هدف الإمام الحسين (عليه السلام) من ثورته
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » هدف الإمام الحسين (عليه السلام) من ثورته

 البحث  الرقم: 294  التاريخ: 1 ذو الحجّة 1429 هـ  المشاهدات: 22253
قائمة المحتويات

هدف الإمام الحسين (عليه السلام) من ثورته

قال الإمام الحسين (عليه السلام).. أما بعد.. فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر).
علم الله بشكل مطلق:
الله سبحانه وتعالى يعلم من قبل أن يخلق العالم بأسره ماذا سيكون.. وماذا سيحدث لأنبيائه أو لأوليائه أو للأمة، وكيف يموتون أو يستشهدون وما هي المصائب التي تجري عليهم. إلاّ أن علم الله هذا ليس على نحو الإجبار بل يوجد هناك مضامين خافية ووظائف شرعية يجب أن يقوم بها الإنسان حتى وإن أدت به إلى الاضطهاد أو المظلومية أو إلى القتل حسب ما يراه من التكليف عليه.
غيرة الإمام الحسين (عليه السلام) على الإسلام:
الإمام الحسين (عليه السلام) هو ابن الرسالة الإسلامية، هو ابن الإسلام، جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي جاء بهذا الدين الحنيف وجاهد وتحمل المصائب والمشاق حتى كسرت رباعيته واستشهد أعمامه وأقرباؤه في سبيل هذا الدين.
وأبوه أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي نصر الدين بسيفه في ساحة الجهاد. وجدته خديجة الكبرى (عليها السلام) التي نصرت الدين بأموالها.
وأمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) بضعة المصطفى وحليلة المرتضى.
فحينئذ من الطبيعي أن تكون عنده غيرة على الإسلام حتى ولو فُرض لم يكن إماماً أو معصوماً في نظر لآخرين. كيف لا تكون عنده الغيرة على الإسلام وهو قد عاش في وسط الإسلام وتربى في أحضانه؟!
كانت غيرة الإمام الحسين (عليه السلام) نتيجة حتمية عندما نظر إلى الإسلام والدين في خطر وأنه سوف يذهب ولن يبقى له وجود. ونحن لا نقول ذلك مبالغة لأننا ننتسب إلى الحسين أو إلى أبيه وإنما نقول ذلك حسب الواقع.
إن المسلمين قد ابتعدوا بل وانتكسوا ورجعوا عن الإسلام وصار فعل المحرمات علانية، وبالأخص ممن كان متولياً على المسلمين في ذلك الوقت؛ كان من فعله اللعب بالقردة والخنازير وشرب الخمور، بل السباحة في برك الخمور!! وفعل الفواحش... الخ لو بقي المسلمون على تلك الحالة عشرين أو ثلاثين سنة لأصبح الدين خبر يذكر وقصة من القصص ليس لها أي وجود..
نحن نعتقد أن الإمام الحسين ابن بنت رسول الله إمام معصوم فهو أعرف بوظيفته ومهمته. لم يرَ الإمام بداً من الخروج وإن أدى به الأمر إلى الشهادة وإلى القتل أو السبي أو إلى أي نتيجة ما دام الهدف هو الحفاظ على الإسلام.
لم يثبت الإسلام إلا بالجهاد والتضحية فقد خاض المسلمون حروباً كثيرة مثل: بدر وأحد، الخندق، غزوات الرسول (صلى الله عليه وآله)، وحروب علي (عليه السلام). لم يأت الإسلام إلا بالمشاق والتعب، كيف تذهب هذه الجهود هباءً منثوراً والإمام الحسين (عليه السلام) يبقى جالساً يأكل ويشرب ولا يحرك ساكناً؟!
يذكر السيد الشهيد الصدر (قده) أن الإمام الحسين (عليه السلام) رأى المجتمع وصل إلى حالة من الخوف والذعر وحالة من الانكماش والإعراض عن الدين بحيث أنه لا يفيد معه الكلام والإرشاد بل لابد من الدم الذي يفور ويبقى على مر التاريخ يغذي الجانب الديني.
هذه المظلومية وهذا الدم الذي سُفك مستمر على مر الدهور والعصور يعطي العطاء المستمر الذي لا يتوقف عند مدةً أو حد، يبقى مستمراً يغذي جانب الدين.
وهنا الكلمة المعروفة عن جملة من العلماء (إن الإسلام أصل وجوده محمدي وقيامه وتثبيته علوي وبقاؤه حسيني) إذاً فاستمرار الدين كان بعطاء الإمام الحسين (عليه السلام) وقولته المشهورة: (فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) تثبت ذلك، حيث لم يكن الكلام والوعظ مجدياً كما ذكرنا بل لابد من العلاج الجذري. إذاً فالدين هو السبب الأساسي بل الوحيد لخروج الإمام الحسين (عليه السلام).
هل خرج الإمام الحسين كي نبكي عليه ونلطم الصدور؟
يدور في بعض الأذهان خصوصاً من العوام، أو الشباب غير الملتفت أن الإمام الحسين (عليه السلام) قتل لأجل شيعته كي يبكوا ويلطموا الصدور ويظهروا مظلوميته..
