هشام بن الحكم
المسار الصفحة الرئيسة » الرجال » هشام بن الحكم

 البحث  الرقم: 13358  المشاهدات: 3190
قال النجاشي: " هشام بن الحكم، أبو محمد: مولى كندة، وكان ينزل بني
شيبان بالكوفة، إنتقل إلى بغداد سنة تسع وتسعين ومائة، ويقال: إن في هذه السنة
مات، له كتاب يرويه جماعة.
أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان، قال: حدثنا علي بن حاتم، قال: حدثنا ابن
ثابت، قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عنه بكتابه.
وكتابه علل التحريم، كتابه الفرائض، كتابه الإمامة، كتابه الدلالة على
حدث الأجسام، كتابه الرد على الزنادقة، كتابه الرد على أصحاب الاثنين، كتابه
التوحيد، كتابه الرد على هشام الجواليقي، كتابه الرد على أصحاب الطبائع،
كتابه الشيخ والغلام في التوحيد، كتابه التدبير في الإمامة، وهو جمع علي بن
منصور من كلامه، كتابه الميزان، كتابه في إمامة المفضول، كتابه الوصية والرد على
منكريها، كتابه الميدان، كتابه اختلاف الناس في الإمامة، كتابه الجبر والقدر،
كتابه الحكمين، كتابه الرد على المعتزلة وطلحة والزبير، كتابه القدر، كتابه
الألفاظ، كتابه الاستطاعة، كتابه المعرفة، كتابه الثمانية أبواب، كتابه على
شيطان الطاق، كتابه الاخبار، كتابه الرد على المعتزلة، كتابه الرد على أرسطاطاليس
في التوحيد، كتابه المجالس في التوحيد، كتابه المجالس في الإمامة.
وأما مولده فقد قلنا الكوفة، ومنشأه واسط، وتجارته بغداد، ثم انتقل إليها
في آخر عمره ونزل قصر وضاح، وروى هشام، عن أبي عبد الله، وأبي الحسن
موسى عليهما السلام، وكان ثقة في الروايات، حسن التحقيق بهذا الامر ".
وقال الشيخ (782): " هشام بن الحكم، كان من خواص سيدنا مولانا
موسى بن جعفر عليه السلام، وكانت له مباحثات كثيرة من المخالفين في
الأصول، وغيرها، وكان له أصل، أخبرنا به جماعة، عن أبي جعفر بن بابويه،
عن ابن الوليد، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، ومحمد بن الحسين بن أبي
الخطاب، عن ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، عنه.
وأخبرنا به جماعة، عن أبي المفضل، عن حميد، عن عبيد الله بن أحمد بن
نهيك، عن ابن أبي عمير، عنه.
وله من المصنفات كتب كثيرة، منها كتاب الإمامة، وكتاب الدلالات على
حدوث الأشياء، وكتاب الرد على الزنادقة، وكتاب الرد على أصحاب الاثنين،
وكتاب التوحيد، وكتاب الرد على هشام الجواليقي، وكتاب الرد على أصحاب
الطبايع، وكتاب الشيخ والغلام، وكتاب التدبير، وكتاب الميزان، وكتاب الميدان،
وكتاب الرد على من قال بإمامة المفضول، وكتاب اختلاف الناس في الإمامة،
وكتاب الوصية والرد على من أنكرها، وكتاب في الجبر والقدر، وكتاب (في)
الحكمين، وكتاب الرد على المعتزلة، في أمر طلحة والزبير، وكتاب القدر، وكتاب
الألطاف، وكتاب المعرفة، وكتاب الاستطاعة، وكتاب الثمانية الأبواب، وكتاب
(الرد) على شيطان الطاق، وكتاب الاخبار، وكتاب الرد على أرسطاطاليس في
التوحيد، وكتاب الرد على المعتزلة (آخر)، كتاب الألفاظ.
وكان هشام يكنى أبا محمد، وهو مولى بني شيبان، كوفي، وتحول إلى بغداد،
ولقي أبا عبد الله جعفر بن محمد وابنه أبا الحسن موسى عليهما السلام، وله عنهما
روايات كثيرة، وروى عنهما فيه مدائح له جليلة، وكان ممن فتق الكلام في الإمامة،
وهذب المذهب بالنظر، وكان حاذقا بصناعة الكلام، حاضر الجواب، وسئل يوما
عن معاوية بن أبي سفيان أشهد بدرا؟ قال: نعم من ذلك الجانب. وكان منقطعا إلى
يحيى بن خالد البرمكي، وكان القيم بمجالس كلامه ونظره، وكان ينزل الكرخ
من مدينة السلام في درب الجب، وتوفي بعد نكبة البرامكة بمدة يسيرة متسترا،
وقيل (بل) في خلافة المأمون وكان لاستتاره قصة مشهورة في المناظرات ".
وعده في رجاله تارة من أصحاب الصادق عليه السلام (18)، قائلا: " هشام
ابن الحكم الكندي، مولاهم، البغدادي يكنى أبا محمد، وأبا الحكم. بقي بعد أبي
الحسن عليه السلام ".
و (أخرى) من أصحاب الكاظم عليه السلام (1)، قائلا: " هشام بن
الحكم، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ".
وعده البرقي أيضا تارة من أصحاب الصادق عليه السلام، قائلا: " هشام
ابن الحكم، مولى بني شيبان، كوفي، تحول من بغداد إلى الكوفة، وكنيته أبو محمد،
وفي كتاب سعد له كتاب، وكان من غلمان أبي شاكر الزنديق، حسبما روي ".
و (أخرى) من أصحاب الكاظم عليه السلام، مقتصرا بقوله: " هشام بن الحكم ".
روى عن عبد الكريم بن حسان، وروى عنه ابن أبي عمير. كامل
الزيارات: الباب (64)، في أن زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل حجة،
الحديث 4.
وعده المفيد - قدس سره - في رسالته العددية، من الاعلام الرؤساء،
المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام، الذين لا مطعن عليهم، ولا
طريق إلى ذم واحد منهم.
وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء (862): " أبو محمد هشام بن الحكم
الشيباني: كوفي، تحول إلى بغداد، ولقي الصادق والكاظم عليهما السلام، وكان
ممن فتق الكلام في الإمامة، وهذب المذهب بالنظر، ورفعه الصادق عليه السلام
في الشيوخ وهو غلام. وقال: هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده، وقوله عليه السلام:
هشام بن الحكم رائد حقنا، وسائق قولنا، المؤيد لصدقنا، والدافع لباطل أعدائنا،
من تبعه وتبع أثره تبعنا، ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا. ثم عد كتبه ".
وقال الكشي (131) أبو محمد بن هشام بن الحكم:
" قال الفضل بن شاذان: هشام بن الحكم أصله كوفي، ومولده ومنشأه
بواسطة، وقد رأيت داره بواسط، وتجارته ببغداد في الكرخ، وداره عند قصر وضاح
في الطريق الذي يأخذ في بركة بني ذر حيث تباع الطرائف والخليج، وعلي بن
منصور من أهل الكوفة، وهشام مولى كندة، مات سنة تسع وسبعين ومائة بالكوفة
في أيام الرشيد ".
