كتب
المسار الصفحة الرئيسة » القاموس » كتب

 البحث  الرقم: 1205  التاريخ: 20 جمادى الآخرة 1430 هـ  المشاهدات: 3583
قائمة المحتويات

في مفردات راغب الإصفهاني

- الكتب: ضم أديم إلى أديم بالخياطة، يقال: كتبت السقاء، وكتبت البغلة: جمعت بين شفريها بحلقة، وفي التعارف ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها إلى بعض باللفظ، فالأصل في الكتابة: النظم بالخط لكن يستعار كل واحد للآخر، ولهذا سمي كلام الله - وإن لم يكتب - كتابا كقوله:﴿ آلم * ذلك الكتاب[البقرة/1 - 2]، وقوله:﴿ قال إني عبد الله آتاني الكتاب[مريم/30]. والكتاب في الأصل مصدر، ثم سمي المكتوب فيه كتابا، والكتاب في الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه، وفي قوله:﴿ يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء[النساء/ 153] فإنه يعني صحيفة فيها كتابة، ولهذا قال:﴿ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس ﴾الآية [الأنعام/7]. ويعبر عن الإثبات والتقدير والإيجاب والفرض والعزم بالكتابة، ووجه ذلك أن الشيء يراد، ثم يقال، ثم يكتب، فالإرادة مبدأ، والكتابة منتهى. ثم يعبر عن المراد الذي هو المبدأ إذا أريد توكيده بالكتابة التي هي المنتهى، قال:﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ﴾[المجادلة/ 21]، وقال تعالى:﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ﴾[التوبة/51]،﴿ لبرز الذين كتب عليهم القتل[آل عمران/154]، وقال:﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله[الأنفال/75] أي: في حكمه، وقوله:﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس[المائدة/45] أي: أوجبنا وفرضنا، وكذلك قوله:﴿ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت[البقرة/180]، وقوله:﴿ كتب عليكم الصيام[البقرة/183]،﴿ لم كتبت علينا القتال[النساء/77]،﴿ ما كتبناها عليهم ﴾[الحديد/27]،﴿ لولا أن كتب الله عليهم الجلاء ﴾[الحشر/3] أي: لولا أن أوجب الله عليهم الإخلاء لديارهم، ويعبر بالكتابة عن القضاء الممضى، وما يصير في حكم الممضى، وعلى هذا حمل قوله:﴿ بلى ورسلنا لديهم يكتبون ﴾[الزخرف/80] قيل: ذلك مثل قوله:﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾[الرعد/39]، وقوله:﴿ أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ﴾[المجادلة/22] فإشارة منه إلى أنهم بخلاف من وصفهم بقوله:﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ﴾[الكهف/28]؛ لأن معنى (أغفلنا) من قولهم: أغفلت الكتاب: إذا جعلته خاليا من الكتابة ومن الإعجام، وقوله:﴿ فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ﴾[الأنبياء/94] فإشارة إلى أن ذلك مثبت له ومجازى به. وقوله:﴿ فاكتبنا مع الشاهدين ﴾[آل عمران/53] أي: اجعلنا في زمرتهم إشارة إلى قوله:﴿ فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم... ﴾الاية [النساء/69] وقوله:﴿ مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ﴾[الكهف/49] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله:﴿ إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ﴾[الحديد/22] قيل: إشارة إلى اللوح المحفوظ، وكذا قوله:﴿ إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير[الحج/70]، وقوله:﴿ ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ﴾[الأنعام/59]،﴿ في الكتاب مسطورا ﴾[الإسراء/58]،﴿ لولا كتاب من الله سبق[الأنفال/68] يعني به ما قدره من الحكمة، وذلك إشارة إلى قوله:﴿ كتب ربكم على نفسه الرحمة[الأنعام/54] وقيل: إشارة إلى قوله:﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾[الأنفال/33]، وقوله:﴿ لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ﴾[التوبة/51] يعني: ما قدره وقضاه، وذكر (لنا) ولم يقل (علينا) تنبيها أن كل ما يصيبنا نعده نعمة لنا، ولا نعده نقمة علينا، وقوله:﴿ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ﴾[المائدة/21] قيل: معنى ذلك وهبها الله لكم، ثم حرمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل: كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل: أوجبها عليكم، وإنما قال: (لكم) ولم يقل: (عليكم) لأن دخولهم إياها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل، فيكون ذلك لهم لا عليهم، وذلك كقولك لمن يرى تأذيا بشيء لا يعرف نفع مآله: هذا الكلام لك لا عليك، وقوله:﴿ وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا[التوبة/40] جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلا، وحكم الله عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى:﴿ وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث[الروم/56] أي: في علمه وإيجابه