الخطبة ١٢٩: في ذكر المكاييل والموازين
Path Home » Nahj al-Balagha » الخطب » الخطبة ١٢٩: في ذكر المكاييل والموازين

 Search  No.: 130  Visits: 1368
Table Of Content ومن خطبة له عليه السلام في ذكر المكاييل والموازين
عِبَادَ اللهِ، إِنَّكُمْ ـ وَمَا تَأْمُلُونَ مِنْ هذِهِ الدُّنْيَا ـ أَثْوِيَاءُ كَغَنيّ ـ: وهو الضيف.">(1) مُؤَجَّلُونَ، وَمَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ: أَجَلٌ مَنْقُوصٌ، وَعَمَلٌ مَحْفُوظٌ، فَرُبَّ دَائِبٍ (2) مُضَيَّعٌ، وَرُبَّ كَادِحٍ (3) خَاسِرٌ.
وَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لاَ يَزْدَادُ الْخَيْرُ فِيهِ إِلاَّ إِدْبَاراً، وَالشَّرُّ فِيهِ إِلاَّ إِقْبَالاً، وَلَا الشَّيْطَانُ فِي هَلاَكِ النَّاسِ إِلاَّ طَمَعاً، فَهذا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ، وَعَمَّتْ مَكِيدَتُهُ، وَأَمْكَنَتْ فَرِيسَتُهُ (4). اضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً، أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً، أَوْ بَخِيلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللهِ وَفْراً، أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْموَاعِظِ وَقْراً!
أَيْنَ خِيارُكُمْ وَصُلَحَاؤُكُمْ! وَأَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وَسُمَحَاؤُكُمْ! وَأَيْنَ الْمُتَوَرِّعُونَ في مَكَاسِبِهِمْ، والْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهمْ! أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً عَنْ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، وَالْعَاجِلَةِ المُنَغِّصَةِ، وَهَلْ خُلِّفْتُمْ إِلاَّ فِي حُثَالَةٍ (5) لاَ تَلْتَقِي أِلَّا بِذَمِّهِمْ الشَّفَتَانِ، اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ، وَذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ؟! فَـ ﴿إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ، وَلاَ زَاجرٌ مُزْدَجِرٌ. أَفَبِهذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللهَ فِي دَارِ قُدْسِهِ، وَتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ؟ هَيْهَاتَ! لاَ يُخْدَعُ اللهُ عَنْ جَنَّتِهِ، وَلاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ. لَعَنَ اللهُ الْأَمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَهُ، وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ الْعَامِلِينَ بِهِ!

Footnotes

1- أثْوِياء: جمع ثَوِيّ ـ كَغَنيّ ـ: وهو الضيف.
2- الدائب: المداوم في العمل.
3- الكادح: الساعي لنفسه بجهد ومشقة. والمراد: من يقصر سعيه على جمع حطام الدنيا.
4- أمكنت الفريسة: أي سهلت وتيسرت.
5- الحُثالة ـ بالضم ـ: الرديء من كل شيء. والمراد قَزَم الناس وصغراء النفوس.



الغنى (2)، الرجوع (1)، الله (1)، الظهور، التظاهر (1)، الفساد (1)، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، التقديس (1)، اللعن (1)، الضرب (1)