بيته بالمحبة والمودّة والتقدير؛ إذ هم مثاله وصورته العُلْويّة، وما من فارق إلاّ النبوّة. وقد عدّ اللهُ جلّ جلاله هذه المودّة لذوي قرباه صلّى الله عليه وآله وسلّم أجراً لرسالة الرسول: {* قُلْ ما أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّةَ في القُربى *}. وهي الرسالة التي طالما تحمّل النبيّ في تبليغها وتوسيع مداها الضَّنى والقهر والتشريد. فـ «ما أُوذيَ نبيّ كما أُوذيتُ» كما قال صلّى الله عليه وآله. وطالما شغله أمر الهداية والإنقاذ، وأدخل عليه في قلبه المقدّس الهموم: {* فلَعلّكَ باخعٌ نفسَكَ على آثارِهم إنْ لم يؤمنوا بهذا الحديث أسَفا *}.. كما قال الله تعالى له.
ومنذ استُبيحت يوم الطفّ الدماءُ الحسينيّة الشريفة.. غدا مدفنه المُعَلّى في كربلاء مَهوى أفئدة المؤمنين: يقصدونه أفراداً وموجات.. بايكن نادبين. يحدوهم الشوق ويَدُلّهم الحنين. وهنالك يمارسون مراسم الزيارة التي لا نجد لها بين الزيارات من نظير.
وقد رافقت حركةَ الزيارة الحسينيّة في التاريخ ـ وإلى حدّ بعيد ـ حركةٌ شعريّة تعبّر عنها، وتحكي الإلمام بالمزار.
والشعر ـ كان ـ إلى جوار كونه تعبيراً أدبيّاً عن مكنون الضمير.. وسيلة من أهم وسائل الإعلام ومن أفعل أنواع الكلمة السيّارة الدوّارة. كان «صحافة» أدبيّة ـ سياسيّة ـ عقائديّة. تصبح مرّة علنيّة جهيرة الصوت، وتمسي مرّة أخرى صحافة سريّة تتداولها الأيدي في الخفاء.. مع ما يزامل تداولها هذا من مخاطر ومحاذير قد تقع في أيّة لحظة على الرأس. وكم من قصيدة «حسينيّة» الاتّجاه قد حُكم على شاعرها بالموت، أو لقي بسببها الملاحقة والمطاردة والتشريد! وهذا وحده كاشف عن خطر الشعر الحسينيّ وعن قيمته في التفعيل، وعن قَدْره في حياة الناس.. حتّى انّ الإمام الصادق عليه السّلام ـ وهو الصادق الصّدوق ـ قد وعد الجنّة ثمناً لمن قال في السِّبط الشهيد قصيدة، أو بيتاً من الشعر.. يَبْكي فيه أو يُبْكي.
إنّ من يستقري موضوع «الزيارة والمزار» في ديوان الشعر الحسينيّ الكبير.. تلفته ظواهر جديرة بالدرس، وتستوقفه مَحاور أساسيّة تميط عن نفسها السّتر. وهي ظواهر ومحاور تنبسط في هذا الشعر منذ سليمان بن قتّة أول من قال شعراً في زيارة الإمام الشهيد.. وحتى عصرنا الحاضر. وقد آثرنا أن نقف ـ في استقراء هذه الظواهر ـ حتى مطلع القرن الهجريّ الرابع عشر.. حيث السيّد حيدر الحلّي كبير شعراء الثُّكْل الحسينيّ المتأخّرين. ولعلّ جُلّ الذين قالوا شعراً بعد هذا التاريخ لا نكاد نجد فيما قالوه من أشعار المزار إضافة جديدة على ما فات.
ولقد أتاح هذا الاستقراء لتاريخ الزيارة والمزار من خلال الشعر أن يُبَصِّر بطرف من الخصائص والمعالم في زيارات الزائرين، وأن يُطْلع على ما تتركه حالات الضغط السلطويّ وحالات الانفراج من أثر في الاستجابة إلى نداء الزيارة وأذان المزار. كما تبصّرنا بدوافع الزائرين القاصدين كيف تتلوّن عبر الأزمنة وتتعدّد، وكيف تستجدّ دوافع ما كانت شائعة في الشعر من قبل. على أنّ أبرز هذه الظواهر في الديوان الحسينيّ أربع متصلة بالزيارة والمزار:

الظاهرة الأولى

قلّة التعبير الشعريّ عن الزيارة في القرون الأولى.. ووفرته فيما أعقب من القرون، إذ كَثُر التعبير عن هذا الموضوع في الشعر المتأخّر كثرة بيّنة، اتّخذت مكاناً بارزاً في ديوان الشعر الحسينيّ.
