باب التوكل على الله، والرجاء من الله، والتفويض إلى الله، وأن كل ما صنعه الله للمؤمن فهو خير له، وأنه من اعطي الدين فقد اعطي الدنيا
البحث الرقم: 2525 التاريخ: 27 صفر المظفّر 1430 هـ المشاهدات: 5558
أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله {[(1)]}. وسئل عن حد التوكل، ما هو؟ قال: لا تخاف سواه {[(2)]}. وأروي أن الغنى والعز يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا {[(3)]}. وأروي عن العلم عليه السلام أنه قال: التوكل على الله عز وجل درجات، منها أن تثق [به] {[(4)]} في أمورك كلها، فما فعله بك كنت عليه راضياً {[(5)]}. وروي أن الله جل وعز أوحى إلى داود عليه السلام: ما اعتصم بي عبد من عبادي، دون أحد خلقي، عرفت ذلك من نيته، ثم يكيده أهل السماوات والأرض وما فيهن، إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبيدي بأحد من خلقي دوني، عرفت ذلك من ينته، إلا قطعت أسباب السماوات من يديه، وأسخت الأرض من تحته، ولم أبال بأي واد هلك {[(6)]}. وأروي عن العلم عليه السلام أنه قال: يقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي، وارتفاعي في علوي، لا يؤثر عبد هواي على هواه، إلا جعلت غناه ففي قبله، وهمه في آخرة، كففت عليه ضيعة، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من وراء حاجته، وأتته الدنيا وهي راغمة. وعزتي وجلالي، وارتفاعي في علو مكاني، لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا قطعت رجاءه، ولم أرزقه منها إلى ما قدرت له {[(7)]}. وأروي أن بعض العلماء كان يقول: سبحان من لو كانت الدنيا خيراً كلها أهلك فيها من أحب، سبحان من لو كانت الدنيا شراً كلها أنجى منها من أراد {[(8)]}. وروي: كن لمن لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس ناراً لأهله كلمه الله ورجع نبياً، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين {[(9)]}. وروي: ولا تقل لشيء قد مضى: لو كان غيره. روي عن العالم عليه السلام قال: إذا يشاء الله يعطينا، وإذا أحب أن يكره رضينا. وأروي: أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله {[(10)]}. وروي: أعلم طاعة الله لصبر والرضا {[(11)]}. وروي: ما قضى الله على عبده قضاءاً فرضي به، إلا جعل الخير فيه {[(12)]}. وروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى بن عمران: يا موسى ما خلقت خلقاً أحب إليّ من عبدي المؤمن، وإني إنما أبتليه لما هو خير له، وأعافيه لما هو خير له، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرض بقضائي، أكتبه من الصديقين عندي {[(13)]}. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: المؤمن يتعرض كل خير، لو قرض بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك ما بين المشرق والمغرب كان خيراً له. وروي: من اعطي الدين فقد أعطي الدنيا. وروي: أن الله تبارك وتعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحبه {[(14)]}. وفي خبر آخر: لا يعطي الله الدين إلا أهل خاصته وصفوته من خلقه {[(15)]}. وروي: إذا طلبت شيئاً من الدنيا فزوي عنك، فاذكر ما خصك الله به من دينه، أو صرفه عنك بغيرك، فإن ذلك أحرى أن تسخو نفسك عما فاتك من الدنيا. وروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: فلانة بنت فلانة معك في الجنة في درجتك، فصار إليها فسألها عن عملها فخبرته، فوجده مثل أعمال سائر الناس، فسألها عن نيتها، فقالت: ما كنت في حالة فنقلني الله منها إلى غيرها، إلا كنت بالحالة التي نقلني إليها أسر مني بالحالة التي كنت فيها، فقال: حسن ظنك بالله جل وعز. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: والله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والأخرة، إلا بحسن ظنه بالله ورجائه منه، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين. وإيم الله لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة والإستغفار، إلا بسوء الظن بالله، وتقصيره من رجائه لله، وسوء خلقه، ومن اغتيابه المؤمنين. والله لا يحسن عبد مؤمن ظناً بالله، إلا كان الله عند ظنه به، لأن الله ـ عز وجل ـ كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجاءه، فاحسنوا الظن بالله وارغبوا إليه، وقد قال الله عز وجل: {* الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء *} {[(16)]}: {[(17)]}. وروي أن داود عليه السلام قال: يا رب، ما آمن بك من عرفك فلم يحسن الظن بك {[(18)]}. وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار، يلتفت فيقول: يا رب لم يكن هذا ظني بك، فيقول، ما كان ظنك بي؟ قال: كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي، وتسكنني جنتك. فيقول الله جل وعز: يا ملائكتي، وعزتي وجلالي، وجودي وكرمي، وارتفاعي في علوي، ما طن بي عبدي خيراً ساعة قط، ولو ظن بي ساعة خيراً ما روعته بالنار، أجيزوا له كذبه وأدخلوا الجنة {[(19)]}. ثم قال العالم عليه السلام: قال الله عز وجل: ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا انفسهم واعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي، فيما يطنونه عندي من كرامتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ومن فضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، وإن رحمتي عند ذلك تدركهم، ومنتي تبلغهم، ورضواني ومغفرتي تلبسهم، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت {[(20)]}. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: إن في الحبس رجلين من بني اسرائيل، أمر بإطلاقهما، قال: فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة {[(21)]}، فقال له: ما الذي بلغ بك ما أرى منك؟ قال: الخوف من الله، ونظر إلى الآخر، لم يتشعب منه شيء، فقال له: أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد، وقد رأيت ما بلغ الأمر بصاحبك، وأنت لم تتغير، فقال له الرجل: إنه كان ظني بالله جميلاً حسناً، فقال: يا رب قد سمعت مقالة عبديك، فأيهما أفضل؟ قال تعالى: صاحب الظن الحسن أفضل {[(22)]}. وأروي عن العالم عليه السلام: إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: يا موسى قل لبني اسرائيل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء يجدني عنده.