قال النجاشي: " محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار، أبو جعفر: روى عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى، وكان ثقة، من أصحابنا الكوفيين، له كتاب النوادر. أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عنه، بالكتاب ". وقال الشيخ (689): " محمد بن عبد الحميد: له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عنه ". وعده في رجاله (تارة) من أصحاب الرضا عليه السلام (10)، قائلا: " محمد ابن عبد الحميد العطار، أبوه عبد الحميد بن سالم العطار، مولى بجيلة ". و (أخرى)، من أصحاب العسكري عليه السلام (10)، قائلا: " محمد بن عبد الحميد العطار، كوفي، مولى بجيلة ". ونسب الميرزا في الوسيط إلى رجال الشيخ، عده من أصحاب الهادي عليه السلام أيضا، قائلا: " مولى بجيلة "، إلا أن بقية النسخ خالية من ذلك، حتى أن الميرزا في رجاله الكبير لم يذكر ذلك. وعده البرقي في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام، ممن نشأ في عصره. روى (محمد بن عبد الحميد العطار)، عن أبي جميلة، المفضل بن صالح، وروى عنه سعد بن عبد الله. كامل الزيارات: الباب 17، في قول جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن الحسين تقتله أمتك من بعدك، الحديث 2. بقي هنا أمور: الأول: أن جماعة من المتأخرين قد وثقوا محمد بن عبد الحميد، نظرا إلى أن التوثيق في كلام النجاشي يرجع إليه لا إلى أبيه عبد الحميد، ولكنا ذكرنا في ترجمة عبد الحميد أن التوثيق راجع إليه لا إلى ابنه محمد، وقد يقال إنه يكفي في وثاقته ما ذكره النجاشي في ترجمة سهل بن زياد الآدمي من أنه كاتب أبا محمد العسكري عليه السلام على يد محمد بن عبد الحميد العطار، فإنه يدل على وكالته وسفارته، فيكون ثقة لا محالة، ولكنه واضح الفساد، فإنه لا دلالة في هذا الكلام على الوكالة، فضلا عن السفارة، بل المستفاد منه أن محمد بن عبد الحميد كان واسطة في إيصال الكتاب فقط، وأين هذا من الوكالة، على أنا قد بينا غير مرة أن الوكالة لا تستلزم العدالة ولا الوثاقة. الامر الثاني: أنه تقدم عن الشيخ، عد محمد بن عبد الحميد ممن لم يرو عنهم عليهم السلام، وذكرنا اتحاده مع محمد بن عبد الحميد العطار، بناءا على صحة النسخة التي فيها جملة روى عن ابن الوليد، وأما بناء على صحة النسخة المعروفة التي فيها - روى عنه ابن الوليد -، فهو رجل آخر مجهول، فإن ابن الوليد توفي سنة (343)، ولا يمكن روايته عمن نشأ في عصر الرضا عليه السلام، على ما صرح به البرقي. وعلى الاتحاد، فقد يقال بالتهافت في كلام الشيخ، في عده من أصحاب الرضا والعسكري عليهما السلام، وعده فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، ولكنا ذكرنا غير مرة، أنه لا منافاة في ذلك، إذ لا يعتبر فيمن عد من أصحابهم عليهم السلام أن يكون راويا عنهم بلا واسطة، فإذا كان لشخص رواية عن أحد المعصومين سلام الله عليهم، وكان معاصرا، صح عده من أصحابه سلام الله عليه، كما إنه إذا لم تكن له رواية عنه عليه السلام بلا واسطة، صح عده فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، إذا يصح عد محمد بن عبد الحميد الذي لم نظفر له برواية عن المعصومين سلام الله عليهم بلا واسطة، وقد أدرك الرضا والعسكري عليهما السلام، فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، كما يصح عده من أصحاب الرضا والعسكري عليهما السلام، والله العالم. الامر الثالث: أنه قد وقع في إسناد عدة من الروايات محمد بن عبد الحميد، وقد روى عنه غير واحد من المشاهير، كأحمد بن أبي عبد الله ومن في طبقته، بل روى عنه محمد بن خالد البرقي، ولا شك في أن المراد به في جميع هذه الموارد هو محمد بن عبد الحميد بن سالم، وقد صرح في جملة من هذه الموارد بأنه العطار أو وصف بالبجلي، وروى عنه موسى بن الحسن. التهذيب: الجزء 5، باب الإفاضة من عرفات، الحديث (618). وقد عرفت من الشيخ، أن محمد بن عبد الحميد العطار مولى لبجيلة، ولكنه وصف في موضع من الاستبصار بالطائي، الجزء 1، باب أن المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل، الحديث 345. وهذا من غلط النسخة، أو أنه يصح نسبته إلى قبيلة طي أيضا. والذي يدلنا أن المراد بن محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار، أن الشيخ روى هذه الرواية بعينها في التهذيب، من دون توصيف بالطائي، الجزء 1، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، الحديث 319. ولا شك في أن محمد بن عبد الحميد ينصرف إلى العطار كما عرفت. ووصف أيضا بالنخعي في موضع من التهذيب، روى فيه عن سيف بن عميرة، وروى عنه موسى بن الحسن، الجزء 3، باب أحكام الجماعة، الحديث 181، ولا يبعد أن يكون هذا أيضا من غلط النسخة، أو أنه يصح نسبته إلى نخع بوجه، فإن المراد به أيضا هو، محمد بن عبد الحميد العطار، الذي روى عن سيف ابن عميرة في عدة موارد، وروى عنه موسى بن الحسن في مواضع، وقد وصف في بعضها محمد بن عبد الحميد بالبجلي، كما مر. الامر الرابع: أنك قد عرفت أن محمد بن عبد الحميد نشأ في زمان الرضا سلام الله عليه، وبقي إلى زمان العسكري عليه السلام، وغير بعيد أنه أدرك شيئا من زمان الغيبة أيضا، فقد عد محمد بن أبي عبد الله الكوفي، فيما رواه الصدوق - قدس سره -، العطار فيمن رأى الحجة عليه السلام ووقف على معجزاته. كمال الدين: الجزء 2، الباب 44، في (ذكر من شاهد القائم عليه السلام)، الحديث 16. وكيف كان، فطريق الشيخ إليه ضعيف، بأبي المفضل، وابن بطة.