قال النجاشي: " محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، أبو جعفر: نزيل الري، شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان، وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن. وله كتب كثيرة، منها: كتاب التوحيد، كتاب النبوة، كتاب اثبات الوصية لعلي عليه السلام، كتاب اثبات خلافته، كتاب اثبات النص عليه، كتاب اثبات النص على الأئمة، كتاب المعرفة في فضل النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام، كتاب مدينة العلم، كتاب المقنع في الفقه، كتاب العوض عن المجالس، كتاب علل الشرايع، كتاب ثواب الأعمال، كتاب عقاب الأعمال، كتاب الأوائل، كتاب الأواخر، كتاب الأوامر، كتاب المناهي، كتاب الفرق، كتاب خلق الانسان، كتاب الرسالة الأولة في الغيبة، كتاب الرسالة الثانية، كتاب الرسالة الثالثة، كتاب الرسالة في أركان الاسلام، كتاب المياه، كتاب السواك، كتاب الوضوء، كتاب التيمم، كتاب الأغسال، كتاب الحيض والنفاس، كتاب نوادر الوضوء، كتاب فضائل الصلاة، كتاب فرائض الصلاة، كتاب فضل المساجد، كتاب مواقيت الصلاة، كتاب فقه الصلاة، كتاب الجمعة والجماعة، كتاب السهو، كتاب الصلوات سوى الخمس، كتاب نوادر الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الخمس، كتاب حق الجداد، كتاب الجزية، كتاب فضل المعروف، كتاب فضل الصدقة، كتاب الصوم، كتاب الفطرة، كتاب الاعتكاف، كتاب جامع الحج، كتاب جامع علل الحج، كتاب جامع تفسير المنزل في الحج، كتاب جامع حجج الأنبياء، كتاب جامع حجج الأئمة، كتاب جامع فضل الكعبة والحرم، كتاب جامع آداب المسافر للحج، كتاب جامع فرض الحج والعمرة، كتاب جامع فقه الحج، كتاب أدعية الموقف، كتاب القربان، كتاب المدينة وزيارة قبر النبي والأئمة عليهم السلام، كتاب جامع نوادر الحج، كتاب زيارات قبور الأئمة، كتاب النكاح، كتاب الوصايا، كتاب الوقف، كتاب الصدقة والنحل والهبة، كتاب السكنى والعمرى، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب المعايش والمكاسب، كتاب التجارات، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة، كتاب القضاء والاحكام، كتاب اللقاء والسلام، كتاب صفات الشيعة، كتاب اللعان، كتاب الاستسقاء، كتاب في زيارة موسى ومحمد عليهما السلام، كتاب جامع زيارة الرضا، كتاب في تحريم الفقاع، كتاب المتعة، كتاب الرجعة، كتاب الشعر، كتاب معاني الأخبار، كتاب السلطان، كتاب مصادقة الإخوان، كتاب فضائل جعفر الطيار، كتاب فضائل العلوية، كتاب الملاهي، كتاب السنة، كتاب في عبد المطلب وعبد الله وأبي طالب عليهم السلام، كتاب في زيد بن علي، كتاب الفوائد، كتاب الإنابة، كتاب الهداية، كتاب الضيافة، كتاب التاريخ، كتاب علامات آخر الزمان، كتاب فضل الحسن والحسين عليهما السلام، كتاب رسالة في شهر رمضان، جواب رسالة وردت في شهر رمضان، كتب المصابيح، المصباح الأول ذكر من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الرجال، المصباح الثاني ذكر من روى عن النبي صلى الله عليه وآله، من النساء، المصباح الثالث ذكر من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام، المصباح الرابع ذكر من روى عن فاطمة عليها السلام، المصباح الخامس ذكر من روى عن أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام، المصباح السادس ذكر من روى عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام، المصباح السابع ذكر من روى عن علي بن الحسين عليه السلام، المصباح الثامن ذكر من روى عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، المصباح التاسع ذكر من روى عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، المصباح العاشر ذكر من روى عن موسى بن جعفر عليه السلام، المصباح الحادي عشر ذكر من روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، المصباح الثاني عشر ذكر من روى عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، المصباح الثالث عشر ذكر من روى عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام، المصباح الرابع عشر ذكر من روى عن أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام، المصباح الخامس عشر ذكر الرجال الذين خرجت إليهم التوقيعات، كتاب المواعظ، كتاب الرجال المختارين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، كتب الزهد، كتاب زهد النبي صلى الله عليه وآله، كتاب زهد أمير المؤمنين عليه السلام، كتاب زهد فاطمة عليها السلام، كتاب زهد الحسن عليه السلام، كتاب زهد الحسين عليه السلام، كتاب زهد علي بن الحسين عليه السلام، كتاب زهد أبي جعفر عليه السلام، كتاب زهد الصادق عليه السلام، كتاب زهد أبي إبراهيم عليه السلام، كتاب زهد الرضا عليه السلام، كتاب زهد أبي جعفر الثاني عليه السلام، كتاب زهد أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام، كتاب زهد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام، كتاب أوصاف النبي صلى الله عليه وآله، كتاب دلائل الأئمة ومعجزاتهم عليهم السلام، كتاب الروضة، كتاب نوادر الفضائل، كتاب المحافل، كتاب امتحان المجالس، كتاب غريب حديث النبي وأمير المؤمنين عليهما السلام، كتاب الخصال، كتاب مختصر تفسير القرآن، كتاب أخبار سلمان وزهده وفضائله، كتاب أخبار أبي ذر وفضائله، كتاب التقية، كتاب حذو النعل بالنعل، كتاب نوادر الطب، كتاب جوابات المسائل الواردة عليه من واسط، كتاب الطرائف، كتاب جوابات المسائل الواردة عليه من قزوين، كتاب جوابات مسائل وردت من مصر، جوابات مسائل وردت من البصرة، جوابات مسائل وردت من الكوفة، جواب مسألة وردت عليه من المدائن في الطلاق، كتاب العلل غير مبوب، كتاب فيه ذكر من لقيه من أصحاب الحديث، وعن كل واحد منهم حديث، ذكر المجلس الذي جرى له بين يدي ركن الدولة، ذكر مجلس آخر، ذكر مجلس ثالث، ذكر مجلس رابع، ذكر مجلس خامس، كتاب الحذاء والخف، كتاب الخاتم، كتاب علل الوضوء، كتاب الشورى، كتاب اللباس، كتاب المسائل، كتاب الخطاب، كتاب فضل العلم، كتاب الموالاة، كتاب مسائل الوضوء، كتاب مسائل الصلاة، كتاب مسائل الزكاة، كتاب مسائل الخمس، كتاب مسائل الوصايا، كتاب مسائل المواريث، كتاب مسائل الوقف، كتاب مسائل النكاح ثلاثة عشر كتابا، كتاب مسائل الحج، كتاب مسائل العقيقة، كتاب مسائل الرضاع، كتاب مسائل الطلاق، كتاب مسائل الديات، كتاب مسائل الحدود، كتاب ابطال الغلو والتقصير، كتاب السر المكتوم إلى الوقت المعلوم، كتاب المختار بن أبي عبيدة، كتاب الناسخ والمنسوخ، كتاب جواب مسألة نيسابور، كتاب رسالته إلى أبي محمد الفارسي في شهر رمضان، كتاب الرسالة الثانية إلى أهل بغداد في معنى شهر رمضان، كتاب إبطال الاختيار وإثبات النص، كتاب المعرفة برجال البرقي، كتاب مولد أمير المؤمنين عليه السلام، كتاب مصباح المصلي، كتاب مولد فاطمة عليها السلام، كتاب الجمل، كتاب تفسير القرآن، كتاب جامع أخبار عبد العظيم بن عبد الله الحسني، كتاب تفسير قصيدة في أهل البيت عليهم السلام. أخبرنا بجميع كتبه وقرأت بعضها على والدي علي بن أحمد بن العباس النجاشي (رحمه الله)، وقال لي: أجازني جميع كتبه لما سمعنا منه ببغداد، ومات (رضي الله عنه) بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ". وقال الشيخ (709): " محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي: جليل القدر، يكنى أبا جعفر، كان جليلا، حافظا للأحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للاخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنف، وفهرست كتبه معروف، وأنا أذكر منها ما يحضرني في الوقت من أسماء كتبه، منها: كتاب دعائم الاسلام، كتاب المقنع، وكتاب المرشد، وكتاب الفضائل، وكتاب المواعظ والحكم، وكتاب السلطان، وكتاب فضل العلوية، وكتاب المصادقة، وكتاب الخواتيم، وكتاب المواريث، وكتاب الوصايا، وكتاب غريب حديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، وكتاب الحذاء والخف، وكتاب حذو النعل بالنعل، وكتاب مقتل الحسين عليه السلام، ورسالة في أركان الاسلام إلى أهل المعرفة والدين، وكتاب المحافل، وكتاب علل الوضوء، وكتاب علل الحج، وكتاب علل الشرايع، وكتاب الطرائف، وكتاب نوادر النوادر، وكتاب في أبي طالب وعبد المطلب وعبد الله وآمنة