محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا وخرجت في طلب غريم لي، فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل، فتوجهت نحو النيل، فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به، وفرغت مما بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما، فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة، وأخبره الرجل، فقال لي: ما صنعت بالبغل؟ فقلت: قد دفعته إليه سليما، قال: نعم بعد خمسة عشر يوما، قال: فما تريد من الرجل؟ فقال: اريد كراء بغلي، فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوما، فقال: ما أرى لك حقا، لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل، وسقط الكراء، فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكراء. قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة، فأعطيته شيئا وتحللت منه، وحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبدالله (عليه السلام) بما أفتى به أبو حنيفة (1) فقال: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها، وتمنع الأرض بركتها. قال: فقلت لأبي عبدالله (عليه السلام): فما ترى أنت؟ فقال: أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل، ومثل كراء بغل راكبا من النيل إلى بغداد، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه، قال: فقلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال: لا، لأنك غاصب، قال: فقلت له: أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته (2)، قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز، فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه، فقلت: من يعرف ذلك؟ قال: أنت وهو، إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمه البغل حين اكترى كذا وكذا فيلزمك، فقلت: إني كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني، فقال: إنما رضي بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به فإن جعلك في حل بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك... الحديث. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد نحوه (3).
Sources
الكافي 5: 290 | 6، وأورد صدره وقطعة منه عن التهذيب في الحديث 1 من الباب 7 من ابواب الغصب.
Footnotes
1- لايخفي أن أبا حنيفة استدل هنا بأصالة البراءة والاستصحاب ونحوهما، «منه قده».
2- قوله: يوم خالفته اي الضمان قد ثبت ذلك اليوم لا قبله فالنقصان السابق عينا وقيمة غير مضمون «منه قده».