ما الذي يستفيده الشيعة من حادثة عاشوراء؟ هل مجرد البكاء واللطم؟ أم يروا طريقة الإمام وأعماله ويقتدوا به؟
لم يخرج الإمام الحسين (عليه السلام) كي نبكي عليه، صحيح أن البكاء أمر مهم وإخراج مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) جانب أساسي مهم، وإقامة المآتم كذلك، لكن الحسين لم يخرج لأجل ذلك. ولم يكن يبحث عن الذكر الحسن والمدح، جميع الأئمة عليهم السلام ما كانوا يطلبون المدح والثناء من الناس في حياتهم ولم يعملوا كي يمدحهم الناس بعد موتهم، بل كانوا يعيبون على من يعمل من أجل أن يراءِ الناس بعمله. الأئمة عليهم السلام كانوا يعملون ولا يريدون بعملهم جزاءً حتى أنهم لا يعملون ما يعملونه من أجل جزاء الله وثوابه (ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك.. وإنما وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك).
هل قتل الإمام لأجل شيعته فقط؟
قد يتصور البعض أن الإمام الحسين (عليه السلام) قُتل من أجل شيعته يريد أن يكفر عنهم ذنوبهم ويدخلهم الجنة. إذا تصورنا هذا التصور نكون مثل المسيحيين مع نبي الله عيسى (عليه السلام) حيث أنهم يدّعون أن المسيح إنما صلب لأجل أن يكفر عنهم ذنوبهم وسيئاتهم ويدخلهم الجنة.
فالبعض يعمل المآتم أيام عاشوراء ويلطم على الإمام وإذا انقضت أيام عاشوراء بقي طوال السنة لا يصلي ولا يصوم بل ويشرب الخمور – والعياذ بالله – ويعمل المنكرات، وإنما لطمه وبكاؤه على الحسين (عليه السلام) من أجل محو هذه السيئات.
إن هذا التصور خاطئ جداً وهو إساءة إلى الإسلام قبل أن يكون إساءة إلى الإمام الحسين (عليه السلام).. الإمام الحسين (عليه السلام) قتل لله وفي سبيل الله لإحياء الإسلام.. لأجل إحقاق الحق وإقامة العدل في ربوع الأرض ومحو الظلم والفساد.
يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه) (1) ويقول أيضاً (عليه السلام): (من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو) (2) فإذا كان هذا الشخص عدواً لأهل البيت – كما في هذه الرواية – فكيف يدخله الإمام الحسين الجنة...؟!
أهل البيت عليهم السلام إنما وصلوا إلى المراحل العالية وصاروا أفضل الخلق بأعمالهم.. بتقواهم وورعهم.. وبجهادهم بأموالهم ودمائهم.
فإذا أراد الإنسان أن يلتزم مع الإمام الحسين (عليه السلام) لابد أن يكون مطيعاً لله، متقياً ورعاً، وحينئذ لو بكى على الإمام الحسين وخرجت منه دمعة فإنها تطفئ نار جهنم.
سفينة النجاة:
سُئل الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء عن الأئمة فقال: الأئمة كلهم سفن نجاة.. ولكن سفينة الإمام الحسين أوسع.. لماذا أوسع؟
الأئمة كلهم سفن نجاة ولكن...
عندما يأتي الفيلسوف يبحث عن شخصية الإمام الحسين يرى فيه من العظمة والفلسفة ما يتلائم مع أفكاره..
ويأتي المفكر والكاتب فيرى في الإمام الحسين ما يتلائم مع كتاباته وأفكاره..
ويأتي الخطيب ويرى في الإمام الحسين ما يتلائم مع تطلعاته..
ويأتي الشاب وينظر إلى العطاء الذي قدمه الإمام إلى الإسلام فيرى في الإمام ما يتلائم مع حالته الثورية..
والمرأة.. والرجل.. وو.. كل يرى في الإمام الحسين وثورته وأفكاره ما يطلب..
وأخيراً ينبغي علينا أن نستفيد من ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) التي تمر علينا سنوياً في أيام عاشوراء.. ينبغي علينا أن نأخذ منها الثمار اليانعة لا القشور..
لابد أن نفكر... لماذا خرج الإمام؟! لماذا قُتل؟! وكيف نتبعه..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي ج2 ص74 ح3.
(2) نفس المصدر السابق.

الروابط
المقالات: مع الثورة الحسينية،
الثورة الحسينية ومشروع إصلاح الأمة،
من معطيات الثورة الحسينية،
سبب هجرة الإمام الحسين (عليه السلام) للعراق *،
الحسين.. موقف وقضية *
الأشخاص: الشيخ حسين الراضي [المراسل]
مواقع الإنترنيت: الموقع العالمي للدراسات الشيعية
مفاتيح البحث: الإمام الحسين (عليه السلام)،
البكاء على الامام الحسين،
سفينة الحسين أوسع،
اذية النبي،
إقامة المآتم،
المجتمع الإسلامي،
...
المواضيع: تاريخ أهل البيت
الواحات: الواحة الحسينية

الفهرسة