Table Of Content
ومن كلام له عليه السلام وفيه يبين بعض أحكام الدين ويكشف للخوارج الشبهة وينقض حكم الحكمين فإنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ، فَلِمَ تُضَلِّلَونُ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّد صَلَّي عَلَيْهِ وَآلِهِ، بِضَلاَلِي، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي، وَتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوِبي! سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ البُرءَةِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ. وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّي عَلَيْهِ وَآلِهِ رَجَمَ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ، وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ أَهْلَهُ، وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الْمُحْصَنِ ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ وَنَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ؛ فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّي عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذُنُوبِهمْ، وَأَقَامَ حَقَّ اللهِ فِيهمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الْإِسْلاَمِ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ. ثُمَّ أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ، وَمَنْ رَمَى بِهِ الشَّيْطَانُ مَرَامِيَهُ، وَضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ ضلالته.">(1)! وَسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَخَيْرُ النَّاسِ فيَّ حَالاً الَّنمَطُ الْأَوْسَطُ فَالْزَمُوهُ، وَالْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَم فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ! فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ، كَمَا أَنَّ الشَّاذَّةَ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ. أَلاَ مَنْ دَعَا إِلَى هذَا الشِّعَارِ الحرب والسفر، وهو ما يتنادون به ليعرف بعضهم بعضاً.">(2) فَاقْتُلُوهُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هذِهِ، فَإِنَمَّا حُكِّمَ الْحَكَمَانِ لِيُحْيِيَا مَا أَحْيا الْقُرْآنُ، وَيُمِيتَا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ، وَإِحْيَاؤُهُ الْإِجْتِماعُ عَلَيْهِ، وَإِمَاتَتُهُ الْإِفْتَرَاقُ عَنْهُ، فَإِنْ جَرَّنَا الْقُرْآنُ إِلَيْهِمُ اتَّبَعْنَاهُم، وَإِنْ جَرَّهُمْ إِلَيْنَا اتَّبَعُونَا. فَلَمْ آتِ ـ لاَأَبَا لَكُمْ ـ بُجْراً (3)، وَلاَ خَتَلْتُكُمْ (4) عَنْ أَمْرِكُمْ، وَلاَ لبَّسْتُهُ عَلَيْكُمْ، إِنَّمَا اجْتَمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى اخْتِيَارِ رَجُلَيْنِ، أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَلاَّ يَتَعَدَّيَا الْقُرْآنَ، فَتَاهَا عَنْهُ، وَتَرَكَا الْحَقَّ وَهُمَا يُبْصِرَانِهِ، وَكَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا فَمَضَيَا عَليْهِ، وَقَدْ سَبَقَ استِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا ـ فِي الْحُكُومَةِ بِالْعَدْلِ، وَالصَّمْدِ (5) لِلْحَقِّ ـ سُوءَ رَأْيِهِمَا، وَجَوْرَ حُكْمِهِمَا.
Footnotes
1- «ضرَبَ به تيهَهُ»: سلك به في بادية ضلالته.
2- الشِّعار: علامة القوم في الحرب والسفر، وهو ما يتنادون به ليعرف بعضهم بعضاً.
3- البُجْر ـ بضم الباء ـ: الشر والأمر العظيم.
4- خَتَلْتُكم: خدعتكم. والتلبيس: خلط الأمر وتشبيهه حتى لا يعرف.
|