|
الخطبة ١٤٣: في الاستسقاء |
البحث
الرقم: 144
المشاهدات: 4552
قائمة المحتويات
ومن خطبة له عليه السلام في الاستسقاء وفيه تنبيه العباد إلى وجوب استغاثة رحمة الله إذا حبس عنهم رحمة المطر أَلاَ وَإِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تَحْمِلُكُم، وَالسَّماءَ الَّتِي تُظِلُّكُمْ (1)، مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ، وَمَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ، وَلاَ زُلْفَةً (2) إِلَيْكُمْ، وَلاَ لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ، وَلكِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا، وَأُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَقَامَتَا. إِنَّ اللهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ عِنْدَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ بِنَقْصِ الَّثمَرَاتِ، وَحَبْسِ الْبَرَكَاتِ، وَإِغْلاَقِ خَزَائِنِ الْخَيْرَاتِ، لِيَتُوبَ تَائِبٌ، وَيُقْلِعَ مُقْلِعٌ، وَيَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ، وَيَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ. وَقَدْ جَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ الْأَسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ وَرَحْمَةِ الْخَلْقِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً. وَيَمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنْاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾. فَرَحِمَ اللهُ امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ، وَاسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ، وَبَادَرَ مَنِيَّتَهُ! اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ مِنْ تَحْتِ الْأَسْتَارِ وَالْأَكْنَانِ، وَبَعْدَ عَجِيجِ الْبَهَائِمِ وَالْوِلْدَانِ، رَاغِبِينَ فِي رَحْمَتِكَ، وَرَاجِينَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ، وَخَائِفِينَ مِنْ عَذَابِكَ وَنِقْمَتِكَ. اللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ (3)، وَلاَ تُؤَاخِذْنَا ﴿بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ نَشْكُوإِلَيْكَ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ، حِينَ أَلْجَأَتْنَا الْمضَايِقُ الْوَعْرَةُ (4)، وَأَجَاءَتْنَا (5) الْمَقَاحِطُ (6) الْمُجْدِبَةُ، وَأَعْيَتْنَا الْمَطَالِبُ الْمُتَعَسِّرَةُ، وَتَلاَحَمَتْ (7) عَلَيْنَا الْفِتَنُ الْمُسْتَصْعِبَةُ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلاَّ تَرُدَّنَا خَائِبِينَ، وَلاَ تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ (8)، وَلاَ تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا، وَلاَ تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا. اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وَبَرَكَتَكَ، وَرِزْقَكَ وَرَحْمَتَكَ، وَاسْقِنَا سُقْيَا نَافِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً، تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ، وَتُحْيِي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ، نَافِعَةَ الْحَيَا (9)، كَثِيرَةَ الْمُجْتَنَى، تُرْوِي بِهَا الْقِيعَانَ انفرجت عنها الجبال والآكام.">(10)، وَتُسِيلُ الْبُطْنَانَ (11)، وَتَسْتَوْرِقُ الْأَشْجَارَ (12)، وَتُرْخِصُ الْأَسْعَارَ، ﴿إِنَّكَ عَلى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ﴾.
الهوامش
3- السِّنون ـ جمع سَنَة ـ: بمعنى الجدب والقحط.
4- المضايق الوَعْرة ـ بالتسكين ولا يجوز التحريك ـ: الصعبة.
6- المَقاحِط: جمع مَقْحَطة، وهي السنة المُمْحِلة.
8- الواجِم: الذي قد اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام.
9- الحَيَا: الخِصْب والمطر.
10- القَيعان: جمع قاع، الأرض السهلة المطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام.
11- البُطْنان: جمع بطن، بمعنى ما انخفض من الأرض في ضيق.
12- تستورق الأشجار: تخرج ورقها.
|
|