- الوارثة والإرث: انتقال قنية إليك عن غيرك من غير عقد، ولا ما يجري مجرى العقد، وسمي بذلك المنتقل عن الميت فيقال للقنية الموروثة: ميراث وإرث. وتراث أصله وراث، فقلبت الواو ألفا وتاء، قال تعالى:﴿ وتأكلون التراث ﴾[الفجر/19] وقال عليه الصلاة والسلام: (اثبتوا على مشاعركم فإنكم على إرث أبيكم) (الحديث عن يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفا من وراء الموقف موقفا تباعده عمرو من الإمام. قال: فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال: إنى رسول الله إليكم يقول: كونوا على مشاعركم هذه؛ فإنكم على إرث من إرث إبراهيم. أخرجه الحاكم في المستدرك 1/462 وقال: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي، وأبو داود (انظر معالم السنن 2/202)؛ والترمذي، وقال: حسن صحيح (عارضة الأحوذي 4/115)؛ والنسائي 5/255) أي: أصله وبقيته، قال الشاعر: - 461 - فينظر في صحف كالريا * ط فيهن إرث كتاب محي (البيت في عمدة الحفاظ (ورث) دون نسبة، وهو لأبي ذؤيب الهذلي. انظر شرح أشعار الهذليين 1/99) ويقال: ورثت مالا عن زيد، وورثت زيدا: قال تعالى:﴿ وورث سليمان داود ﴾[النمل/16]،﴿ وورثه أبواه ﴾[النساء/11]،﴿ وعلى الوارث مثل ذلك ﴾[البقرة/ 233] ويقال: أورثني الميت كذا، وقال:﴿ وإن كانرجل يورث كلالة ﴾[النساء/12] وأورثني الله كذا، قال:﴿ وأورثناها بني إسرائيل ﴾[الشعراء/ 59]،﴿ وأورثناها قوما آخرين ﴾[الدخان/28]،﴿ وأورثكم أرضهم ﴾[الأحزاب/ 27]،﴿ وأورثنا القوم ﴾الآية [الأعراف/137]، وقال:﴿ يا الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ﴾[النساء/19] ويقال لكل من حصل له شيء من غير تعب: قد ورث كذا، ويقال لمن خول شيئا مهنئا: أورث، قال تعالى:﴿ وتلك الجنة التي أورثتموها ﴾[الزخرف/72]،﴿ أولئك هم الوارثون * الذين يرثون ﴾[المؤمنون/10 - 11] وقوله:﴿ ويرث من آل يعقوب ﴾[مريم/6] فإنه يعني وراثة النبوة والعلم، والفضيلة دون المال، فالمال لا قدر له عند الأنبياء حتى يتنافسوا فيه، بل قلما يقتنون المال ويملكونه، ألا ترى أنه قال عليه الصلاة والسلام: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) (شطر حديث أخرجه البخاري، قال عمر: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة) ولأحمد: (إنا لا نورث، ما تركنا صدقة) راجع: فتح الباري 6/144 فرض الخمس؛ ومسلم (1757)؛ والمسند 1/164) نصب على الاختصاص، فقد قيل: ما تركناه هو العلم، وهو صدقة تشترك فيها الأمة، وما روي عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: (العلماء ورثة الأنبياء) (جزء من حديث وفيه: (وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) أخرجه الترمذي، وقال: وليس هو عندي بمتصل هكذا، وذكر له سندا آخر، وقال: هذا أصح (انظر: عارضة الأحوذي 10/155)؛ وأبو داوود؛ وأخرجه ابن ماجه 1/81. قال السيوطي: سئل الشيخ محيي الدين النووي عن هذا الحديث فقال: إنه ضعيف، أي: سندا، وإن كان صحيحا، أي: معنى. وقال المزي: هذا الحديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن. وهو كما قال، فإني رأيت له خمسين طريقا، وقد جمعتها في جزء. انتهى كلام السيوطي) فإشارة إلى ما ورثوه من العلم. واستعمل لفظ الورثة لكون ذلك بغير ثمن ولا منة، وقال لعلي رضي الله عنه: (أنت أخي ووارثي. قال: وما أرثك؟ قال: ما ورثت الأنبياء قبلي، كتاب الله وسنتي) (قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة 1/324: إنه موضوع، وكذا ابن الجوزي في الموضوعات 1/346) ووصف الله تعالى نفسه بأنه الوارث (انظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص 28؛ والمنهاج للحليمي 1/189. قال البيهقي: ومعناه: الباقي بعد ذهاب غيره، وربنا جل ثناؤه بهذه الصفة؛ لأنه يبقى بعد ذهاب الملاك الذين أمتعهم في هذه الدنيا بما آتاهم) من حيث إن الأشياء كلها صائرة إلى الله تعالى. قال الله تعالى:﴿ ولله ميراث السموات والأرض ﴾[آل عمران/180] وقال:﴿ ونحن الوارثون ﴾[الحجر/23] وكونه تعالى وارثا لما روي (أنه ينادي لمن الملك اليوم؟ فيقال لله الواحد القهار) (أخرجه الحاكم وصححه وأبو نعيم في الحية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ينادي مناد بين يدي الساعة: يا أيها الناس، أتتكم الساعة، فيسمعها الأحياء والأموات، وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. انظر: المستدرك 2/437؛ والدر المنثور 7/279) ويقال: ورثت علما من فلان. أي: استفدت منه، قال تعالى:﴿ ورثوا الكتاب ﴾[الأعراف/ 169]،﴿ أورثوا الكتاب من بعدهم ﴾[الشورى/14]،﴿ ثم أورثنا الكتاب ﴾[فاطر /32]،﴿ يرثها عبادي الصالحون ﴾[الأنبياء/105] فإن الوراثة الحقيقية هي أن يحصل للإنسان شيء لا يكون عليه فيه تبعة، ولا عليه محاسبة، وعباد الله الصالحون لا يتناولون شيئا من الدنيا إلا بقدر ما يجب، وفي وقت ما يجب، وعلى الوجه الذي يجب، ومن تناول الدنيا على هذا الوجه لا يحاسب عليها ولا يعاقب بل يكون ذلك له عفوا صفوا كما روي أنه (من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسبه الله في الآخرة) (الخبر تقدم في مادة (حسب)).