بيان
في الآيات تعقيب مسألة التوحيد و توبيخ المشركين على اتخاذهم الآلهة و نسبة الملائكة الكرام إلى الأنوثية، و أنهم لا يتذكرون بما يلقي إليهم القرآن من حجج الوحدانية، و لا يفقهون الآيات بل يستهزءون بالرسول و بما يلقى إليهم من أمر البعث و يسيئون القول في أمر الله و غير ذلك.
قوله تعالى: «أ فأصفاكم ربكم بالبنين و اتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما» الإصفاء الإخلاص قال في المجمع،: تقول: أصفيت فلانا بالشيء إذا آثرته به.
انتهى.
خطاب لمن يقول منهم: إن الملائكة بنات الله أو بعضهم بنات الله و الاستفهام للإنكار، و لعله بدل البنات من الإناث لكونهم يعدون الأنوثة من صفات الخسة.
و المعنى إذا كان سبحانه ربكم لا رب غيره و هو الذي يتولى أمر كل شيء فهل تقولون إنه آثركم بكرامة لم يتكرم به هو نفسه و هو أنه خصكم بالبنين و لم يتخذ لنفسه من الولد إلا الإناث و هم الملائكة الكرام الذين تزعمون أنهم إناث إنكم لتقولون قولا عظيما من حيث استتباعه التبعة السيئة.
قوله تعالى: «و لقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا و ما يزيدهم إلا نفورا» قال في المفردات،: الصرف رد الشيء من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره.
قال: و التصريف كالصرف إلا في التكثير، و أكثر ما يقال في صرف الشيء من حالة إلى حالة و من أمر إلى أمر، و تصريف الرياح هو صرفها من حال إلى حال قال تعالى: «و صرفنا الآيات «و صرفنا فيه من الوعيد» و منه تصريف الكلام و تصريف الدراهم.
انتهى.
و قال: النفر الانزعاج من الشيء و إلى الشيء كالفزع إلى الشيء و عن الشيء يقال: نفر عن الشيء نفورا قال تعالى: «ما زادهم إلا نفورا» «و ما يزيدهم إلا نفورا» انتهى.
فقوله: «و لقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا» معناه بشهادة السياق: و أقسم لقد رددنا الكلام معهم في أمر التوحيد و نفي الشريك من وجه إلى وجه و حولناه من لحن إلى لحن في هذا القرآن فأوردناه بمختلف العبارات و بيناه بأقسام البيانات ليتذكروا و يتبين لهم الحق.
و قوله: «و ما يزيدهم إلا نفورا» أي ما يزيدهم التصريف إلا انزعاجا كلما استؤنف جيء ببيان جديد أورثهم نفرة جديدة.
و في الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة تنبيها على أنهم غير صالحين للخطاب و التكليم بعد ما كان حالهم هذا الحال.
قال في المجمع،: فإن قيل: إذا كان المعلوم أنهم يزدادون النفور عند إنزال القرآن فما المعنى في إنزاله؟ و ما وجه الحكمة فيه؟ قيل: الحكمة فيه إلزام الحجة و قطع المعذرة في إظهار الدلائل التي تحسن التكليف، و إنه يصلح عند إنزاله جماعة ما كانوا يصلحون عند عدم إنزاله، و لو لم ينزل لكان هؤلاء الذين ينفرون عن الإيمان يفسدون بفساد أعظم من هذا النفور فالحكمة اقتضت إنزاله لهذه المعاني، و إنما ازدادوا نفورا عند مشاهدة الآيات و الدلائل لاعتقادهم أنها شبه و حيل و قلة تفكرهم فيها.
انتهى.
و قوله: إنه لو لم ينزل لكانوا يفسدون بفساد أعظم من النفور لا يخلو من شيء فإن ازدياد النفور يبلغ بهم إلى الجحود و معاندة الحق و الصد عنه و لا فساد أعظم منه في باب الدعوة.
لكن ينبغي أن يعلم أن الكفر و الجحود و النفور عن الحق و العناد معه كما كانت تضر أصحابها و يوردهم مورد الهلاك فهي تنفع أرباب الإيمان و الرضا بالحق و التسليم له إذ لو لم يتحقق لهذه الخصال الحسنة و الصفات الجميلة مقابلات لم تتحقق لها كينونة فافهم ذلك.
فمن الواجب في الحكمة أن تتم الحجة ثم تزيد في تمامها حتى يظهر من الشقي كل ما في وسعه من الشقاء، و يتخذ السعداء بمختلف مساعيهم من الدرجات ما يحاذي دركات الأشقياء و قد قال تعالى: «كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظورا»: الآية: 20 من السورة.
قوله تعالى: «قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا» أعرض عن مخاطبتهم فصرف الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمره أن يكلمهم في أمر التوحيد و نفي الشريك.
و الذي يقولون به أن هناك آلهة دون الله يتولون جهات التدبير في العالم على اختلاف مراتبهم و الواحد منهم رب لما يدبره كإله السماء و إله الأرض و إله الحرب و إله قريش.
و إذ كانوا شركاء من جهة التدبير لكل واحد منهم الملك على حسب ربوبيته و الملك من توابع الخلق الذي يختص به سبحانه حتى على معتقدهم 1 كان الملك مما يقبل في نفسه أن يقوم به غيره تعالى و حب الملك و السلطنة ضروري لكل موجود كانوا بالضرورة طالبين أن ينازعوه في ملكه و ينتزعوه من يده حتى ينفرد الواحد منهم بالملك و السلطنة، و يتعين بالعزة و الهيمنة تعالى الله عن ذلك.
فملخص الحجة أنه لو كان معه آلهة كما يقولون و كان يمكن أن ينال غيره تعالى شيئا من ملكه الذي هو من لوازم ذاته الفياضة لكل شيء و حب الملك و السلطنة مغروز في كل موجود بالضرورة لطلب أولئك الآلهة أن ينالوا ملكه فيعزلوه عن عرشه و يزدادوا ملكا على ملك لحبهم ذلك ضرورة لكن لا سبيل لأحد إليه تعالى عن ذلك.
فقوله: «إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا» أي طلبوا سبيلا إليه ليغلبوه على ما له من الملك، و التعبير عنه تعالى بذي العرش و هو من الصفات الخاصة بالملك للدلالة على أن ابتغاءهم السبيل إليه إنما هو لكونه ذا العرش و هو ابتغاء سبيل إلى عرشه ليستقروا عليه.
