ابن علي بن أبي طالب: أبو محمد، شيخ الطالبيين - رضي الله عنه -، من أصحاب الباقر (عليه السلام)، رجال الشيخ (3). وعده من أصحاب الصادق (عليه السلام)، أيضا (1) قائلا: " عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أبو محمد، هاشمي مدني تابعي ". قال ابن المهنا في عمدة الطالب، ص 78: " عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وإنما سمي المحض لأن أباه الحسن بن الحسن وأمه فاطمة بنت الحسين، وكان يشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان شيخ بني هاشم في زمانه، وقيل له: بم صرتم أفضل الناس؟ قال: لأن الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا، ولا نتمنى أن نكون من أحد. وكان قوي النفس شجاعا ". (إنتهى). ثم إن الروايات قد كثرت في ذم عبد الله هذا، فروى الصفار، عن العباس ابن معروف، عن حماد بن سليمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن هارون، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن العجلية يزعمون أن عبد الله بن الحسن يدعي أن سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنده، قال (عليه السلام): والله لقد كذب، فوالله ما هو عنده وما رآه بواحدة من عينية قط، ولا رآه أبوه إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين (عليه السلام)، وإن صاحبه لمحفوظ ومحفوظ له، ولا يذهبن يمينا ولا شمالا فإن الامر واضح، والله لو أن أهل الأرض اجتمعوا على أن يحولوا هذا الامر من موضعه الذي وضعه الله ما استطاعوا، ولو أن خلق الله كلهم جميعا كفروا حتى لا يبقى أحد جاء الله لهذا الامر بأهل يكونون هم أهله. بصائر الدرجات: الجزء 4، الباب 4، في أن ما عند الأئمة (عليهم السلام)، من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآيات الأنبياء، ص 174. أقول: هذه الرواية رواها المجلسي عن بصائر الدرجات كما ذكرنا، إلا أن المذكور في ما رواه: (حماد بن عيسى) بدل (حماد بن سليمان). البحار: الجزء 7، باب ما عند الأئمة (عليهم السلام) من سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ص 324. ولا يبعد صحة ما في البحار بقرينة الراوي والمروي عنه. ثم إن سليمان بن هارون في الرواية هو العجلي، كما يظهر من الرواية الآتية، وعليه فالسند صحيح. وروى الصفار أيضا في هذا الباب، عن محمد بن عبد الجبار، عن البرقي، عن فضالة بن أيوب، عن سليمان بن هارون العجلي ما يقرب من الرواية الأولى. وروى الصفار أيضا، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن علي بن سعيد، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، وعنده محمد بن عبد الله بن علي إلى جنبه جالسا، وفي المجلس عبد الملك بن أعين ومحمد الطياروشهاب بن عبد ربه، فقال رجل من أصحابنا: جعلت فداك، إن عبد الله بن الحسن يقول: لنا في هذا الامر ما ليس لغيرنا! فقال أبو عبد الله (عليه السلام) بعد كلام: أما تعجبون من عبد الله يزعم أن أباه علي [عليا ظ] لم يكن إماما، ويقول: إنه ليس لنا علم. وصدق والله ما عنده علم. (الحديث). البصائر: الجزء 3، باب في الأئمة (عليهم السلام)، أنهم أعطوا الجفر والجامعة ومصحف فاطمة (عليها السلام)، ص 153. وروى أيضا، عن يعقوب بن يزيد، ومحمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن علي بن سعيد، قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، (إلى أن قال): فقال محمد بن عبد الله بن علي: العجب لعبد الله ابن الحسن أنه يهزأ ويقول في جفركم الذي تدعون!! فغضب أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال: العجب لعبد الله بن الحسن يقول: ليس فينا إمام، صدق ما هو بامام ولا كان أبوه إماما ويزعم أن علي بن أبي طالب لم يكن إماما ويرد ذلك!! (البصائر): الباب المذكور، ص 156. وفي البصائر روايات غير ما ذكرنا من أراد الاطلاع عليها فليراجع. وروى محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن علي، قال: أخبرني سماعة بن مهران، قال: أخبرني الكلبي النسابة، قال: دخلت المدينة ولست أعرف شيئا من هذا الامر، فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش، فقلت أخبروني عن عالم أهل هذا البيت، فقالوا: عبد الله بن الحسن، فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج، فقال لي ادخل، فدخلت فإذا أنا بالشيخ معتكف شديد الاجتهاد... (إلى أن قال): قلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: تبين برأس الجوزاء والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت في نفسي واحدة، فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين؟ فقال: قد مسح قوم صالحون، ونحن أهل البيت لا نمسح، فقلت في نفسي ثنتان، فقلت ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت نعافه، فقلت في نفسي ثلاث، فقلت: ما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه، فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت (الحديث). الكافي: الجزء 1، باب ما يفصل به بين دعوى المحقق والمبطل 81، الحديث 6. أقول: هذه الرواية تدل على أن عبد الله بن الحسن كان قد نصب نفسه للإمامة وكان يفتي بغير ما أنزل الله، ويأتي في ترجمة عبد الله بن النجاشي (أبي بجير) عن الكشي أن عبد الله بن الحسن كان مرجعا للزيدية وكان يتصدى للفتيا. وروى الشيخ المفيد، عن أبي الفرج بأسانيد متعددة، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي (عليه السلام)، عن أبيه، أن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وأبو جعفر المنصور، وصالح بن علي، وعبد الله بن الحسن، وابناه محمد وإبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، فقال صالح بن علي: قد علمتم أنكم الذين يمد الناس إليهم أعينهم وقد جمعكم الله في هذا الموضع فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إياها من أنفسكم وتواثقوا على ذلك حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين، فحمد الله عبد الله بن الحسن وأثنى عليه، ثم قال: قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي!! فهلم فلنبايعه... فبايعوا محمدا ومسحوا على يده، قال عيسى: وجاء رسول عبد الله بن الحسن إلى أبي أن ائتنا فإنا مجتمعون لأمر، وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد (عليه السلام)، وقال غير عيسى: أن عبد الله بن الحسن قال لمن حضر: لا تريدوا جعفرا فإنا نخاف أن يفسد عليكم أمركم، قال عيسى بن عبد الله بن محمد، فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا له، فجئتهم ومحمد ابن عبد الله يصلي على طنفسة رجل مثنية...، قال: وجاء جعفر بن محمد (عليه السلام) فأوسع له عبد الله بن الحسن إلى جنبه فتكلم بمثل كلامه، فقال جعفر (عليه السلام): لا تفعلوا فإن هذا الامر لم يأت بعد، إن كنت ترى (يعني عبد الله،) أن ابنك هذا هو المهدي فليس به ولا هذا أوانه، وإن كنت إنما تريد أن تخرجه غضبا لله وليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فإنا والله لا ندعك - فأنت شيخنا - ونبايع ابنك في هذا الامر، فغضب عبد الله، وقال: لقد علمت خلاف ما تقول ووالله ما أطلعك الله على غيبه، ولكنه يحملك على هذا الحسد لابني!! (الحديث). ثم قال الشيخ المفيد - قدس سره - بعد هذا الحديث: فصل وهذا حديث مشهور كالذي قبله لا تختلف العلماء بالآثار في صحتها (إنتهى). الارشاد: باب ذكر طرف من أخبار أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام). وبإزاء هذه الروايات ما رواه السيد رضي الدين علي بن طاوس، قال: سأذكر تعزية لمولانا جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) كتبها إلى بني عمه - رضوان الله عليهم - لما حبسوا ليكون مضمونها تعزية عن الحسين (عليه السلام)، وعترته وأصحابه - رضوان الله عليهم - رويناها باسنادنا الذي ذكرنا من عدة طرق إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عمار. ورويناها أيضا باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قال: حدثنا حسين بن أبي أيوب الخثعمي، قال: حدثنا صالح بن أبي الأسود، عن عطية بن نجيح بن المطهر الرازي وإسحاق بن عمار الصيرفي، قالا معا: إن أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، كتب إلى عبد الله بن الحسن - رضي الله عنه - حين حمل هو وأهل بيته يعزيه عما صار إليه: بسم الله الرحمن الرحيم إلى الخلف الصالح والذرية الطيبة من ولد أخيه وابن عمه: أما بعد فلإن كنت تفردت أنت وأهل بيتك ممن حمل معك بما أصابكم ما انفردت بالحزن والغيظة والكآبة وأليم وجع القلب دوني، فلقد نالني من ذلك من الجزع، والقلق وحر المصيبة مثل ما نالك... (الحديث). الاقبال: الباب الأول في ما يتعلق بشهر المحرم، (فصل في ما ذكره مما ينبغي أن يكون الانسان عليه يوم العاشور). أقول: هذه الرواية لو سلمت أنها منقولة عن الشيخ الطوسي بجميع طرق السيد ابن طاووس إليه التي بعضها صحيح، فلا إشكال في أنها من شواذ الروايات، ولا يمكن أن تقع معارضة للروايات المشهورة في ذم عبد الله بن الحسن، على أنه كيف يمكن رواية المفيد لهذه الرواية مع روايته عن عبد الله بن الحسن مكالمته لأبي عبد الله (عليه السلام) بما تقشعر منه الجلود، وقوله: هذا حديث مشهور لا تختلف العلماء بالآثار في صحته. والمتحصل مما ذكرناه: أن عبد الله بن الحسن مجروح مذموم، ولا أقل من أنه لم يثبت وثاقته أو حسنه، والله العالم.