ومن كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود العَبْدي وقد خان في بعض ما ولاّه من أعماله أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ صَلاَحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ، وَظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِعُ هَدْيَهُ (1)، وَتَسْلُكُ سَبِيلَهُ، فَإِذَا أَنْتَ فِيَما رُقِّي َ (2) إِلَيَّ عَنْكَ لاَتَدَعُ لِهَوَاكَ انْقِيَاداً، وَلَاتُبْقِي لِآخِرَتِكَ عَتَاداً (3)، تَعْمُرُ دُنْيَاكَ بَخَرَابِ آخِرَتِكَ، وَتَصِلُ عَشِيرَتَكَ بِقَطِيعَةِ دِينِكَ. وَلَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً، لَجَمَلُ أَهْلِكَ وَشِسْعُ (4) نَعْلِكَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَمَنْ كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُسَدَّ بِهِ ثَغْرٌ، أَوْ يُنْفَذَ بِهِ أَمْرٌ، أَوْ يُعْلَى لَهُ قَدْرٌ، أَوْ يُشْرَكَ فِي أَمَانَة، أَوْ يُؤْمَنَ عَلَى خِيَانَة (5). فَأقْبِلْ إِلَيَّ حِينَ يَصِلُ إِلَيْكَ كِتَابِي هذَا إِنْ شَاءَ اللهُ. قال الرضي: وَالمنذر بن الجارود هذا هو الذي قال فيه أميرالمؤمنين عليه السلام: إنه لنظّارٌ في عِطْفَيْهِ (6)، مُختالٌ في بُرْدَيْه (7)، تَفّالٌ في شِرَاكَيْهِ (8).
پاورقي ها
1- الهَدْي ـ بفتح فسكون ـ: الطريقة والسيرة.
2- رُقيَ إليّ: رُفع وأُنهي إليّ.
3- العَتاد ـ بالفتح ـ: الذَخِيرة المُعَدة لوقت الحاجة.
4- الشِسْع ـ بالكسر ـ: سِيرٌ بين الإصبع الوسطى والتي تليها في النعل العربي، كأنه زمام ويسمى قِبالاًـ ككتاب.
5- جِبَايَه: أي تحصيل أموال الحراج ونحوه. عمل من أعمال الولة.
6- نَظّار: كثير النظر. والعِطْف ـ بالكسر ـ: الجانب، أي كثير النظر في جانبيه عُجْباً وخُيلاء.