قال النجاشي: " حبيب بن أوس، أبو تمام الطائي، كان إماميا، وله شعر في أهل البيت كثير، وذكر أحمد بن الحسين رحمه الله، أنه رأى نسخة عتيقة، قال: لعلها كتبت في أيامه، أو قريبا منه، وفيها قصيدة يذكر فيها الأئمة، حتى انتهى إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، لأنه توفي في أيامه، وقال الجاحظ في كتاب الحيوان: وحدثني أبو تمام الطائي، وكان من رؤساء الرافضة، له كتاب الحماسة، وكتاب المختار شعر القبائل، أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري ". وعده ابن شهرآشوب في معالم العلماء: من الشعراء المتقين. وذكره الشيخ الحر في أمل الآمل (41) ونقل ترجمته عن النجاشي، والعلامة، ثم قال: " وقال صاحب كتاب طبقات الأدباء: أبو تمام، حبيب بن أوس الطائي الشاعر، شامي الأصل، كان بمصر، في حداثته يسقي الماء في المسجد الجامع ثم جالس الأدباء فأخذ منهم وتعلم، وكان فهما فطنا، وكان يحب الشعر، فلم يزل يعانيه، حتى قال الشعر وأجاده، وساد شعره، وشاع ذكره، وبلغ المعتصم خبره فحمله إليه، وهو بسر من رأى، فعمل أبو تمام قصائد وأجازه المعتصم وقدمه على شعراء وقته وقدم بغداد، فجالس بها الأدباء، وعاشر العلماء، وكان موصوفا بالظرف وحسن الأخلاق، وكرم النفس، وقد روى عنه أحمد بن طاهر، وغيره أخبارا مسندة، وهو حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس.. مات سنة 231، ورثاه الحسن بن وهب، فقال: فجع القريض بخاتم الشعراء * وغدير روضتها حبيب الطائي ماتا معا فتجاورا في حفرة * وكذاك كانا قبل في الأحياء ورثاه محمد بن عبد الملك، وهو حينئذ وزير، فقال: نبأ أتى من أعظم الأنباء * لما ألم مقلقل الأحشاء قالوا: حبيب قد ثوى فأجبتهم * ناشدتكم لا تجعلوه الطائي وقد قال جماعة من العلماء: إنه أشعر الشعراء. ومن تلامذته البحتري وتبعهما المتنبي، وسلك طريقتهما، وقد أكثر في شعره من الحكم والآداب، وديوانه في غاية الحسن، وبعضهم فضل البحتري عليه. وقال ابن الرومي: وأرى البحتري يسرق ما قاله ابن أوس في المدح، والتشبيب، كل بيت له تجود معناه، فمعناه لابن أوس حبيب ومن شعره قوله: وما هو إلا الوحي أو حد مرهف * تميل ظباه اخدعي كل مائل فهذا دواء الداء من كل عالم * وهذا دواء الداء من كل جاهل ثم أورد له نتفا من شعره ". ونقل ابن شهرآشوب في المناقب من شعر أبي تمام: ربي الله والأمين نبيي * صفوة الله والوصي إمامي ثم سبطا محمد تالياه * وعلي وباقر العلم حامي والتقي الزكي جعفر الطيب * مأوى المعتر والمعتام ثم موسى ثم الرضا علم الضل * الذي طال سائر الأعلام والصفي محمد بن علي * والمعرى من كل سوء وذام والزكي الامام مع نجله القائم * مولى الأنام نور الظلام [أبرزت منه رأفة الله بالناس * لترك الظلام بدر التمام فرع صدق نما إلى الرتبة القصوى * وفرع النبي لا شك نامي فهو ماض على البديهة بالفيصل * من رأى هزبري همام عالم بالأمور غارت فلم تنجم * وماذا يكون في الأنجام] هؤلاء الأولى أقام بهم حجته * ذو الجلال والاكرام ذكر المسعودي في مروج الذهب جملة من أحوال أبي تمام، ومدحه وقال: وقد رثته الشعراء بعد وفاته، منهم الحسن بن وهب، وذكر له أبياتا، منها: قوله: فإن تسأل بما في القبر مني * حبيبا كان يدعى لي حبيبا لبيبا شاعرا فطنا أديبا * أصيل الرأي في الجلي أريبا أبا تمام الطائي إنا * لقينا بعدك العجب العجيبا وأبدى الدهر أقبح صفحتيه * ووجها كالحا جهما قطوبا وقال ابن خلكان: أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس وذكر نسبه إلى يعرب بن قحطان، ثم قال: الشاعر المشهور، كان واحد عصره، في فصاحة لفظه، ونصاعة شعره، وحسن أسلوبه، له كتاب الحماسة التي دلت على غزارة فضله (وإتقان معرفته بحسن اختياره) وله مجموع آخر، سماه فحول الشعراء، وكان له من المحفوظات مالا يلحقه فيه غيره، قيل إنه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب، غير القصائد، والمقاطيع، ومدح الخلفاء، وجاب البلاد.. إلى أن قال: ولم يزل شعره غيره مرتب جمعه أبو بكر الصولي ورتبه على حروف المعجم، ثم جمعه علي بن حمزة الأصفهاني ولم يرتبه على الحروف، وجمعه على الأنواع (ولد بجاسم، وهي قرية من بلد الجيدور من أعمال دمشق، وتوفي سنة 231) ثم ذكر رثاء الحسن بن وهب، ومحمد بن عبد الملك الزيات إياه.