ضل
المسار الصفحة الرئيسة » القاموس » ضل

 البحث  الرقم: 827  التاريخ: 20 جمادى الآخرة 1430 هـ  المشاهدات: 3450
قائمة المحتويات

في مفردات راغب الإصفهاني

- الضلال: العدول عن الطريق المستقيم، ويضاده الهداية، قال تعالى:﴿ فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ﴾[الإسراء/15]، ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج، عمدا كان أو سهوا، يسيرا كان أو كثيرا، فإن الطريق المستقيم الذي هو المرتضى صعب جدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (استقيموا ولن تحصوا (الحديث عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) أخرجه مالك في الموطأ 1/34؛ وأحمد 5/280؛ والحاكم 1/130؛ والدرامي من طرق صحاح 1/168) وقال بعض الحكماء: كوننا مصيبين من وجه وكوننا ضالين من وجوه كثيرة، فإن الاستقامة والصواب يجري مجرى المقرطس من المرمى، وما عداه من الجوانب كلها ضلال. ولما قلنا روي عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فقال: يا رسول الله يروى لنا أنك قلت: (شيبتني سورة هود وأخواتها فما الذي شيبك منها؟ فقال: قوله:﴿ فاستقم كما أمرت ﴾(الحديث تقدم في مادة (حصا) ص 241). وإذا كان الضلال ترك الطريق المستقيم عمدا كان أو سهوا، قليلا كان أو كثيرا، صح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يكون منه خطأ ما، ولذلك نسب الضلال إلى الأنبياء، وإلى الكفار، وإن كان بين الضلالين بون بعيد، ألا ترى أنه قال في النبي صلى الله عليه وسلم:﴿ ووجدك ضالا فهدى ﴾[الضحى/7]، أي: غير مهتد لما سيق إليك من النبوة. وقال في يعقوب:﴿ إنك لفي ضلالك القديم ﴾[يوسف/95]، وقال أولاده:﴿ إن أبانا لفي ضلال مبين ﴾[يوسف/8]، إشارة إلى شغفه بيوسف وشوقه إليه، وكذلك:﴿ قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين ﴾[يوسف/30]، وقال عن موسى عليه السلام:﴿ فعلتها إذا وأنا من الضالين ﴾[الشعراء/20]، تنبيه أن ذلك منه سهو، وقوله:﴿ أن تضل إحداهما ﴾[البقرة/282]، أي: تنسى، وذلك من النسيان الموضوع عن الإنسان. والضلال من وجه آخر ضربان: ضلال في العلوم النظرية، كالضلال في معرفة الله ووحدانيته، ومعرفة النبوة، ونحوهما المشار إليهما بقوله:﴿ ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ﴾[النساء/136]. وضلال في العلوم العملية، كمعرفة الأحكام الشرعية التي هي العبادات، والضلال البعيد إشارة إلى ما هو كفر كقوله على ما تقدم من قوله:﴿ ومن يكفر بالله[النساء/136]، وقوله:﴿ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا ﴾[النساء/167]، وكقوله:﴿ في العذاب والضلال البعيد ﴾[سبأ/8]، أي: في عقوبة الضلال البعيد، وعلى ذلك قوله:﴿ إن أنتم إلا في ضلال كبير ﴾[الملك/9]،﴿ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل[المائدة/77]، وقوله:﴿ أئذا ضللنا في الأرض[السجدة/10]، كناية عن الموت واستحالة البدن. وقوله:﴿ ولا الضالين ﴾[الفاتحة/7]، فقد قيل: عني بالضالين النصارى (أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن حاتم 1/23 عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى) انظر: الدر المنثور 1/42. المسند 4/378). وقوله:﴿ في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ﴾[طه/52]، أي: لا يضل عن ربي، ولا يضل ربي عنه: أي: لا يغفله، وقوله:﴿ ألم يجعل كيدهم في تضليل ﴾[الفيل/2]، أي: في باطل وإضلال لأنفسهم. والإضلال ضربان: أحدهما: أن يكون سببه الضلال، وذلك على وجهين: إما بأن يضل عنك الشيء كقولك: أضللت البعير، أي: ضل عني، وإما أن تحكم بضلاله، والضلال في هذين سبب الإضلال. والضرب الثاني: أن يكون الإضلال سببا للضلال، وهو أن يزين للإنسان الباطل ليضل كقوله:﴿ لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم[النساء/113]، أي يتحرون أفعالا يقصدون بها أن تضل، فلا يحصل من فعلهم ذلك إلا ما فيه ضلال أنفسهم، وقال عن الشيطان:﴿ ولأضلنهم ولأمنينهم ﴾[النساء/119]، وقال في الشيطان:﴿ ولقد أضل منكم جبلا كثيرا[يس/62]،﴿ ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ﴾[النساء/ 60]،﴿ ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ص/26]، وإضلال الله تعالى للإنسان على أحد وجهين: أحدهما أن يكون سببه الضلال، وهو أن يضل الإنسان فيحكم الله عليه بذلك في الدنيا، ويعدل به عن طريق الجنة إلى النار في الآخرة، وذلك إضلال هو حق وعدل، فالحكم على الضال بضلاله والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل وحق. والثاني من إضلال الله: هو أن الله تعالى وضع جبلة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقا، محمودا كان أو مذموما، ألفه واستطابه ولزمه، وتعذر صرفه وانصرافه عنه، ويصير ذلك كالطبع الذي يأبى على الناقل، ولذلك قيل: العادة طبع ثان (انظر: بسط المقال في ذلك في كتاب (الذريعة) للمؤلف ص 38 - 39). وهذه القوة في الإنسان فعل إلهي، وإذا كان كذلك - وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شيء يكون سببا في وقوع فعل - صح نسبة ذلك الفعل إليه، فصح أن ينسب ضلال العبد إلى الله من هذا الوجه، فيقال: أضله الله لا على الوجه الذي يتصوره الجهلة، ولما قلناه جعل الإضلال المنسوب إلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن، بل نفى عن نفسه إضلال المؤمن فقال:﴿ وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم ﴾[التوبة/115]،﴿ فلن يضل أعمالهم * سيهديهم ﴾[محمد/4 - 5]، وقال في الكافر والفاسق:﴿ فتعسا لهم وأضل أعمالهم ﴾[محمد/8]،﴿ وما يضل به إلا الفاسقين ﴾[البقرة/ 26]،﴿ كذلك يضل الله الكافرين ﴾[غافر/74]،﴿ ويضل الله الظالمين[إبراهيم/27]، وعلى هذا النحو تقليب الأفئدة في قوله:﴿ ونقلب افئدتهم ﴾[الأنعام/110]، والختم على القلب في قوله:﴿ ختم الله على قلوبهم[البقرة/ 7]، وزيادة المرض في قوله:﴿ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ﴾[البقرة/ 10].


الفهرسة