الخطبة ١٢٥: في معنى الخوارج لمّا أنكروا تحكيم الرجال ويذمّ فيه أصحابه
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ١٢٥: في معنى الخوارج لمّا أنكروا تحكيم الرجال ويذمّ فيه أصحابه

 البحث  الرقم: 126  المشاهدات: 5472
قائمة المحتويات ومن كلام له عليه السلام في تحكيم
وذلك بعد سماعه لأمر الحكَمين
إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ، وَإِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ. وهذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْتُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ
(1)، لاَ يَنْطِقُ بِلِسَانٍ، وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَانٍ، وَإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَالُ.
وَلَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إِلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا الْقُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ عَنْ كِتَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)، فَرَدُّهُ إِلَى اللهِ أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِهِ، وَرَدُّهُ إِلَى الرَّسُولِ أَنْ نَأْخُذَ بسُنَّتِهِ؛ فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللّه صَلَّي عَلَيْهِ وَآلِهِ فَنَحْنُ أَوْلاَهُمْ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لِمَ جَعَلْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ أَجَلاً فِي التَّحْكِيمِ؟ فَإِنَّمَا فَعَلْتُ ذلِكَ لِيَتَبَيَّنَ الْجَاهِلُ، وَيَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ فِي هذِهِ الْهُدْنَةِ أَمْرَ هذِهِ الْأُمَّةِ، وَلاَ تُؤْخَدُ بِأَكْظَامِهَا (2)، فَتَعْجَلَ عَنْ تَبَيُّنِ الْحَقِّ، وَتَنْقَادَ لِأَوَّلِ الْغَيِّ.
إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ ـ وَإِنْ نَقَصَهُ وَكَرَثَهُ (3) ـ مِنَ الْبَاطِلِ وَإِنْ جَرَّ إِلَيْهِ فَائِدَةً وَزَادَهُ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ! وَمِنْ أَيْنَ أُتِيتُمْ! اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِيرِ إِلَى قَوْمٍ حَيَارَى عَنِ الْحَقِّ لاَ يُبْصِرُونَهُ، وَمُوزَعِينَ بِالْجَوْرِ (4) لاَ يَعْدِلُونَ (5) بِهِ، جُفَاةٍ عَنِ الْكِتَابِ، نُكُبٍ (6) عَنِ الطَّرِيقِ. مَا أَنْتُمْ بَوَثِيقَةٍ (7) يُعْلَقُ بِهَا، وَلاَ زَوَافِرَ (8) عِزٍ يُعْتَصَمُ إِلَيْهَا.
لَبِئْس حُشَّاشُ الحرب
أنتم».">(9) نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ! أُفٍّ لَكُمْ! لَقَدْ لَقِيتُ مِنْكُمْ بَرْحاً (10)، يَوْماً أُنَادِيكُمْ وَيَوْماً أُنَاجِيكُمْ، فَلاَ أحْرارُ صِدْقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ الحرب
.">(11)، وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ النَّجَاءِ (12)!

الهوامش

1- دَفّتا المصحف: جانباه اللذان يَكْنُفانه.
2- الأكظام ـ جمع كَظَم محركة ـ: مخرج النفس. والأخذ بالأكظام: المضايقة والاشتداد بسلب المهلة.
3- كَرَثَهُ ـ كنصره وضربه ـ: اشتد عليه الغمّ.
4- مُوزَعين: من «أوْزَعَهُ» أي أغراه، وأصله بمعنى ألْهَمَ.
5- لا يَعْدِلون به: أي لا يستبدلونه بالعدل.
6- نُكُب ـ جمع ناكب ـ: الحائد عن الطريق.
7- «ما أنتم بوثيقَة»: أي لستم عروةً وثيقةً يستمسك بها.
8- زافرة الرجل: أنصاره وأعوانه.
9- الحُشّاش: جمع حاشّ، من «حَشّ النارَ» إذا أوقدها. والمراد «لبئس الموقدون لنار الحرب أنتم».
10- بَرْحاً ـ بفتح الباء ـ: شرّ أوشدة.
11- يوم النداء: يوم الدعوة إلى الحرب.
12- يوم النّجاء: يوم العتاب على التقصير. وأصل النجاء: الإفضاء بالسر والتكلم مع شخص بحيث لا يسمع الآخر.



الفهرسة