ولا يكاد المرء يعثر ـ في شعر القرون الأولى ـ إلاّ على نصوص نزرة، تكون الزيارة فيها على نحو المرور والإلمام السريع، يعبّر عنها الشاعر بمثل قوله: «مَرَرتُ...» كما فعل سليمان بن قتّة، الذي مرّ بكربلاء بعد مصرع أبي عبدالله الحسين عليه السّلام بثلاثة أيّام. ومثل قول عُقْبة بن عمرو السَّهميّ في أواخر القرن الأوّل:
مَرَرتُ على قبرِ الحسينِ بكربلا ففاض عليه من دموعي غزيرُها
ومثل قول السيّد الحِمْيَريّ (ت 173هـ):
أُمْرُرْ على جَدَث الحسيـ ـنِ وقُلْ لأعظُمهِ الزكيّة: يـا أعظُمـاً لا زلتِ مِن وطفـاءَ سـاكبـةٍ رَوِيّة مـا لذّ عيش بعد رَضّـ ـكَ بالجـيادِ الأَعْوَجيّة قـبـرٌ تضـمّن طيّبـاً أبـاؤه خـيـر البريـّة فـإذا مـررتَ بقبـرهِ فأطِلْ به وقفَ المَطيـّة وآبْكِ المـطهَّرَ للمطـهَّرِ والمـطهَّـرةِ الـزكـيّة كـبكاء مُـعْولةٍ غَـدَتْ يـوماً بـواحدها المـنيّة
ونجد شاعراً كالشافعيّ محمّد بن إدريس (ت 204هـ) لا يصرّح بالزيارة وقصد المزار، إنّما يبحث عمّن يحمل رسالة منه إلى الإمام الشهيد الذبيح عليه السّلام في موضع مصرعه بكربلاء:
فمَنْ مُبْلغٌ عنّي الحسينَ رسـالةٌ وإنْ كـرهِتْـها أنفُسٌ وقلـوبُ ذبيح بلا جُرم، كـأنّ قـميصَهُ صَبيغٌ بماء الأُرجوانِ خـضيبُ
حتّى دعبل (ت246هـ) الشاعر الملتزم.. لم يصوّر في شعره زيارة سيّد الشهداء عليه السّلام، بل ترك في شعره وثيقة تاريخيّة تنصّ على ندرة زيارة قبور أهل البيت عامة وقبر الإمام الحسين خاصّة، يقول:
قليلة زُوّارٍ.. سوى أنّ زُوَّراً من الضّبْع والعقبان واللّزَباتِ
وكانت الحرب السلطويّة المعلنة على أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله.. وراء هذه القلّة في الزيارة، فما كانت إلاّ لِماماً في أوقات متناثرة. وحتى الرسالة التي يبعث بها الشافعي إلى كربلاء.. يعرف الشافعي أنّها قد «كرهتها أنفس وقلوب». وإلى جوار هذه الضغط السياسيّ الذي يصرف الناس عن مزار الطفّ.. كان دافع آخر يعتمل في نفس دعبل يجعله متردداً في قصد الضريح الحسينيّ في كربلاء، وهو ما يجده في داخله من فرط الوجد وشدة اللوعة والأسى، إذ كان يخشى أن تغتاله أشواقه وتستبدّ به الهموم والأشجان:
فـأمّا المُمـِضّاتُ التي لستُ بالغاً مَـبالغَها مـنّـي بكُـنْه صفـاتِ قبورٌ بجنب النهر من أرض كربلا مُـعَـرّسُهم فيـها بشـطّ فُـراتِ تُوُفّـوا عطاشى بالفرات، فليـتني تُـوفّيـتُ فـيهم قبل حين وفـاتي إلـى الله أشكو لوعةً عند ذكرهِم سَقَتْنـي بكـأس الثُّكل والفَظَعاتِ أخـاف بأن أزدارَهُم.. فتَشـوقني مـصارعُهـم بالجِزْع فالنّخَـلاتِ
والملاحظ في هذه الحقبة من الزمان أنّ التعبير عن الزيارة كان يتبدّى أحياناً بصيغة أخرى، هي السلام من بُعْد والدعاء لأرض كربلاء بالسُّقْيا والمطر. وهو دعاء قديم في الشعر العربي يراد به استنزال الخيرات والبركات على ديار الأحبّة الذين ظعن عنها أهلها وارتحلوا. وقد مرّ بنا في أبيات السيّد الحميريّ آنفاً ما يدلّ على هذه الدعوات بالريّ والسقيا. ونظيرها قول القاسم بن يوسف الكاتب (ت 213هـ):
سلِّمْ على قبر الحسين وقل لَهُ: صـلّى الإلـه عـليكَ من قَبْرِ وسقاكَ صَوب الغاديـاتِ، ولا زالـت علـيك روائحٌ تَسري
وإلى جوار الدعوات بالريّ والمطر في هذه الأبيات، تبدو الصلوات. وهي أيضاً من معاني الدعاء بالخير والرحمة والخصوبة والنَّماء. وسَبَقه إلى هذا دعبل في قوله:
سَقى الله أجداثاً على أرض كربلا مَـرابـيـعَ أمـطارٍ من المُزُناتِ وصلّى على روح الحسين حبيـبهِ قـتـيلاً لـدى النهـرينِ بالفَلَواتِ
ولقد توارد الشعراء من أصحاب الولاء لأهل البيت عليهم السّلام على قصد المزار، وعبّروا عنه بأشعارهم تعابير صريحة مباشرة. وهذا بيّن في شعر الصَنوبريّ وابن حمّاد العَبديّ والشريف الرضيّ ومِهيار من القرنين الرابع والخامس. ثمّ كَثُر ذكر الزيارة فيما بعدهما من القرون، على ألسنة جمٍّ غفير من الشعراء.. إلى يومنا هذا.