و من هنا يظهر أن قول بعضهم إن الحجة في الآية هي في معنى الحجة التي في قوله تعالى: «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا» الآية: الأنبياء: 22 في غير محله.
و ذلك أن الحجتين مختلفتان في مقدماتهما فالحجة التي في الآية التي نحن فيها تسلك إلى نفي الشريك من جهة ابتغاء الآلهة السبيل إلى ذي العرش و طلبهم الغلبة عليه بانتزاع الملك منه، و التي في آية الأنبياء تسلك من جهة أن اختلاف الآلهة في ذواتهم يؤدي إلى اختلافهم في التدبير و ذلك يؤدي إلى فساد النظام فالحق أن الحجة التي فيما نحن فيه غير الحجة التي في آية الأنبياء، و التي تقرب من حجة آية الأنبياء ما في قوله: «إذا لذهب كل إله بما خلق و لعلا بعضهم على بعض»: المؤمنون: 91.
و كذا ما نقل عن بعض قدماء المفسرين: أن المراد من ابتغائهم سبيلا إلى ذي العرش طلبهم التقرب و الزلفى منه لعلوه عليهم، و تقريب الحجة أنه لو كان معه آلهة كما يقولون لطلبوا التقرب منه تعالى و الزلفى لديه لعلمهم بعلوه و عظمته، و الذي كان حاله هذا الحال لا يكون إلها فليسوا بآلهة.
في غير محله لشهادة السياق على خلافه كوصفه تعالى بذي العرش و قوله بعد: «سبحانه و تعالى عما يقولون» إلخ فإنه ظاهر في أن لما قدروه من ثبوت الآلهة المستلزم لابتغائهم سبيلا إلى الله محذورا عظيما لا تحتمله ساحة العظمة و الكبرياء مثل كون ملكه في معرض ابتغاء سبيل إليه و تهاجم غيره عليه و كونه لا يأبى بحسب طبعه أن يبتز و ينتقل إلى من دونه.
قوله تعالى: «سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا» التعالي هو العلو البالغ و لهذا وصف المفعول المطلق أعني «علوا» بقوله: «كبيرا» فالكلام في معنى تعالى تعاليا: و الآية تنزيه له تعالى عما يقولونه من ثبوت الآلهة و كون ملكه و ربوبيته مما يمكن أن يناله غيره.
قوله تعالى: «تسبح له السموات السبع و الأرض و من فيهن و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم» إلخ الآية و ما قبلها و إن كانت واقعة موقع التعظيم كقوله: «و قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه» لكنها تفيد بوجه في الحجة المتقدمة فإنها بمنزلة المقدمة المتممة لقوله: «لو كان معه آلهة كما يقولون» إلخ فإن الحجة بالحقيقة قياس استثنائي و الذي بمنزلة الاستثناء هو ما في الآية من تسبيح الأشياء له سبحانه كأنه قيل: لو كان معه آلهة لكان ملكه في معرض المنازعة و المهاجمة لكن الملك من السماوات و الأرض و من فيهن ينزهه عن ذلك و يشهد أن لا شريك له في الملك فإنها لم تبتدىء إلا منه و لا تنتهي إلا إليه و لا تقوم إلا به و لا تخضع سجدا إلا له فلا يتلبس بالملك و لا يصلح له إلا هو فلا رب غيره.
و من الممكن أن تكون الآيتان أعني قوله: «سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا. تسبح له السموات» إلخ جميعا في معنى الاستثناء و التقدير لو كان معه آلهة لطلبوا مغالبته و عزله من ملكه لكنه سبحانه ينزه ذاته عن ذلك بذاته الفياضة التي يقوم به كل شيء و تلزمه الربوبية من غير أن يفارقه أو ينتقل إلى غيره، و كذلك ملكه و هو عالم السماوات و الأرض و من فيهن ينزهنه سبحانه بذواتها المسبحة له حيث إنها قائمة الذات به لو انقطعت أو حجبت عنه طرفة عين فنت و انعدمت فليس معه آلهة و لا أن ملكه و ربوبيته مما يمكن أن يبتغيه غيره فتأمل فيه.
و كيف كان فقوله: «تسبح له السموات السبع و الأرض و من فيهن» يثبت لأجزاء العالم المشهود التسبيح و أنها تسبح الله و تنزهه عما يقولون من الشريك و ينسبون إليه.
و التسبيح تنزيه قولي كلامي و حقيقة الكلام الكشف عما في الضمير بنوع من الإشارة إليه و الدلالة عليه غير أن الإنسان لما لم يجد إلى إرادة كل ما يريد الإشارة إليه من طريق التكوين طريقا التجأ إلى استعمال الألفاظ و هي الأصوات الموضوعة للمعاني، و دل بها على ما في ضميره، و جرت على ذلك سنة التفهيم و التفهم، و ربما استعان على بعض مقاصده بالإشارة بيده أو رأسه أو غيرهما، و ربما استعان على ذلك بكتابة أو نصب علامة.
و بالجملة فالذي يكشف به عن معنى مقصود قول و كلام و قيام الشيء بهذا الكشف قول منه و تكليم و إن لم يكن بصوت مقروع و لفظ موضوع، و من الدليل عليه ما ينسبه القرآن إليه تعالى من الكلام و القول و الأمر و الوحي و نحو ذلك مما فيه معنى الكشف عن المقاصد و ليس من قبيل القول و الكلام المعهود عندنا معشر المتلسنين باللغات و قد سماه الله سبحانه قولا و كلاما.
و عند هذه الموجودات المشهودة من السماء و الأرض و من فيهما ما يكشف كشفا صريحا عن وحدانية ربها في ربوبيته و ينزهه تعالى عن كل نقص و شين فهي تسبح الله سبحانه.
و ذلك أنها ليست لها في أنفسها إلا محض الحاجة و صرف الفاقة إليه في ذاتها و صفاتها و أحوالها.
