عده الشيخ (تارة) في أصحاب علي عليه السلام (6). و (أخرى) في أصحاب الحسن عليه السلام (3)، قائلا: " ميثم التمار ". و (ثالثة) في أصحاب الحسين عليه السلام (1). وعده البرقي من أصحاب علي عليه السلام من شرطة الخميس، قائلا: " ميثم بن يحيى التمار، مولى ". وتقدم عن الشيخ في ترجمة علي بن إسماعيل بن ميثم التمار (376): أن ميثما من أجلة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. وعده الشيخ المفيد - قدس سره - في الاختصاص: من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس. وعده ابن شهرآشوب من أبواب الحسن بن علي عليهما السلام. المناقب: الجزء 4، باب إمامة الحسن بن علي عليه السلام، في فصل في تواريخ وأحواله. وقال الكشي (24): " حمدويه وإبراهيم، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم ابن حميد، عن ثابت الثقفي، قال: لما مر بميثم ليصلب قال رجل: يا ميثم لقد كنت عن هذا غنيا، قال: فالتفت إليه ميثم ثم قال: والله ما نبتت هذه النخلة إلا لي، ولا اغتذيت إلا لها. محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن العباس بن معروف، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم، قال: أخبرني أبو خالد التمار، قال: كنت مع ميثم التمار بالفرات يوم الجمعة، فهبت ريح وهو في سفينة من سفن الرمان، قال: فخرج، فنظر إلى الريح فقال: شدوا برأس سفينتكم إن هذه ريح عاصف، مات معاوية الساعة، قال: فلما كانت الجمعة المقبلة قدم بريد من الشام، فلقيته فاستخبرته، فقلت له: يا عبد الله ما الخبر؟ قال: الناس على أحسن حال، توفي أمير المؤمنين وبايع الناس يزيد، قال: قلت أي يوم توفي؟ قال: يوم الجمعة. محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثني الحسن بن علي بن بنت إلياس الوشا، عن عبد الله بن خداش المنقري، عن علي بن إسماعيل، عن فضيل الرسان، عن حمزة بن ميثم، قال: خرج أبي إلى العمرة، فحدثني، قال: استأذنت على أم سلمة (رحمة الله عليها)، فضربت بيني وبينها خدرا، فقالت لي: أنت ميثم؟ فقلت: أنا ميثم، فقالت: كثيرا ما رأيت علي بن الحسين بن فاطمة صلوات الله عليهم ذكرك، قلت: فأين هو؟ قالت: خرج في غنم له آنفا، قلت: أنا والله أكثر ذكره، فاقرئيه السلام فإني مبادر، فقالت: يا جارية أخرجي فادهنيه، فخرجت فدهنت لحيتي ببان، فقلت: أما والله لئن دهنتيها لتخضبن فيكم بالدماء، فخرجت فإذا ابن عباس (رحمة الله عليهما) جالس، فقلت: يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام وعلمني تأويله، فقال: يا جارية هاتي الدواة والقرطاس، فأقبل يكتب. فقلت، يا أبن عباس كيف بك إذا رأيتني مصلوبا تاسع تسعة، أقصرهم خشبة، وأقربهم بالمطهرة؟ فقال لي: أتكهن أيضا، خرق الكتاب، فقلت: مه احتفظ بما سمعت مني فإن يك ما أقول لك حقا أمسكته، وإن يك باطلا، خرقته. قال: هو ذلك. فقدم أبي علينا، فما لبث يومين حتى أرسل عبيد الله بن زياد، فصلبه تاسع تسعة أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة. فرأيت الرجل الذي جاء إليه ليقتله وقد أشار إليه بالحربة وهو يقول: أما والله لقد كنت ما علمتك إلا قواما، ثم طعنه في خاصرته فأجافه، فاحتقن الدم فمكث يومين، ثم إنه في اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث منخراه دما، فخضبت لحيته بالدماء. قال أبو النصر محمد بن مسعود: وحدثني أيضا بهذا الحديث، علي بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن محمد الأقرع، عن داود بن مهزيار، عن علي بن إسماعيل، عن فضيل، عن عمران بن ميثم. قال علي بن الحسن: هو حمزة بن ميثم خطأ. وقال علي: أخبرني به الوشا باسناده مثله سواء، غير أنه ذكر عمران ابن ميثم. حمدويه وإبراهيم، قالا: حدثنا أيوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن جده، قال: قال لي ميثم التمار ذات يوم: يا أبا حكيم إني أخبرك بحديث وهو حق. قال: فقلت يا أبا صالح بأي شئ تحدثني؟ قال: إني أخرج العام إلى مكة، فإذا قدمت القادسية راجعا أرسل إلي هذا الدعي ابن زياد رجلا في مائة فارس، حتى يجئ بي إليه، فيقول لي: أنت من هذه السبائية الخبيثة المحترقة التي قد يبست عليها جلودها؟ وأيم الله لأقطعن يدك ورجلك، فأقول: لا رحمك الله، فوالله لعلي كان أعرف بك من حسن عليه السلام حين ضرب رأسك بالدرة، فقال له الحسن عليه السلام: يا أبة لا تضربه إنه يحبنا، ويبغض عدونا. فقال له علي عليه السلام مجيبا له: أسكت يا بني فوالله لأنا أعلم به منك، فوالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لولي عدوك وعدو وليك. قال: فيأمر بي عند ذلك فأصلب، فأكون أول هذه الأمة ألجم بالشريط في الاسلام، فإذا كان يوم الثالث فقد غابت الشمس أو لم تغب، ابتدر منخراي دما على صدري ولحيتي. قال: فرصدناه فلما كان اليوم الثالث غابت الشمس أو لم تغب، ابتدر منخراه على صدره ولحيته دما، فاجتمعنا سبعة (من التمارين) فاتفقنا بحمله فجئنا إليه ليلا، والحراس يحرسونه وقد أوقدوا النار، فحالت النار بيننا وبينهم، فاحتملناه بخشبته حتى انتهينا به إلى فيض من ماء في مراد، فدفناه فيه ورمينا بخشبته في مراد في الخراب، وأصبح فبعث الخيل فلم يجد شيئا. قال: وقال يوما: يا أبا حكيم، ترى هذا المكان ليس يؤدى فيه طسق - والطسق أداء الاجر -، ولئن طالت بك الحياة لتؤدي طسق هذا المكان إلى رجل في دار الوليد بن عقبة اسمه زرارة. قال سدير: فأديته على خزي إلى رجل في دار الوليد بن عقبة، يقال له زرارة. جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد، عن يوسف بن عمران الميثمي، قال: سمعت ميثما النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقال لي: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة مني؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا والله لا أبرأ منك. قال: إذا والله يقتلك ويصلبك. قلت: أصبر فذاك في الله قليل. فقال: يا ميثم إذا تكون معي في درجتي. قال: وكان ميثم يمر بعريف قومه ويقول: يا فلان كأني بك وقد دعاك دعي بني أمية وابن دعيها، فيطلبني منك أياما، فإذا قدمت عليك، ذهبت بي إليه حتى يقتلني على باب دار عمرو بن حريث، فإذا كان اليوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا، وكان ميثم يمر بنخلة في سبخة، فيضرب بيده عليها ويقول: يا نخلة ما غذيت إلا لي، وما غذيت إلا لك، وكان يمر بعمرو بن حريث ويقول: يا عمرو إذا جاورتك فأحسن جواري، وكان عمرو يرى أنه يشتري دارا، أو ضيعة لزيق ضيعته، فكان يقول له عمرو: ليتك قد فعلت. ثم خرج ميثم النهرواني إلى مكة، فأرسل الطاغية عدو الله ابن زياد إلى عريف ميثم فطلبه منه، فأخبره أنه بمكة، فقال له: لئن لم تأتني به لأقتلنك، فأجله أجلا، وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم، قال له: أنت ميثم؟ قال: نعم، أنا ميثم، قال: تبرأ من أبي تراب، قال: لا أعرف أبا تراب. قال: تبرأ من علي بن أبي طالب. فقال له: فإن أنا لم أفعل؟ قال: إذا والله لأقتلنك. قال: أما لقد كان يقول لي إنك ستقتلني وتصلبني على باب دار عمرو بن حريث، فإذا كان يوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا، فأمر به فصلب على باب دار عمرو ابن حريث، فقال للناس: سلوني - وهو مصلوب - قبل أن أقتل، فوالله لأخبرنكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة، وما تكون من الفتن، فلما سأله الناس حدثهم حديثا واحدا إذ أتاه رسول من قبل ابن زياد، فألجمه بلجام من شريط، وهو أول من ألجم بلجام وهو مصلوب. وروى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه صلوات الله عليهم، قال: أتى ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام، فقيل له: إنه نائم، فنادى بأعلى صوته انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أدخلوا ميثما. فقال له: أيها النائم، والله لتخضبن لحيتك من رأسك. فقال: صدقت، وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك وليقطعن من النخلة التي بالكناسة فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها، وحجر بن عدي على ربعها، ومحمد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت في نفسي وقلت إن عليا ليخبرنا بالغيب. فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إي ورب الكعبة، كذا عهده إلي النبي صلى الله عليه وآله. قال: فقلت: ومن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد. قال: وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه، فيمر بالنخلة فيقول لي: يا ميثم إن لك ولها شأنا من الشأن. قال: فلما ولي عبيد الله بن زياد الكوفة ودخلها نعلق علمه بالنخلة التي بالكناسة، فتخرق فتطير من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع. قال ميثم: فقلت لصالح ابني فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي، ودقه في بعض تلك الأجذاع. قال: فلما مضى بعد ذلك أيام، أتى قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الأمير، نشكو إليه عامل السوق ونسأله أن يعزله عنا ويولي علينا غيره، وقال: وكنت خطيب القوم فنصت لي، أعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير تعرف هذا المتكلم؟ قال: ومن هو؟ قال: هذا ميثم التمار الكذاب، مولى الكذاب علي بن أبي طالب. قال: فاستوى جالسا فقال لي: ما يقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الأمير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا، فقال لي: لتبرأن من علي ولتذكرن مساويه وتتولى عثمان، وتذكر محاسنه، أو لأقطعن يديك ورجليك، ولأصلبنك، فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل؟ فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكني بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي، فقال لي: وما قال لك (مولاك)؟ قال: فقلت: أتيت الباب فقيل لي إنه نائم، فناديت: انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال: صدقت، وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن. فقلت: ومن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين، فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة، عبيد الله بن زياد. قال: فامتلأ غيظا ثم قال لي: والله لأقطعن يديك ورجليك ولأدعن لسانك حتى أكذبك، وأكذب مولاك، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثم أخرج وأمر به أن يصلب، فنادى بأعلى صوته: أيها الناس، من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب عليه السلام؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدثهم بالعجائب. قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: ميثم التمار يحدث الناس عن علي بن أبي طالب. قال: فانصرف مسرعا فقال: أصلح الله الأمير، بادر وابعث إلى هذا من يقطع لسانه، فإني لست آمن أن تتغير قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك، قال، فالتفت إلى حرسي فوق رأسه، فقال: إذهب فاقطع لسانه. قال، فأتاه الحرسي فقال له: يا ميثم. قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه. قال ميثم: ألا زغم ابن الأمة الفاجرة أنه يكذبني، ويكذب مولاي، هاك لساني، قال: فقطع لسانه فتشحط ساعة في دمه. ثم مات، وأمر به فصلب، قال صالح: فمضيت بعد ذلك بأيام فإذا هو صلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار ". وتقدم عنه في ترجمة سلمان (1) عده من حواري علي بن أبي طالب عليه السلام. وتقدم عنه أيضا في ترجمة حبيب بن مظاهر (23) قوله لميثم: لكأني بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام. وقال الشيخ المفيد - قدس سره -: وذكر جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المودب، أن ميثما التمار من الأركان التابعين. الاختصاص: (في ذكر الأركان الأربعة). وروي في الارشاد (في كيفية قتل ميثم): " ان ميثم التمار كان عبد ا لامرأة من بني أسد، فاشتراه أمير المؤمنين عليه السلام منها، فأعتقه، فقال له: ما اسمك؟ فقال: سالم. فقال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اسمك الذي سماك به أبواك في العجم، ميثم، قال: صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، والله إنه لا سمي، قال: فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله صلى الله عليه وآله ودع سالما، فرجع إلى ميثم واكتنى بأبي سالم، فقال له علي عليه السلام ذات يوم: إنك تؤخذ بعدي فتصلب، وتطعن بحربة، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دما، يخضب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب فتصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة، أنت أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة، وامض حتى أريك النخلة التي تصلب على جذعها، فأراه إياها، وكان ميثم يأتيها فيصلي عندها، ويقول: بوركت من نخلة لك خلقت، ولي غذيت، ولم يزل يتعاهدها حتى قطعت، وحتى عرف الموضع الذي يصلب عليها بالكوفة، قال: وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إني مجاورك فأحسن جواري، فيقول له عمرو: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود، أو دار ابن حكيم؟ وهو لا يعلم ما يريد. وحج في السنة التي قتل فيها فدخل على أم سلمة (رضي الله عنها)، فقالت: من أنت؟ قال: أنا ميثم، قالت: والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرك ويوصي بك عليا جوف الليل، فسألها عن الحسين عليه السلام، فقالت له: هو في حائط له، قال أخبريه إنني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله تعالى، فدعت أم سلمة بطيب وطيبت لحيته، وقالت له: أما إنها ستخضب بدم. فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد لعنة الله عليه، فأدخل عليه، فقيل له: هذا كان من آثر الناس عند علي عليه السلام. قال: ويحكم هذا الأعجمي؟ قيل له: نعم، قال له عبيد الله: أين ربك؟ قال: لبالمرصاد لكل ظالم، وأنت أحد الظلمة، قال: إنك على عجمتك لتبلغ الذي تريد، ما أخبرك صاحبك إني فاعل بك. قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة، أنا أقصرهم خشبة، وأقربهم إلى المطهرة، قال: لنخالفنه، قال: كيف تخالفه؟ فوالله ما أخبرني إلا عن النبي صلى الله عليه وآله، عن جبرئيل، عن الله تعالى، فكيف تخالف هؤلاء، ولقد عرفت الموضع الذي أصلب عليه أين هو من الكوفة، وأنا أول خلق الله ألجم في الاسلام، فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة، قال له ميثم: إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين عليه السلام، فتقتل هذا الذي يقتلنا، فلما دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية سبيله، فخلى وأمر بميثم أن يصلب، فأخرج، فقال له رجل لقيه: ما كان أغناك عن هذا يا ميثم، فتبسم وقال وهو يومي إلى النخلة: لها خلقت، ولي غذيت. فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث، قال عمرو: ولقد كان والله يقول إني مجاورك، فلما صلب، أمر جاريته بكنس تحت خشبته، ورشه وتجميره، فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه، وكان أول خلق الله ألجم في الاسلام. وكان قتل ميثم (رحمه الله) قبل قدوم الحسين بن علي عليهما السلام العراق بعشرة أيام، فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن ميثم بالحربة، فكبر، ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دما " (إنتهى). بقي هنا شئ، وهو أن الذي يظهر من هذه الروايات، ومن غيرها، أن جماعة من أصحاب أمير المؤمنين، وأصحاب الحسين عليهما السلام كانوا مجاهرين في حب أهل البيت، وبيان فضائلهم، والبراءة من أعدائهم، وسبب ذلك انتهاء أمرهم إلى الحبس والقتل، ولا شك في أن ما ارتكبوه من ترك التقية كان وظيفة خاصة لهم، وبذلك تمكنوا من اتمام الحجة على الأعداء، ومن نشر فضائل الأئمة سلام الله عليهم، وإن عملهم هذا يشابه عمل سيدهم ومولاهم الحسين بن علي عليهما السلام، حيث فدى بنفسه في سبيل الدين ونشر أحكام سيد المرسلين، هذا. ويظهر مما رواه محمد بن يعقوب، أن التقية كانت جائزة على ميثم وأنه لم يكن ممنوعا منها. فقد روى بسنده عن محمد بن مروان، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ما منع ميثم - رحمه الله - من التقية؟ فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان). الكافي: الجزء 2، كتاب الايمان والكفر 1، باب التقية 97، الحديث 15. وعليه، فاختياره ترك التقية كانت تضحية منه في سبيل الدين، وإيثاره منه الآخرة على الأولى، على ما دلت عليه الروايات المتقدمة. وقال العلامة: ميثم مشكور (25) من الباب (11) من القسم الأول. ثم قال: " وقال الكشي: وروى العقيقي أن أبا جعفر عليه السلام كان يحبه حبا شديدا، وأنه كان مؤمنا شاكرا في الرخاء، وصابرا في البلاء ". (إنتهى).