الظاهرة الثانية

إنّ الشاعر كان يدعو غيره أيضاً إلى الزيارة. وهذه الدعوة إلى قصد أرض الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء إمّا أن تكون مقصودة من الشاعر قصداً يبغي من ورائه حثَّ الآخرين على الزيارة، أو أنها جاءت امتداداً للتقليد الشعريّ القديم في مخاطبة الشاعر لمجهول او مجهولَين يدعوهم فيها إلى الوقوف على ديار الأحبّة الرّاحلين والسلام على الأطلال، كما مرّ معنا في قول السيّد الحميريّ:
اُمْـرُرْ عـلـى جَـدَثِ الحـسين
وكما في قول القاسم بن يوسف الكاتب:
سلّمْ على قبر الحسين وقل له: صـلّـى الإلـهُ عليك مِن قبرِ
وقول الصنوبريّ يخاطب مَن مشى تلقاء المزار والحائر الحسينيّ في كربلا:
سِـرْ راشداً يا أيّها السائرُ ما حارَ مَنْ مَقصدُه الحائرُ ما حار مَن زارَ إمام الهدى خير مَـزُور زاره الزائرُ مَنْ جدّه أطهـرُ جدٍّ، ومَنْ أبـوه لا شكّ الأبُ الطاهرُ
ومثل قوله:
عُـوجـا عـلـى الـطفِّ الحَنايـا
وغير هذه النصوص كثير.. ممّا استمرّ عليه عدد من الشعراء، كتقليد من تقاليد شعر الطفّ رسخ مع الزمان، ففي أواخر القرن الحادي عشر نقرأ للشيخ أحمد البلاديّ مثلاً:
نـادِ الأحـبّةَ إنّ مررتَ بِـدُورِها واشهدْ مطالـعَ نَيّراتِ بُـدُورِهـا أنِسَتْ بهم أرضُ الطفوف وأقفرَتْ مـنـها الديار، وليس غير يسيرِها غربت بعرصة كربلا، فانهضْ لها وآقْـرَ السلامَ على جناب مَزُورها وانـثـرْ بـتـربتها الدموع تفجّعاً لقـتـيلها فـوق الثـرى وعَفيرها

الظاهرة الثالثة

هي من ظواهر ديوان الشعر الحسينيّ كلّه (والشعر العربيّ على نحوِ عام)، لكنها متجلّية أيضاً في شعر الزيارة كموضوع من موضوعات هذا الديوان.
وهذه الظاهرة أنّ الشعر الأقدم كان يَصدُر من شعراء متفرّغين للشعر أو كالمتفرّغين، ومن علماء أيضاً يُعَدّون في الوقت نفسه من كبار الشعراء، فهم يمتلكون ناصية الشعر كما يمتلكون ناصية العلم.
لكنّ العصور المتأخرة شهدت حالة أخرى؛ ذلك أنّ أغلب الذين رُوي شعرهم وحُفظ إنّما هم من الرجال الذين كانوا علماء أكثر منهم شعراء. ولا غَرْو، فالشعر في القرون المتأخّرة هبط مستواه من الوجهة الفنيّة، وصار قول الشعر أمراً شائعاً يسهل على مَن يريد قوله، ويقوله مَن يريد. ومن المنتظر أن يكون أناس كثيرون قد قالوا شعراً حسينيّاً في موضوع المزار، لا سيّما أن الزيارة غدت أمراً ميسوراً في كثير من الأوقات، لكنّ شعرهم ضاع ولم يضبطه التاريخ؛ لأنّ أهله ما كانوا شعراء مشهورين، أو ما كانوا متفرغين للشعر. وإنّما حفظ شعر مشاهير الشعراء، وشعر العلماء الذين ربّما ذكروا شيئاً منه في مؤلفاتهم أو دواوينهم، أو حفظه من كانوا يكتبون تراجم الرجال المعروفين.
