قال الشيخ الحر في أمل الآمل (45): " الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الشهيد الثاني العاملي الجبعي، كان عالما، فاضلا، عاملا، كاملا، متبحرا، محققا، ثقة، فقيها، وجيها، نبيها، محدثا، جامعا للفنون، أديبا، شاعرا، زاهدا، عابدا، ورعا، جليل القدر، عظيم الشأن، كثير المحاسن، وحيد دهره، أعرف أهل زمانه بالفقه والحديث والرجال. له كتب ورسائل منها: كتاب منتقى الجمان، في الأحاديث الصحاح والحسان، خرج منه كتب العبادات ولم يتمه، وكتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين، خرج منه مقدمة في الأصول، وبعض كتاب الطهارة، ولم يتمه، وله كتاب مناسك الحج، والرسالة الاثني عشرية في الصلاة، وإجازة طويلة مبسوطة أجاز بها السيد نجم الدين العاملي، تشتمل على تحقيقات لا توجد في غيرها، نقلنا منها كثيرا في هذا الكتاب (رأيتها بخطه) وله جواب المسائل المدنيات (الأولى) والثانية والثالثة، سأل عنها: السيد محمد بن جويبر، وحاشية مختلف الشية مجلد، وكتاب مشكاة القول السديد في تحقيق معنى الاجتهاد والتقليد، وكتاب الإجازات، والتحرير الطاوسي في الرجال ورسالة في المنع من تقليد الميت، وله ديوان شعر، جمعه تلميذه الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي العاملي، وغير ذلك من الرسائل والحواشي، والإجازات، وقد ذكره السيد مصطفى بن الحسين التفريشي في رجاله فقال: الحسن بن زين الدين بن علي بن أحمد العاملي - رضي الله عنه - وجه من وجوه أصحابنا، ثقة، عين، صحيح الحديث، ثبت، واضح الطريقة، نقي الكلام، جيد التصانيف، مات سنة 1011، له كتب منها: كتاب منتقى الجمان، في الأحاديث الصحاح والحسان (إنتهى). وكان ينكر كثرة التصنيف مع تحريره، كان هو والسيد محمد بن علي بن أبي الحسن العاملي، صاحب المدارك: كفرسي رهان شريكين في الدرس عند مولانا أحمد الأردبيلي، ومولانا عبد الله اليزدي، والسيد علي بن أبي الحسن، وغيرهم وكان الشيخ حسن عند قتل والده ابن أربع سنين وكان مولده سنة 959، اجتمع بالشيخ بهاء الدين في الكرك، لما سافر إليها كذا وجدت في التاريخ، ويظهر من تاريخ أبيه الآتي ما ينافيه، وأن عمره كان حينئذ سبع سنين. يروي عن جماعة من تلامذة أبيه منهم الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي، وقد رأيت جماعة من تلامذته، وتلامذة السيد محمد، وقرأت على بعضهم ورويت عنهم عنه مؤلفاته وسائر مروياته منهم: جدي لأمي الشيخ عبد السلام بن محمد الحر العاملي عم أبي. ونرويها أيضا عن الشيخ حسين بن الحسن الظهيري العاملي، عن الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي العاملي عنه. وكان حسن الخط جيد الضبط، عجيب الاستحضار حافظا للرجال والأخبار، والأشعار، وشعره حسن كاسمه فمنه قوله: عجبت لميت العلم يترك ضايعا * ويجهل ما بين البرية قدره وقد وجبت أحكامه مثل ميتهم * وجوبا كفائيا تحقق أمره فذا ميت حتم على الناس ستره * وذا ميت حق على الناس نشره وقوله من أبيات: ولقد عجبت وما عجبت * لكل ذي عين قريرة وأمامه يوم عظيم * فيه تنكشف السريرة هذا ولو ذكر ابن آدم * ما يلاقي في الحفيرة لبكى دما من هول ذلك * مدة العمر القصيرة فاجهد لنفسك في الخلاص * فدونه سبلا عسيرة ". ثم أورد له قصيدتين ثم قال: " وله قصيدة في الحكم والموعظة، منها: تحققت ما الدنيا عليك تحاوله * فخذ حذر من يدري من هو قاتله ودع عنك آمالا طوى الموت نشرها * لمن أنت في معنى الحياة تماثله ولا تك ممن لا يزال مفكرا * مخافة فوت الرزق والله كافله ولا تكترث من نقص حظك عاجلا * فما الحظ ما تعنيه بل هو آجله وحسبك حظا مهلة العمر أن تكن * فرائضه قد تممتها نوافله فكم من معافى مبتلى في يقينه * بداء دوي ما طبيب يزاوله وكم من قوي غادرته خديعة * ضعيف القوى قد بان فيه تخاذله وكم من سليم في الرجال ورأيه * بسهم غرور قد أصيبت مقاتله وكم في الورى من ناقص العلم قاصر * ويصعد في مرماه من هو كامله فيغرى ويغوى وهو شر بلية * يشاركه فيهم حتى يشاكله وله قصيدة في مدح الأئمة (عليهم السلام)، جيدة، وشعره الجيد كثير، ومحاسنه أكثر، وقد نقلت من خطه في بعض مجاميعه، ما ذكرته من شعره، ورأيت أكثر شعره ومؤلفاته بخطه، وكان يعرب الأحاديث بالشكل في المنتقى، عملا بالحديث الذي رواه الكليني وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: اعربوا أحاديثنا، فانا فصحاء ولكن للحديث احتمال آخر. وقد ذكره السيد علي ابن ميرزا أحمد في كتابه: سلافة العصر: في محاسن أعيان أهل العصر، فقال فيه: شيخ المشايخ الجلة، ورئيس المذهب والملة، الواضح الطريق والسنن، وموضح الفروض والسنن، يم العلم الذي يفيد ويفيض، وجم الفضل الذي لا ينضب ولا يغيض، المحقق الذي لا يراع له يراع، والمدقق الذي راق فضله وراع، المتفنن في جميع الفنون، والمفتخر به الآباء، والبنون، قام مقام والده في تمهيد قواعد الشرائع وشرح الصدور بتصنيفه الرائق، وتأليفه الرايع، فنشر للفضائل حللا مطرزة الأكمام، وماط عن مباسم أزهار العلوم لثام الأكمام، وشنف المسامع بفرائد الفوائد، وعاد على الطلاب بالصلات والعوائد، وأما الأدب فهو روضه الأريض، ومالك زمام السجع منه والقريض، والناظم لقلائده وعقوده، والمميز عروضه من نقوده.. ومدحه بفقرات كثيرة، وذكر من شعره كثيرا، وذكر بعض مؤلفاته السابقة، وذكر ما ذكر ولد ولده الشيخ علي بن محمد بن الحسن في كتابه الدر المنثور، وأثنى عليه بما هو أهله، وذكر مؤلفاته السابقة، وأورد له شعرا كثيرا. ورأيت بخط السيد حسين بن محمد بن علي بن أبي الحسن العاملي، ما صورته: توفى العلامة الفهامة الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين العاملي قدس الله روحهما في المحرم سنة إحدى عشرة وألف، في قرية جيع (ووجدت بخطه حديثا عن الصادق (عليه السلام)، قال: إنما سمي البليغ بليغا: لأنه يبلغ حاجته بأهون سعيه ". إنتهى كلام الحر في الأمل.