و الحاجة أقوى كاشف عما إليه الحاجة لا يستقل المحتاج دونه و لا ينفك عنه فكل من هذه الموجودات يكشف بحاجته في وجوده و نقصه في ذاته عن موجده الغني في وجوده التام الكامل في ذاته و بارتباطه بسائر الموجودات التي يستعين بها على تكميل وجوده و رفع نقائصه في ذاته أن موجده هو ربه المتصرف في كل شيء المدبر لأمره.
ثم النظام العام الجاري في الأشياء الجامع لشتاتها الرابط بينها يكشف عن وحدة موجدها، و أنه الذي إليه بوحدته يرجع الأشياء و به بوحدته ترتفع الحوائج و النقائص فلا يخلو من دونه من الحاجة، و لا يتعرى ما سواه من النقيصة و هو الرب لا رب غيره و الغني الذي لا فقر عنده و الكمال الذي لا نقص فيه.
فكل واحد من هذه الموجودات يكشف بحاجته و نقصه عن تنزه ربه عن الحاجة و براءته من النقص حتى أن الجاهل المثبت لربه شركاء من دونه أو الناسب إليه شيئا من النقص و الشين تعالى و تقدس يثبت بذلك تنزهه من الشريك و ينسب بذلك إليه البراءة من النقص فإن المعنى الذي تصور في ضمير هذا الإنسان و اللفظ الذي يلفظه لسانه و جميع ما استخدمه في تأدية هذا المقصود كل ذلك أمور موجودة تكشف بحاجتها الوجودية عن رب واحد لا شريك له و لا نقص فيه.
فمثل هذا الإنسان الجاحد في كون جحوده اعترافا مثل ما لو ادعى إنسان أن لا إنسان متكلما في الدنيا و شهد على ذلك قولا فإن شهادته أقوى حجة على خلاف ما ادعاه و شهد عليه و كلما تكررت الشهادة على هذا النمط و كثر الشهود تأكدت الحجة من طريق الشهادة على خلافها.
فإن قلت: مجرد الكشف عن التنزه لا يسمى تسبيحا حتى يقارن القصد و القصد مما يتوقف على الحياة و أغلب هذه الموجودات عادمة للحياة كالأرض و السماء و أنواع الجمادات فلا مخلص من حمل التسبيح على المجاز فتسبيحها دلالتها بحسب وجودها على تنزه ربها.
قلت: كلامه تعالى مشعر بأن العلم سار في الموجودات مع سريان الخلقة فلكل منها حظ من العلم على مقدار حظه من الوجود، و ليس لازم ذلك أن يتساوى الجميع من حيث العلم أو يتحد من حيث جنسه و نوعه أو يكون عند كل ما عند الإنسان من ذلك أو أن يفقه الإنسان بما عندها من العلم قال تعالى حكاية عن أعضاء الإنسان: «قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء»: حم السجدة: 21 و قال «فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين»: حم السجدة: 11 و الآيات في هذا المعنى كثيرة، و سيوافيك كلام مستقل في ذلك إن شاء الله تعالى.
و إذا كان كذلك فما من موجود مخلوق إلا و هو يشعر بنفسه بعض الشعور و هو يريد بوجوده إظهار نفسه المحتاجة الناقصة التي يحيط بها غنى ربه و كماله لا رب غيره فهو يسبح ربه و ينزهه عن الشريك و عن كل نقص ينسب إليه.
و بذلك يظهر أن لا وجه لحمل التسبيح في الآية على مطلق الدلالة مجازا فالمجاز لا يصار إليه إلا مع امتناع الحمل على الحقيقة، و نظيره قول بعضهم: إن تسبيح بعض هذه الموجودات قالي حقيقي كتسبيح الملائكة و المؤمنين من الإنسان و تسبيح بعضها حالي مجازي كدلالة الجمادات بوجودها عليه تعالى و لفظ التسبيح مستعمل في الآية على سبيل عموم المجاز، و قد عرفت ضعفه آنفا.
و الحق أن التسبيح في الجميع حقيقي قالي غير أن كونه قاليا لا يستلزم أن يكون بألفاظ موضوعة و أصوات مقروعة كما تقدمت الإشارة إليه و قد تقدم في آخر الجزء الثاني من الكتاب كلام في الكلام نافع في المقام.
فقوله تعالى: «تسبح له السموات السبع و الأرض و من فيهن» يثبت لها تسبيحا حقيقيا و هو تكلمها بوجودها و ما له من الارتباط بسائر الموجودات الكائنة و بيانها تنزه ربها عما ينسب إليه المشركون من الشركاء و جهات النقص.
و قوله: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده» تعميم التسبيح لكل شيء و قد كانت الجملة السابقة عدت السماوات السبع و الأرض و من فيهن، و تزيد عليها بذكر الحمد مع التسبيح فتفيد أن كل شيء كما يسبحه تعالى كذلك يحمده بالثناء عليه بجميل صفاته و أفعاله.
و ذلك أنه كما أن عند كل من هذه الأشياء شيئا من الحاجة و النقص عائدا إلى نفسه كذلك عنده من جميل صنعه و نعمته تعالى شيء راجع إليه تعالى موهوب من لدنه، و كما أن إظهار هذه الأشياء لنفسها في الوجود إظهار لحاجتها و نقصها و كشف عن تنزه ربها عن الحاجة و النقص، و هو تسبيحها كذلك إبرازها لنفسها إبراز لما عندها من جميل فعل ربها الذي وراءه جميل صفاته تعالى فهو حمدها فليس الحمد إلا الثناء على الجميل الاختياري فهي تحمد ربها كما تسبحه و هو قوله: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده».
و بلفظ آخر إذا لوحظ الأشياء من جهة كشفها عما عند ربها بإبرازها ما عندها من الحاجة و النقص مع ما لها من الشعور بذلك كان ذلك تسبيحا منها، و إذا لوحظت من جهة كشفها ما لربها بإظهارها ما عندها من نعمة الوجود و سائر جهات الكمال فهو حمد منها لربها و إذا لوحظ كشفها ما عند الله سبحانه من صفة جمال أو جلال مع قطع النظر عن علمها و شعورها بما تكشف عنه كان ذلك دلالة منها عليه تعالى و هي آياته.
و هذا نعم الشاهد على أن المراد بالتسبيح في الآية ليس مجرد دلالتها عليه تعالى بنفي الشريك و جهات النقص فإن الخطاب في قوله: «و لكن لا تفقهون تسبيحهم» إما للمشركين و إما للناس أعم من المؤمن و المشرك و هم على أي حال يفقهون دلالة الأشياء على صانعها مع أن الآية تنفي عنهم الفقه.
