أبي معاوية البجلي الدهني: ذكره النجاشي في ترجمة ابنه معاوية، وقال: كان ثقة في العامة، وجها، يكنى أبا معاوية، وأبا القاسم، وأبا حكيم. وقال الشيخ (528): " عمار بن معاوية الدهني: له كتاب، ذكره ابن النديم ". وعده في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام (434)، قائلا: " عمار ابن خباب أبو معاوية البجلي الدهني الكوفي ". بقي هنا أمران: الأول: أن عمارا هذا يكنى أبا معاوية كما ذكره النجاشي وكناه به الشيخ في رجاله، ويكنى والده خباب أيضا بأبي معاوية كما ذكره النجاشي، وقد يقال له: معاوية كما ذكره الشيخ في الفهرست والفيروزآبادي في القاموس، فعمار بن خباب هو عمار أبو معاوية وابن معاوية وابن أبي معاوية. الثاني: أن قول النجاشي كان ثقة في العامة، وجها، ليس معناه أن عمارا كان ثقة عند العامة أيضا، وإلا لم يقل في العامة، بل معناه أنه كان ثقة في رواة العامة، وجماعتهم، فيكون ذلك شهادة من النجاشي على أن الرجل لم يكن شيعيا، ولكن مع ذلك قد يقال بأنه شيعي، ويستشهد على ذلك بوجوه: الأول: ما رواه محمد بن يعقوب باسناده، عن معاوية بن عمار، قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام نحوا من ثلاثين رجلا، إذ دخل عليه أبي فرحب به أبو عبد الله عليه السلام وأجلسه إلى جنبه فأقبل عليه طويلا، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إن لأبي معاوية حاجة فلو خففتم، فقمنا جميعا فقال لي أبي: إرجع يا معاوية فرجعت، فقال أبو عبد الله عليه السلام: هذا ابنك؟، قال: نعم... الحديث. الكافي: الجزء 5، باب ما يحل للملوك النظر إليه من مولاته، من كتاب النكاح، الحديث 2، فإن اهتمام الصادق عليه السلام بشأن عمار، وشدة اعتنائه به حتى أخلى له المجلس يكشف عن تشيعه. ويرده أن ذلك من اللازم الأعم، فقد يكون الاهتمام لأمر آخر ومصلحة تقتضي ذلك، بل الظاهر من الرواية أنه لم يكن من أصحاب الصادق عليه السلام وملازميه، وإنما زاره لحاجة أخلى له الصادق عليه السلام المجلس لأجلها، وذلك من جهة أن معاوية بن عمار كان من خواص أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وأجلائهم، فلو كان أبوه من المترددين على الصادق عليه السلام كثيرا، لم يكن الإمام عليه السلام يسأله عن بنوة عمار له ولكان يعرفه قبل ذلك. الوجه الثاني: أن الشيخ ذكره في الرجال، وظاهره أنه إمامي. ويرده أن موضوع الرجال أعم، كما هو ظاهر لمن أمعن النظر فيه. الوجه الثالث: أن جماعة من علماء العامة ذكروا أنه من الشيعة، قال ابن حجر: " وقال ابن عيينة: قطع بشر بن مروان عرقوبيه في التشيع ". ويرده: أنه لا عبرة بشهادة هؤلاء فإنهم كانوا ينسبون الرجل إلى التشيع، بل ربما يعاقبه بعض الولاة أو يقتله بإظهاره الولاء لأهل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله. الوجه الرابع: ما في التفسير المنسوب إلى العسكري عليه السلام من أن عمارا الدهني رد ابن أبي ليلى شهادته، وقال له: " لا تقبل شهادتك لأنك رافضي، فبكى عمار وقال: نسبتني إلى مرتبة شريفة لست من أهلها، فقيل هذا للصادق سلام الله عليه، فقال: لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات والأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات، وإنها لزيد في حسناته عند ربه حتى جعل كل خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرة. (إنتهى) ملخصا. ويرده أن نسبة هذا التفسير إلى الإمام عليه السلام غير ثابتة، بل هي معلومة العدم، ويؤيد ذلك أن الصدوق قال في الفقيه: الجزء 3، باب نوادر الشهادات، الحديث 152، وروى عن أبي كهمس، أنه قال: تقدمت إلى شريك في شهادة لزمتني، فقال لي: كيف أجيز شهادتك وأنت تنسب إلى ما تنسب إليه، قال أبو كهمس: فقلت: وما هو؟ قال: الرفض، قال: فبكيت ثم قلت: نسبتني إلى قوم أخاف أن لا أكون منهم، فأجاز شهادتي، وقد وقع مثل ذلك لابن أبي يعفور ولفضيل سكرة (إنتهى)، فإن عدم تعرض الصدوق لذكر عمار يؤيد عدم صحة القصة المنسوبة إليه، والله العالم.