ثم إن الكشي ذكر عدة روايات منها مادحة، ومنها ذامة، أما المادحة فهي
كما تلي:
1 - " روي عن عمر بن يزيد (أنه قال:) وكان ابن أخي هشام يذهب في
الدين مذهب الجهمية خبيثا فيهم، فسألني أن أدخله على أبي عبد الله عليه
السلام ليناظره، فأعلمته أني لا أفعل ما لم أستأذنه، فدخلت على أبي عبد الله
عليه السلام فاستأذنته في إدخال هشام عليه، فأذن لي فيه، فقمت من عنده،
وخطوت خطوات فذكرت رداءته وخبثه، فانصرفت إلى أبي عبد الله عليه
السلام، فحدثته رداءته وخبثه، فقال لي أبو عبد الله: يا عمر تتخوف علي،
فخجلت من قولي، وعلمت أني قد عثرت، فخرجت مستحيا إلى هشام، فسألته
تأخير دخوله، وأعلمته أنه قد أذن له بالدخول عليه، فبادر هشام فاستأذن ودخل
فدخلت معه، فلما تمكن في مجلسه سأله أبو عبد الله عن مسألة، فحار فيها هشام
وبقي، فسأله هشام أن يؤجله فيها، فأجله أبو عبد الله عليه السلام، فذهب
هشام، فاضطرب في طلب الجواب أياما فلم يقف عليه، فرجع إلى أبي عبد الله
فأخبره أبو عبد الله بها، وسأله عن مسائل أخرى فيها فساد أصله، وعقد
مذهبه، فخرج هشام من عنده مغتما متحيرا، قال: فبقيت أياما لا أفيق من
حيرتي، قال عمر بن يزيد: فسألني هشام أن استأذن له على أبي عبد الله عليه
السلام ثانيا، فدخلت على أبي عبد الله فاستأذنت له، فقال أبو عبد الله:
لينتظرني في موضع، سماه بالحيرة، لألتقي معه فيه غدا إن شاء الله إذا راح
إليها، فقال عمر: فخرجت إلى هشام فأخبرته بمقالته وأمره، فسر بذلك هشام
واستبشر وسبقه إلى الموضع الذي سماه، ثم رأيت هشاما بعد ذلك فسألته عما
كان بينهما، فأخبرني أنه سبق أبا عبد الله عليه السلام إلى الموضع الذي كان
سماه له، فبينا هو إذا بأبي عبد الله عليه السلام قد أقبل على بغلة له، فلما
بصرت به وقرب مني هالني منظره، وأرعبني حتى بقيت لا أجد شيئا أتفوه به،
ولا أنطلق لساني لما أردت من مناطقته، ووقف علي أبو عبد الله عليه السلام
مليا ينتظر ما أكلمه، وكان وقوفه علي لا يزيدني إلا تهيبا وتحيرا، فلما رأى ذلك
مني ضرب بغلته وسار حتى دخل بعض السكك في الحيرة، وتيقنت أن ما أصابني
من هيبته لم يكن إلا من قبل الله عز وجل من عظم موقعه ومكانه من الرب
الجليل. قال عمر: فانصرف هشام إلى أبي عبد الله عليه السلام وترك مذهبه،
ودان بدين الحق وفاق أصحاب أبي عبد الله كلهم، والحمد لله.
قال: واعتل هشام بن الحكم علته التي قبض فيها، فامتنع من الاستعانة
بالأطباء، فسألوه أن يفعل ذلك، فجاؤوا بهم إليه فأدخل عليه جماعة من الأطباء،
فكان إذا دخل الطيب عليه وأمره بشئ سأله، فقال: يا هذا هل وقفت على
علتي؟ فمن بين قائل يقول لا، ومن قائل يقول نعم. فإن استوصف ممن يقول
نعم وصفها، فإذا أخبره كذبه ويقول: علتي غير هذه فيسأل عن علته، فيقول:
علتي فزع القلب مما أصابني من الخوف، وقد كان قدم ليضرب عنقه، فافزع قلبه
ذلك حتى مات رحمه الله ".
2 - " أبو عمرو الكشي، قال: أخبرني، أبو الحسن أحمد بن محمد الخالدي،
قال: أخبرني محمد بن همام البغدادي أبو علي، عن إسحاق بن أحمد النخعي،
قال: حدثني أبو حفص الحداد وغيره، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: كان
يحيى بن خالد البرمكي قد وجد على هشام بن الحكم شيئا من طعنه على
الفلاسفة، وأجب أن يغري به هارون ونصرته على القتل. قال: وكان هارون لما
بلغه عن هشام مال إليه، وذلك أن هشاما تكلم يوما بكلام عند يحيى بن خالد
في إرث النبي صلى الله عليه وآله، فنقل إلى هارون فأعجبه، وقد كان قبل ذلك
يحيى يسترق أمره عند هارون، ويرده عن أشياء كان يعزم عليها من إيذائه،
فكان ميل هارون إلى هشام أحد ما غير قلب يحيى على هشام فشنعه عنده، وقال
له: يا أمير المؤمنين وإني قد استبطيت أمر هشام فإذا هو يزعم أن لله في أرضه
إماما غيرك مفروض الطاعة قال: سبحان الله، قال: نعم، ويزعم أنه لو
أمره بالخروج لخرج، وإنما كنا نرى أنه ممن يرى الالباد بالأرض، فقال هارون
ليحيى: فاجمع عندك المتكلمين، وأكون أنا من وراء الستر بيني وبينهم، لئلا
يفطنون بي، ولا يتمنع كل واحد منهم أن يأتي بأصله لهيبتي. قال: فوجه يحيي
فأشحن المجلس من المتكلمين، وكان منهم ضرار بن عمرو، وسليمان بن جرير،
وعبد الله بن يزيد الأباضي، ومؤبذ بن مؤبذ، ورأس الجالوت، قال: فسألوا
فتكافوا وتناظروا وتقاطعوا، وتناهوا إلى شاذ من مشاذ الكلام، كل يقول لصاحبه
لم تجب، ويقول قد أجبت، وكان ذلك من يحيى حيلة على هشام، إذ لم يعلم بذلك
المجلس، واغتنم ذلك لعلة كان أصابها هشام بن الحكم.
فلما تناهوا إلى هذا الموضع، قال لهم يحيى بن خالد: أترضون فيما بينكم
هشاما حكما؟ قالوا: قد رضينا أيها الوزير وأنى لنا به وهو عليل، فقال يحيى:
فأنا أوجه إليه فأرسله أن يتجشم المشي، فوجه إليه فأخبره بحضورهم وأنه إنما
منعه أن يحضره أول المجلس اتقاء عليه من العلة، فإن القوم قد اختلفوا في
المسائل والأجوبة وتراضوا بك حكما بينهم، فإن رأيت أن تتفضل وتحمل على
نفسك فافعل.
فلما صار الرسول إلى هشام، قال لي: يا يونس قلبي ينكر هذا القول،
ولست آمن أن يكون ههنا أمر لا أقف عليه، لان هذا الملعون يحيى بن خالد قد
تغير علي لأمور شتى، وقد كنت عزمت إن من الله علي بالخروج من هذه
العلة أن أشخص إلى الكوفة، وأحرم الكلام بتة، وألزم المسجد ليقطع عني
مشاهدة هذا الملعون - يعني يحيى بن خالد -، قال: فقلت، جعلت فداك لا يكون
إلا خيرا فتحرز ما أمكنك، فقال لي: يا يونس أترى التحرز عن أمر يريد الله
إظهاره على لساني أنى يكون ذلك، ولكن قم بنا على حول الله وقوته.