و لا يصغى إلى قول من قال: إن الخطاب للمشركين و هم لعدم تدبرهم فيها و قلة انتفاعهم بها كان فهمهم بمنزلة العدم، و لا إلى دعوى من يدعي أنهم لعدم فهمهم بعض المراد من التسبيح جعلوا ممن لا يفقه الجميع تغليبا.
و ذلك لأن تنزيل الفهم منزلة العدم أو جعل البعض كالجميع لا يلائم مقام الاحتجاج و هو سبحانه يخاطبهم في سابق الآية بالحجة على التنزيه على أن هذا النوع من المسامحة بالتغليب و نحوه لا يحتمله كلامه تعالى.
و أما ما وقع في قوله بعد هذه الآية: «و إذا قرأت القرآن» إلى آخر الآيات من نفي الفقه عن المشركين فليس يؤيد ما ذكروه فإن الآيات تنفي عنهم فقه القرآن و هو غير نفي فقه دلالة الأشياء على تنزهه تعالى إذ بها تتم الحجة عليهم.
فالحق أن التسبيح الذي تثبته الآية لكل شيء هو التسبيح بمعناه الحقيقي و قد تكرر في كلامه تعالى إثباته للسماوات و الأرض و من فيهن و ما فيهن و فيها موارد لا تحتمل إلا الحقيقة كقوله تعالى: «و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير»: الأنبياء: 79، و قوله: «إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي و الإشراق»: ص: 18، و يقرب منه قوله: «يا جبال أوبي معه و الطير»: سبأ: 10 فلا معنى لحملها على التسبيح بلسان الحال.
و قد استفاضت الروايات من طرق الشيعة و أهل السنة أن للأشياء تسبيحا و منها روايات تسبيح الحصى في كف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و سيوافيك بعضها في البحث الروائي الآتي إن شاء الله تعالى.
و قوله: «إنه كان حليما غفورا» أي يمهل فلا يعاجل بالعقوبة و يغفر من تاب و رجع إليه، و في الوصفين دلالة على تنزهه تعالى عن كل نقص فإن لازم الحلم أن لا يخاف الفوت، و لازم المغفرة أن لا يتضرر بالمغفرة و لا بإفاضة الرحمة فملكه و ربوبيته لا يقبل نقصا و لا زوالا.
و قد قيل في وجه هذا التذييل إنه إشارة إلى أن الإنسان في قصوره عن فهم هذا التسبيح الذي لا يزال كل شيء مشتغلا به حتى نفسه بجميع أركان وجوده بأبلغ بيان، مخطىء من حقه أن يؤاخذ به لكن الله سبحانه بحلمه و مغفرته لا يعاجله و يعفو عن ذلك إن شاء.
و هو وجه حسن و لازمه أن يكون الإنسان في وسعه أن يفقه هذا التسبيح من نفسه و من غيره، و لعلنا نوفق لبيانه إن شاء الله في موضع يليق به.
قوله تعالى: «و إذا قرأت القرآن جعلنا بينك و بين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا» ظاهر توصيف الحجاب بالمستور أنه حجاب مستور عن الحواس على خلاف الحجابات المتداولة بين الناس المعمولة لستر شيء عن شيء فهو حجاب معنوي مضروب بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أنه قار للقرآن حامل له و بين المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة يحجبه عنهم فلا يستطيعون أن يفقهوا حقيقة ما عنده من معارف القرآن و يؤمنوا به و لا أن يذعنوا بأنه رسول من الله جاءهم بالحق، و لذلك تولوا عنه إذا ذكر الله وحده و بالغوا في إنكار المعاد و رموه بأنه رجل مسحور، و الآيات التالية تؤيد هذا المعنى.
و إنما وصف المشركين بقوله: «الذين لا يؤمنون بالآخرة» لأن إنكار الآخرة يلغو معه الإيمان بالله وحده و بالرسالة فالكفر بالمعاد يستلزم الكفر بجميع أصول الدين، و ليكون تمهيدا لما سيذكر من إنكارهم البعث.
و المعنى: إذا قرأت القرآن و تلوته عليهم جعلنا بينك و بين المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة - و في توصيفهم بذلك ذم لهم - حجابا معنويا محجوبا عن فهمهم فلا يسعهم أن يسمعوا ذكره تعالى وحده، و لا أن يعرفوك بالرسالة الحقة، و لا أن يؤمنوا بالمعاد و يفقهوا حقيقته.
و للقوم في قوله: «حجابا مستورا» أقوال أخر فعن بعضهم أن «مفعول» فيه للنسب أي حجابا ذا ستر نظير قولهم: رجل مرطوب و مكان مهول و جارية مغنوجة أي ذو رطوبة و ذو هول و ذات غنج، و منه قوله تعالى: «وعده مأتيا» أي ذا إتيان و الأكثر في ذلك أن يجيء على فاعل كلابن و تامر.
و عن الأخفش أن «مفعول» ربما ورد بمعنى فاعل كميمون و مشئوم بمعنى يامن و شائم كما أن «فاعل» ربما ورد بمعنى مفعول كماء دافق أي مدفوق فمستور بمعنى ساتر.
و عن بعضهم أن ذلك من الإسناد المجازي و المستور بحسب الحقيقة هو ما وراء الحجاب لا نفسه.
عن بعضهم أنه من قبيل الحذف و الإيصال و أصله حجابا مستورا به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم.
و قيل: المعنى حجابا مستورا بحجاب آخر أي بحجب متعددة و قيل المعنى حجابا مستورا كونه حجابا بمعنى أنهم لا يدرون أنهم لا يدرون و الثلاثة الأخيرة أسخف الوجوه.
قوله تعالى: «و جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه و في آذانهم وقرا و إذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا» الأكنة جمع كن بالكسر و هو على ما ذكره الراغب ما يحفظ فيه الشيء و يستر به عن غيره، و الوقر الثقل في السمع، و في المجمع،: النفور جمع نافر، و هذا الجمع قياس في كل فاعل اشتق من فعل مصدره على فعول مثل ركوع و سجود و شهود.
انتهى.
