محمد بن إدريس العجلي
المسار الصفحة الرئيسة » الرجال » محمد بن إدريس العجلي

 البحث  الرقم: 10214  المشاهدات: 713
قال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: " الشيخ محمد بن إدريس العجلي
بالحلة، له تصانيف، منها: كتاب السرائر، شاهدته بالحلة، وقال شيخنا
سديد الدين (محمود الحمصي) رفع الله درجته: هو مخلط لا يعتمد على تصنيفه ".
وقال ابن داود في (412) من القسم الثاني: انه كان شيخ الفقهاء بالحلة
متقنا للعلوم، كثير التصانيف، لكنه أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام
بالكلية.
وقال السيد مصطفى (106) بعد نقله كلام ابن داود: " ولعل ذكره في باب
الموثقين أولي، لان المشهور منه أنه يعمل بخبر الواحد، وهذا لا يستلزم
الاعراض بالكلية، وإلا لانتقض بغيره مثل السيد المرتضى وغيره ".
وقال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين (717): " وقد أثنى عليه علماؤنا
المتأخرون، واعتمدوا على كتابه، وعلى ما رواه في آخره من كتب المتقدمين
وأصولهم، يروي عن خاله أبي علي الطوسي بواسطة وغير واسطة، وعن جده
لامه أبي جعفر الطوسي رحمه الله، وأم أمه بنت المسعود ورام، وكانت فاضلة
صالحة، ومن مؤلفاته السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، وهو الذي تقدم ذكره [وله
أيضا كتاب التعليقات كبير، وهو حواش وإيرادات على التبيان لشيخنا الطوسي
رحمه الله شاهدته بخطه في فارس]، وقد ذكر أقواله العلامة وغيره من علمائنا في
كتب الاستدلال وقبلوا أكثرها ". إنتهى.
أقول: أما ما ذكره الشيخ محمود الحمصي من أن ابن إدريس مخلط
لا يعتمد على تصنيفه، فهو صحيح من جهة وباطل من جهة، أما أنه مخلط في
الجملة فمما لا شك فيه، ويظهر ذلك بوضوح من الروايات التي ذكرها فيما
استطرفه من كتاب أبان بن تغلب، فقد ذكر فيها عدة روايات ممن لم يدرك
الصادق عليه السلام، وكيف يمكن أن يروي أبان المتوفي في حياة الصادق عليه
السلام عمن هو متأخر عنه بطبقة أو طبقتين.
ومن جملة تخليطه أنه ذكر روايات استطرفها من كتاب السياري، وقال:
واسمه أبو عبد الله صاحب موسى والرضا عليهما من الله آلاف التحية والثناء،
وهذا فيه خلط واضح، فإن السياري هو أحمد بن محمد بن السيار أبو عبد الله،
وهو من أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام، ولا يمكن روايته عن
الكاظم والرضا عليهما السلام.
وأما قوله لا يعتمد على تصنيفه فهو غير صحيح، وذلك فإن الرجل من
أكابر العلماء ومحققيهم، فلا مانع من الاعتماد على تصنيفه في غير ما ثبت فيه
خلافه.
وأما قول ابن داود إنه أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام بالكلية
فهو باطل جزما، فإنه اعتمد على الروايات في تصنيفاته، وكتابه مملوء من
الاخبار، غاية الامر أنه لا يعمل بالاخبار الآحاد، فيكون حاله كالسيد المرتضى
وغيره ممن لا يعملون بالخبر الواحد غير المحفوف بالقرائن، ولأجل ذلك ذكر
السيد التفريشي ما تقدم منه، كما تقدم عن الشيخ الحر ما ذكره من أن علماءنا
المتأخرين قد أثنوا عليه واعتمدوا على كتابه.
بقي هنا شئ: وهو أن المعروف في الألسنة أن ابن إدريس تجاسر على
شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي - قدس سره - جسارة لا ينبغي صدورها عن
الجاهل فضلا عن مثل ابن إدريس، وهذه القصة لا أساس لها.