فركب هشام بغلا كان مع رسوله، وركبت أنا حمارا كان لهشام. قال: فدخلنا
المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين. قال: فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه
وسلم على القوم، وجلس قريبا منه وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس. قال:
فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة فقال: إن القوم حضروا وكنا مع حضورهم
نحب أن تحضر لا لان تناظر بل لان نأنس بحضورك إن كانت العلة تقطعك
عن المناظرة، وأنت بحمد الله صالح وليست علتك بقاطعة عن المناظرة،
وهؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بنيهم. قال: فقال هشام: ما الموضع الذي
تناهت به المناظرة؟ فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعه، فكان من ذلك أن
حكم لبعض على بعض، فكان من المحكومين عليه سليمان بن جرير، فحقدها
على هشام. قال: ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام: إنا قد أعرضنا من المناظرة
والمجادلة منذ اليوم، ولكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس الامام وأن
الإمامة في آل بيت الرسول دون غيرهم. قال هشام: أيها الوزير العلة تقطعني
عن ذلك، ولعل معترضا يعترض فيسقط المناظرة والخصومة، فقال: إن اعترض
معترض قبل أن يبلغ مرادك وغرضك فليس ذلك له، بل عليه أن يحفظ المواضع
التي له فيها مطعن فيقفها إلى فراغك، ولا يقطع عليك كلامك. فبدأ هشام وساق
الذكر لذلك، وأطال واختصرنا منه موضع الحاجة.
فلما فرغ مما قد ابتدأ فيه من الكلام في فساد اختيار الناس الامام، قال يحيى
لسليمان بن جرير: سل أبا محمد عن شئ من هذا الباب، قال سليمان لهشام:
أخبرني عن علي بن أبي طالب مفروض الطاعة؟ فقال هشام: نعم قال: فإن
أمرك الذي بعده بالخروج بالسيف معه تفعل وتطيعه؟ فقال هشام: لا يأمرني،
قال: ولم إذا كانت طاعته مفروضة عليك وعليك أن تطيعه؟ فقال هشام: عد عن
هذا فقد تبين منه الجواب، قال سليمان: فلم يأمرك في حال تطيعه، وفي حال لا
تطيعه؟ فقال هشام: ويحك لم أقل لك أني لا أطيعه، فتقول إن طاعته مفروضة،
إنما قلت لك لا يأمرني. قال سليمان: ليس أسألك إلا على سبيل سلطان الجدل،
ليس على الواجب أنه لا يأمرك، فقال هشام: كم تحول حول الحمى، هل هو إلا
أن أقول لك إن أمرني فعلت، فتنقطع أقبح الانقطاع ولا يكون عندك زيادة،
وأنا أعلم بما تحت قولي وما إليه يؤل جوابي. قال: فتغير وجه هارون وقال: قد أفصح،
وقال الناس واغتنمها هشام، فخرج على وجهه إلى المدائن، قال: فبلغنا أن
هارون قال ليحيى: شد يدك بهذا وأصحابه، وبعث إلى أبي الحسن موسى عليه
السلام فحبسه، فكان هذا سبب حبسه مع غيره من الأسباب، وإنما أراد يحيى
أن يهرب هشام فيموت مختفيا ما دام لهارون سلطان. قال: ثم صار هشام إلى
الكوفة وهو بعقب علته، ومات في دار ابن شرف بالكوفة رحمه الله.
قال: فبلغ هذا المجلس محمد بن سليمان النوفلي، وابن ميثم - وهما في حبس
هارون - فقال النوفلي: يرى هشاما ما استطاع أن يعتل، فقال ابن ميثم: بأي
شئ يستطيع أن يعتل وقد أوجب بأن طاعته مفروضة من الله. قال يعتل بأن يقول:
الشرط علي في إمامته أن لا يدعو أحدا إلى الخروج حتى ينادي منا من
السماء، فمن دعاني ممن يدعي الإمامة قبل ذلك الوقت، علمت أنه ليس بإمام،
وطلبت من أهل هذا البيت ممن لا يقول إنه يخرج ولا يأمر بذلك، حتى بنادي
مناد من السماء فأعلم أنه صادق، فقال ابن ميثم: هذا من حديث الخرافة، ومتى
كان هذا في عقد الإمامة، إنما يروى هذا في صفة القائم عليه السلام وهشام
أجدل من أن يحتج بهذا، على أنه لم يفصح بهذا الافصاح الذي قد شرطته أنت،
إنما قال: إن أمرني المفروض الطاعة بعد علي عليه السلام فعلت، ولم يسم فلان
دون فلان كما تقول: إن قال لي طلبت غيره، فلو قال هارون له، وكان المناظر له:
من المفروض الطاعة؟ فقال له: أنت، لم يمكن أن يقول له، فإن أمرتك بالخروج
بالسيف تقاتل أعدائي تطلب غيري، وتنتظر المنادي من السماء، هذا لا يتكلم
به مثل هذا، لعلك لو كنت أنت تكلمت به. قال: ثم قال علي بن إسماعيل
الميثمي: إنا لله وإنا إليه راجعون على ما يمضي من العلم إن قتل، ولقد كان
عضدنا وشيخنا المنظور إليه فينا ".
3 - " حدثني محمد بن مسعود العياشي، قال: حدثنا جبرئيل بن أحمد
الفاريابي، قال: حدثني محمد بن عيسى العبيدي، عن يونس، قال: قلت لهشام:
إنهم يزعمون أن أبا الحسن عليه السلام بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج
يأمرك أن تسكت ولا تتكلم، فأبيت أن تقبل رسالته، فأخبرني كيف كان سبب
هذا، وهل أرسل إليك ينهاك عن الكلام أو لا، وهل تكلمت بعد نهيه إياك؟ فقال
هشام: إنه لما كان أيام المهدي شدد علي أصحاب الأهواء، وكتب له ابن
المفضل صنوف الفرق صنفا صنفا، ثم قرأ الكتاب على الناس، فقال يونس: قد
سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة، ومرة أخرى بمدينة
الوضاح، فقال: إن ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة، حتى قال
في كتابه: وفرقة يقال لهم الزرارية، وفرقة يقال لهم العمارية أصحاب عمار
الساباطي، وفرقة يقال لهم اليعفورية، ومنهم فرقة أصحاب سليمان الأقطع، وفرقة
يقال له الجواليقية. قال يونس: ولم يذكر يومئذ هشام بن الحكم ولا أصحابه،
فزعم هشام ليونس أن أبا الحسن عليه السلام بعث إليه فقال له: كف هذه الأيام
عن الكلام فإن الامر شديد. قال هشام: فكففت عن الكلام حتى مات المهدي
وسكن الامر، فهذا الامر الذي كان من أمره وانتهائي إلى قوله ".
4 - " وبهذا الاسناد، قال: وحدثني يونس، قال: كنت مع هشام بن الحكم في
مسجده بالعشاء، حيث أتاه مسلم صاحب بيت الحكمة، فقال له: إن يحيى بن
خالد يقول: قد أفسدت على الرفضة دينهم، لأنهم يقولون إن الدين لا يقوم إلا
بإمام حي، وهم لا يدرون أن إمامهم اليوم حي، أو ميت؟ فقال هشام عند ذلك:
إنما علينا أن ندين بحياة الامام أنه حي، حاضرا كان عندنا، أو متواريا عنا حتى
يأتينا موته، فما لم يأتنا موته فنحن مقيمون على حياته. ومثل مثلا فقال: الرجل
إذا جامع أهله وسافر إلى مكة، أو توارى عنه ببعض الحيطان، فعلينا أن نقيم
على حياته حتى يأتينا خلاف ذلك، فانصرف سالم ابن عم يونس بهذا الكلام،
فقصة على يحيى بن خالد فقال يحيى: ما ترى ما صنعنا شيئا، فدخل يحيى على
هارون فأخبره، فأرسل من الغد في طلبه، فطلب في منزله فلم يوجد. وبلغه الخبر
فلم يلبث إلا شهرين أو أكثر حتى مات في منزل محمد وحسين الحناطين.
