|
الحكمة ٢٨٦: كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، وكان خارجا من سلطان بطنه فلا ... |
Table Of Content
وقال عليه السلام: كَانَ لِي فيِما مَضَى أَخٌ فِي اللهِ، وَكَانَ يُعْظِمُهُ فِي عَيْنِي صِغَرُ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ، وَكَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ فَلاَ يَشْتَهِي مَا لاَ يَجِدُ وَلاَ يُكْثِرُ إِذَا وَجَدَ، وَكَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَامِتاً فإِنْ قَالَ بَذَّ (1) الْقَائِلِينَ وَنَقَعَ غَلِيلَ (2) السَّائِلِينَ، وَكَانَ ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً! فَإِنْ جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ لَيْثُ غَابٍ (3) وَصِلُّ (4) وَادٍ لاَ يُدْلِي (5) بِحُجَّةٍ حَتَّى يَأْتِيَ قَاضِياً، وَكَانَ لاَ يَلُومُ أَحَداً عَلَى مَا يَجِدُ الْعُذْرَ فِي مِثْلِهِ حَتَّى يَسْمَعَ اعْتِذَارَهُ، وَكَانَ لاَ يَشْكُووَجَعاً إِلاَّ عِنْدَ بُرْئِهِ، وَكَانَ يقُولُ مَا يَفْعَلُ وَلاَ يَقُولُ مَا لاَ يَفْعَلُ، وَكَانَ إذَا غُلِبَ عَلَى الْكَلاَمِ لَمْ يُغْلَبْ عَلَى السُّكُوتِ، وَكَانَ عَلَى مَا يَسْمَعُ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَكَان إذَا بَدَهَهُ (6) أَمْرَانِ نَظَرَ أَيُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الْهَوَى فيُخَالَفَهُ. فَعَلَيْكُمْ بِهذِهِ الْخَلاَئِقِ فَالْزَمُوهَا وَتَنَافَسُوا فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوهَا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَخْذَ الْقلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثِيرِ.
Footnotes
1- (بَذَّهُم): أي كَفَّهُم عن القول ومنعهم.
2- نَقَعَ الغليلَ: أزال العطشَ.
3- الليث: الاَسد. والغاب: جمع غابة، وهي الشجر الكثير الملتفّ يَسْتَوْكِرُ فيه الاَسد.
4- الصِلّ ـ بالكسر ـ: الحيّة.
6- بَدَهَهُ الاَمرُ: فَجَأهُ وَبَغَتَهُ.
|
|