وحكمه، وعلى ذلك قوله:﴿ لكل أجل كتاب[الرعد/38]، وقوله:﴿ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله[التوبة/36] أي: في حكمه. ويعبر بالكتاب عن الحجة الثابتة من جهة الله نحو:﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ﴾[الحج/8]،﴿ أم آتيناهم كتابا من قبله ﴾[الزخرف/21]،﴿ فأتوا بكتابكم ﴾[الصافات/157]،﴿ وأوتوا الكتاب[البقرة/144] (الآية:﴿ وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون ﴾﴿ كتاب الله[النساء /24]،﴿ أم آتيناهم كتابا ﴾[فاطر/40]،﴿ فهم يكتبون ﴾[الطور/41] فذلك إشارة إلى العلم والتحقق والاعتقاد، وقوله:﴿ وابتغوا ما كتب الله لكم ﴾[البقرة/187] إشارة في تحري النكاح إلى لطيفة، وهي أن الله جعل لنا شهوة النكاح لنتحرى طلب النسل الذي يكون سببا لبقاء نوع الإنسان إلى غاية قدرها، فيجب للإنسان أن يتحرى بالنكاح ما جعل الله له على حسب مقتضى العقل والديانة، ومن تحرى بالنكاح حفظ النسل وحصانة النفس على الوجه المشروع فقد ابتغى ما كتب الله له، وإلى هذا أشار من قال: عنى بما كتب الله لكم الولد (وهو قول ابن عباس. انظر: الدر المنثور 1/479)، ويعبر عن الإيجاد بالكتابة، وعن الإزالة والإفناء بالمحو. قال:﴿ لكل أجل كتاب[الرعد/38]،﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾[الرعد/39] نبه أن لكل وقت إيجادا، وهو يوجد ما تقتضي الحكمة إيجاده ويزيل ما تقتضي الحكمة إزالته، ودل قوله:﴿ لكل أجل كتاب[الرعد/38] على نحو ما دل عليه قوله:﴿ كل يوم هو في شأن ﴾[الرحمن/29] وقوله: [﴿ وعنده أم الكتاب[الرعد/ 39]، وقوله:﴿ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب[آل عمران/78] فالكتاب الأول: ما كتبوه بأيديهم المذكور في قوله:﴿ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ﴾[البقرة/79]. والكتاب الثاني: التوراة، والثالث: لجنس كتب الله، أي: ما هو من شيء من كتب الله سبحانه وتعالى وكلامه] (ما بين [] نقله الزركشي في البرهان 4/97)، وقوله:﴿ وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان ﴾[البقرة/53] فقد قيل: هما عبارتا عن التوراة، وتسميتها كتابا اعتبارا بما أثبت فيها من الأحكام، وتسميتها فرقانا اعتبارا بما فيها من الفرق بين الحق والباطل. وقوله:﴿ وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله كتابا مؤجلا ﴾[آل عمران/145] أي: حكما﴿ لولا كتاب من الله سبق لمسكم ﴾[الأنفال/68]، وقوله:﴿ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله[التوبة/36] كل ذلك حكم منه. وأما قوله:﴿ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ﴾[البقرة/79] فتنبيه أنهم يختلقونه ويفتعلونه، وكما نسب الكتاب المختلق إلى أيديهم نسب المقال المختلق إلى أفواههم، فقال:﴿ ذلك قولهم بأفواههم ﴾[لتوبة/30] والاكتتاب متعارف في المختلق نحو قوله:﴿ أساطير الأولين اكتتبها ﴾[الفرقان/5]. وحيثما ذكر الله تعالى أهل الكتاب فإنما أراد بالكتاب التوراة والإنجيل، أو إياهما جميعا، وقوله:﴿ وما كان هذا القرآن أن يفترى ﴾إلى قوله:﴿ وتفصيل الكتاب[يونس/37] (الآية:﴿ وما كان هذا القرآن أن يفتري من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ﴾)، فإنما أراد بالكتاب ههنا ما تقدم من كتب الله دون القرآن؛ ألا ترى أنه جعل القرآن مصدقا له، وقوله:﴿ وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ﴾[الأنعام/114] فمنهم من قال: هو القرآن، ومنهم من قال: هو القرآن وغيره من الحجج والعلم والعقل (أخرج ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أنس عن ربيعة قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل الكتاب، وتررك فيه موضعا للسنة، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك فيها موضعا للرأي. انظر: الدر المنثور 3/344)، وكذلك قوله:﴿ فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ﴾[العنكبوت/47]، وقوله:﴿ قال الذي عنده علم من الكتاب[النمل/40] فقد قيل: أريد به علم الكتاب، وقيل: علم من العلوم التي آتاها الله سليمان في كتابه المخصوص به، وبه سخر له كل شيء، وقوله:﴿ وتؤمنون بالكتاب كله ﴾[آل عمران/119] أي: بالكتب المنزلة، فوضع ذلك موضع الجمع؛ إما لكونه جنسا كقولك: كثر الدرهم في أيدي الناس، أو لكونه في الإصل مصدرا نحو: عدل، وذلك كقوله:﴿ يؤمنون بما أنزل إليك من قبلك ﴾[البقرة/4] وقيل: يعني أنهم ليسوا كمن قيل فيهم:﴿ ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ﴾[النساء/150]. وكتابة العبد: ابتياع نفسه من سيده بما يؤديه من كسبه، قال:﴿ والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ﴾[النور/33] واشتقاقها يصح أن يكون من الكتابة التي هي الإيجاب، وأن يكون من الكتب الذي هو النظم والإنسان يفعل ذلك.


الفهرسة