- الشيء قيل: هو الذي يصح أن يعلم ويخبر عنه، وعند كثير من المتكلمين هو اسم مشترك المعنى إذا استعمل في الله وفي غيره، ويقع على الموجود والمعدوم. وعند بعضهم: الشيء عبارة عن الموجود (قال صاحب الجوهرة: وعندنا الشيء هو الموجود *** وثابت في الخارج الموجود)، وأصله: مصدر شاء، وإذا وصف به تعالى فمعناه: شاء، وإذا وصف به غيره فمعناه المشيء، وعلى الثاني قوله تعالى:﴿ قلالله خالق كل شيء ﴾[الرعد/16]، فهذا على العموم بلا مثنوية إذ كان الشيء ههنا مصدرا في معنى المفعول. وقوله:﴿ قل أي شيء أكبر شهادة ﴾[الأنعام/19]، فهو بمعنى الفاعل كقوله:﴿ تباركالله أحسن الخالقين ﴾[المؤمنون/14]. والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء، وعند بعضهم: المشيئة في الأصل: إيجاد الشيء وإصابته، وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الإرادة، فالمشيئة من الله تعالى هي الإيجار، ومن الناس هي الإصابة، قال: والمشيئة من الله تقتضي وجود الشي؛ ولذلك قيل: (ما شاءالله كان وما لم يشأ لم يكن) (هذا حديث لا قول، عن زيد بن ثابت وأبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما شاءالله كان، وما لم يشأ لم يكن) أخرجه البيهقي في الاعتقاد والهداية ص 106؛ وأخرجه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت أن رسول الله علمه دعاء وأمره أن يتعاهد به أهله، كل يوم حين يصبح: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، ومنك وبك وإليك، اللهم ما قلت من قول، أو نذرت من نذر، أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديك، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بك، إنك على كل شيء قدير...) الحديث. قال الهيثمي: وأحد إسنادي الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر ابن أبي مريم وهو ضعيف. انظر: مسند أحمد 5/191؛ ومجمع الزوائد 10/116. وسئل الشافعي عن القدر فأنشأ يقول: ما شئت كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ لم يكن، والإرادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال:﴿ يريدالله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ﴾[البقرة/185]،﴿ وما اللهيريد ظلما للعباد ﴾[غافر/31]، ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله؛ فإن الإنسان قد يريد أن لا يموت، ويأبى الله ذلك، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله:﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾[الإنسان/30]، روي أنه لما نزل قوله:﴿ لمن شاء منكم أن يستقيم ﴾[التكوير/28]، قال الكفار: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله تعالى:﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾(أخرج هذا ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة. انظر: الدر المنثور 8/436)، وقال بعضهم: لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو:﴿ ستجدني إن شاءالله من الصابرين ﴾[الصافات/102]،﴿ ستجدني إن شاءالله صابرا ﴾[الكهف /69]،﴿ يأتيكم به الله إن شاء ﴾[هود/33]،﴿ ادخلوا مصر إن شاءالله ﴾[يوسف/69]،﴿ قل لا أملكلنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاءالله ﴾[الأعراف /188]،﴿ وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء اللهربنا ﴾[الأعراف/89]،﴿ ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ﴾[الكهف/24].