- المنى: التقدير. يقال: منى لك الماني، أي: قدر لك المقدر، ومنه: المنا الذي يوزن به فيما قيل، والمني للذي قدر به الحيوانات. قال تعالى:﴿ ألم يك نطفة من مني يمنى ﴾[القيامة/37]،﴿ من نطفة إذا تمنى ﴾[النجم/46] أي: تقدر بالعزة الإلهية ما لم يكن منه، ومنه: المنية، وهو الأجل المقدر للحيوان، وجمعه: منايا، والتمني: تقدير شيء في النفس وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين وظن، ويكون عن روية وبناء على أصل، لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصور ما لا حقيقة له. قال تعالى:﴿ أم للإنسان ما تمنى ﴾[النجم/24]،﴿ فتمنوا الموت ﴾[البقرة/94]،﴿ ولا يتمنونه أبدا ﴾[الجمعة/7] والأمنية: الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشيء، ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمني كالمبدإ للكذب، فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني، وعلى ذلك ما روي عن عثمان رضي الله عنه: (ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت) (في النهاية: وفي حديث عثمان: ما تغنيت ولا تمنيت، ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام. وفي رواية: ما تمنيت منذ أسلمت. أي: ما كذبت. التمني: التكذب. انظر: النهاية لابن الأثير 4/367)، وقوله تعالى:﴿ ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ﴾[البقرة/78] قال مجاهد: معناه: إلا كذبا (انظر: الدر المنثور 1/201؛ وغريب القرآن لليزيدي ص 74)، وقال غيره إلا تلاوة مجردة عن المعرفة. من حيث إن التلاوة بلا معرفة المعنى تجري عند صاحبها مجرى أمنية تمنيتها على التخمين، وقوله:﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقىالشيطان في أمنيته ﴾[الحج/52] أي: في تلاوته، فقد تقدم أن التمني كما يكون عن تخمين وظن فقد يكون عن روية وبناء على أصل، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يبادر إلى ما نزل به الروح الأمين على قلبه حتى قيل له:﴿ لا تعجل بالقرآن ﴾[طه/114]، و﴿ لا تحرك به لسانك لتعجل به ﴾[القيامة/16] سمى تلاوته على ذلك تمنيا، ونبه أن للشيطان تسلطا على مثله في أمنيته، وذلك من حيث بين أن (العجلة من الشيطان) (راجع: مادة (عجل)). ومنيتني كذا: جعلت لي أمنية بما شبهت لي، قال تعالى مخبرا عنه:﴿ ولأضلنهم ولأمنينهم ﴾[النساء/119].