العبر والدروس من واقعة كربلاء لا يمكن حصرها، ولكن يمكننا أن نقول أنها علَّمتنا ما يلي من الدروس: الدرس الأول: أن نثأر لله وحده، لا لانتسابات الأرض، وانتماءاتها، وعصبياتها، وصيحاتها، وجاهلياتها. الدرس الثاني: أن نعطي الدم من أجل أن يبقى الإسلام وحده، لا أن تبقى نظريات الإنسان، وتحزباته، وشعاراته، وزيفه. الدرس الثالث: أن ننتصر للدين، وللمبدأ، وللعقيدة، لا للعصبيات، والقوميات، والعناوين التي صاغتها ضلالات الإنسان، وأهواءه. الدرس الرابع: أن نحمل شعار القرآن. الدرس الخامس: أن نرفض الباطل، والزيف، والفساد، والضلال، وأن نرفض كل ألوان الانحراف الأخلاقي، والثقافي، والاجتماعي، والسياسي. الدرس السادس: أن نكون الصرخة التي تواجه الظلم والظالمين، وتواجه البغي والباغين، وتواجه الطغيان والطاغين، وتواجه الاستكبار والمستكبرين. الدرس السابع: أن نكون المبدئيّين الأقوياء الذين لا يساومون، ولا يتنازلون، ولا يسترخون، كقوله تعالى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح: 29. ولا تعني المبدئية والصلابة أن لا نعيش المرونة والانفتاح والشفّافية في حواراتنا مع الآخرين. والإنسان المؤمن في حالات التصدي والمواجهة والصراع يجب أن يكون شديداً وحدِّياً وصارماً في موقفه مع أعداء الإسلام، وأعداء الحق. نعم، حينما يحاور الآخرين، ويدعو ويبلِّغ يجب أن يكون مَرِناً منفتحاً شفّافاً. وهنا نؤكد أنَّ المُرونة والشفّافية في حواراتنا مع الآخرين لا تعني الاسترخاء في طرح الأفكار والقناعات العقيدية والمذهبية، والثقافية والسياسية. ولا تعني الاسترخاء في طرح الحُجَج والبراهين، ولا تعني المساومة والتنازل. ولا تعني المجاملة الفكرية، أو المجاملة السياسية، أو المجاملة الاجتماعية. ولا تعني السكوت عن مواجهة الأفكار التي تتنافى مع المبادئ والقيم التي نؤمن بها. فالمرونة والحوار في منهجنا هي أسلوب متكامل في الحوار. الدرس الثامن: أن نعيش الصمود والثبات في مواجهة كل التحديات، التحديات الفكرية، والثقافية، والنفسية، والاجتماعية، والسياسية، والإعلامية. الحسينيون الحقيقيون لا يعرفون الانهزام، والتراجع والتخاذل، والضعف والخور، فهم الثابتون الصامدون، الذين يملكون عُنفُوَان العقيدة، وصلابة الإيمان، وثبات المبدأ، وشموخ الموقف. الدرس التاسع: أن نحمل شعار الجهاد والشهادة، وأن نكون المجاهدين الصادقين في سبيل الله، نجاهد بالكلمة، ونجاهد بالمال، ونجاهد بالروح. فلسنا حسينيِن إذا لم نحرك المالَ في خط الدعوة، والخير، والجهاد. ولسنا حسينيين إذا لم نحمل الأرواح على الأكُفِّ، وإذا لم نكن عُشَّاقاً للشهادة، وإذا لم نسترخص الدم من أجل المبدأ والعقيدة. فالسائرون في خط الحسين (عليه السلام) هم الذين يحملون شعار الحسين (عليه السلام): (لا أرَى المَوتَ إِلاَّ سَعَادَة والحَياةَ مَع الظالمينَ إِلاَّ بَرَمَا). والسائرون على خط الحسين (عليه السلام) هم الذين يحملون شعار علي الأكبر (عليه السلام): (لا نُبَالي أنْ نَمُوتَ مُحِقِّينَ). والسائرون على خط الحسين (عليه السلام) هم الذين يحملون شعار العباس (عليه السلام): (وَاللهِ إِنْ قطعتُموا يَميني إِنِّي أُحَامي أبداً عن دِيني وَعَن إِمامٍ صَادقِ اليَقينِ)، والسائرون على خط الحسين (عليه السلام) هم الذين يحملون شعار القاسم (عليه السلام): (المَوتُ فيكَ يا عَم أحلَى مِنَ العَسَل). الدرس العاشر: أن نكون المتدينين الحقيقين، وأن نكون الذين يملكون بصيرة الدين والعقيدة، وبصيرة الإيمان، والمبدأ، ونقاوة الانتماء، والالتزام، وأن لا نكون من أولئك الذين يحملون بَلادَة الدين والعقيدة، وغباء الإيمان والمبدأ وأن لا نكون النفعيِّين المَصلحيِّين المتاجرين بالدين، والمساومين على حساب المبدأ. الإمام الحسين (عليه السلام) أوقف حَجَّه، وأعلن الثورة على يزيد، وذلك ليقول للمسلمين: أيّ قِيمَةٍ لطوافٍ حولَ بيت الله ما دام الناس يطوفون حول قصور الطغاة والظالمين. وأيَ قيمة لتقبيل الحجر الأسود مادام الناس يقبِّلون الأيدي الملوثة بالجرائم. وأيّ قيمة لركوعٍ وسجودٍ عند مقام إبراهيم مادام الناس يركعون ويسجدون عند أقدام السلاطين. وأيّ قيمةٍ لسعيٍ وحركةٍ بين الصفا والمروة مادام الناس يعيشون الخنوع والركود، والجمود والاستسلام، والجور والضعف. وأيّ قيمةٍ لتلبيةٍ إذا كان الناس مأسورين لنداءات الطواغيت والمستكبرين. وأيّ قيمة لذكرٍ وتلاوةٍ وعبادةٍ إذا كان الناس يمجِّدون ويعظِّمون ويؤَلِّهون الجبابرة والفراعنة. الدرس الحادي عشر: أن نكون إِمَّا الحسينيِّين الذي يعطون الدم من أجل المبدأ، أو نكون الزينبيِّين الذين يحملون صوت الحسين (عليه السلام). فالحسين (عليه السلام) وشهداءكربلاء فجَّروا الثورة في يوم عاشوراء، وكان وقود هذه الثورة دماءهم الطاهرة.