وكان للشعر المتقدّم مزايا فنيّة خَفَتَتْ في شعر المتأخرين.. إلاّ ما ندر. فلا نجد من القصائد المتأخرة ما يضارع «تائيّة» دعبل، أو يناظر شعر الشريف الرضيّ وتلميذه مهيار.

الظاهرة الرابعة

تتّصل هذه الظاهرة بالدوافع التي تموج في صدور الزائرين للوفادة على قبر سيّد الشهداء عليه السّلام، وتستحثّهم من الداخل على إتيان المزار القدسيّ في كربلاء. وهي دوافع عديدة تدور في محاور ومدارات، يظلّ الشوق الخالص إلى الإمام الحسين عليه السّلام ورغبة التفجّع والندبة والبكاء هو الخطّ الثابت فيها خلال الأزمنة والأحقاب. ومن هذه المحاور والمدارات:
1 ـ الزيارة بدافع الحبّ والشوق والحنين. وهي زيارة متلابسة ـ ولابدّ ـ بالبكاء والحزن والأسى والاحساس بالكرب والثكل والهول. وهذا الدافع هو أقوى هذه الدوافع وأبقاها في تاريخ الزائرين، كما يكشف عنها ما قالوه في هذه المعنى من شعر.
إنّ نماذج يسيرة مختارة من هذا الشعر كافية للإعلان عن هذا المعنى الباكي المتعفّر بتراب كربلاء.. مع كلّ ما يلازمه من مظاهر الفجيعة التي تصدر من الزوّار في كربهم ولهفتهم وشدّة التعلّق والاشتياق.
يقول عُقبة بن عمرو السَّهميّ، وهو من أوائل شعراء الطفّ:
مَـرَرتُ علـى أبـيات آل محمدٍ فـلَم أرَهـا أمثـالَهـا يومَ حُلَّتِ ألَمْ تَرَ أن الشمس أضحت مريضةً لقتلِ حسيـنٍ، والبلاد اقشعرّتِ؟! وكانوا رجاءً.. ثمّ أضحَوا رزيّةً لـقـد عَظُمتْ تلك الرزيا وجَلّتِ
ويقول الصّنوبريّ (ت 334هـ):
أنِيخا بنا العِيسَ في كـربـلا مُناخ البلاء، مُنـاخ الكُـرَبْ نَـشمّ مُـمسَّكَ ذاك الثـرى ونـلثـم كافورَ تلك التُّـرُبْ ونقـضِ زيـارةَ قبـرٍ بهـا فإنّ زيـارتـه تًـسـْتَحـبّْ سآسى لِمَن فيه كلّ الأسـى وأسكبُ دمعي له ما آنسكبْ
ومن هذا النمط قول ابن حمّاد العبديّ (ق 4هـ):
مَصـارعُ أولادِ النـبيّ بكربلا يُزلزلُ أطوادَ الحِجى ويُـزيلُ فأيّ آمريء، يرنو قبورَهمُ بها وأحشاؤه بالدمع ليس تسيلُ؟!
إلى أن يقول:
أتيـتُ اليـها زائراً، يَستـشفّـني هوىً وولاء ظـاهـر ودخـيـلُ ولمّا رأيتُ الحَيْرَ حارت مدامـعي وكـان لهـا مِن قبل ذاك هُمـولُ
والحَيْر هو الحائر الحسينيّ.
ومنه قول الشريف الرضيّ (ت 406هـ)
قِفْ بي ـ ولو لَوْثَ الإزار ـ فإنّما هـي مـهجة عَلِـقَ الجَوى بفؤادِها بالطفّ حيث غـدا مُراقُ دمـائهـا ومُـنـاخ أيْنُقِهـا لـيـوم جِـلادِها تجري لها حَبَـبُ الـدموع، وإنّـما حَبّ القلوب يَكُـنَّ مـن إمـدادِهـا يا يومَ عـاشـوراء كم لك لوعـة تترقّـص الأحشاء من إيقـادِهـا؟!
