الباء
المسار الصفحة الرئيسة » القاموس » الباء

 البحث  الرقم: 508  التاريخ: 20 جمادى الآخرة 1430 هـ  المشاهدات: 2559
قائمة المحتويات

في مفردات راغب الإصفهاني


- يجيء إما
متعلقا بفعل ظاهر معه، أو متعلقا بمضمر، فالمتعلق بفعل ظاهر معه ضربان:
- أحدهما:
لتعدية الفعل، وهو جار مجرى الألف الداخل على الفعل للتعدية، نحو: ذهبت به،
وأذهبته. قال تعالى:﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾[الفرقان/72].
- والثاني:
للآلة، نحو: قطعه بالسكين (ذكر أبو الحسين المزني للباء واحدا وعشرين معنى، فارجع
إلى كتابه (الحروف) ص 54).
والمتعلق
بمضمر يكون في موضع الحال، نحو: خرج بسلاحه، أي: وعليه السلاح، أو: معه السلاح.
وربما قالوا: تكون زائدة، نحو:﴿ وما أنت بمؤمن لنا ﴾[يوسف/17]،﴿ وما أنا بطارد المؤمنين[الشعراء/114]،﴿ وكفى بنا حاسبين ﴾[الأنبياء/47]، وفي كل ذلك لا ينفك عن معنى، ربما يدق فيتصور أن
حصوله وحذفه سواء، وهما في التحقيق مختلفان، سيما في كلام من لا يقع عليه اللغو،
فقوله:﴿ وما أنت بمؤمن لنا ﴾[يوسف/17]، فبينه وبين قولك: (ما أنت مؤمنا لنا) فرق، فالمتصور من
الكلام إذا نصبت ذات واحدة، كقولك: زيد خارج، والمتصور منه إذا قيل: (ما أنت بمؤمن
لنا ذاتان، كقولك: لقيت بزيد رجلا فاضلا، فإن قوله: رجلا فاضلا - وإن أريد به زيد
- فقد أخرج في معرض يتصور منه إنسان آخر، فكأنه قال: رأيت برؤيتي لك آخر هو رجل
فاضل.
وعلى هذا:
رأيت بك حاتما في السخاء، وعلى هذا:﴿ وما أنا بطارد المؤمنين[الشعراء/114]، وقوله تعالى:﴿ أليس الله بكاف عبده[الزمر/36].
وقوله:﴿ تنبت بالدهن ﴾[المؤمنون/20] قيل معناه: تنبت الدهن، وليس ذلك بالمقصود، بل
المقصود أنها تنبت النبات ومعه الدهن، أي: والدهن فيه موجود بالقوة، ونبه بلفظة﴿ بالدهن ﴾على ما أنعم به على عباده وهداهم إلى استنباطه. وقيل: الباء ههنا
للحال (قال أبو البقاء: في الآية وجهان: أحدهما: هو متعد، والمفعول محذوف، تقديره:
تنبت ثمرها أو جناها، والباء على هذا حال من المحذوف، أي: وفيه الدهن، كقولك: خرج
زيد بثيابه، وقيل الباء زائدة، فلا حذف إذا بل المفعول الدهن. والوجه الثاني: هو
لازم، يقال: نبت البقل وأنبت بمعنى، فعلى هذا الباء حال، وقيل: هي مفعول، أي: تنبت
بسبب الدهن. راجع: إعراب القرآن للعكبري 2/952)، أي: حالة أن فيه الدهن.
والسبب فيه أن
الهمزة والباء اللتين للتعدية لا يجتمعان، وقوله:﴿ وكفى بالله شهيدا ﴾[الفتح/28]، فقيل: كفى الله شهيدا نحو::﴿ وكفى الله المؤمنين القتال[الأحزاب/25] الباء زائدة، ولو كان ذلك كما قيل لصح أن يقال: كفى
بالله المؤمنين القتال، وذلك غير سائغ، وإنما يجيء ذلك حيث يذكر بعده منصوب في
موضع الحال كما تقدم ذكره. والصحيح أن (كفى) ههنا موضوع موضع اكتف، كما أن قولهم:
أحسن بزيد، موضوع موضع ما أحسن. ومعناه: اكتف بالله شهيدا، وعلى هذا﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾[الفرقان/31]،﴿ وكفى بالله وكيلا ﴾[النساء/132]، [الأحزاب/48]، وقوله:﴿ أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد[فصلت/53]، وعلى هذا قوله: حب إلي بفلان، أي: أحبب إلي به.
ومما أدعي فيه
الزيادة: الباء في قوله:﴿ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ﴾[البقرة/195]، قيل تقديره: لا تلقوا أيديكم، والصحيح أن معناه: لا
تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة) (انظر: مغني اللبيب ص 148)، إلا أنه حذف
المفعول استغناء عنه وقصدا إلى العموم، فإنه لا يجوز إلقاء أنفسهم ولا إلقاء غيرهم
بأيديهم إلى التهلكة.
وقال بعضهم:
الباء بمعنى (من) في قوله:﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾[المطففين/28]،﴿ عينا يشرب بها عباد الله(وجعل الباء بمعنى (من) للتبعيض أثبته الأصمعي والفارسي والقتبي
وابن مالك والكوفيون. راجع: مغنى البيب ص 142) [الإنسان/6]، والوجه ألا يصرف ذلك
عما عليه، وأن العين ههنا إشارة إلى المكان الذي ينبع منه الماء لا إلى الماء
بعينه، نحو: نزلت بعين، فصار كقولك: مكانا يشرب به، وعلى هذا قوله تعالى:﴿ فلا تحسبهم بمفازة من العذاب[آل عمران/188] أي: بموضع الفوز. والله تعالى أعلم.


الفهرسة