- أصل الجن: ستر الشيء عن الحاسة يقال: جنة الليل وأجنة وجن عليه، فجنه: ستره، وأجنه جعل له ما يجنه، كقولك: قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجن عليه كذا: ستر عليه، قال عز وجل:﴿ فلما جن عليه الليل رأى كوكبا ﴾[الأنعام/76]، والجنان: القلب، لكونه مستورا عن الحاسة، والمجن والمجنة: الترس الذي يجن صاحبه. قال عز وجل:﴿ اتخذوا أيمانهم جنة ﴾[المجادلة/16]، وفي الحديث: (الصوم جنة) (الحديث يروى: (الصيام جنة) وهو صحيح متفق عليه. وأخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الصيام، انظر: تنوير الحوالك 1/287؛ وفتح الباري 4/87؛ ومسلم رقم (1151)؛ وانظر: شرح السنة للبغوى 6/225). والجنة: كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض، قال عز وجل:﴿ لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال ﴾[سبأ/15]،﴿ وبدلناهم بجنتيهم جنتين ﴾[سبأ/16]،﴿ ولولا إذ دخلت جنتك ﴾[الكهف/39]، قيل: وقد تسمى الأشجار الساترة جنة، وعلى ذلك حمل قول الشاعر: - 98 - من النواضح تسقي جنة سحقا *** (هذا عجز بيت، وصدره: كأن عيني في غربي مقتلة وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 40؛ والمجمل 1/175) وسميت الجنة إما تشبيها بالجنة في الأرض - وإن كان بينهما بون -؛ وإما لستره نعمها عنا المشار إليها بقوله تعالى:﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾[السجدة/17]. قال ابن عباس رضي الله عنه: إنما قال:﴿ جنات ﴾(وذلك في قوله تعالى:﴿ كانت لهم جنات الفردوس نزلا ﴾الكهف: 107) بلفظ الجمع لكون الجنان سبعا: جنة الفردوس، وعدن، وجنة النعيم، ودار الخلد، وجنة المأوى، ودار السلام، وعليين. والجنين: الولد ما دام في بطن أمه، وجمعه: أجنة. قال تعالى:﴿ وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ﴾[النجم/32]، وذلك فعيل في معنى مفعول، والجنين القبر (قال ابن فارس: والجنين: المقبور، وكذا في اللسان، والجنن: القبر لستره الميت)، وذلك فعيل في معنى فاعل. والجن يقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الإنس، فعلى هذا تدخل فيه الملائكة والشياطين، فكل ملائكة جن، وليس كل جن ملائكة، وعلى هذا قال أبو صالح (عبد الله بن صالح، أبو صالح المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة، شيخ الكلبي، يروي عن ابن عباس، وفيه ضعف. مات سنة 122 ه. انظر: تقريب التهذيب ص 308): الملائكة كلها جن، وقيل: بل الجن بعض الروحانيين، وذلك أن الروحانيين ثلاثة: - أخبار: وهم الملائكة. - وأشرار: وهم الشياطين. - وأوساط فيهم أخيار وأشرار: وهم الجن، ويدل على ذلك قوله تعالى:﴿ قل أوحي إلي ﴾إلى قوله:﴿ وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون ﴾[الجن/1 - 14]. والجنة: جماعة الجن. قال تعالى:﴿ من الجنةوالناس ﴾[الناس/6]، وقال تعالى:﴿ وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ﴾[الصافات/158]. والجنة: الجنون، وقال تعالى:﴿ ما بصاحبكم من جنة ﴾[سبأ/46] أي: جنون. والجنون: حائل بين النفس والعقل، وجن فلان قيل: أصابه الجنن وبني فعله كبناء الأدواء نحو: زكم ولقي (أي: أصابته اللقوة، وهو داء في الوجه يعوج منه الشدق) وحم، وقيل: أصيب جنانه، وقيل: حيل بين نفسه وعقله، فجن عقله بذلك وقوله تعالى:﴿ ممعلم مجنون ﴾[الدخان/14]، أي: ضامة من يعلمه من الجن، وكذلك قوله تعالى:﴿ أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾[الصافات/36]، وقيل: - 99 - جن التلاع والآفاق (البيت بتمامه: فإذا جادت الدجى وضعوا القد *** ح وجن التلاع والآفاق وهو للأعشى في ديوانه ص 129) أي: كثر عشبها حتى صارت كأنها مجنونة، وقوله تعالى:﴿ والجان خلقناه من قبل من نار السموم ﴾[الحجر/27] فنوع من الجن، وقوله تعالى:﴿ كأنها جان ﴾[النمل/10]، قيل: ضرب من الحيات.