وما زلنا نلتقي بهذا الحزن والبكاء خلال الزيارة في نصوص شعريّة أخرى كثيرة، كما في أبيات لداعي الدعاة (ق 4هـ)، وأبيات لطلائع بن رزّيك (ت 559هـ)، وعليّ بن المقرّب (ت629هـ)، وعلاء الدين الشَّفهيني (ق 8 هـ)، وابن أبي شافين البحرانيّ (ق 10هـ)، والشيخ عبدالحسين الأعسم (ت 1247هـ) في مثل قوله:
سقى جدثاً تـحنو عليه صفائحُـهْ غوادي الحَـيا مشمولةً وروائـحُهْ مَرَرتُ بـه مستنشقاً طِـيبَهُ الـذي تـضـوّع من فيّاح طيبك فائحُـهْ أقمـتُ عليـه شاكيـاً بـتوجّعـي تباريح حزن في الحشى لا تبارحُهْ بـكـيتـكـمُ بالطفّ حتى تبلّلـتْ مصارعُـه من أدمعي ومطارحُـهْ حـقيـقٌ علـينـا أن ننوحَ بمأتـمٍ بـناتُ علـيّ والبتـولِ نوائحُـهْ
وممّن نحا هذا المنحى في الزيارة الباكية شعراء آخرون، يطول ذكرهم.
هذا الدافع إنّما هو لمحض الشوق والحنين المنبعث ممّا يحمله الانسان المؤمن الموحِّد للنبيّ ولأهل بيته الأطهار من مودّة ومن حبّ متعمّق أصيل. وقد سجّل ابن حمّاد العبديّ البصريّ (ق 4هـ) هذا المنحى في الحبّ والشوق الذي تتوارثه أجيال المؤمنين الصادقين، بما يتضمّن من الولاء والائتمام وكمال المشايعة والمتابعة.. في قوله:
أمثِّلُ مولايَ الحسينَ وصـَحْبَهُ كأنجُمِ ليلٍ بينها البدرُ، أو أسنى
إلى أن يقول مخاطباً أهل البيت عليهم السّلام:
عـليكـم سـلام الله يا آلَ أحمـدٍ متى سَجَعتْ قُمريّةٌ وعَلَتْ غُصْنـا مـودّتـكـم أجـرُ النبيّ محمّـدٍ عـليـنا، فـآمنّا بذاك وصـدّقْنـا طَهُرْتم فَطُهِّرْنا بفاضلِ طُـهرِكُـم وطِبـتُم.. فمِن آثار طيبـكمُ طِبْنا فـما شئتمُ شئنا، ومـهما كرهتـمُ كرهنا، وما قلتم رَضينا وصدّقنـا فـنحـن مـواليكم، تحنّ قلوبـنا إليـكم، إذا إلْفٌ إلـى إلْفه حَـنّا نـزوركُـم سعياً، وقـلّ لِـحقّكُم لو آنّا عـلـى أحـداقنا لكمُ زُرْنا ولـو بُضِّعَتْ أجسادُنا في هواكمُ إذَنْ لم نَحُلْ عنه بحالٍ.. ولا زلنا وآبـاؤنـا منـهم وَرِثنا ولاءكُـم ونـحـن إذا مِتْنـا نُورِّثه الإبـنا وأنتـم لنـا نِعْمَ التجارة، لم نكن لِنـحذَرَ خـسراناً بها لا ولا غَبْنا وأنت، م لنـا غوثٌ وأمن ورحمةٌ فـما منكُم بُـدّ ولا عنكُم مَغْنـى
2 ـ ممّا لازمَ كثيراً من حالات الزيارة.. الاستشعار بشمائل السبط الشهيد عليه السّلام والإحساس العالي بكريم مناقبه وسجاياه: وقد ظهر هذا المعنى في مراثي عدّة وافرة من الشعراء خلال تصويرهم قصد المزار، مثل السيّد الحِميَريّ (ت 173هـ)، والصنوبريّ (ت 334هـ)، والعبديّ (ق 4هـ)، وابن العُوديّ (ق 6هـ)، السمين الحلّيّ (ق 11هـ)، وفرج الله الحويزيّ (ت 1141هـ)، ودرويش بن عليّ البغدادي (ت 1277هـ)، والشيخ إبراهيم صادق العاملي (ت 1284هـ).. وعدا هؤلاء غير قليل.
