الخطبة ١٩٩: كان يوصي به أصحابه
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ١٩٩: كان يوصي به أصحابه

 البحث  الرقم: 200  المشاهدات: 5281
قائمة المحتويات ومن كلام له عليه السلام كان يوصي به أصحابه
تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلاَةِ، وَحَافِظُوا عَلَيْهَا، وَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا، وَتَقَرَّبُوا بِهَا، فَإِنَّهَا (كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِينَ سُئِلُوا: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ وَإِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ (1) الْوَرَقِ، وَتُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ الرِّبَق (2)، وَشَبَّهَهَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بِالْحَمَّة (3) تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ، فَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرّاتٍ، فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنَ الدَّرَنِ (4)؟ وَقَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لاَ تَشْغَلُهُمْ عنْهَا زِينَةُ مَتَاعٍ، وَلاَ قُرَّةُ عَيْنٍ مِنْ وَلَدٍ وَلاَ مَالٍ.
يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: ﴿رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ نَصِباً (5) بِالصَّلاَةِ بَعْدَ التَّبْشِيرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، لِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾، فَكَانَ يَأُمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَيَصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ.

الزكاة


ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلاَةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ الْإِسْلاَمِ، فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا، فإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً، وَمِنَ النَّارِ حِجَازاً وَوِقَايَةً. فَلاَ يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَهُ، وَلاَ يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا لَهَفَهُ، فإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ النَّفْسِ بِهَا، يَرْجُوبِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ، مَغْبُونُ (6) الْإِجْرِ، ضَالُّ الْعَمَلِ، طَوِيلُ النَّدَمِ

الامانة


ثُمَّ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ، فَقَدْ خَابَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَى السَّماوَاتِ الْمَبْنِيَّةِ، وَ الْأَرَضِينَ الْمَدْحُوَّةِ (7)، وَالْجِبَالِ ذَاتِ الطُّولِ الْمَنْصُوبَةِ، فَلاَ أَطْوَلَ وَلاَ أَعْرَضَ، وَلاَ أَعْلَى وَلاَ أَعْظَمَ مِنْهَا. وَلَوِ امْتَنَعَ شَيْءٌ بِطُولٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ قُوَّةٍ أَوْ عِزٍّ لَأَمْتَنَعْنَ، وَلكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَعَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ، ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾.

علم الله تعالى


إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ (8) فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ، لَطُفَ بِهِ خُبْراً (9)، وَأَحَاطَ بِهِ عِلْماً، أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُهُ، وَجَوَارِحُكُمْ جُنُودُهُ، وَضَمائِرُكُمْ عُيُونُهُ، وَخَلَوَاتُكُمْ عِيَانُهُ (10).

الهوامش

1- حتّ الورقَ عن الشجرة: قشره.
2- الرِبق ـ بكسر الراء ـ: حبل فيه عدة عرىً كل منها رِبْقة.
3- الحَمَّة ـ بالفتح ـ: كل عين ينبع منها الماء الحار ويستشفى بها من العلل.
4- الدَرَن: الوسخ.
5- نَصِباً ـ بفتح فكسر ـ: أي تَعِباً.
6- مَغْبون الأجر: منقوصه.
7- المَدْحُوّة: المبسوطة.
8- مقترفون: أي مكتسبون.
9- الخُبْر ـ بضم الخاء ـ: العِلْم.
10- العِيان ـ بكسر العين ـ: المعاينة والمشاهدة.



الفهرسة