بنت وهب رضوان الله عليهم، وكتاب الملاهي، وكتاب العلل غير مبوب، ورسالة في الغيبة إلى أهل الري والمقيمين بها وغيرهم، وكتاب مدينة العلم أكبر من كتاب من لا يحضره الفقيه، وكتاب من لا يحضره الفقيه، وكتاب التوحيد، وكتاب التفسير لم يتمه، وكتاب الرجال لم يتمه، وكتاب المصباح لكل واحد من الأئمة عليهم السلام، وكتاب الزهد لكل واحد من الأئمة عليهم السلام، وكتاب ثواب الأعمال، وكتاب عقاب الأعمال ، وكتاب معاني الأخبار، وكتاب الغيبة كبير، وكتاب دين الإمامية، وكتاب المصباح، وكتاب المعراج، وكتاب الأمالي، كتاب الاعتقادات، كتاب الخصال، كتاب عيون أخبار الرضا، كتاب فضل المساجد، وغير ذلك من الكتب والرسائل الصغار لم يحضرني أسماؤها. أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا، منهم الشيخ المفيد، والحسين بن عبيد الله، وأبو الحسين جعفر بن الحسن بن حسكة القمي، وأبو زكريا محمد بن سليمان الحمراني، كلهم، عنه ". وقال في رجاله، في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام (25): " محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، يكنى أبا جعفر، جليل القدر، حفظة، بصير بالفقه والاخبار والرجال، له مصنفات كثيرة ذكرناها في الفهرست، روى عنه التلعكبري، أخبرنا عنه جماعة، منهم محمد بن محمد بن النعمان، والحسين بن عبيد الله ". وروى الشيخ عن جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، وأبي عبد الله الحسين بن علي أخيه، قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الأسود رحمه الله، قال: سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (رضي الله عنه) بعد موت محمد بن عثمان العمري (قدس سره)، أن أسأل أبا القاسم الروحي (قدس الله روحه) أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام، أن يدعو الله أن يرزقه ولدا ذكرا، قال: فسألته، فأنهى ذلك، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام، أنه قد دعا لعلي بن الحسين رحمه الله فإنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به، وبعده أولاد (إلى أن قال) فولد لعلي بن الحسين رضي الله عنه تلك السنة محمد بن علي وبعده أولاد. (الحديث). الغيبة: فيما ظهر من جهته عليه السلام من التوقيعات، الحديث 27. ورواه الشيخ الصدوق، عن محمد بن علي الأسود، نحوه. كمال الدين: الجزء 2، الباب 49، في ذكر التوقيعات الواردة عن القائم عليه السلام، الحديث 26. وقال الشيخ: " قال ابن نوح: وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سورة القمي (رحمه الله) حين قدم علينا حاجا، قال: حدثني علي بن الحسن بن يوسف الصايغ القمي، ومحمد بن أحمد بن محمد الصيرفي، المعروف بابن الدلال وغيرهما من مشايخ أهل قم، أن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته بنت عمه محمد بن موسى بن بابويه، فلم يرزق منها ولدا، فكتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) أن يسأل الحضرة أن يدعو الله أن يرزقه أولادا فقهاء، فجاء الجواب إنك لا ترزق عن هذه، وستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين (إلى أن قال) قال ابن سورة: كلما روى أبو جعفر وأبو عبد الله لبنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما، ويقولون لهما هذا الشأن خصوصية لهما بدعوة الامام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم ". الغيبة: الباب المتقدم، الحديث 22. أقول: يظهر من الرواية الأخيرة أن قصة ولادة محمد بن علي بن الحسين بدعاء الإمام عليه السلام أمر مستفيض معروف متسالم عليه، ويكفي هذا في جلالة شأنه، وعظم مقامه، كيف لا يكون كذلك وقد أخبر الإمام عليه السلام أن والده يرزق ولدين ذكرين خيرين، على ما تقدم من النجاشي في ترجمة أبيه علي ابن الحسين، وأنه يرزق ولدا مباركا ينفع الله به، كما في رواية الشيخ الأولى، وأنه يرزق ولدين فقيهين، كما في رواية الشيخ الثانية، وإني لواثق بأن اشتهار محمد ابن علي بن الحسين بالصدوق، إنما نشأ من اختصاصه بهذه الفضيلة التي امتاز بها عن سائر أقرانه وأمثاله، ولا ينبغي الشك في أن ما ذكره