و قوله: «و جعلنا على قلوبهم أكنة» إلخ كالبيان للحجاب المذكور سابقا أي أغشينا قلوبهم بأغشية و حجب حذار أن يفقهوا القرآن و جعلنا في آذانهم وقرا و ثقلا أن يسمعوه فهم لا يسمعون القرآن سمع قبول و لا يفقهونه فقه إيمان و تصديق كل ذلك مجازاة لهم بما كفروا و فسقوا.
و قوله: «و إذا ذكرت ربك في القرآن وحده» أي على نعت التوحيد و نفي الشريك ولوا على أدبارهم نافرين و أعرضوا عنه مستدبرين.
قوله تعالى: «نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك» إلى آخر الآية، النجوى مصدر و لذا يوصف به الواحد و المثنى و المجموع و المذكر و المؤنث و هو لا يتغير في لفظه.
و الآية بمنزلة الحجة على ما ذكر في الآية السابقة أنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه و في آذانهم وقرا فقوله: «نحن أعلم بما يستمعون به» إلخ ناظر إلى جعل الوقر و قوله: «و إذ هم نجوى» إلخ ناظر إلى جعل الأكنة.
يقول تعالى: نحن أعلم بآذانهم التي يستمعون بها إليك و بقلوبهم التي ينظرون بها في أمرك - و كيف لا؟ و هو تعالى خالقها و مدبر أمرها فإخباره أنه جعل على قلوبهم أكنة و في آذانهم وقرا أصدق و أحق بالقبول - فنحن أعلم بما يستمعون به و هو آذانهم في وقت يستمعون إليك، و نحن أعلم أي بقلوبهم إذ هم نجوى إذ يناجي بعضهم بعضا متحرزين عن الإجهار و رفع الصوت و هم يرون الرأي إذ يقول الظالمون أي يقول القائلون منهم و هم ظالمون في قولهم - إن تتبعون إلا رجلا مسحورا و هذا تصديق أنهم لم يفقهوا الحق.
و في الآية إشعار بل دلالة على أنهم كانوا لا يأتونه (صلى الله عليه وآله وسلم) لاستماع القرآن علنا حذرا من اللائمة و إنما يأتونه متسترين مستخفين حتى إذا رأى بعضهم بعضا على هذا الحال تلاوموا بالنجوى خوفا أن يحس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنون بموقفهم فقال بعضهم لبعض: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا، و بهذا يتأيد ما ورد في أسباب النزول بهذا المعنى، و سنورده إن شاء الله في البحث الروائي الآتي.
قوله تعالى: «انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا» المثل بمعنى الوصف، و ضرب الأمثال التوصيف بالصفات و معنى الآية ظاهر، و هي تفيد أنهم لا مطمع في إيمانهم كما قال تعالى: «و سواء عليهم ء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون»: يس: 10.
قوله تعالى: «و قالوا ء إذا كنا عظاما و رفاتا ء إنا لمبعوثون خلقا جديدا» قال في المجمع،: الرفات ما تكسر و بلي من كل شيء، و يكثر بناء فعال في كل ما يحطم و يرضض يقال: حطام و دقاق و تراب و قال المبرد: كل شيء مدقوق مبالغ في دقه حتى انسحق فهو رفات.
انتهى.
في الآية مضي في بيان عدم فقههم بمعارف القرآن حيث استبعدوا البعث و هو من أهم ما يثبته القرآن و أوضح ما قامت عليه الحجج من طريق الوحي و العقل حتى وصفه الله في مواضع من كلامه بأنه «لا ريب فيه» و ليس لهم حجة على نفيه غير أنهم استبعدوه استبعادا.
و من أعظم ما يزين في قلوبهم هذا الاستبعاد زعمهم أن الموت فناء للإنسان و من المستبعد أن يتكون الشيء عن عدم بحت كما قالوا: أ إذا كنا عظاما و رفاتا بفساد أبداننا عن الموت حتى إذا لم يبق منها إلا العظام ثم رمت العظام و صارت رفاتا أ إنا لفي خلق جديد نعود أناسي كما كنا؟ ذلك رجع بعيد و لذلك رده سبحانه إليهم بتذكيرهم القدرة المطلقة و الخلق الأول كما سيأتي.
قوله تعالى: «قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم» جواب عن استبعادهم، و قد عبروا في كلامهم بقولهم: «ء إذا كنا» فأمر سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمرهم أمر تسخير أن يكونوا حجارة أو حديدا «إلخ» مما تبديله إلى الإنسان أبعد و أصعب عندهم من تبديل العظام الرفات إليه.
فيكون إشارة إلى أن القدرة المطلقة الإلهية لا يشقها شيء تريد تجديد خلقه سواء أ كان عظاما و رفاتا أو حجارة أو حديدا أو غير ذلك.
و المعنى: قل لهم ليكونوا شيئا أشد من العظام و الرفات حجارة أو حديدا أو مخلوقا آخر من الأشياء التي تكبر في صدورهم و يبالغون في استبعاد أن يخلق منه الإنسان - فليكونوا ما شاءوا فإن الله سيعيد إليهم خلقهم الأول و يبعثهم.
قوله تعالى: «فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة» أي فإذا أجبت عن استبعادهم بأنهم مبعوثون أياما كانوا و إلى أي حال و صفة تحولوا سيسألونك و يقولون من يعيدنا إلى ما كنا عليه من الخلقة الإنسانية؟ فاذكر لهم الله سبحانه و ذكرهم من وصفه بما لا يبقى معه لاستبعادهم محل و هو فطره إياهم أول مرة و لم يكونوا شيئا و قل: يعيدكم الذي خلقكم أول مرة.
ففي تبديل لفظ الجلالة من قوله: «الذي فطركم أول مرة» إثبات الإمكان و رفع الاستبعاد بإراءة المثل.
قوله تعالى: «فسينغضون إليك رءوسهم و يقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا» قال الراغب: الإنغاض تحريك الرأس نحو الغير كالمتعجب منه.
انتهى.
و المعنى: فإذا قرعتهم بالحجة و ذكرتهم بقدرة الله على كل شيء و فطرة إياهم أول مرة وجدتهم يحركون إليك رءوسهم تحريك المستهزىء المستخف بك المستهين له و يقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا فإنه لا سبيل إلى العلم به و هو من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله لكن وصف اليوم معلوم بإعلامه تعالى و لذا وصفه لهم واضعا الصفة مكان الوقت فقال: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده، الآية.
