قال الشيخ الحر في أمل الآمل (176): " محمد بن علي بن يوسف بن محمد ابن إبراهيم العاملي الشامي: من المعاصرين، كان فاضلا، ماهرا، محققا، مدققا، أديبا، شاعرا، فائقا على أكثر معاصريه، في العربية وغيرها، له شعر جيد ومعان غريبة، وقد ذكره تلميذه السيد علي بن ميرزا أحمد في سلافة العصر فقال فيه: البحر الغطمطم الزخار، والبدر المشرق في سماء المجد بسناء الفخار، الهمام البعيد الهمة، والمجلوة بأنوار علومه ظلم الجهل المدلهمة، اللابس من مطارف الكمال أظرف حلة، والحال من منازل الجلال في أشرف حلة، فضل تغلغل في شعاب العلم زلاله، وتسلسل حديث قديمه، فطاف لراويه عذبه وسلساله... شاد مدارس العلوم بعد دروسها، وسقى بصيب فضله حدائق غروسها... وأما الأدب فعليه مداره، وإليه إيراده...، وما الدر النظيم إلا ما انتظم من جواهر كلامه، ولا السحر العظيم إلا ما نفثت به سواحر أقلامه، وأقسم اني لم أسمع بعد شعر مهيار، والرضي أحسن من شعره المشرق الرضي، إن ذكرت الرقة فهو سوق رقيقها، أو الجزالة فهو سفح عقيقها، أو الانسجام فهو غيثة الصيب، أو السهولة فهو نهجها الذي تنكبه أبو الطيب... ثم أطال في مدحه بفقرات كثيرة، وذكر أنه قرأ عنده الفقه والنحو والبيان والحساب، وذكر له شعرا كثيرا من جملته قوله: لا يتهمني العاذلون على البكا * كم عبرة موهتها ببناني آليت لا فتق العذول مسامعي * يوما ولا خاط الكرى أجفاني ومنها: سلبت أساليب الصبابة من يدي * صبري وأغرت ناجذي ببناني وقوله: يا أخا البدر رونقا وسناء * وشقيق المها وترب الغزالة ساعد الحظ يوم بعتك روحي * لا وعينيك لست أبغي إقالة وقوله: يا خليلي دعاني والهوى * إنني عبد الهوى لو تعلمان وقصارى الخل وجد وبكاء * فأبكياني قبل أن لا تبكيان وقوله: أين من أودعوا هواهم بقلبي * وصلوا نارهم على كل هضب منها: كلما فوقوا إلى الركب سهما * طاش عن صاحبي وحل بجنبي يشتكي ما استكيت من ألم البين * كلانا دامي الحشا والقلب وقوله: أرقت وصحبي بالفلاة هجود * وقد مد فرع للظلام وجيد وأبعدت في المرمى فقال لي الهوى * رويدك يا شامي أين تريد أهذا ولما يبعد العهد بيننا * بلى كل شئ لا ينال بعيد وقوله: غادرتموني للخطوب دريته * تغدو علي صروفها وتروح ما حركت قلبي الرياح إليكم * إلا كما يتحرك المذبوح ولقد أكثر في التغزل بالأمرد وفي وصف الخمر، وقد عملت أبياتا في التعريض به وبالصفي الحلي، تأتي في القسم الثاني في ترجمة عبد العزيز بن أبي السرايا، وإن كان مطلبهما ومطلب أمثالهما غير الظاهر غالبا ".