- يجيء إما متعلقا بفعل ظاهر معه، أو متعلقا بمضمر، فالمتعلق بفعل ظاهر معه ضربان: - أحدهما: لتعدية الفعل، وهو جار مجرى الألف الداخل على الفعل للتعدية، نحو: ذهبت به، وأذهبته. قال تعالى:﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾[الفرقان/72]. - والثاني: للآلة، نحو: قطعه بالسكين (ذكر أبو الحسين المزني للباء واحدا وعشرين معنى، فارجع إلى كتابه (الحروف) ص 54). والمتعلق بمضمر يكون في موضع الحال، نحو: خرج بسلاحه، أي: وعليه السلاح، أو: معه السلاح. وربما قالوا: تكون زائدة، نحو:﴿ وما أنت بمؤمن لنا ﴾[يوسف/17]،﴿ وما أنا بطارد المؤمنين ﴾[الشعراء/114]،﴿ وكفى بنا حاسبين ﴾[الأنبياء/47]، وفي كل ذلك لا ينفك عن معنى، ربما يدق فيتصور أن حصوله وحذفه سواء، وهما في التحقيق مختلفان، سيما في كلام من لا يقع عليه اللغو، فقوله:﴿ وما أنت بمؤمن لنا ﴾[يوسف/17]، فبينه وبين قولك: (ما أنت مؤمنا لنا) فرق، فالمتصور من الكلام إذا نصبت ذات واحدة، كقولك: زيد خارج، والمتصور منه إذا قيل: (ما أنت بمؤمن لنا ذاتان، كقولك: لقيت بزيد رجلا فاضلا، فإن قوله: رجلا فاضلا - وإن أريد به زيد - فقد أخرج في معرض يتصور منه إنسان آخر، فكأنه قال: رأيت برؤيتي لك آخر هو رجل فاضل. وعلى هذا: رأيت بك حاتما في السخاء، وعلى هذا:﴿ وما أنا بطارد المؤمنين ﴾[الشعراء/114]، وقوله تعالى:﴿ أليس الله بكاف عبده ﴾[الزمر/36]. وقوله:﴿ تنبت بالدهن ﴾[المؤمنون/20] قيل معناه: تنبت الدهن، وليس ذلك بالمقصود، بل المقصود أنها تنبت النبات ومعه الدهن، أي: والدهن فيه موجود بالقوة، ونبه بلفظة﴿ بالدهن ﴾على ما أنعم به على عباده وهداهم إلى استنباطه. وقيل: الباء ههنا للحال (قال أبو البقاء: في الآية وجهان: أحدهما: هو متعد، والمفعول محذوف، تقديره: تنبت ثمرها أو جناها، والباء على هذا حال من المحذوف، أي: وفيه الدهن، كقولك: خرج زيد بثيابه، وقيل الباء زائدة، فلا حذف إذا بل المفعول الدهن. والوجه الثاني: هو لازم، يقال: نبت البقل وأنبت بمعنى، فعلى هذا الباء حال، وقيل: هي مفعول، أي: تنبت بسبب الدهن. راجع: إعراب القرآن للعكبري 2/952)، أي: حالة أن فيه الدهن. والسبب فيه أن الهمزة والباء اللتين للتعدية لا يجتمعان، وقوله:﴿ وكفى بالله شهيدا ﴾[الفتح/28]، فقيل: كفى الله شهيدا نحو::﴿ وكفى اللهالمؤمنينالقتال ﴾[الأحزاب/25] الباء زائدة، ولو كان ذلك كما قيل لصح أن يقال: كفى باللهالمؤمنينالقتال، وذلك غير سائغ، وإنما يجيء ذلك حيث يذكر بعده منصوب في موضع الحال كما تقدم ذكره. والصحيح أن (كفى) ههنا موضوع موضع اكتف، كما أن قولهم: أحسن بزيد، موضوع موضع ما أحسن. ومعناه: اكتف بالله شهيدا، وعلى هذا﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾[الفرقان/31]،﴿ وكفى بالله وكيلا ﴾[النساء/132]، [الأحزاب/48]، وقوله:﴿ أو لم يكف بربك أنه على كل شيءشهيد ﴾[فصلت/53]، وعلى هذا قوله: حب إلي بفلان، أي: أحبب إلي به. ومما أدعي فيه الزيادة: الباء في قوله:﴿ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ﴾[البقرة/195]، قيل تقديره: لا تلقوا أيديكم، والصحيح أن معناه: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة) (انظر: مغني اللبيب ص 148)، إلا أنه حذف المفعول استغناء عنه وقصدا إلى العموم، فإنه لا يجوز إلقاء أنفسهم ولا إلقاء غيرهم بأيديهم إلى التهلكة. وقال بعضهم: الباء بمعنى (من) في قوله:﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾[المطففين/28]،﴿ عينا يشرب بها عباد الله ﴾(وجعل الباء بمعنى (من) للتبعيض أثبته الأصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك والكوفيون. راجع: مغنى البيب ص 142) [الإنسان/6]، والوجه ألا يصرف ذلك عما عليه، وأن العين ههنا إشارة إلى المكان الذي ينبع منه الماء لا إلى الماء بعينه، نحو: نزلت بعين، فصار كقولك: مكانا يشرب به، وعلى هذا قوله تعالى:﴿ فلا تحسبهم بمفازة من العذاب ﴾[آل عمران/188] أي: بموضع الفوز. والله تعالى أعلم.