الخطبة ٩٠: وتشتمل على قِدم الخالق وعظم مخلوقاته، ويختمها بالوعظ
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ٩٠: وتشتمل على قِدم الخالق وعظم مخلوقاته، ويختمها بالوعظ

 البحث  الرقم: 91  المشاهدات: 4688
قائمة المحتويات ومن خطبة له عليه السلام وتشتمل على قِدم الخالق وعظم مخلوقاته، ويختمها بالوعظ
الْحَمْدُ للهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، الْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ (1)، الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَائِماً دَائِماً؛ إِذْ لاَ سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَلاَ حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاجٍ (2)، وَلاَ لَيْلٌ دَاجٍ (3)، وَلاَ بَحْرٌ سَاجٍ (4)، وَلاَ جَبَلٌ ذُوفِجَاجٍ الواسع
بين جبلين.">(5)، وَلاَ فَجٌّ ذُواعْوِجَاجٍ، وَلاَ أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ (6)، وَلاَ خَلْقٌ ذُواعْتِمادٍ (7): ذلِكَ مُبْتَدِعُ الْخَلْقِ (8) وَوَارِثُهُ (9)، وَإِلهُ الْخَلْقِ وَرَازِقُهُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ دَائِبَانِ (10) فِي مَرْضَاتِهِ: يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ، وَيُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيدٍ.
قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ، وَأَحْصَى آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، وَعَدَدَ أنْفاسَهُمْ، وَخَائِنَةَ أعْيُنِهِمْ (11) وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ، وَمُسْتَقَرَّهُمْ وَمُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الْأَرْحَامِ وَالظُّهُورِ، إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ الْغَايَاتُ.
هُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ نِقْمَتُهُ الغضب
، ويجوز نَقِمَة ونِقْمَة على وزن كلِمَة وكِلْمَة.">(12) عَلَى أَعْدَائِهِ فِي سَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَاتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ لِاَوْلِيَائِهِ فِي شِدَّةِ نِقْمَتِهِ، قَاهِرُ مَنْ عَازَّهُ (13)، وَمُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّهُ (14)، وَمُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ (15)، وَغَالِبُ مَنْ عَادَاهُ.
مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ أَقْرَضَهُ قَضَاهُ (16)، وَمَنْ شَكَرَهُ جَزَاهُ.
عِبَادَ اللهِ، زِنُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُوزَنُوا، وَحَاسِبُوهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَتَنَفَّسُوا قَبْلَ ضِيقِ الْخِنَاقِ، وَانْقَادُوا قَبْلَ عُنْفِ السِّيَاقِ (17)، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُعَنْ للمجهول ـ أي: من لم يساعده الله على نفسه حتى يكون لها من وجدانها منبه لم ينفعه تنبيه غيره.">(18) عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْهَا وَاعِظٌ وَزَاجِرٌ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا زَاجِرٌ وَلاَ وَاعِظٌ.

الهوامش

1- روية: فكر، وامعان نظر، وأصلها الهمز، لقولك: رأوت في الامر.
2- الإرتاج: جمع رَتَج ـ بالتحريك ـ وهو الباب العظيم.
3- الداجي: المظلم.
4- الساجي: الساكن.
5- الفِجاج: جمع فَجّ، وهو الطريق الواسع بين جبلين.
6- المِهاد ـ بزنة كتاب ـ: الفِراش.
7- الخَلق: بمعنى المخلوق؛ ذو اعتماد: أي بطش وتصرف بقصد وإرادة.
8- مُبْتدع الخلق: منشئه من العدم المحض.
9- وارثُهُ: الباقي بعده.
10- دائبان: تثنية دائب، وهو المُجِدّ المجتهد، وصفهما بذلك لتعاقبهما على حال واحدة لايفتران ولا يسكنان.
11- خائنة الأعين: ما يسارق من النظر إلى ما لا يحل.
12- النقمة: الغضب، ويجوز نَقِمَة ونِقْمَة على وزن كلِمَة وكِلْمَة.
13- عَازّه ـ بالتشديد ـ: رامَ مشاركته في شيء من عزته؛ غالبه.
14- شاقّه: نازَعَه.
15- نَاوَأه: خالفه وهي مهموزة، إلاّ أنّها سُهّلت لتشاكل «عاداه».
16- «مَنْ أقْرَضَهُ قضاه»: جعل تقديم العمل الصالح بمنزلة القرض، والثواب عليه بمنزلة قضاء الدين إظهاراً لتحقق الجزاء على العمل، قال تعالى: (مَنْ ذَا الذي يُقْرِضُ الله قرضاً حسناً فيضاعفَهُ له أضعافاً كثيرة)
17- العُنْف ـ بضم فسكون ـ: ضد الرفق، ويقال: عَنُفَ عليه، وعَنُفَ به ـ من باب كرم فيهما ـ وأصل العنيف الذي لا رفق له بركوب الخيل، وجمعه عُنُف. والسياق هنا مصدر ساق يسوق.
18- مَنْ لم يُعَنْ على نفسه» ـ مبني للمجهول ـ أي: من لم يساعده الله على نفسه حتى يكون لها من وجدانها منبه لم ينفعه تنبيه غيره.



الفهرسة