وقد يأتي هذا الإحساس بعظَمة الشمائل الحسينيّة متلبّساً بما يفوز به الزائر من عطر روحيّ وشميم مسك لا يكاد يلقاه في غير كربلاء. وهذا يحمل للزائر لوناً من السعادة الروحيّة الفريدة، تجتذبه دوماً إلى مأتى الإمام سيّد الشهداء عليه السّلام، وإلى شدّ الرِّحال إلى زيارته رغم بُعْد الشُّقة وطول المسافات. ومن هذا الشعر المعبِّر عن السعادة الممازجة للحزن شيء كثير. نظير ما قال الصنوبريّ في أبياته الآنفة الذكر:
نشمّ مُـمَسَّكَ ذاك الثرى ونلثم كافورَ تـلك التُّرُبْ
ونظير ما قال مهيار الديلميّ (ت 428هـ) يخاطب الإمام الحسين عليه السّلام:
أنَـشْرُكَ مـا حَـمَل الـزائرون أَم المسكُ خالطَ تُرْبَ الطفوف؟! كـأنّ ضـريـحَكَ زهرُ الربيـ ـعِ.. هبّتْ عليه نسيمُ الخـريف
ومنه بعدئذ قول محمّد بن السمين الحلّي (ق 11هـ) في قصيدة:
طوبى لطيبِ شذاً بتربة كربلا فاقَ العبيرَ شذاً وفـاقَ المَنْدلا
ونجد مثل هذه الاشارة إلى عطر تربة كربلاء في مراثي شعراء آخرين، كالشيخ أحمد البلادي، وأمين بن محمّد الكاظمي (ت 1222هـ)، وعبدالحسين الأعسم (ت 1247هـ) في قوله من أبيات مرّ ذكرها:
مررت به مستنشقاً طيبه الذي تضوّعَ من فيّاح طيبك فائـحُهْ
وسواهم من قالة شعر الطفّ.
إنّ الزائر، وهو حاضر في أرض كربلاء بدافع المودّة والولاء، وبما يعتريه من الحزن والأسى والبكاء، وبما يستشمّ في ثرى الشهيد الغريب من عطر روحيّ مُسْعِد.. لَيندفعُ من تلقاء نفسه إلى التعبير عن مشاعره الايمانيّة الممتزجة بالوجد والحنين، فيهديه باطنه إلى الإتيان بـ «مناسك» قدسيّة هي من المودّة لأهل البيت في الصميم.. فإذا هو يتمرّغ حزناً وشوقاً على تراب المصرع، وإذا هو يلثم التربة الطاهرة ويقبّل من قلبه الضريح، وإذا هو يطوف حول مقام سيّد الشهداء عليه السّلام طواف العاشق الثاكل المذهول. وهذه الظواهر وسواها ممّا صوّره شعر المزار من ديوان الشعر الحسينيّ كذلك.
ونحن نلتقي بنماذج شعريّة أخرى غير ما مرّ بنا.. هي من أصدق شعر الشوق والحنين في الشعر العربيّ. ولا نختار هنا منها إلاّ ما ذُكر في سياق الزيارة والمزار، كفعل من أفعال الزائر لأرض كربلاء.
يقول ابن حمّاد العبديّ:
حَـيِّ قـبراً بـكربلا مستنيرا ضمّ كنزَ التّقـى وعلماً خطيرا وأقـِمْ مـأتـمَ الشهيد واذرفْ منك دمعاً في الوجنتين غزيرا والتثم تربةَ الحسـيـن بشجوٍ وأطِلْ بَـعْدَ لثمكَ التـعفيـرا
وينصّ قاضي القضاة محمّد بن عبدالله (ت 572هـ) على تعفير الوجه بصعيد كربلاء. كما يذكر أحمد البلاديّ ما لتربة كربلاء عند الله تعالى من القَدْر العظيم. وفي قصيدة له أخرى يذكر البلاديّ لثم الضريح واستنشاق العطر في مشهد الزيارة. وعن لثم الأرض القدسيّة يقول السيّد محمّد زينيّ (ت 1216هـ):.. ولكنّها وافَت بـنا أرضَ كربلا أجَلْ إنّها وافَت بنا الغايةَ القُصوى إلى حضرة القُدس التي لَثْمُ تُربِها لنا شرفٌ نسعى إليه ـ ولو حَبُوا نـزلنـا حـِماها آمنين، وحسبُنا دخولُ ديارٍ عنـدها جنّةُ المأوى
وغير هذا وذاك ثمّة شعراء آخرون صوّروا هذا المَعْلم من معالم الزيارة، مثل أمين الكاظمي، ودرويش بن عليّ البغداديّ، وسواهما من شعراء المراثي.
