Table Of Content
محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: حق الله الاكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئاً، فاذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة (1)..
وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجلّ.
وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم.
وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه.
وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به.
وحق يديك (2) أن لا تبسطهما إلى ما لا يحل لك.
وحق رجليك ان لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، فبهما تقف على الصراط، فانظر ان لا تزل (3) بك فتردى في النار.
وحق بطنك ان لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع.
وحق فرجك عليك ان تحصنه من الزنا، وتحفظه من ان ينظر إليه.
وحق الصلاة ان تعلم انها وفادة إلى الله عزّ وجلّ وانت فيها قائم بين يدي الله، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها.
وحق الحج ان تعلم انه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي اوجبه الله عليك.
وحق الصوم ان تعلم انه حجاب ضربه الله عزّ وجلّ على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك يسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك.
وحق الصدقة ان تعلم انها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها وكنت بما (4) تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه، علانية، وتعلم أنّها تدفع عنك البلايا والأسقام في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة.
وحق الهدي أن تريد به الله عزّ وجلّ، ولا تريد خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه.
وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء.
وحق سائسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والاقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا فاذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بانك قصدته، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس.
وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزّ وجلّ على ما أتاك من القوة عليهم.
وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزّ وجلّ إنما جعلك قيما عليهم (5) فيما أتاك من العلم، وفتح لك من خزانته (6) فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزّ وجلّ أن يسلبك العلم وبهائه، ويسقط من القلوب محلك.
وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزّ وجلّ جعلها لك سكنا وانسا، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عزّ وجلّ عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها، لانها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها.
وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن ابيك وامك ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئا من جوارحه، ولا اخرجت له رزقا، ولكن الله عزّ وجلّ كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك اياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عزّ وجلّ ولا قوة إلا بالله.
وأما حق امك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا، واعطتك (7) من ثمرة قلبها ما لا يعطي يطعم (هامش المخطوط).">(8) أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.
وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فانه لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان اباك اصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله.
واما حق ولدك فأن تعلم انه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وإنك مسؤل عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزّ وجلّ، والمعونة على طاعته، فاعمل في امره عمل من يعلم انه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاسائة إليه.
واما حق اخيك فأن تعلم انه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فإن اطاع الله وإلا فليكن الله اكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله.
واما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم انه انفق فيك ماله، واخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها فأطلقك من اسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، واخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك، وتعلم انه اولى الخلق بك في حياتك وموتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك، وما احتاج اليه منك، ولا قوة إلا بالله.
واما حق مولاك الذي انعمت عليه فأن تعلم ان الله عزّ وجلّ جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابا لك من النار، وان ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما انفقت من مالك. وفي الآجل الجنة.
واما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّ وجلّ، فاذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم ان قدرت على مكافأته يوما كافأته.
واما حق المؤذن ان تعلم انه مذكر لك ربك عزّ وجلّ، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عزّ وجلّ عليك فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك.
واما حق امامك في صلاتك فأن تعلم انه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّ وجلّ، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّ وجلّ، فإن كان نقص كان به دونك، وإن كان تماما كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل
(9) فوقى نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك.
وأمّا حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك الاّ باذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاّته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه الا خيرا.
واما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا، ونصرته اذا كان
مظلوما، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوء سترته عليه وان علمت انه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله.
واما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله، وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذابا، ولا قوة الا بالله.
واما حق الشريك فإن غاب كافيته
(10)، وان حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برايك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخنه
(11) فيما عز او هان من امره، فإنّ يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة الا بالله.
وأما حق مالك فأن لا تأخذه الا من حله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة
(12) مع التبعة ولا قوة إلا بالله.
وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، ورددته عن نفسك ردا لطيفا.
وحق الخليط أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله في أمره.
وأما حق
الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعيه عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره، ولا قوة إلا بالله.
وحق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزّ وجلّ وتبت إليه، وتركت الدعوى.
وحق المستشير ان علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم.
وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عزّ وجلّ.
وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق
(13).
وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك. فإن أتى بالصواب حمدت الله عزّ وجلّ، وإن لم يوافق
(14) رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من أمره على حال، ولا قوة الا بالله.
وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه ولا تستجهله، وان
جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام وحرمته.
وحق الصغير رحمته (من نوى)
(15) تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له.
وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته.
وحق المسؤول ان اعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وان
منع فاقبل عذره.
وحق من سرك لله تعالى
(16) أن تحمد الله عزّ وجلّ أولا ثم تشكره.
وحق من أساء اليك أن تعفو عنه وان علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تعالى (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل)
(17).
وحق أهل ملتك اضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم، وكف الاذى عن مسيئهم
(18)، وتحب لهم ما تحب لنفسك
وتكره لهم ما
تكره لنفسك، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة اخوتك، وعجائزهم بمنزلة امك، والصغار منهم بمنزلة أولادك.
وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّ وجلّ منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عزّ وجلّ بعهده.
ورواه في (المجالس) بإلاسناد المشار اليه
امالي الصدوق: 301 | 1.">(19).
ورواه في (الخصال) عن
علي بن أحمد بن موسى، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن
جعفر بن محمد بن مالك، عن خيران بن داهر، عن أحمد بن
علي بن سليمان، عن أبيه، عن
محمد بن علي، عن
محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن
علي بن الحسين (عليهما السلام) (20).
ورواه
الحسن بن علي بن شعبة في (تحف العقول) مرسلا
(21)، وكذا الطبرسي في (مكارم الاخلاق)
(22) الا ان في تحف العقول زيادات عما نقلناه.
Sources
الفقيه 2: 376 | 1626.
Footnotes
1- من قوله: حق الله الاكبر الى قوله: والاخرة، ليس في المجالس، وهو موجود في الخصال (هامش المخطوط).
2- في نسخة: يدك (هامش المخطوط).
4- في نسخة: لما (هامش المخطوط).
5- في نسخة: لهم (هامش المخطوط).
6- في نسخة: خزانة الحكمة (هامش المخطوط).
7- في تحف العقول: اطعمتك (هامش المخطوط).
8- في تحف العقول: لا
يطعم (هامش المخطوط).
9- هذا له معارض تقدم في احاديث الجماعة في باب استحباب تقدم من يرضى به المأمومون وفيه ان للامام [بقدر] ثواب جميع من خلفه. فيحمل هذا على اتحاد المأموم (منه. قده).
11- في نسخة: تخونه (هامش المخطوط).
12- في نسخة زيادة: و (هامش المخطوط).
15- في نسخة: في (هامش المخطوط).
16- في نسخة: سرك الله به (هامش المخطوط).
19-
امالي الصدوق: 301 | 1.