قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: " الصاحب الكافي الجليل، أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن، عباد بن عباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني، عالم، فاضل، ماهر، شاعر، أديب، محقق، متكلم، عظيم الشأن، جليل القدر، في العلم والأدب والدين والدنيا، ولأجله: ألف ابن بابويه: عيون الاخبار، وألف الثعالبي: يتيمة الدهر، في ذكر أحواله وأحوال شعرائه، وكان شيعيا، إماميا، أعجميا، إلا أنه كان يفضل العرب على العجم، وقد ذكر ابن شهرآشوب في معالم العلماء: من مؤلفاته الشواهد، والتذكرة، والتعليل، والأنور، وديوان شعره، وقال فيه: متكلم، (كاتب) شاعر، نحوي، وزير فخر الدولة - شاهنشاه - وعده من شعراء أهل البيت المجاهدين. وقد مدحه السيد الرضي، في مكاتبة له ثم رثاه. وقال صاحب كتاب طبقات الأدباء، وكان الصاحب يذهب إلى مذهب أهل العدل، وفي ذلك يقول: تعرفت بالعدل في مذهبي * ودان لحسن جدالي العراق وكلفت في الحب ما لم أطق * فقلت بتكليف ما لا يطاق وقال: كنت دهرا أقول بالاستطاعة * وأرى الجبر ضلة وشناعة ففقدت استطاعتي في هوى ضبي * فسمعا للمجبرين وطاعة وقال أيضا فيه: كان غزير الفضل، متفننا في العلوم، أخذ عن أبي الحسين بن فارس، وأبي الفضل بن العميد... وصنف تصانيف كثيرة كالوقف والابتداء، والعروض، وجوهرة الجمهرة. " إنتهى ". ومن شعره قوله، من قصيدة: من كمولاي علي * والوغى تحمى لظاها من يصيد الصيد فيها * بالظبى حين انتظاها من له في كل يوم * وقعات لا تضاهي كم وكم حرب ضروس * جذ بالمرهف فاها أذكروا أفعال بدر * لست أبغي ما سواها أذكروا غزوة أحد * إنه شمس ضحاها أذكروا حرب حنين * إنه بدر دجاها أذكروا الأحزاب قدما * إنه ليث شراها أذكروا مهجة عمرو * كيف أفناها شجاها أذكروا أمر براءة * واصدقوني من تلاها؟ أذكروا من زوجه * الزهراء قد طاب ثراها حاله حالة ها * رون لموسى فافهماها أعلى حب علي * لا منى القوم سفاها؟ أول الناس صلاة * جعل التقوى حلاها ردت الشمس عليه * بعد ما غاب سناها وقوله: لك الله كم أودعت قلبي من أسى * وكم لك ما بين الجوانح من كلم لحاظك طول الدهر حرب لمهجتي * ألا رحمة تثنيك يوما إلى سلمى وقوله: وقائلة لم عرتك الهموم * وأمرك ممتثل في الأمم فقلت ذريني على غصتي * فإن الهموم بقدر الهمم وقوله في مدح ابن العميد: قالوا ربيعك قد قدم * ولك البشارة والنعم قلت الربيع أخو الشتاء * أم الربيع أخو الكرم؟ قالوا الذي بنوا له * يغني المقل من العدم قلت الرئيس ابن العميد * إذا؟ فقالوا لي نعم وقوله من قصيدة في مدحه: لو درى الدهر أنه من بنيه * لازدري قدر سائر الأولاد ومديحي إن كان طال بيانا * فلقد طال في مجال الجياد إن خير المداح من مدحته * شعراء البلاد في كل ناد وقوله: كم نعمة عندك موفورة * لله فأشكر يا ابن عباد قم فالتمس زادك وهو التقى * لن تسلك الطريق بلا زاد وقوله نقله المرتضى في الغرر والدرر: لو شق عن قلبي يرى وسطه * سطران قد خطا بلا كاتب العدل والتوحيد في جانب * وحب أهل البيت في جانب وبعض العامة، يتهمه بالاعتزال: " وهو برئ منه، بعيد عنه ". وقال الثعالبي عند ذكر الصاحب: ليست تحضرني عبارة أرضاها للافصاح عن علو محله في العلم والأدب، وجلالة شأنه في الجود والكرم، وتفرده بالغايات في المحاسن، وجمعه أشتات المفاخر، لان همة قولي تنخفض عن بلوغ أدنى فضائله ومعاليه، وجهد وصفي يقصر عن أيسر فواضله ومساعيه. وقال ابن خلكان عند ذكره: كان نادرة الزمان، وأعجوبة العصر، في فضائله ومكارمه وكرمه... إلى أن قال: وصنف في اللغة كتابا، أسماه: المحيط، وهو في سبع مجلدات، رتبه، على حروف المعجم. وكتاب الكافي في الرسائل، وكتاب الأعياد، وفضائل النيروز، وكتاب الإمامة، وذكر فيه تفصيل علي بن أبي طالب، وتثبيت إمامته، وكتاب الوزراء، وكتاب الكشف عن مساوئ شعر المتنبي، وكتاب أسماء الله تعالى وصفاته، وله رسائل بديعة ونظم جيد، وذكر أنه كان يحتاج في نقل كتبه إلى أربعمائة جمل، فما الظن بما يليق بها من التجمل، وكان مولده سنة 326 وتوفي سنة 385 بالري، ونقل إلى أصفهان، ودفن في بيته (إنتهى). وذكر أنه من طالقان قزوين، لا من طالقان خراسان، وقد مدحه كثير من علماء الشيعة، وغيرهم، في شعرهم، وكتبهم، وتواريخهم. وقال صاحب كتاب عمدة الطالب، في أنساب آل أبي طالب، في ترجمة السيد المرتضى لما ذكره أن كتبه كانت ثمانين ألفا: ولم أسمع بمثل هذا إلا ما يحكى عن الصاحب إسماعيل بن عباد، كتب إلى فخر الدولة بن بويه، وكان قد استدعاه للوزارة فتعذر بأعذار: منها أن قال: إني رجل طويل الذيل، وأن كتبي تحتاج إلى سبعمائة بعير، وحكى الشيخ الرافعي: أنها كانت مائة ألف وأربعة عشر ألفا، وقد أناف القاضي الفاضل، عبد الرحمن الشيباني، على جميع من جمع كتبا، فاشتملت خزائنه على مائة ألف وأربعين ألف مجلد ".