قوله تعالى: «يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده و تظنون إن لبثتم إلا قليلا» «يوم» منصوب بفعل مضمر أي تبعثون يوم كذا و كذا و الدعوة هي أمره تعالى لهم أن يقوموا ليوم الجزاء و استجابتهم هي قبولهم الدعوة الإلهية، و قوله: «بحمده» حال من فاعل تستجيبون و التقدير تستجيبون متلبسين بحمده أي حامدين له تعدون البعث و الإعادة منه فعلا جميلا يحمد فاعله و يثنى عليه لأن الحقائق تنكشف لكم اليوم فيتبين لكم أن من الواجب في الحكمة الإلهية أن يبعث الناس للجزاء و أن تكون بعد الأولى أخرى.
و قوله: «و تظنون إن لبثتم إلا قليلا» أي تزعمون يوم البعث أنكم لم تلبثوا في القبور بعد الموت إلا زمانا قليلا و ترون أن اليوم كان قريبا منكم جدا.
و قد صدقهم الله في هذه المزعمة و أن خطأهم فيما ضربوا له من المدة قال تعالى: «قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون»: المؤمنون، 114، و قال: «و يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون قال الذين أوتوا العلم و الإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث»: الروم: 56 إلى غير ذلك من الآيات.
و في التعرض لقوله: «و تظنون إن لبثتم إلا قليلا» تعريض لهم في استبطائهم اليوم و استهزائهم به، و تأييد لما مر من رجاء قربه في قوله: «قل عسى أن يكون قريبا» أي و أنكم ستعدونه قريبا، و كذا في قوله: «فتستجيبون بحمده» تعريض لهم في استهزائهم به و تعجبهم منه أي و أنكم ستحمدونه يوم البعث و أنتم اليوم تستبعدونه و تستهزءون بأمره.
قوله تعالى: «قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم» إلخ يلوح من السياق أن المراد بعبادي هم المؤمنون فالإضافة للتشريف، و قوله: «قل لعبادي يقولوا» إلخ أي مرهم أن يقولوا فهو أمر و جواب أمر مجزوم، و قوله: «التي هي أحسن» أي الكلمة التي هي أحسن، و هو اشتمالها على الأدب الجميل و تعريها عن الخشونة و الشتم و سوء الأمر.
الآية و ما بعدها من الآيتين ذات سياق واحد، و خلاصة مضمونها الأمر بإحسان القول و لزوم الأدب الجميل في الكلام تحرزا عن نزغ الشيطان، و ليعلموا أن الأمر إلى مشية الله لا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يرفع القلم عن كل من آمن به و انتسب إليه و يتأهل للسعادة، فله ما يقول، و له أن يحرم غيره كل خير و يسيء القول فيه فما للإنسان إلا حسن سريرته و كمال أدبه، و قد فضل الله بذلك بعض الأنبياء على بعض و خص داود بإيتاء الزبور الذي فيه أحسن القول و جميل الثناء على الله سبحانه.
و من هنا يظهر أن المؤمنين قبل الهجرة ربما كانوا يحاورون المشركين فيغلظون لهم في القول و يخاشنونهم بالكلام و ربما جبهوهم بأنهم أهل النار، و أنهم معشر المؤمنين أهل الجنة ببركة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان ذلك يهيج المشركين عليهم و يزيد في عداوتهم و يبعثهم إلى المبالغة في فتنتهم و تعذيبهم و إيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و العناد مع الحق.
فأمر الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمرهم بقول التي هي أحسن و المقام مناسب لذلك فقد تقدم آنفا حكاية إساءة الأدب من المشركين إلى النبي و تسميتهم إياه رجلا مسحورا و استهزائهم بالقرآن و بما فيه من معارف المبدإ و المعاد، و هذا هو وجه اتصال الآيات الثلاث بما قبلها و اتصال بعض الثلاث ببعض فافهم ذلك.
فقوله: «و قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن» أمر بالأمر و المأمور به قول الكلمة التي هي أحسن فهو نظير قوله: «و جادلهم بالتي هي أحسن»: النحل: 125 و قوله: إن الشيطان ينزغ بينهم» تعليل للأمر، و قوله: «إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا» تعليل لنزغ الشيطان بينهم.
و ربما قيل: إن المراد بقول التي هي أحسن الكف عن قتال المشركين و معاملتهم بالسلم و الخطاب للمؤمنين بمكة قبل الهجرة فالآية نظيرة قوله: «و قولوا للناس حسنا»: البقرة: 83 على ما ورد في أسباب النزول، و أنت خبير بأن سياق التعليل في الآية لا يلائمه.
قوله تعالى: «ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم و ما أرسلناك عليهم وكيلا» قد تقدم أن الآية و ما بعدها تتمة السياق السابق، و على ذلك فصدر الآية من تمام كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أمر بإلقائه على المؤمنين بقوله: «قل لعبادي يقولوا» إلخ و ذيل الآية خطاب للنبي خاصة فلا التفات في الكلام.
و يمكن أن يكون الخطاب في صدر الآية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنين جميعا بتغليب جانب خطابه على غيبتهم، و هذا أنسب بسياق الآية السابقة و تلاحق الكلام، و الكلام لله جميعا.
و كيف كان فقوله: «ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم» في مقام تعليل الأمر السابق ثانيا، و يفيد أنه يجب على المؤمنين أن يتحرزوا من إغلاظ القول على غيرهم و القضاء بما الله أعلم به من سعادة أو شقاء كأن يقولوا: فلان سعيد بمتابعة النبي و فلان شقي و فلان من أهل الجنة و فلان من أهل النار و عليهم أن يرجعوا الأمر و يفوضوه إلى ربهم فربكم - و الخطاب للنبي و غيره - أعلم بكم و هو يقضي فيكم على ما علم من استحقاق الرحمة أو العذاب إن يشأ يرحمكم و لا يشاء ذلك إلا مع الإيمان و العمل الصالح على ما بينه في كلامه أو إن يشأ يعذبكم و لا يشاء ذلك إلا مع الكفر و الفسوق، و ما جعلناك أيها النبي عليهم وكيلا مفوضا إليه أمرهم حتى تختار لمن تشاء ما تشاء فتعطي هذا و تحرم ذاك.
