- أصل الصلي الإيقاج بالنار، ويقال: صلي بالنار وبكذا، أي: بلي بها، واصطلى بها، وصليت الشاة: شويتها، وهي مصلية. قال تعالى:﴿ اصلوها اليوم ﴾[يس/64]، وقال:﴿ يصلى النار الكبرى ﴾[الأعلى/12]،﴿ تصلى نارا حامية ﴾[الغاشية/4]،﴿ ويصلى سعيرا ﴾[الانشقاق/12]،﴿ وسيصلون سعيرا ﴾[النساء/10]، قرئ:﴿ سيصلون ﴾(وهي قراءة ابن عامر وشعبة. انظر: الإتحاف ص 186) بضم الياء وفتحها،﴿ حسبهم جهنم يصلونها ﴾[المجادلة /8]،﴿ سأصليه سقر ﴾[المدثر/26]،﴿ وتصلية جحيم ﴾[الواقعة/94]، وقوله:﴿ لايصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى ﴾[الليل/15 - 16]، فقد قيل: معناه لا يصطلي بها إلا الأشقى الذي. قال الخليل: صلي الكافر النار: قاسى حرها (انظر: العين 7/154)،﴿ يصلونها فبئس المصير ﴾[المجادلة/8]، وقيل: صلى النار: دخل فيها، وأصلاها غيره، قال:﴿ فسوف نصليه نارا ﴾[النساء/30]،﴿ ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا ﴾[مريم/70]، قيل: جمع صال، والصلاء يقال للوقود وللشواء. والصلاة؛ قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء، والتبريك والتمجيد (ونقل هذا السخاوي في القول البديع ص 11؛ وهو قول الخازرنجي صاحب تكمله العين. انظر تفسير الرازي 2/29)، يقال: صليت عليه، أي: دعوت له وزكيت، وقال عليه السلام: (إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، وإن كان صائما فليصل) (الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصل) أخرجه مسلم في النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي برقم (1431)؛ وأحمد في المسند 3/392؛ وانظر: شرح السنة 6/375) أي: ليدع لأهله،:﴿ وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ﴾[التوبة/103]،﴿ يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ﴾[الأحزاب/56]،﴿ وصلوات الرسول ﴾[التوبة/99]، وصلاة الله للمسلمين هو في التحقيق: تزكيته إياهم. وقال:﴿ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ﴾[البقرة/157]، ومن الملائكة هي الدعاء والاستغفار، كما هي من الناس (قال السخاوي: نقل الترمذي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، وقيل: صلاة الملائكة الدعاء. انظر: القول البديع ص 10. - ورد هذا القول ابن القيم في جلاء الأفهام ص 81). قال تعالى:﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي ﴾[الأحزاب/56]، والصلاة التي هي العبادة المخصوصة، أصلها: الدعاء، وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمنه، والصلاة من العبادات التي لم تنفك شريعة منها، وإن اختلف صورها بحسب شرع فشرع. ولذلك قال:﴿ إن الصلاةكانت على المؤمنين كتابا موقوتا ﴾[النساء/103]، وقال بعضهم: أصل الصلاة من الصلى (صلاء النار: حرها)، قال: ومعنى صلى الرجل، أي: أنه ذاد وأزال عن نفسه بهذه العبادة الصلى الذي هو نار الله الموقدة. وبناء صلى كبناء مرض لإزالة المرض، ويسمى موضع العبادة الصلاة، ولذلك سميت الكنائس صلوات، كقوله:﴿ لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد ﴾[الحج/ 40]، وكل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه ذكر بلفظ الإقامة، نحو:﴿ والمقيمين الصلاة ﴾[النساء/162]،﴿ وأقيموا الصلاة ﴾[البقرة/ 43]،﴿ وأقاموا الصلاة ﴾[البقرة/277]، ولم يقل: المصلين إلا في المنافقين، نحو قوله:﴿ فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾[الماعون/4 - 5]،﴿ ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ﴾[التوبة/54]، وإنما خص لفظ الإقامة تنبيها أن المقصود من فعلها توفيه حقوقها وشرائطها، لا الإتيان بهيئتها فقط، ولهذا روي (أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل) (ومثله قول عمر رضي الله عنه: الموسم كثير، والحج قليل، وذكره المؤلف في مقدمة تفسيره ص 157)، وقوله تعالى:﴿ لم نك من المصلين ﴾[المدثر/43]، أي: من أتباع النبيين، وقوله:﴿ فلا صدق ولا صلى ﴾[القيامة/31]، تنبيها أنه لم يكن ممن يصلي، أي يأتي بهيئتها فضلا عمن يقيمها. وقوله:﴿ وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ﴾[الأنفال/35]، فتسمية صلاتهم مكاء وتصدية تنبيه على إبطال صلاتهم، وأن فعلهم ذلك لا اعتداد به، بل هم في ذلك كطيور تمكو وتصدي، وفائدة تكرار الصلاة في قوله:﴿ قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾[المؤمنون/1 - 2] إلى آخر القصة حيث قال:﴿ والذين هم على صلاتهم يحافظون ﴾[المؤمنون/9]، فإنا نذكره فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله (قال البقاعي: ولما كانتالصلاة من أجل ما عهد فيه من أمر الدين وآكده، وهي من الأمور الخفية التي وقع الائتمان عليها، لما خفف الله فيها على هذه الأمة بإيساع زمانها ومكانها قال:﴿ والذين هم على صلواتهم ﴾التي وصفوا بالخشوع فيها﴿ يحافظون ﴾أي: يجددون تعهدها بغاية جهدهم، لا يتركون شيئا من مفروضاتها ولا مسنوناتها، ويجتهدون في كمالاتها. انتهى. نظم الدرر: 13/109).