كلام الإمام الحسين (عليه السلام) في توحيد الله عز وجل
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » كلام الإمام الحسين (عليه السلام) في توحيد الله عز وجل

 البحث  الرقم: 444  التاريخ: 19 ذو القعدة 1429 هـ  المشاهدات: 4556
قائمة المحتويات

كلام الإمام الحسين (عليه السلام) في توحيد الله عز وجل

للإمام (عليه السلام) تراث رائع، خاض في جملة منه مجموعة من البحوث الفلسفية والمسائل الكلامية التي مُنيت بالغموض والتعقيد، فأوضحها (عليه السلام)، وبيَّن وِجهة الإسلام فيها، ونعرض فيما يلي لبعض ما أُثِر عنه:
في معنى (التَّوحِيد):
وعَرَّض الإمام الحسين (عليه السلام) في كثير من كلامه إلى توحيد الله، فَبيَّنَ حقيقته وجوهره، وفَنَّد شُبَه المُلحدين وأوهامهم، ونعرض فيما يلي لبعض ما أُثِر عنه:
أولاً: قال (عليه السلام):
(أيُّها النَّاس، اتقوا هؤلاء المارقة الذين يُشبِّهون الله بأنفسهم، يضاهون قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو الله ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.
استخلص الوحدانية والجَبَروت، وأمضى المشيئة، والإرادة، والقدرة، والعلم بما هو كائن، لا منازع له في شيء من أمره، ولا كُفو له يعادِلُه، ولا ضِدّ له ينازعه، ولا سَمِيّ له يشابهه، ولا مثل له يشاركه.
لا تتداوله الأمور، ولا تجري عليه الأحوال، ولا ينزل عليه الأحداث، ولا يقدر الواصفون كُنهَ عظمته، ولا يخطر على القلوب مَبلغ جبروته، لأنه ليس له في الأشياء عديل.
ولا تدركه العلماء بألبابها، ولا أهل التفكير بتفكيرهم إلا بالتحقيق، إيقانا بالغيب لأنه لا يوصف بشيء من صفات المخلوقين، فذلك الله لا سَمِيّ له، سبحانه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير).
وحذّر الإمام (عليه السلام) من تشبيه الخالق العظيم بعباده، أو بسائر الممكنات التي يلاحقها العدم، ويطاردها الفناء.
ثانياً:
يقول المؤرخون إن حَبْر الأمة عبد الله بن عباس كان يُحدِّث الناس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقام إليه نافع الأزرق فقال له: تُفتي الناس في النملة والقَملة، صف لي إِلَهَك الذي تعبُد؟
فأطرقَ إعظاما لقوله، وكان الإمام الحسين (عليه السلام) جالساً فانبرى قائلاً: (إِليَّ يا بن الأزرق)؟
فقال نافع: لَستُ إِيَّاك.
فثار ابن عباس، وقال له: إنه من بيت النبوة، وهم وَرَثة العلم.
فأقبل نافع نحو الإمام (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): (يا نافع، من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس سائلاً ناكباً عن المنهاج، ظاعناً بالاعْوِجَاج، ضالاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل.
أصفُ لك إلهي بما وصفَ به نفسه، وأعَرِّفُه بما عَرَّف به نفسه، لا يُدركُ بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريبٌ غير مُلتَصِق، بعيد غير منتقص يوحد ولا يبغض معروف، بالآيات موصوف، بالعلامات لا إله إلا هو الكبير المُتَعَال).
فحارَ الأزرق، ولم يُطِق جواباً، فقد مَلَكَته الحيرة، وسدَّ عليه الإمام (عليه السلام) كل نافذة ينفذ منها، وبُهِر جميع من سمعوا مقالة الإمام (عليه السلام)، وراحوا يُرَدِّدُون كلام ابن عباس: إِنَّ الحُسين (عليه السلام) مِن بيت النبوَّة، وَهُم وَرَثَة العلم.
في معنى (الصَّمَد):
كتب إليه (عليه السلام) جماعة يسألونه عن معنى الصمد في قوله تعالى: (اللهُ الْصَّمَدُ).
فكتب (عليه السلام) لهم بعد البسملة: (أما بعد: فلا تخوضوا في القرآن، ولا تُجادلوا فيه، ولا تتكلموا فيه بِغَير عِلم، فقد سمعت جَدِّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (مَن قال في القرآن بغير عِلمٍ فَلْيَتَبَوَّأُ مقعدُهُ من النار).
وإن الله سبحانه قد فَسَّر الصمد فقال: (اللهُ أَحَدُ * اللهُ الْصَّمَدُ).
ثم فَسَّرهُ فقال: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
(لَمْ يَلِدْ): لم يخرج منه شيء كثيف، كالولد وسائر الأشياء الكثيفة، التي تخرج من المخلوقين.
ولا شيء لطيف كالنفس، ولا يتشعب من البدوات كالسِّنَة والنوم والخطرة، والهم والحزن، والبهجة والضحك، والبكاء والخوف، والرجاء والرغبة والسأمة، والجوع والشبع، تعالى عن أن يخرج منه شيء، وأن يتولَّدَ منه شيء كثيف أو لطيف.
(وَلَمْ يُولَدْ): لم يتولد منه شيء، ولم يخرج منه شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرهم، والدابة من الدابة، والنبات من الأرض، والماء من الينابيع، والثمار من الأشجار.
ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها، كالبصر من العين، والسمع من الأذن، والشم من الأنف، والذوق من الفم، والكلام من اللسان، والمعرفة والتمييز من القلب، وكالنار من الحجر.
لا، بل هو الله الصمد الذي لا شيء، ولا في شيء، ولا على شيء، مبدع الأشياء وخالقها، ومنشئ الأشياء بقدرته، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته، ويبقى ما خلق للبناء بعلمه، فذلكم اللهُ الصَّمد، الذي لم يلد ولم يولد، عالم الغيب والشهادة، الكبير المُتَعال، وَلم يَكُن لَهُ كُفوا أحد).

الروابط
المقالات: عقيدة التوحيد:
مواقع الإنترنيت: مركز آل البيت العالمي للمعلومات
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس،
الإمامة،
التوحيد،
الإمام الحسين (عليه السلام)،
مسجد النبي،
نافع الأزرق،
...
المواضيع: الشبهات والردود،
التفسير،
التوحيد،
الإمامة

الفهرسة