البحث الرقم: 52 التاريخ: 15 ذو الحجّة 1429 هـ المشاهدات: 6916
كلّ يوم عاشوراء "كلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء" هذا الشعار يعكس ديمومة حالة الصراع بين الحق والباطل على مدى الزمان وفي كلّ مكان، ويبدو أن كربلاءوعاشوراء هي أبرز حلقات هذه السلسلة الطويلة. والحق والباطل في مواجهة مستمرة مع بعضها. وتقع على عاتق جميع الأحرار مهمة حراسة الحق ومجابهة الباطل. ومن البديهي أن الوقوف موقف اللامبالاة والتفرّج على مشاهد الحق والباطل ينم عن حالة انعدام التديّن. إنّ معركة الطف وإن كانت أقصر المعارك إذ إنها لم تستغرق أكثر من نصف يوم، إلاّ أنّها من حيث الامتداد تعتبر أطول صراع ضد الظلموالباطل. وطالما كان هناك من يقول: "يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً" (زيارةعاشوراء). فستبقى جبهة كربلاء تنبض بالحياة، وصراع عاشوراء قائم على الدوام، ومثلما أصبح الحسين وارثاً لآدم وإبراهيم ونوح وموسى ومحمد (عليهم السلام)، فكذا يصبح أتباع مدرسة عاشوراء ورثة لخط الجهاد والشهادة الدامي. ولن تُرى راية كربلاء مطروحة على الأرض يوماً. وهذا هو جوهر التشيّع في بعده السياسي. ذكر أحد الكتاب يقول: "أنا على يقين بأنّ الحسين لو وجد في زماننا هذا لصنع من القدس وجنوب لبنان وأكثر المناطق الإٍسلامية كربلاء ثانية، ووقف نفس الموقف الذي وقفه من معاوية ويزيد، وسوف لا يناصره ممن يدّعون الإسلام والتشيّع وممن يتباكون على القدس والجنوب ويتاجرون بهما في البيانات والخطب وعلى صفحات الجرائد وبالبنادق التي يحملونها في الشوارع والنوادي أكثر من العدد الذي ناصره ووقف إلى جانبه في كربلاء الأُولى" (1). وهذا الرأي يدحض الرأي القائل أن كربلاءوثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت تكليفاً خاصاً بالإمام ولا يمكن اتباع نهجه فحينما أكد الإمام الحسين كما جاء في خطبته على ضرورة القيام ضد السلطة الجائرة التي أحلت حرام الله وحرّمت حلاله، ونقضت عهد الله وسارت خلافاً لسنّة الرسول وعملت بالإثم والعدوان، واعتبر هذه الصفات شاخصة في سلطة يزيد، وأضاف في ختام خطبته: "فلكم فيَّ أسوة" (2)، وهذا يدل على أن الأرض على سعتها كربلاء، والزمن على امتداده عاشوراء. ويجب القيام في كلّ مكان ضد الظلم استلهاماً من هذه المدرسة، وتجب التضحية على طريق العزّة والحريّة. -------------------------------------------------------------------------------- 1- (الانتفاضات الشيعية لهاشم معروف الحسني: 385.) 2- (تاريخ الطبري304:4)