3 ـ برزت بعد القرون الأولى التي أعقبت فاجعة الطفّ دوافع أخرى للزيارة، تضاف إلى الدافع الأكبر في قصد المزار للمناحة والتفجّع والبكاء، ولتجديد عهد الولاء. لقد كان زوّار القرون الأولى لا يبتغون من الزيارة إلاّ الزيارة، بما فيها من قصد القربة إلى الله جلّ جلاله في مودّة أهل البيت عليهم السّلام أمناء الله على دينه. لكنّ حاجات أخرى ما لبثت أن بدأت تظهر وتعلن عن نفسها بمرور الأجيال. ولا غَرْو، فالأيّام الصعبة المطبقة والاختناق العقائديّ السياسيّ كان يُنسي المرء حاجاته الشخصيّة، فلا يتقدّم ـ إذا تقدّم ـ إلاّ بالزيارة والسلام والثكل والدموع؛ إذ كانت المحاربة لحركة الزائرين ممّا يزيد المؤمن أسىً ويجعل ظُلامات الطفّ ماثلة في وعيه كلّه لا تغادر ولا تَريم. وما إن يخفّ ضغط الطاغوت، وتغدو سبيل الزيارة سبيلاً سابلة حتى تتفتح الحاجات البشريّة في نفوس المؤمنين.. فإذاهم يأتون المزار الحسينيّ مستنجزين هذه الحاجات. حتّى صار الكثير من الزائرين يشدّون رحالهم إلى كربلاء آمّين مشهد السبط المظلوم الوجيه عند الله، تحدوهم حاجات شتى.. صوّرها محمّد زيني من المتأخرين بقوله:
نزلنا بهـا، والركبُ شتّى شؤونُهُم فمِن سائل عَفْواً، ومِن آملٍ جَدْوى
وكان ابن حمّاد من قبل قد تحدّث عن قبور أهل البيت عليهم السّلام في كربلاء، ونَصّ على ما فيها من معنى «الغَوْثيّة» التي تُنجد المستغيثين، وتدفع الضرّ عن المكروبين، قال:
قبورٌ عليها النورُ يزهو، وعندها صُعـودٌ لأملاكِ السما ونُزولُ قبورٌ بها يُستدفع الضرٌ والأذى ويُعطي بـها ربُّ العُلى ويُنيلُ
وهذه الدوافع الأخرى إنّما هي على أنواع وأنماط. منها ما هو مِن محض الحاجة المعنويّة الأُخرويّة. ومنها ما يُراد لحياة الإنسان في هذه الدنيا. ومن الأُولى طلب المَدَد والشفاعة وغفران الذنوب. ومن الثانية الاستجارة بمقام الإمام الشهيد عليه السّلام من شدائد الدنيا والاستغاثة من ملاحقة الأهوال، بما فيها دفع العدوّ وطلب الشفاء والرغبة في الجدوى والنوال.
إنّ هذا التوجّه إلى مشهد الإمام عليه السّلام بمثل هذه الحاجات.. إنّما هو استجابة للأحاديث الوفيرة التي جاءت عن أئمّة الهدى المعصومين عليهم السّلام حول خصائص عزيز الله الإمام أبي عبدالله عليه السّلام، وخصائص مقامه الطاهر في كربلاء؛ إذ جعل الله استجابة الدعاء تحت قبّته والشفاء في تربته. وصار هذا الشأن معروفاً شائعاً بين أولياء أهل البيت، تُعرّف به النصوص، وتُصدّقه التجربة في تفاصيلها الكثيرة المستمرّة إلى اليوم. ابن حمّاد العبديّ ضمّن هذا المعنى في أبيات له من شعر المزار، قال:
فابكِهمْ أيّـها المـحبُ ونـاصِـرْ هُمُ بكـثرِ البـُكا وكثـرِ المـزارِ لو درى زائـرُ الحسين، بـما أوْ جَـبَـهُ ذو الـجـلالِ لـلـزُّوّارِ فَـلَه عـفوه ورضـوانـه عَنْـ ـهـمْ، وحَطّ الـذنوبِ والأوزارِ وتُـنـاديـهمُ الملائكُ: قـد أُعْـ ـطيتـمُ الأمنَ من عـذاب النارِ ويقول الإله (جلّ اسمه) الأعـ ـلى لمن يهبطون في الأخـبارِ: بَـشِّـروهـم بأنّهم أولـيـائـي فـي أمـاني وذمّتـي وجواري وخُـطـاهـم مـحسوبة حسناتٍ وخَـطاهـم عـفـوٌ مـن الغَفّارِ وعـليـه إخلافُ ما أنـفقوهُ الـ ضِعْف مِن درهـم ومـن ديـنارِ فـإذا زُرتـَه.. فـزُرْه بإخـبـا تٍ ونُـسْكٍ وخـشيـةٍ ووَقـارِ وآدْعُ مَـن يسمع الدعاء مِن الـز ائـر فـي جَـهـرةٍ وفي إسرارِ ويـردّ الجـواب، إذ هـو حـيّ لـم يَـمُـتْ عـند ربّـه الـقهّارِ ثُـمّ طُـفْ حـول قبرهِ والتثم تُرْ بـةَ قـبـرٍ مُـعَظـَّم المـقـدارِ فـيـه ريحانةُ النـبيّ حسـيـنٌ ذلـك الطهـر خـامسُ الأطهـارِ وهـو خير الورى أبـاً ثُـمّ أمّاً وأبـو السـادة الـهـداة الخيـارِ جـدّه المـصطـفى، ووالده الها دي عليّ.. مَن مِثلُه في الفَخارِ؟!