ومن الغريب أن الشيخ المامقاني نسب ذلك إلى كتاب ابن إدريس، وقال:
" وأقول في مواضع من السرائر أعظم مما نقله (العلامة) حتى أنه في كتاب
الطهارة عند إرادة نقل قول بالنجاسة عن الشيخ يقول: وخالي شيخ الأعاجم
أبو جعفر الطوسي يفوه من فيه رائحة النجاسة، وهذا منه قد بلغ في إساءة
الأدب النهاية ".
أقول: إن ما ذكره - قدس سره - خلاف الواقع، وليس من ذلك في كتاب
السرائر عين ولا أثر، ويدل على ذلك أن الشيخ أبا جعفر الطوسي لم يكن خالا
لابن إدريس، وإنما هو جده لامه، والشيخ المامقاني لم يلاحظ كتاب ابن إدريس
وإنما ذكر ذلك اعتمادا على ما سمعه من أفواه الناس، وكيف يتكلم ابن إدريس
بمثل ذلك وهو يعظم الشيخ أبا جعفر في موارد عديدة.
منها: قوله في أوائل الكتاب في توبيخ المتمسكين بالاخبار الآحاد حتى في
أصول الدين: فقد قال الشيخ السعيد الصدوق أبو جعفر الطوسي رضي الله
عنه وتغمده الله تعالى برحمته.
ومنها: ما قاله في باب الصلاة الجمعة وأحكامها، فإنه ذكر بعد نقل كلام عن
السيد المرتضى حكاه الشيخ أبو جعفر الطوسي - قدس سره -: ولم أجد للسيد
المرتضى تصنيفا ولا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه (إلى أن قال) ولعل شيخنا أبا
جعفر سمعه من المرتضى في الدرس وعرفه منه مشافهة دون المسطور، وهذا هو
العذر البين، فإن الشيخ ما يحكي بحمد الله تعالى إلا الحق اليقين، فإنه أجل
قدرا وأكثر ديانة من أن يحكى عنه ما لم يسمعه ويحققه منه (إنتهى). وغير ذلك
من الموارد.
وأما منشأ هذه القصة التي لا أساس لها فهو قصور الفهم عن
درك مراد ابن إدريس - قدس سره - من العبارة التي نذكرها، فإنه - قدس
سره - ذهب إلى أن الماء المتمم كرا طاهرا، حتى فيما إذا كان المتمم والمتمم
نجسين، واستشهد على ذلك بما رواه من أن الماء إذا بلغ كرا لم يحمل خبثا، ثم
أيد ذلك بأنه يستفاد ويستشم من كلام أبي جعفر الطوسي - قدس سره -، قال:
فالشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله الذي يتمسك بخلافه ويقلد في هذه المسألة
ويجعل دليلا يقوي القول والفتيا بطهارة هذا الماء في كثير من أقواله، وأنا أبين
إن شاء الله أن أبا جعفر رحمه الله يفوه من فيه رائحة تسليم المسألة بالكلية
(طهارة الماء المتمم كرا) إذا تأمل كلامه وتصنيفه حق التأمل وأبصر بالعين
الصحيحة وأحرز له الفكر الصافي، فإنه فيه نظر ولبس، إلى آخر ما ذكره
- فترى أنه في عبارته يستظهر من الشيخ - قدس سره - القول بالطهارة
استنصارا لمذهبه، وأين هذا من القصة الفظيعة، والله العاصم.
بقي هنا شئ، وهو: أن الشيخ الحر ذكر رواية ابن إدريس، هذا عن خاله
أبي علي الطوسي بلا واسطة، والظاهر أنه غير ممكن، فإن ابن إدريس توفي سنة
(598)، فكيف يمكن روايته عن ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي المتوفي سنة
(460) بلا واسطة.


الفهرسة