فهذا تفسير أمر هشام، وزعم يونس أن دخول هشام على يحيى بن خالد
وكلامه مع سليمان بن جرير بعد أن أخذ أبو الحسن عليه السلام بدهر، إذ كان
النهي في زمن المهدي، ودخوله إلى يحيى بن خالد في زمن الرشيد ".
5 - " حدثني (محمد بن) إبراهيم الوراق السمرقندي قال: حدثني علي بن
محمد القمي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن
هشام بن سالم، قال: قال أبو الحسن عليه السلام: قولوا لهشام يكتب إلي بما
يرونه (يرد به) القدرية، قال: فكتب إليه: (سئل (يسأل، سل) القدرية أعصى الله من
عصى بشئ من الله، أو بشئ كان من الناس، أو بشئ لم يكن من الله ولا من الناس)،
قال: فلما دفع الكتاب إليه قال لهم: أدفعوه إلى الجهيمي، فدفعوه إليه، فنظر فيه ثم
قال: ما صنع شيئا. فقال أبو الحسن عليه السلام: ما ترك شيئا. قال أبو أحمد:
وأخبرني أنه كان الرسول بهذا إلى الصادق عليه السلام ".
6 - " حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن جعفر بن عيسى،
عن علي بن يونس بن بهمن، قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك، إن
أصحابنا قد اختلفوا، فقال: في أي شئ اختلفوا فيه، إحك لي من ذلك شيئا؟
قال: فلم يحضرني إلا ما قلت جعلت فداك من ذلك، ما اختلف فيه زرارة، وهشام
ابن الحكم، فقال زرارة إن المنفي ليس بشئ وليس بمخلوق، وقال هشام إن
المنفي شئ مخلوق، فقال لي: قل في هذا بقول هشام، ولا تقل بقول زرارة ".
7 - " وحدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى العبيدي، قال:
حدثني جعفر بن عيسى، قال: قال موسى بن الرقي لأبي الحسن الثاني عليه
السلام: جعلت فداك، روى عنك المشرقي، وأبو الأسود أنهما سألاك عن هشام
ابن الحكم فقلت: ضال مضل، شرك في دم أبي الحسن، فما تقول فيه يا سيدي،
نتولاه؟ قال: نعم، فأعادا عليه نتولاه على جهة الاستقطاع، قال: نعم تولوه، نعم
تولوه، إذ قلت لك فأعمل به ولا تريد أن تغالب به، أخرج الآن فقل لهم قد
أمرني بولاية هشام بن الحكم، فقال المشرقي لنا بين يديه وهو يسمع: ألم أخبركم
أن هذا رأيه في هشام بن الحكم غير مرة ".
8 - " حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثني
الحسن بن علي بن يقطين، قال: كان أبو الحسن عليه السلام إذا أراد شيئا من
الحوائج لنفسه، أو مما يعتريه من أموره، كتب إلى أبي - يعني عليا -: إشتر لي
كذا وكذا، واتخذ لي كذا وكذا، وليتول ذلك لك هشام بن الحكم، فإذا كان غير
ذلك من أموره كتب إليه: إشتر لي كذا وكذا، ولم يذكر هشاما إلا فيما يعني به من
أمره. وذكر أنه بلغ من عنايته به وحاله عنده أنه سرح إليه خمسة عشر ألف
درهم، وقال له: إعمل بها ولك أرباحها، ورد إلينا رأس المال، ففعل ذلك هشام
رحمه الله، وصلى الله على أبي الحسن عليه السلام ".
9 - " حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس قال: قلت
لهشام: إن أصحابك يحكون أن أبا الحسن عليه السلام سرح إليك مع
عبد الرحمان بن الحجاج أن أمسك عن الكلام، وإلى هشام بن سالم، قال: أتاني
عبد الرحمان بن الحجاج وقال لي: يقول لك أبو الحسن عليه السلام أمسك عن
الكلام هذه الأيام، وكان المهدي قد صنف له مقالات الناس، وفيه مقالة
الجواليقية أصحاب هشام بن سالم، وقرأ ذلك الكتاب في السر ولم يذكر فيه كلام
هشام. وزعم يونس أن هشام بن الحكم قال له: فأمسكت عن الكلام أصلا حتى
مات المهدي، وإنما قال لي هذه الأيام فأمسكت حتى مات المهدي ".
10 - " حدثني حمدويه وإبراهيم ابنا نصير، قالا: حدثنا محمد بن عيسى، قال:
حدثني رجل عن عمر بن عبد العزيز بن أبي بشار، عن سليمان بن جعفر
الجعفري، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن هشام بن الحكم، قال:
فقال لي رحمه الله: كان عبدا ناصحا، وأوذي من قبل أصحابه حسدا منهم له ".
11 - " حمدويه وإبراهيم، ابنا نصير، قالا: حدثنا محمد بن عيسى، عن
رجل، عن أسد بن أبي العلاء، قال: كتب أبو الحسن الأول عليه السلام إلى من
وافي الموسم من شيعته في بعض السنين في حاجة له، فما قام بها غير هشام بن
الحكم، قال: فإذا هو قد كتب صلى الله عليه: جعل الله ثوابك الجنة - يعني هشام
ابن الحكم - ".
12 - " حمدويه وإبراهيم، ابنا نصير، قالا: حدثنا محمد بن عيسى، قال:
حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن هشام بن الحكم، قال: كنت في طريق مكة
وأنا أريد شراء بعير، فمر بي أبو الحسن عليه السلام، فلما، نظرت إليه تناولت
رقعة فكتبت إليه: جعلت فداك، إني أريد شراء هذا البعير فما ترى؟ فنظر إليه
فقال: لا أرى في شراه بأسا، فإن خفت عليه ضعفا فألقمه، فاشتريته وحملت
عليه فلم أر منكرا حتى إذا كنت قريبا من الكوفة في بعض المنازل، وعليه حمل
ثقيل رمى بنفسه واضطرب للموت، فذهب الغلمان ينزعون عنه، فذكرت
الحديث، فدعوت بلقم فما ألقموه إلا سبعا حتى قام بحمله ".