النجاشي والشيخ من الثناء عليه والاعتناء بشأنه مغن عن التوثيق صريحا، فإن ما ذكراه أرقي وأرفع من القول بأنه ثقة. وعلى الجملة فعظمة الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين من الاستفاضة بمرتبة لا يعتريها ريب. ولأجل ذلك، قال ابن إدريس في كتاب النكاح، في ذيل البحث عن تحريم مملوكة الأب أو الابن على مالكه بزنا الآخر، بعد ما نقل عن الشيخ أبي جعفر القول بعدم الحرمة، قال: " هذا الآخر كلام ابن بابويه، ونعم ما قال، فإنه كان ثقة، جليل القدر، بصيرا بالاخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة، وهو أستاذ شيخنا المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، وقال السيد ابن طاووس في فلاح السائل، في مقدمته، في جملة الاعذار التي بنى عليها في نقل بعض رواته: رويت عن جماعة من ذوي الاعتبار وأهل الصدق في نقل الآثار باسنادهم إلى الشيخ المجمع على عدالته أبي جعفر محمد بن بابويه، تغمده الله برحمته... ". إلخ. وقال في الفصل التاسع عشر من هذا الكتاب، في ذيل: (أقول وقد ورد النقل مزكيا للعقل فيما أشرت إليه): " فمن ذلك ما أرويه بطرقي التي قدمناها في خطبة هذا الكتاب إلى الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن بابويه رضوان الله جل جلاله عليه، مما ذكره ورواه في أماليه، قال: حدثنا موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير (إلى أن قال): ورواة الحديث ثقات بالاتفاق ". (إنتهى). فمن الغريب جدا ما عن بعض مشايخ المحقق البحراني من أنه توقف في وثاقة الصدوق - قدس سره -، وإني أعتبر ذلك من اعوجاج السليقة، ولو نوقش في وثاقة مثل الصدوق فعلى الفقه السلام. ثم إن الشيخ الصدوق - قدس سره - كان حريصا على طلب العلم وتحمل الرواية من المشايخ، ولأجل ذلك كان يسافر حتى إلى البلاد البعيدة، وقد عد له ما يزيد على مائتين وخمسين شيخا، وقد تعرضنا لكل واحد منهم، ولمورد روايته عنهم، في هذا الكتاب، في المحل المناسب لذكره. بقي هنا أمور: الأول: أن المحدث النوري - قدس سره -، قال: " ويظهر من بعض المواضع أن الصدوق - قدس سره - كان يختصر الخبر الطويل، ويسقط منه ما أدى نظره إلى إسقاطه ". واستشهد لذلك بعدة من المواضع: الأول: أن حديث الحقوق رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول، ورواه السيد علي بن طاووس في فلاح السائل باسناده إلى كتاب الرسائل عن محمد بن يعقوب الكليني، باسناده إلى مولانا زين العابدين عليه السلام، أنه قال: فأما حقوق الصلاة فأن تعلم أنها وفادة، وساق مثل ما رواه في تحف العقول، ولكن الشيخ الصدوق - قدس سره - روى هذا الحديث على نحو الاختصار، ولم يذكر جملة ما ذكر في الكتابين المزبورين. أقول: ليس فيما ذكر دلالة على أن الشيخ الصدوق - قدس سره - اختصر في الحديث، وأسقط جملا منه، فإنه - قدس سره - لم يروه عن كتاب تحف العقول، ولا عن رسائل الشيخ الكليني، وإنما رواه بسنده عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، في كتاب الخصال بعنوان (الحقوق خمسون) من أبواب الخمسين، الحديث 1. ورواها بطريقه إلى إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار، في الفقيه: الجزء 2، باب الحقوق من كتاب الحج، الحديث 1626. ولا بعد في أن يختلف ما يرويه الصدوق بطريقيه، مع ما تقدم عن تحف العقول ورسائل الشيخ الكليني. الموضع الثاني: أن صاحب البحار ذكر حديثا عن الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد عن الدقاق، عن الكليني، باسناده عن أبي بصير، عن الصادق عليه السلام، فنقل المحدث النوري - قدس سره - عن المحقق الكاظمي الشيخ أسد الله في كشف القناع، أنه قال: الخبر مأخوذ من الكافي وفيه تغييرات عجيبة، تورث سوء الظن بالصدوق - قدس سره -، وأنه إنما فعل ذلك ليوافق مذهب أهل العدل، ونقل عن المحقق المزبور أنه قال قبل ذلك: وبالجملة فأمر الصدوق مضطرب جدا، وقد نقل المحدث المزبور هذا الكلام، استشهادا لما ذكره من أن الصدوق ربما يختصر الخبر الطويل، ويسقط منه ما أدى نظره إلى إسقاطه. أقول: جلالة مقام الصدوق - قدس الله نفسه - تمنع إساءة الظن به، ولم يوجد