- الفقر يستعمل على أربعة أوجه: الأول: وجود الحاجة الضرورية، وذلك عام للإنسان ما دام في دار الدنيا بل عام للموجودات كلها، وعلى هذا قوله تعالى:﴿ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ﴾[فاطر/15]، وإلى هذا الفقر أشار بقوله في وصف الإنسان:﴿ وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ﴾[الأنبياء/8]. والثاني: عدم المقتنيات، وهو المذكور في قوله:﴿ للفقرء الذين أحصروا ﴾[البقرة/273]، إلى قوله:﴿ من التعفف ﴾[البقرة/273]،﴿ إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ﴾[النور/32]. وقوله:﴿ إنما الصدقات للفقراء والمساكين ﴾[التوبة/60]. الثالث: فقر النفس، وهو الشره المعني بقوله عليه الصلاة والسلام: (كاد الفقر أن يكون كفرا) (الحديث عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كاد الحسد أن يغلب القدر، وكاد الفقر أن يكون كفرا) أخرجه أبو نعيم في الحلية 3/53؛ وابن عدي في الكامل 7/2692. وهو ضعيف، وفيه يحي بن اليمان العجلي الكوفي سريع النسيان، وحديثه خطأ عن الثوري) وهو المقابل بقوله: (الغنىغنى النفس) (الحديث تقدم في مادة (غنى)) والمعني بقولهم: من عدم القناعة لم يفده المال غنى. الرابع: الفقر إلى الله المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام: (اللهم أغنني بالافتقار إليك، ولا تفقرني بالاستغناء عنك) [استدراك] (ليس هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من دعاء عمرو بن عبيد. انظر: جواهر الألفاظ ص 5؛ ومجمع البلاغة للراغب 1/346)، وإياه عني بقوله تعالى:﴿ رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾[القصص/24]، وبهذا ألم الشاعر فقال: - 354 - ويعجبني فقري إليك ولم يكن * ليعجبني لولا محبتك الفقر (البيت في البصائر 4/205 دون نسبة. وهو للبحتري من قصيدة له يمدح بها الفتح بن خاقان، ومطلعها: متى لاح برق أو بدا طلل قفر * جرى مستهل لا بكي ولا نزر وهو في ديوانه 1/102؛ والصناعتين ص 128؛ والزهرة 1/68، وعمدة الحفاظ: فقر) ويقال: افتقر فهو مفتقر وفقير، ولا يكاد يقال: فقر، وإن كان القياس يقتضيه. وأصل الفقير: هو المكسور الفقار، يقال: فقرته فاقرة، أي داهية تكسر الفقار، وأفقرك الصيد فارمه، أي: أمكنك من فقاره، وقيل: هو من الفقرة أي: الحفرة، ومنه قيل لكل حفيرة يجتمع فيها الماء: فقير، وفقرت للفسيل: حفرت له حفيرة غرسته فيها، قال الشاعر: - 355 - ما ليلة الفقير إلا شيطان (هذا شطر بيت، وعجزه: مجنونة تودي بروح الإنسان وهو للجليح بن شديد رفيق الشماخ. وقيل: هو للشماخ في ديوانه ص 413؛ واللسان (فقر)؛ والمجمل 3/703؛ والأول أصح؛ وتقدم ص 455) فقيل: هو اسم بئر، وفقرت الخرز: ثقبته، وأفقرت البعير: ثقبت خطمه.