13 - " محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد بن يزيد الفيروزاني
القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي إسحاق، قال: حدثني محمد
ابن حماد، عن الحسن بن إبراهيم، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن
يونس بن يعقوب، قال: كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه
فيهم حمران بن أعين، ومؤمن الطاق، وهشام بن سالم، والطيار، وجماعة فيهم هشام
ابن الحكم وهو شاب، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا هشام، قال: لبيك يا ابن
رسول الله. قال: ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ فقال
هشام: إني أجلك وأستحيي منك فلا يعمل لساني بين يديك. قال أبو عبد الله
عليه السلام: إذا أمرتك بشئ فافعله. قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن
عبيد وجلوسه في مسجد البصرة وعظم ذلك علي، فخرجت إليه فدخلت
البصرة يوم الجمعة، فأتيت مسجد البصرة، فإذا أنا بحلقة كبيرة وإذا أنا بعمرو
ابن عبيد وعليه شملة سوداء من صوف متزر بها وشملة مرتدي بها، والناس
يسألونه، فاستفرجت الناس فافترجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم
قلت: أيها العالم أنا رجل غريب فأذن لي فأسألك عن مسألة، فقال: نعم، قال
فقلت له: ألك عين قال: يا بني أي شئ هذا من السؤال، أرأيتك شيئا كيف
تسأل، فقلت: هكذا مسألتي، فقال: يا بني سل وإن كان مسألتك حمقا، قلت:
أجبني فيها؟ قال لي: سل. فقلت: ألك عين؟ فقال: نعم. قلت: فما ترى بها؟ قال:
الألوان والأشخاص، قال: قلت فلك أنف؟ قال: نعم. قال: قلت فما تصنع به؟
قال: أشم الرائحة. قال: قلت فلك فم؟ قال: نعم، قال: قلت فما تصنع به؟ قال:
أذوق به الطعم. قال: قلت: ألك قلب؟ قال: نعم. قال: قلت فما تصنع به؟ قال:
أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح، قال: قلت: أليس في هذه الجوارح غنى
عن القلب؟ قال: لا، قلت: وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني، الجوارح
إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته ردته إلى القلب فيتيقن اليقين ويبطل
الشك. قال: قلت: وإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم. قال: قلت:
فلابد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم. قال: قلت: يا أبا مروان إن
الله لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح وتيقن لها ما شكت
فيه، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافاتهم لا يقيم لها إماما
يردون إليه شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟
قال: فسكت ولم يقل لي شيئا، ثم التفت إلي فقال: أنت هشام؟ قال: قلت: لا.
فقال: أجالسته؟ قال: قلت: لا. قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة.
فقال: أنت إذن هو. قال: ثم ضمني إليه وأجلسني وأقعدني في مجلسه وما نطق حتى
قمت، فضحك أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا هشام من علمك هذا؟ قال:
قلت يا ابن رسول الله جرى على لساني، فقال: يا هشام والله هذا مكتوب في
صحف إبراهيم وموسى ".
14 - " حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد، عن محمد بن
أحمد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عن علي بن معبد، عن هشام بن الحكم، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام لام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام، فأقبلت
أقول يقولون كذا وكذا، قال: فيقول لي قل كذا. فقلت: هذا الحلال والحرام،
والقرآن أعلم، إنك صاحبه وأعلم الناس به فهذا الكلام من أين؟ فقال: يحتج
الله على خلقه بحجة لا يكون عنده كلما يحتاجون إليه ".
15 - " محمد بن مسعود بن مزيد الكشي، ومحمد بن أبي عوف البخاري،
قالا: حدثنا أبو علي المحمودي، قال: حدثني أبي، عن يونس، أن هشام بن
الحكم، كان يقول: اللهم ما عملت وأعمل من خير مفترض وغير مفترض
فجميعه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته الصادقين عليهم السلام
حسب منازلهم عندك، فاقبل ذلك كله مني وعنهم، واعطني من جزيل جزاك به
حسب ما أنت أهله ".
16 - " علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدثني أبو زكريا يحيى بن
أبي بكر، قال: قال النظام لهشام بن الحكم: إن أهل الجنة لا يبقون في الجنة بقاء
الأبد، فيكون بقاؤهم كبقاء الله، ومحال يبقون كذلك، فقال هشام: إن أهل الجنة
يبقون بمبق لهم والله يبقى بلا مبق وليس هو كذلك. فقال: محال أن يبقوا الأبد.
قال: فقال: ما يصيرون؟ قال: يدركهم الخمود. قال: فبلغك أن في الجنة ما تشتهي
الأنفس؟ قال: نعم. قال: فإن اشتهوا وسألوا ربهم بقاء الأبد. قال: إن الله تعالى
لا يلهمهم ذلك. قال: فلو أن رجلا من أهل الجنة نظر إلى ثمرة على شجرة، فمد
يده ليأخذها، فتدلت إليه الشجرة والثمار، ثم حانت منه لفتة، فنظر إلى ثمرة
أخرى أحسن منها، فمد يده اليسرى ليأخذها، فأدركه الخمود ويداه متعلقة
بشجرتين، فارتفعت الأشجار وبقي هو مصلوبا، أفبلغك أن في الجنة مصلوبين؟
قال: هذا محال. قال: فالذي أتيت به أمحل منه، أن يكون قوم قد خلقوا وعاشوا
فأدخلوا الجنان تموتهم فيها يا جاهل ".
17 - " حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي،
قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم،
قال: حدثني محمد بن حماد، عن الحسن بن إبراهيم، قال: حدثني يونس بن
عبد الرحمن، عن يونس بن يعقوب، عن هشام بن سالم، قال: كنا عند أبي عبد الله
عليه السلام وجماعة من أصحابه، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له،
فلما دخل سلم، فأمره أبو عبد الله عليه السلام بالجلوس، ثم قال له: ما حاجتك
أيها الرجل؟ قال: بلغني أنك عالم بكلما تسأل عنه، فصرت إليك لأناظرك. فقال
أبو عبد الله عليه السلام: في ماذا؟ قال: في القرآن وقطعه واسكانه وخفضه ونصبه
ورفعه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران دونك الرجل، فقال الرجل:
إنما أريدك أنت، لا حمران. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن غلبت حمران فقد
غلبتني. فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وعرض وحمران يجيبه، فقال
أبو عبد الله عليه السلام: كيف رأيت يا شامي؟ قال: رأيته حاذقا ما سألته عن
شئ إلا أجابني فيه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا حمران سل الشامي، فما
تركه يكثر. فقال الشامي: أرأيت يا أبا عبد الله أناظرك في العربية؟ فالتفت أبو
عبد الله عليه السلام فقال: يا أبان بن تغلب ناظره، فناظره فما ترك الشامي
يكثر. فقال: أريد أن أناظرك في الفقه. فقال أبو عبد الله عليه السلام يا زرارة
ناظره. فناظره فما ترك الشامي يكثر. قال: أريد أن أناظرك في الكلام. فقال:
يا مؤمن الطاق ناظره، فناظره فسجل الكلام بينهما، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلام
فغلبه به، فقال: أريد أناظرك في الاستطاعة. فقال للطيار: كلمه فيها. قال:
فكلمه فيها فما تركه يكثر. ثم قال: أريد أن أكلمك في التوحيد. فقال لهشام بن
سالم: كلمه، فسجل الكلام بينهما ثم خصمه هشام. فقال: أريد أن أتكلم في
الإمامة. فقال لهشام بن الحكم: كلمه يا أبا الحكم، فكلمه فما تركه يريم ولا يحلى
ولا يمرى.
قال: فبقي يضحك أبو عبد الله عليه السلام حتى بدت نواجده. فقال
الشامي: كأنك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال. قال: هو ذلك.