وحسبنا هنا أن نأتي بنماذج معدودة تحكي هذه الدوافع الملتجئ أصحابها إلى الإمام الحسين، المستغيث أهلها به عليه السّلام. منها قول ابن المعلّم الواسطيّ (ت 592هـ):
يا زائرَ المقتولِ بَغْياً.. قفْ على جَـدثٍ يقـابلُه هنالك مَصْرَعُ وقل: السلامُ عليك يا مولىً بهِ يرجو الشفاعـةَ عبدُك المتشيّعُ
ومنها قول حسن بن عبدالباقي العُمَريّ (ت 1157هـ) من المتأخرين:
يا ابنَ بنت الرسول، قد ضاق أمري مـن تَـنـاءٍ وغُـربـةٍ وافـتراقِ ودَجـا الخَـطبُ، والمصائبُ ألقتْ رَحْلَهـا فـوق ضيـق هذا العناقِ جـئتُ أسعى إلـى حماك، وما لي لـكَ واللهِ مـا سـوى الأشـواقِ وامـتـداح مُـرصَّـع بـرثـاءٍ فـتـقـبّـلْ هـديّـة العـشّـاقِ وعـلى جـدّك الحـبيب صـلاةٌ ما شـدا طـائـرٌ علـى الأوراقِ
وقول حسين أفندي العشاري في سنة 1181لمّا أمّ كربلاء زائراً:
عـيونٌ وأجـفانٌ تسيل ومـهجةٌ تذوب، وشوقٌ في القلوب كثـيرُ قَصَدناكمُ نرجـو النَّوال، لأنّـكمْ غُيوثٌ لمَن يبغي النَّدى وبُحـورُ أتيناكمُ غُبْرَ الوجـوهِ، وتُـرْبُكمْ غُـسول ومـاءٌ للقلوب طَهُـورُ وزُرناكمُ يا خِيرةَ الله في الورى وقـد طـاب منّا زائرٌ ومَـزُورُ
وحذا هذا الحذو بعده كثيرون. أمّا الاستغاثة بالإمام الغوث طلباً للشفاء ببركته أو بتربته.. فهي ظاهرة معروفة ذائعة، جاء منها في شعر المزار هذا قول مهيار الدّيلمي يصوّر ما يحمله الزائرون من التربة الحسينيّة إذا عادوا من الزيارة إلى أهلهم وأصدقائهم، يتبرّكون ويستشفون:
وأهـدى إليـه الزائـرون تحيّتي لأشرف إنْ عيني له لَـم تُشارفِ وعادوا فذرّوا بين جنبيّ تـربـةً شفائيَ ممّا استحقَبوا في المخاوفِ
ويَنْظم الشيخ إبراهيم الكفعميّ العامليّ في القرن التاسع أبياتاً، وهو في أُخريات حياته، يلوذ بها بقبر الشهيد، لتكون تربته له مثوى بعد مماته؛ فإنّه قبر مقدّس صَنّاع للمعجزات. يقول الكفعميّ:
أتـيـتُ الإمام الشـهـيـد بـقلبٍ حزين ودمع غريـزِ أتـيتُ ضـريـحاً شريفاً بهِ يعود الضرير كـمثل البصيرِ أتـيـت إمـامَ الهدى سيّدي إلى الحاير الجارِ للمستجـيرِ أُرَجّي المماتَ ودفن العظام بأرضِ الطفوف بتلك القبـورِ لعـلّي أفوز بسُكنى الجِـنان وحُور مُحجّلة في القصـورِ أتيت إلى صاحب المعجزات قتيل الطغاة ودامي النحـورِ
إنّ هذه الدوافع كلها التي تموج في صدور الزائرين.. إنّما هي جلوة من جلوات الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السّلام، إذ هو سلام الله عليه التجلّي الإلهيّ الاكمل في عالم التكوين، إليه يفزع الخلق وبه يتوسّلون.. كما هو شأن كافة الهداة المعصومين عليهم السّلام. بَيْد أنّ لأبي عبدالله خصوصيّة خاصّة تجعل سفينته المنجية أوسع سفن الرحمة وأسرعها وصولاً إلى الغاية والمرام.
ولقد أضحى طلب النوال والنجدة والاستغاثة اللائذة بمقام سيّد الشهداء عليه السّلام من التقاليد الراسخة في شعر المراثي الحسينيّة، إذ دَرَج الشاعر في الغالب على أن يختتم قصيدته بأبيات فيها الأمل والرجاء وفيها الطلب وقصد الندى والنوال.

الروابط
مواقع الإنترنيت: شبكة الإمام الرضا عليه السلام

الفهرسة