و من ذلك يظهر أن الترديد في قوله: «إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم» باعتبار المشية المختلفة باختلاف الموارد بالإيمان و الكفر و العمل الصالح و الطالح و أن قوله: «و ما أرسلناك عليهم وكيلا» لردع المؤمنين عن أن يعتمدوا في نجاتهم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الانتساب إلى قبول دينه نظير قوله: «ليس بأمانيكم و لا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به»: النساء: 123 و قوله: «إن الذين آمنوا و الذين هادوا و النصارى و الصابئين من آمن بالله و اليوم الآخر و عمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم»: البقرة: 62 و آيات أخرى في هذا المعنى.
و في الآية أقوال أخر تركنا التعرض لها لعدم الجدوى.
قوله تعالى: «و ربك أعلم بمن في السموات و الأرض و لقد فضلنا بعض النبيين على بعض و آتينا داود زبورا» صدر الآية توسعة في معنى التعليل السابق كأنه قيل: و كيف لا يكون أعلم بكم و هو أعلم بكم و هو أعلم بمن في السماوات و الأرض و أنتم منهم.
و قوله: «و لقد فضلنا بعض النبيين على بعض» كأنه تمهيد لقوله: «و آتينا داود زبورا» و الجملة تذكر فضل داود (عليه السلام) بكتابه الذي هو زبور و فيه أحسن الكلمات في تسبيحه و حمده تعالى، و فيه تحريض للمؤمنين أن يرغبوا في أحسن القول و يتأدبوا بالأدب الجميل في المحاورة و الكلام.
و لهم في تفسير الآية أقوال أخرى تركنا التعرض لها و من أرادها فليراجع المطولات.
بحث روائي
في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «لو كان معه آلهة كما يقولون - إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا» قال: قال: لو كانت الأصنام آلهة كما تزعمون لصعدوا إلى العرش أقول: أي لاستولوا على ملكه تعالى و أخذوا بأزمة الأمور و أما العرش بمعنى الفلك المحدد للجهات أو جسم نوراني عظيم فوق العالم الجسماني كما ذكره بعضهم فلا دليل عليه من الكتاب، و على تقدير ثبوته لا ملازمة بين الربوبية و الصعود على هذا الجسم.
و في الدر المنثور، أخرج أحمد و ابن مردويه عن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنيه: آمركما بسبحان الله و بحمده فإنها صلاة كل شيء، و بها يرزق كل شيء.
أقول: قد ظهر مما قدمناه في معنى تسبيح الأشياء الارتباط المشار إليه في الرواية بين تسبيح كل شيء و بين رزقه فإن الرزق يقدر بالحاجة و السؤال و كل شيء إنما يسبح الله تعالى بالإشارة بإظهار حاجته و نقصه إلى تنزهه تعالى من ذلك.
و في تفسير العياشي، عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده» قال: كل شيء يسبح بحمده، و إنا لنرى أن تنقض الجدر هو تسبيحها: أقول: و رواه أيضا عن الحسين بن سعيد عنه (عليه السلام).
و فيه، عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يوسم البهائم و أن يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها: أقول: و روى النهي عن ضربها على وجوهها: الكليني في الكافي، بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: و في حديث آخر: لا تسمها في وجوهها.
و فيه، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من طير يصاد في بر أو بحر و لا شيء يصاد من الوحش إلا بتضييعه التسبيح.
أقول: و هذا المعنى رواه أهل السنة بطرق كثيرة عن ابن مسعود و أبي الدرداء و أبي هريرة و غيرهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و فيه، عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام): أنه دخل عليه رجل فقال: فداك أبي و أمي إني أجد الله يقول في كتابه: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم» فقال له: هو كما قال الله تبارك و تعالى. قال: أ تسبح الشجرة اليابسة؟ فقال: نعم أ ما سمعت خشب البيت كيف ينقصف؟ و ذلك تسبيحه فسبحان الله على كل حال.
و في الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن النمل يسبحن.
و فيه، أخرج النسائي و أبو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عمر قال: نهى رسول الله عن قتل الضفدع و قال: نعيقها تسبيح.
و فيه، أخرج الخطيب عن أبي حمزة قال: كنا مع علي بن الحسين فمر بنا عصافير يصحن فقال: أ تدرون ما تقول هذه العصافير؟ فقلنا: لا فقال: أما إني ما أقول: إنا نعلم الغيب و لكني سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين يقول: إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها و سألته قوت يومها و إن هذه تسبح ربها و تسأل قوت يومها.
أقول: و روي أيضا مثله عن أبي الشيخ و أبي نعيم في الحلية عن أبي حمزة الثمالي عن محمد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) و لفظه قال محمد بن علي بن الحسين: و سمع عصافير يصحن قال: تدري ما يقلن؟ قلت: لا قال: يسبحن ربهن عز و جل و يسألن قوت يومهن.
و فيه، أخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت: دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لي: يا عائشة اغسلي هذين البردين فقلت: يا رسول الله بالأمس غسلتهما فقال لي: أ ما علمت أن الثوب يسبح فإذا اتسخ انقطع تسبيحه.
و فيه، أخرج العقيلي في الضعفاء و أبو الشيخ و الديلمي عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): آجال البهائم كلها و خشاش الأرض و النمل و البراغيث و الجراد و الخيل و البغال و الدواب كلها و غير ذلك آجالها في التسبيح فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، و ليس إلى ملك الموت منها شيء.
أقول: و لعل المراد من قوله: و ليس إلى ملك الموت منها شيء، أنه لا يتصدى بنفسه قبض أرواحها و إنما يباشرها بعض الملائكة و الأعوان، و الملائكة أسباب متوسطة على أي حال.
و فيه، أخرج أحمد عن معاذ بن أنس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه مر على قوم و هم وقوف على دواب لهم و رواحل فقال لهم: اركبوها سالمة و دعوها سالمة، و لا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق و الأسواق فرب مركوبة خير من راكبها و أكثر ذكرا لله منه.
و في الكافي، بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: للدابة على صاحبها ستة حقوق: لا يحملها فوق طاقتها، و لا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليها، و يبدأ بعلفها إذا نزل، و لا يسمها في وجهها، و لا يضربها فإنها تسبح، و يعرض عليها الماء إذا مر بها.