ثم قال: يا أخا أهل الشام أما حمران فحرفك فحرت له فغلبك بلسانه، وسألك
عن حرف من الحق فلم تعرفه، وأما أبان بن تغلب فمغث حقا بباطل فغلبك،
وأما زرارة فقاسك فغلب قياسه قياسك، وأما الطيار فكان كالطير يقع ويقوم
وأنت كالطير المقصوص لا نهوض لك، وأما هشام بن سالم فأحسن أن يقع ويطير،
وأما هشام بن الحكم فتكلم بالحق فما سوغك ريقك. يا أخا أهل الشام إن الله
أخذ ضغثا من الحق وضغثا من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما إلى الناس، ثم بعث
أنبياء يفرقون بينهما، ففرقها الأنبياء، والأوصياء، وبعث الله الأنبياء ليعرفوا ذلك
وجعل الأنبياء قبل الأوصياء، ليعلم الناس من يفضل الله ومن يختص، ولو كان
الحق على حدة والباطل على حدة كل واحد منهما قائم لشأنه ما احتاج الناس
إلى نبي ولا وصي، ولكن الله خلطهما وجعل تفريقهما إلى الأنبياء والأئمة
عليهم السلام من عباده، فقال الشامي: قد أفلح من جالسك. فقال أبو
عبد الله عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجالسه جبرائيل
وميكائيل وإسرافيل يصعد إلى السماء فيأتيه بالخبر من عند الجبار، فإن كان ذلك
كذلك فهو كذلك. فقال الشامي: إجعلني من شيعتك وعلمني. فقال أبو عبد الله
عليه السلام لهشام: علمه فإني أحب أن يكون تلميذا لك.
قال علي بن منصور، وأبو طالب الحضرمي: رأينا الشامي عند هشام بعد
موت أبي عبد الله عليه السلام، ويأتي الشامي بهدايا أهل الشام وهشام يرده
بهدايا أهل العراق، قال علي بن منصور: وكان الشامي ذكي القلب ".
18 - " محمد بن مسعود العياشي، قال: حدثني جعفر، قال: حدثني العمركي،
قال: حدثني الحسين بن أبي لبابة، عن داود بن القاسم الجعفري، قال: قلت لأبي
جعفر عليه السلام: ما تقول في هشام بن الحكم؟ فقال: رحمه الله ما كان أذبه
عن هذه الناحية ".
أقول: هذه الروايات وإن كانت أكثرها ضعيفة السند، إلا أن
استفاضتها واشتهار هشام بن الحكم وعظمة القدر تغني عن النظر في إسنادها،
على أن بعضها كان صحيح السند.
وأما الروايات الذامة فهي كما تلي:
1 - " جعفر بن معروف، قال: حدثني الحسن بن (علي بن) النعمان، عن أبي
يحيى - وهو إسماعيل بن زياد الواسطي -، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال:
سمعته يؤدي إلى هشام بن الحكم رسالة أبي الحسن عليه السلام، قال: لا تتكلم
فإنه قد أمرني أن آمرك بأن لا تتكلم، قال: فما بال هشام يتكلم وأنا لا أتكلم،
قال: أمرني أن آمرك أن لا تتكلم وأنا رسوله إليك. قال أبو يحيى: أمسك هشام
ابن الحكم عن الكلام شهرا لم يتكلم، ثم تكلم فأتاه عبد الرحمن بن الحجاج،
فقال له: سبحان الله، يا أبا محمد تكلمت وقد نهيت عن الكلام، قال: مثلي لا
ينهى عن الكلام، قال أبو يحيى: فلما كان من قابل أتاه عبد الرحمن بن
الحجاج، فقال له: يا هشام قال لك أيسرك أن تشرك في دم امرئ مسلم؟ قال:
لا، قال: وكيف تشرك في دمي، فإن سكت وإلا فهو الذبح، فما سكت حتى كان
من أمره ما كان صلى الله عليه وآله ".
أقول: هذه الرواية ضعيفة، فإن جعفر بن معروف لم يوثق، وإسماعيل بن
زياد الواسطي، مجهول.
2 - " علي بن محمد، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف،
عن أبي محمد الحجال: عن بعض أصحابنا، عن الرضا عليه السلام، قال: ذكر
الرضا عليه السلام العباسي، فقال: هو من غلمان أبي الحارث - يعني يونس بن
عبد الرحمن -، وأبو الحارث من غلمان هشام، وهشام، من غلمان أبي شاكر، وأبو
شاكر زنديق ".
أقول: هذه الرواية ضعيفة ولا أقل من الارسال.
3 - " علي بن محمد، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن
ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قال أبو الحسن عليه السلام:
أئت هشام بن الحكم فقل له: يقول لك أبو الحسن: أيسرك أن تشرك في دم
امرئ مسلم؟ فإذا قال لا، فقل له ما بالك شركت في دمي ".
أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة بعلي بن محمد، فإنه لم يوثق.
4 - " " علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي علي بن راشد، عن أبي
جعفر الثاني عليه السلام، قال: قلت: جعلت فداك، قد اختلف أصحابنا فأصلي
خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: عليك بعلي بن حديد. قلت: فآخذ بقوله؟
قال: نعم، فلقيت علي بن حديد فقلت: نصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟
قال: لا ".
أقول: هذه الرواية ضعيفة بعلي بن محمد أيضا، فإنه لم يوثق.
5 - " علي بن محمد، قال: حدثني محمد بن موسى الهمداني، عن الحسن بن
موسى الخشاب، عن غيره، عن جعفر بن محمد بن حكيم الخثعمي، قال: اجتمع
هشام بن سالم، وهشام بن الحكم، وجميل بن دراج، وعبد الرحمن بن الحجاج،
ومحمد بن حمران، وسعيد بن غزوان، ونحو من خمسة عشر رجلا من أصحابنا،
فسألوا هشام بن الحكم أن يناظر هشام بن سالم فيما اختلفوا فيه من التوحيد
وصفة الله عز وجل وعن غير ذلك لينظروا أيهم أقوى حجة، فرضي هشام بن
سالم أن يتكلم عند محمد بن أبي عمير، ورضي هشام بن الحكم أن يتكلم عند
محمد بن هشام فتكالما وساق ما جرى بينهما، وقال: قال عبد الرحمن بن الحجاج
لهشام بن الحكم: كفرت والله وبالله العظيم وألحدت فيه، ويحك ما قدرت أن تشبه
بكلام ربك إلا العود يضرب به، قال جعفر بن محمد بن حكيم: فكتب إلى أبي
الحسن موسى عليه السلام يحكي له مخاطبتهم وكلامهم ويسأله أن يعلمه ما
القول الذي ينبغي أن يدين الله به من صفة الجبار، فأجابه في عرض كتابه:
فهمت رحمك الله، واعلم رحمك الله أن الله أجل وأعلى وأعظم من أن يبلغ كنه
صفته، فصفوه بما وصف به نفسه، وكفوا عما سوى ذلك ".
أقول: هذه أيضا ضعيفة، فإن علي بن محمد لم يوثق، ومحمد بن موسى
الهمداني ضعيف، على أنها مرسلة.
نعم. إن هناك رواية واحدة صحيحة السند دلت على ذم هشام بن الحكم،
غايته.
وهي ما رواه محمد بن نصير، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن
الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال:
أما كان لكم في أبي الحسن عليه السلام عظة، ما ترى حال هشام بن الحكم فهو
الذي صنع بأبي الحسن عليه السلام ما صنع، وقال لهم: وأخبرهم أترى الله أن
يغفر له ما ركب منا.
