البلد المكان المحيط المحود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه، وجمعه: بلاد وبلدان، قال عز وجل:﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾[البلد/1]، قيل: يعني به مكة (وهذا قول ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن جرير: 30/193 وابن أبي حاتم). قال تعالى:﴿ بلدة طيبة ﴾[سبأ/15]،﴿ فأنشرنا به بلدة ميتا ﴾[الزخرف/11]، وقال عز وجل:﴿ سقناه إلى بلد ميت ﴾[الأعراف/57]،﴿ رباجعل هذا بلدا آمنا ﴾[البقرة/126]، يعني: مكة وتخصيص ذلك في أحد الموضعين وتنكيره في الموضع الآخر له موضع غير هذا الكلام (قال الإسكافي: (قوله تعالى في البقرة:﴿ رباجعل هذا بلدا آمنا ﴾، وفي سورة إبراهيم:﴿ رباجعل هذا البلد آمنا ﴾. قال: الجواب أن يقال: الدعوة الأولى وقعت ولم يكن المكان قد جعل بلدا، فكأنه قال: اجعل هذا الوادي بلدا آمنا، والدعوة الثانية وقعت وقد جعل بلدا، فكأنه قال: اجعل هذا المكان الذي صيرته كما أردت ومصرته كما سألت ذا أمن على من أوى إليه). انتهى مختصرا. راجع درة التنزيل للإسكافي ص 29؛ وفتح الرحمن للأنصاري ص 39؛ وملاك التأويل 1/90) وسميت المفازة بلدا لكونها موطن الوحشيات، والمقبرة بلدا لكونها موطنا للأموات، والبلدة منزل من منازل القمر، والبلدة: البلجة ما بين الحاجبين تشبيها بالبلد لتمددها، وسميت الكركرة بلدة لذلك، وربما استعير ذلك لصدر الإنسان (يقال: فلان واسع البلدة، أي: واسع الصدر)، ولاعتبار الأثر قيل: بجلده بلد، أي: أثر، وجمعه: أبلاد، قال الشاعر: - 66 - وفي النحور كلوم ذات أبلا (هذا عجز بيت للقطامي، وصدره: ليست تجرح فرارا ظهورهم وهو في اللسان (بلد)، وديوانه ص 12؛ والمشوف المعلم 1/117؛ والبصائر 2/273؛ وإصلاح المنطق ص 410) وأبلد الرجل: صار ذا بلد، نحو: أنجد وأتهم (راجع: مادة (ألف)). وبلد: لزم البلد. ولما كان اللازم لموطنه كثيرا ما يتحير إذا حصل في غير موطنه قيل للمتحير: بلد في أمره وأبلد وتبلد، قال الشاعر: - 67 - لا بد للمحزون أن يتبلدا (البيت يروى: ألا لا تلمه اليوم أن ييتبلدا *** فقد غلب المحزون أن يتجلدا وهي في اللسان: (بلد)؛ ويروى: لا بد للمصدور من أن يسعلا وهو في اللسان: (صدر) 4/45 والبيت للأحوص؛ وهو في الأغاني 13/153؛ وديوانه ص 98) ولكثرة وجود البلادة فيمن كان جلف البدن قيل: رجل أبلد، عبارة عن عظيم الخلق، وقوله تعالى:﴿ والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا ﴾[الأعراف/58]، كنايتان عن النفوس الطاهرة والنجسة فيما قيل (وهذا مروي عن ابن عباس وقتادة. راجع الدر المنثور 3/478).