و في مناقب ابن شهرآشوب،: علقمة و ابن مسعود: كنا نجلس مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و نسمع الطعام يسبح و رسول الله يأكل، و أتاه مكرز العامري و سأله آية فدعا بتسع حصيات فسبحن في يده، و في حديث أبي ذر: فوضعهن على الأرض فلم يسبحن و سكتن ثم عاد و أخذهن فسبحن.
ابن عباس قال: قدم ملوك حضرموت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا كيف نعلم أنك رسول الله؟ فأخذ كفا من حصى فقال: هذا يشهد أني رسول الله فسبح الحصا في يده و شهد أنه رسول الله.
و فيه، أبو هريرة و جابر الأنصاري و ابن عباس و أبي بن كعب و زين العابدين: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخطب بالمدينة إلى بعض الأجذاع فلما كثر الناس و اتخذوا له منبرا و تحول إليه حن كما يحن الناقة، فلما جاء إليه و أكرمه كان يئن أنين الصبي الذي يسكت.
أقول: و الروايات في تسبيح الأشياء على اختلاف أنواعها كثيرة جدا، و ربما اشتبه أمرها على بعضهم فزعم أن هذا التسبيح العام من قبيل الأصوات، و أن لعامة الأشياء لغة أو لغات ذات كلمات موضوعة لمعان نظير ما للإنسان مستعملة للكشف عما في الضمير غير أن حواسنا مصروفة عنها و هو كما ترى.
و الذي تحصل من البحث المتقدم في ذيل الآية الكريمة أن لها تسبيحا هو كلام بحقيقة معنى الكلام و هو إظهارها تنزه ربها بإظهارها نقص ذاتها و صفاتها و أفعالها عن علم منها بذلك، و هو الكلام فما روي من سماعهم تسبيح الحصى في كف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو سماع تسبيح الجبال و الطير إذا سبح داود (عليه السلام) أو ما يشبه ذلك إنما كان بإدراكهم تسبيحها الواقعي بحقيقة معناه من طريق الباطن ثم محاكاة الحس ذلك بما يناظره و يناسبه من الألفاظ و الكلمات الموضوعة لما يفيد ما أدركوه من المعنى.
نظير ذلك ما تقدم من ظهور المعاني المجردة عن الصورة في الرؤيا فيما يناسبه من الصور المألوفة كظهور حقيقة يعقوب و أهله و بنيه ليوسف (عليه السلام) في رؤياه في صورة الشمس و القمر و الكواكب و نظير سائر الرؤى التي حكاها الله سبحانه في سورة يوسف و قد تقدم البحث عنها.
فالذي يناله من ينكشف له تسبيح الأشياء أو حمدها أو شهادتها أو ما يشابه ذلك حقيقة المعنى أولا ثم يحاكيه الحس الباطن في صورة ألفاظ مسموعة تؤدي ما ناله من المعنى و الله أعلم.
و في الدر المنثور،: أخرج أبو يعلى و ابن أبي حاتم و صححه و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي معا في الدلائل، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما نزلت «يدا أبي لهب» أقبلت العوراء أم جميل و لها ولولة و في يدها فهر و هي تقول: مذمما أبينا و دينه قلينا و أمره عصينا و رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس و أبو بكر إلى جنبه فقال أبو بكر: لقد أقبلت هذه و أنا أخاف أن تراك فقال: إنها لن تراني و قرأ قرآنا اعتصم به كما قال تعالى: «و إذا قرأت القرآن جعلنا بينك - و بين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا» فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني فقال أبو بكر: لا و رب هذا البيت ما هجاك فانصرفت و هي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيدها: أقول: و روي أيضا بطريق آخر عن أسماء و عن أبي بكر و ابن عباس مختصرا و رواه أيضا في البحار، عن قرب الإسناد عن الحسن بن ظريف عن معمر عن الرضا عن أبيه عن جده (عليهم السلام) في حديث يذكر فيه جوامع معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و في تفسير العياشي، عن زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) قال: في «بسم الله الرحمن الرحيم» قال: هو أحق ما جهر به، و هي الآية التي قال الله: «و إذا ذكرت ربك في القرآن وحده بسم الله الرحمن الرحيم» ولوا على أدبارهم نفورا» كان المشركون يستمعون إلى قراءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا قرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» نفروا و ذهبوا فإذا فرغ منه عادوا و تسمعوا: أقول: و روي هذا المعنى أيضا عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) و رواه القمي في تفسيره، مضمرا.
و في الدر المنثور، أخرج البخاري في تاريخه، عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: لم كتمتم «بسم الله الرحمن الرحيم» فنعم الاسم و الله كتموا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا دخل منزله اجتمعت عليه قريش فيجهر ببسم الله الرحمن الرحيم و يرفع صوته بها فتولى قريش فرارا فأنزل الله: «و إذا ذكرت ربك في القرآن وحده - ولوا على أدبارهم نفورا».
و فيه، أخرج ابن إسحاق و البيهقي في الدلائل، عن الزهري قال: حدثت أن أبا جهل و أبا سفيان و الأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو يصلي بالليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه و كل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فتلاوموا فقال بعضهم لبعض: لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا. ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا. فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال: أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد قال: و الله سمعت أشياء أعرفها و أعرف ما يراد بها و سمعت أشياء ما عرفت معناها و لا ما يراد بها. قال الأخنس: و أنا و الذي حلفت به. ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فقال: ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: ما ذا سمعت؟ تنازعنا نحن و بنو عبد مناف في الشرف أطعموا فأطعمنا و حملوا فحملنا و أعطوا فأعطينا حتى إذا تجانبنا على الركب و كنا كفرسي الرهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى تدرك هذه؟ لا و الله لا نؤمن به أبدا و لا نصدقه فقام عنه الأخنس و تركه.
و في المجمع،: كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة فيقولون يا رسول الله ائذن لنا في قتالهم فيقول لهم: إني لم أومر فيهم بشيء فأنزل الله سبحانه: «قل لعبادي» الآية: عن الكلبي.
أقول: قد أشرنا في تفسير الآية أنه لا يلائم سياقها.
و الله أعلم.
|