ولكن هذه الرواية لابد من رد علمها إلى أهلها، فإنها لا تقاوم الروايات
الكثيرة التي تقدمت بعضها، ويأتي بعضها الآخر وفيها الصحاح، وقد دلت على
جلالة هشام بن الحكم وعظمته، على أن مضمون الرواية باطل في نفسه، فإنما
علمنا من الخارج أن سبب قتل موسى بن جعفر - عليهما السلام - لم يكن
مناظرات هشام، بل مناظراته إنما سببت الاضرار بنفسه، بل إن هشاما قد امتنع
عن الكلام حينما نهاه الإمام عليه السلام عن ذلك، ولا شك في أن سبب قتله
- سلام الله عليه - هو ما اشتهر من أمره من أنه إمام الشيعة وتجبى إليه الأموال
من البلاد، وقد تقدم في ترجمة علي بن إسماعيل، أنه سعى في قتل الإمام عليه السلام
.
وكيف كان، فهذه الرواية غير قابلة للتصديق، فلابد من رد علمها إلى
أهلها.
ثم إن هناك روايات أخر تدل على جلالة هشام وعظمته، منها ما يجئ عن
الكشي في ترجمة هشام بن سالم، من أمر الرضا عليه السلام عبد الملك بن هشام
الحناط أن يأخذ بقول هشام بن الحكم، وأن لا يعطي الزكاة لمن خالفه.
وتقدم في ترجمة الفضل بن شاذان قوله: أنا خلف لمن مضى، أدركت محمد
ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة، ومشى
هشام بن الحكم (رحمه الله) وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه كان
يرد على المخالفين، ثم مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفا غير السكاك،
فرد على المخالفين حتى مضى (رحمه الله)، وأنا خلف لهم من بعدهم رحمهم الله.
وتقدم في ترجمة نوح بن صالح البغدادي، قول نوح بن شعيب: يا معشر
من حضر الا تعجبون من هذا الخراساني الغمر، يظن في نفسه أنه أكبر من هشام
ابن الحكم.
وروى محمد بن يعقوب باسناده، عن علي بن منصور، قال: قال لي هشام
ابن الحكم: كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبد الله عليه السلام أشياء، فخرج
إلى المدينة ليناظره (إلى أن قال) فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه
السلام، فقال له حمران: جعلت فداك، إن آمنت الزنادقة على يدك فقد آمن
الكفار علي يدي أبيك، فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبد الله: إجعلني
من تلامذتك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا هشام بن الحكم خذه إليك،
فعلمه هشام وكان معلم أهل الشام وأهل مصر الايمان، وحسنت طهارته حتى
رضي بها أبو عبد الله عليه السلام. الكافي: الجزء 1، كتاب التوحيد، باب حدوث
العالم 1، الحديث 1.
وروى باسناده، عن هشام بن الحكم، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام
عن أسماء الله واشتقاقها (إلى أن قال): أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل
(وتناقل) به أعداءنا المتخذين مع الله عز وجل غيره؟ قلت: نعم، فقال: نفعك
الله به وثبتك يا هشام. الكافي: الجزء 1، باب المعبود 5، الحديث 2، وباب معاني
الأسماء واشتقاقها من هذا الجزء 16، الحديث 1.
وروى باسناده، عن يونس بن يعقوب، قال: كان عند أبي عبد الله عليه
السلام، جماعة من أصحابه، منهم حمران بن أعين، ومحمد بن النعمان، وهشام بن
سالم، والطيار، وجماعة فيهم هشام بن الحكم، وهو شاب، فقال أبو عبد الله عليه
السلام:
يا هشام الا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ فقال
هشام، يا ابن رسول الله إني أجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك، فقال
أبو عبد الله عليه السلام: إذا أمرتكم بشئ فافعلوا (إلى أن قال): فضحك أبو
عبد الله عليه السلام وقال: يا هشام من علمك هذا؟ قلت: شئ أخذته منك
وألفته، فقال: والله هذا مكتوب في صحف إبراهيم وموسى. الكافي: هذا الجزء، باب
الاضطرار إلى الحجة 1، الحديث 4.
وروى عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب،
قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فورد عليه رجل من أهل الشام وقال:
إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض، وقد جئت لمناظرة أصحابك، فقال أبو
عبد الله عليه السلام: كلامك من كلام رسول الله أو من عندك (إلى أن قال):
وأخرج أبو عبد الله عليه السلام رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب، فقال
هشام: ورب الكعبة، قال: فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل، كان شديد المحبة
له، قال: فورد هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته وليس فينا إلا من هو
أكبر سنا منه (إلى أن قال) فوسع له أبو عبد الله عليه السلام، وقال: ناصرنا
بقلبه ولسانه ويده (إلى أن قال) ثم قال عليه السلام: يا هشام لا تكاد تقع تلوي
رجليك إذا هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس، فاتق الزلة والشفاعة من
ورائها إن شاء الله. الكافي: الجزء 1، باب الاضطرار إلى الحجة 1، الحديث 4.
ورواها الشيخ المفيد، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد
ابن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جماعة من
رجاله، عن يونس بن يعقوب، مثله. الارشاد: باب ذكر طرف من أخبار أبي
عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.
هذا، ولهشام بن الحكم مناظرات قيمة في التوحيد والإمامة، مشهورة معروفة
مذكورة في الكافي، وكتب الشيخ الصدوق - قدس سره - وغيرها.
بقي هنا شئ، وهو أنه قد نسب إلى هشام بن الحكم القول بالتجسيم،
واستند في ذلك إلى عدة روايات منها: ما رواه محمد بن يعقوب باسناده، عن علي
ابن أبي حمزة، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: سمعت هشام بن الحكم
يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري... فقال عليه السلام: سبحان من لا
يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شئ... ولا تدركه الحواس ولا يحيط به
شئ، ولا جسم ولا صورة. الكافي: الجزء 1، كتاب التوحيد 3، باب النهي عن
الجسم والصورة 11، الحديث 1.
وروى عن محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن علي بن العباس، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن الحكيم، قال: وصفت لأبي إبراهيم عليه
السلام قول هشام بن سالم الجواليقي وحكيت له قول هشام بن الحكم أنه جسم،
فقال: إن الله تعالى لا يشبهه شئ، أي فحش أو خناء أعظم من قول من يصف
خالق الأشياء بجسم أو صورة. الكافي: الجزء 1، ذاك الباب، الحديث 4.
وروى عن علي بن محمد، رفعه عن محمد بن الفرج الرخجي، قال: كتبت
إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم، وهشام
ابن سالم في الصورة، وكتب عليه السلام: دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من
الشيطان، ليس القول ما قاله الهشامان. الكافي: الجزء 1، ذلك الباب، الحديث 5.
وروى عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن
الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن
محمد بن زياد، قال: سمعت يونس بن ظبيان يقول: دخلت على أبي عبد الله
عليه السلام، وقلت له: إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما، إلا أني أختصر
لك منه أحرفا، فزعم أن الله جسم (إلى أن قال): فقال أبو عبد الله عليه
السلام: ويحه أما علم أن الجسم محدود متناه... (الحديث). الكافي: الجزء 1، ذاك
الباب، الحديث 6.
وروى عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن
العباس، عن الحسن بن عبد الرحمان الحماني، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن
جعفر عليهما السلام: إن هشام بن الحكم زعم أن الله جسم ليس كمثله شئ
(إلى أن قال) فقال عليه السلام: قاتله الله، أما علم أن الجسم محدود. الكافي:
الجزء 1، ذاك الباب، الحديث 7.
