قال الكشي (352): " حمدويه وإبراهيم، قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عيسى العبيدي، قال: سمعت هشام بن إبراهيم الختلي - وهو المشرقي - يقول: استأذنت لجماعة علي أبي الحسن عليه السلام في سنة تسع وتسعين ومائة، فحضروا وحضرنا ستة عشر رجلا على باب أبي الحسن الثاني عليه السلام، فخرج مسافر، فقال: ليدخل آل يقطين ويونس بن عبد الرحمن، والباقون، رجلا رجلا، فلما دخلوا وخرجوا، خرج مسافر فدعاني وموسى وجعفر بن عيسى ويونس، فأدخلنا جميعا عليه والعباس قائم ناحية بلا حذاء ولا رداء - وذلك في سنة أبي السرايا -، فسلمنا، ثم أمرنا بالجلوس، فلما جلسنا، قال له جعفر بن عيسى: أشكو إلى الله وإليك ما نحن فيه من أصحابنا، فقال: وما أنتم فيه منهم؟ فقال جعفر: هم والله يزندقونا ويكفرونا ويبرؤون منا، فقال: هكذا كان أصحاب علي بن الحسين ومحمد بن علي، وأصحاب جعفر وموسى عليهم السلام، ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم، وكذلك غيرهم كانوا يكفرونهم، فقلت له: يا سيدي نستعين بك على هذين الشيخين يونس، وهشام، وهما حاضران، أدبانا وعلمانا الكلام، فإن كنا يا سيدي على هدى فقرنا، وإن كنا على ضلال فهذان أضلانا، فمرنا بتركه ونتوب إلى الله منه يا سيدي، فادعنا إلى دين الله نتبعك. فقال عليه السلام: ما أعلمكم إلا على هدى، جزاكم الله خيرا على النصحية القديمة والحديثة خيرا، فتأولوا القديمة علي بن يقطين، والحديثة خدمتنا له - والله أعلم -، فقال جعفر: جعلت فداك إن صالحا وأبا الأسد، ختن علي بن يقطين حكيا عنك أنهما حكيا لك شيئا من كلامنا، فقلت لهما: ما لكما والكلام بينكما ينسلخ إلى الزندقة، فقال: ما قلت لهما، أأنا قلت ذلك؟ والله ما قلت فهما. وقال يونس: جعلت فداك، إنهم يزعمون أنا زنادقة، وكان جالسا إلى جنب رجل وهو يتربع رجلا على رجل ساعة بعد ساعة، يمرغ وجهه وخديه على بطن قدمه اليسرى، قال له: أرأيتك أن لو كنت زنديقا؟ فقال لك مؤمن ما كان ينفعك من ذلك، ولو كنت مؤمنا فقال هو زنديق ما كان يضرك منه. وقال المشرقي له: والله ما تقول إلا ما يقول آباؤك عليهم السلام، وعندنا كتاب سميناه كتاب الجامع فيه جميع ما يتكلم الناس عليه عن آبائك عليهم السلام، وإنما نتكلم عليه، فقال له جعفر شبيها بهذا الكلام، فأقبل على جعفر فقال: فإذا كنتم لا تتكلمون بكلام آبائي عليهم السلام، فبكلام أبي بكر وعمر تريدون أن تتكلموا؟. قال حمدويه: هشام المشرقي هو ابن إبراهيم البغدادي، فسألته عنه وقلت له: ثقة هو؟ فقال: ثقة ثقة، قال: ورأيت ابنه ببغداد ". أقول: التغاير بين هذا، وبين هشام بن إبراهيم العباسي ظاهر، وإن كانا يشتركان في أن كلا منهما من أصحاب الرضا عليه السلام، وهذا ثقة ثقة، وذاك زنديق كذاب، ولأجل ذلك عنون الكشي كلا منهما مستقلا، وذكر في كل منهما ما ورد في شأنه من الرواية، إلا أنه مع ذلك قد اشتبه الامر على بعضهم فزعموا الاتحاد، والأصل في ذلك ما ذكر النجاشي من أن العباسي هو المشرقي، وهو سهو منه جزما، كما أن تسميتهما بهاشم دون هشام سهو آخر، والله العالم. روى هشام بن إبراهيم المشرقي عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام، وروى عنه يونس. التهذيب: الجزء 10، باب الحد في السكر وشراب المسكر...، الحديث 373، والاستبصار: الجزء 4، باب من شرب النبيذ والمسكر، الحديث 884.