أي شاهد من أن ما ذكره من الخبر مأخوذ من الكافي، وإنما رواه الصدوق - قدس سره - عن الدقاق (علي بن أحمد بن موسى)، عن الكليني، فلعل السقط منه غفلة أو لأمر آخر، فمن أين ظهر أن الصدوق - قدس سره - هو الذي اختصر الحديث، وأسقط منه ما أدى نظره إلى إسقاطه. الموضع الثالث: أن زيارة الجامعة المعروفة رواها الشيخ الكفعمي في البلد الأمين، ورواها الشيخ الصدوق في الفقيه، وقد أسقط جملا منها لا توافق لمعتقده فيهم عليهم السلام. والجواب عن ذلك يظهر مما تقدم، فإن الصدوق - قدس سره - لم يروها عن الشيخ الكفعمي المتأخر عن الصدوق - قدس سره - بمئات من السنين، وقد رواها الكفعمي مرسلا عن الهادي عليه السلام، وإنما رواها الصدوق باسناده عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن موسى بن عبد الله النخعي، عن الهادي عليه السلام. الفقيه: الجزء 2، الحديث 1625، فمن أين ثبت أن الصدوق اختصر الحديث، وأسقط منه ما أدى نظره إلى إسقاطه. الموضع الرابع: أن الصدوق روى في كتاب التوحيد، عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا أحمد ابن يعقوب بن مطر، قال: حدثنا محمد بن الحسن (الحسين) بن عبد العزيز الا حدث الجندي سابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه، حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبد الله بن عبيد، عن أبي معمر السعداني، أن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام... وساق خبرا طويلا، وهذا الخبر رواه الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج عنه عليه السلام بزيادات كثيرة، أسقطه الصدوق - قدس سره - في التوحيد. والجواب عن ذلك يظهر مما تقدمه حرفا بحرف. أضف إلى ما ذكرنا، أنه إذا ثبت أن الشيخ الصدوق قد يسقط من الحديث مالا يرتضيه، فما هو السبب في إساءة الظن به، فإن ذلك ليس إلا من التقطيع في الحديث، المتداول بين أرباب الحديث، فإذا كان الساقط لا يضر بدلالة الباقي لم يكن مانع عن إسقاطه، أفهل يوجب ذلك أن يقال لمثل الصدوق، وحاشاه، أن أمر الصدوق مضطرب جدا. الامر الثاني: قد عرفت عن النجاشي، أنه قال: وكان ورد (الشيخ الصدوق) بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن. وهذه العبارة يستشكل فيها من جهتين: الأولى: أن الصدوق - قدس سره - كيف يكون حدث السن في ذلك الوقت وكان له من العمر وقتئذ زهاء خمسين سنة، والاشكال من هذه الجهة يندفع، بأن التعبير عنه بحدث السن في ذلك الوقت، إنما هو بالنظر إلى مقامه، فإن سماع شيوخ الطائفة من أحد يقتضي أن يكون من الشيوخ أيضا، بل من أكبرهم سنا، فالشيخ الصدوق - قدس سره - بالإضافة إلى من سمع منه حدث السن لا محالة. الجهة الثانية: أن تحديد ورود الشيخ الصدوق بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ينافي ما ذكره الشيخ الصدوق في العيون من كونه ببغداد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، فقد قال فيه: حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدواليني (رضي الله عنه) بمدينة السلام سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. العيون: الجزء 1، الباب 6 في النصوص على الرضا عليه السلام بالإمامة. وقال في ذاك الجزء، الباب 11: ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في التوحيد، الحديث 26: حدثنا محمد بن بكران النقاش (رضي الله عنه) بالكوفة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. وصريح هاتين الروايتين، أن ورود الشيخ الصدوق بغداد كان قبل الزمان الذي ذكره النجاشي، والله العالم. الامر الثالث: أنا قد ذكرنا في ترجمة علي بن الحسين بن موسى والد الصدوق - قدس سره -، أن الواسطة لايصال كتاب علي بن الحسين إلى حسين ابن روح لدعاء الإمام عليه السلام، لان يرزقه الله تعالى ولدا، كانت علي بن جعفر بن الأسود، ويظهر من كلام الشيخ في الغيبة، وكلام الصدوق - قدس سره - في الاكمال أن الواسطة، كانت أبا جعفر محمد بن علي الأسود، والظاهر صحة ما ذكره الصدوق والشيخ - قدس سره -، فإن الصدوق أعرف بما قال. وكيف كان، فطريق الشيخ إليه صحيح، في المشيخة والفهرست.