وروى عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد
ابن حكيم، قال: وصفت لأبي الحسن عليه السلام قول هشام الجواليقي وما يقول
في الشاب الموفق، ووصفت له قول هشام بن الحكم، فقال عليه السلام: إن الله
لا يشبهه شئ. الكافي: ذاك الباب، الحديث 8.
ورواها الصدوق - قدس الله نفسه - في باب أن الله عز وجل ليس بجسم
ولا صورة في كتاب التوحيد: الحديث 6.
أقول: إن هذه الروايات بأجمعها ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها، ووجه
الضعف في غير الرواية الأولى ظاهر، وأما الرواية الأولى فإنها أيضا ضعيفة، فإن
راويها علي بن أبي حمزة وهو البطائني، فإنه المعروف، ولا سيما أن الراوي عنه
صفوان بن يحيى وهو الذي روي كتابه، على ما مر في ترجمته، على أنها معارضة
بما دل على أنه لم يكن قائلا بالجسم.
فقد روى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس
ابن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال
للزنديق حين سأله: وقال: فتقول إنه سميع بصير، قال عليه السلام: هو سميع
بصير، سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل سميع بنفسه، وبصير بنفسه
(الخبر). الكافي: الجزء 1، باب إطلاق القول بأنه شئ 2، الحديث 6، وباب
آخر بعد باب صفات الذات 13، الحديث 2. على أنا لو سلمنا أن هشاما كان
يطلق لفظ الجسم على الله سبحانه، فهو كان مخطئا في الاطلاق، وفي استعمال
اللفظ في خلاف معناه، ولم يكن هذا خطأ باعتقاده.
يدلنا على ذلك ما تقدم من رواية محمد بن يعقوب المتقدمة باسناده. عن
الحسن بن عبد الرحمان الحماني، أن هشام بن الحكم زعم أن الله جسم ليس
كمثله شئ، فإن نفي المماثلة يدلنا أنه لا يريد كلمة الجسم معناها المعهود، وإلا
لم يصح نفي المماثلة، بل يريد معنى آخر غير ذلك، وإن كان قد أخطأ في هذا
الاطلاق وفي هذا الاستعمال.
قال أبو الحسن الأشعري: قيل إن هشاما قائل بالجسمية، قال هشام: إني
أريد أنه تعالى جسم، أنه موجود قائم بذاته. (إنتهى). مقالات الاسلاميين:
المجلد الثاني، ص 6.
وإني لأظن الروايات الدالة على أن هشاما كان يقول بالجسمية كلها
موضوعة، وقد نشأت هذه النسبة من الحسد، كما دل على ذلك رواية الكشي
المتقدمة بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام
عن هشام بن الحكم، قال: فقال (رحمه الله): كان عبدا ناصحا
وأوذي من قبل أصحابه حسدا منهم له.
بقي هنا شئ: وهو أن النجاشي ذكر أن هشام بن الحكم انتقل إلى بغداد
سنة مئة وتسعة وتسعين، قال: ويقال في هذه السنة مات.
وهذا ينافيه ما تقدم عن الكشي، عن الفضل بن شاذان، أن هشاما مات
سنة تسع وسبعين ومئة في الكوفة، في أيام الرشيد.
كما إن ما في الكشي يناقض ما تقدم عن الشيخ في رجاله، من أن هشاما
بقي بعد أبي الحسن عليه السلام، فإن أبا الحسن عليه السلام توفي سنة ثلاث
وثمانين ومئة أو بعدها.
وقد تقدم في رواية الكشي عن يونس، قال: كنت مع هشام بن الحكم في
مسجده بالعشاء، حيث أتاه مسلم صاحب بيت الحكمة، فقال له: إن يحيى بن
خالد يقول: قد أفسدت على الرافضة دينهم (إلى أن قال): فدخل يحيى على
هارون فأخبره، فأرسل من الغد في طلبه، فطلب في منزله فلم يوجد، وبلغه الخبر،
فلم يلبث شهرين أو أكثر حتى مات في منزل محمد والحسين الحناطين، ومن
الظاهر أن هارون مات سنة ثلاث وتسعين ومئة، وبمقتضى هذه الرواية أن هشاما
مات قبل ذلك، والله العالم بحقيقة الحال.
وكيف كان، فطريق الصدوق إليه: أبوه ومحمد بن الحسن - رضي الله
عنهما -، عن سعد بن عبد الله، والحميري، جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى،
عن علي بن الحكم، ومحمد بن أبي عمير، جميعا عن هشام بن الحكم.
قال الصدوق: " وكنيته أبو محمد مولى بني شيبان بياع الكوابيس، تحول
من بغداد إلى الكوفة " (إنتهى).
والطريق كطريق الشيخ إليه صحيح.
طبقته في الحديث
وقع بعنوان هشام بن الحكم في إسناد كثير من الروايات، تبلغ مئة وسبعة
وستين موردا.
فقد روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسن، عليهما السلام، وعن أبي عبيدة
الحذاء، وثابت بن هرمز، وجارود، وزرارة، وسدير الصيرفي، وشهاب بن عبد ربه،
وعمر بن يزيد.
وروى عنه ابن أبي عمير، وأحمد بن العباس، وداود بن رزين، والعباس بن
عمرو، والعباس بن عمرو الفقيمي، وعبد العظيم، وعبد الله بن المغيرة، وعلي
ابن بلال، وعلي بن معبد، وعلي بن منصور، ومحمد بن أبي عمير، ومحمد بن إسحاق
الخفاف، ومحمد الحسن، ونشيط بن صالح، والنضر بن سويد، ونوح بن
شعيب، ويونس، ويونس بن عبد الرحمان.
اختلاف الكتب
روى الشيخ بسنده، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي
عبد الله عليه السلام. التهذيب: الجزء 5، باب نزول المزدلفة، الحديث 629،
والاستبصار: الجزء 2، باب أنه لا تجوز صلاة المغرب بعرفات، الحديث 898، إلا
أن فيه: هشام بن أبي الحكم، بدل هشام بن الحكم، وما في التهذيب هو الصحيح
الموافق للوافي والوسائل، ولما رواها بعينها، في باب الزيادات في فقه الحج، الحديث 1701 من الجزء المتقدم من التهذيب.
روى الكليني بسنده، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حفص
ابن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام. الكافي: الجزء 6، كتاب الزي
والتجمل 8، باب الإبط 46، الحديث 3.
كذا في الطبعة القديمة والمرآة والوسائل أيضا، ولكن في التهذيب: الجزء 1،
باب دخول الحمام وآدابه، الحديث 1159، هشام بن الحكم، وحفص، عن أبي
عبد الله عليه السلام، بدل ما في الكافي، وهو الصحيح، الموافق للوافي بقرينة
ساير الروايات.
روى الشيخ بسنده، عن الفضل بن شاذان، عن هشام بن الحكم، قال:
سألته عن رجل... إلخ. التهذيب: الجزء 9، باب وصية الانسان لعبده،
الحديث 886.
كذا في الطبعة القديمة أيضا، ولكن في الكافي: الجزء 7، كتاب الوصايا 1،
باب أن المدبر من الثلث 16، الحديث 2، الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير،
عن هشام بن الحكم، وهو الصحيح، الموافق لما في الفقيه: الجزء 4، باب نوادر
الوصايا، الحديث 618، والوسائل أيضا، وفي الوافي عن كل مثله.


الفهرسة