بيان
قوله تعالى: و قال الذين لا يعلمون هم المشركون غير أهل الكتاب و يدل عليه المقابلة السابقة في قوله تعالى: و قالت اليهود ليست النصارى على شيء، و قالت النصارى ليست اليهود على شيء، و هم يتلون الكتاب كذلك، قال الذين لا يعلمون مثل قولهم الآية.
ففي تلك الآية ألحق أهل الكتاب في قولهم بالمشركين و الكفار من العرب، و في هذه الآية ألحق المشركين و الكفار بهم، فقال: و قال الذين لا يعلمون لو لا يكلمنا الله أو تأتينا آية، كذلك قال الذين من قبلهم - و هم أهل الكتاب و اليهود من بينهم - حيث اقترحوا بمثل هذه الأقاويل على نبي الله موسى (عليه السلام)، فهم و الكفار متشابهون في أفكارهم و آرائهم، يقول هؤلاء ما قاله أولئك و بالعكس، تشابهت قلوبهم.
قوله تعالى: قد بينا الآيات لقوم يوقنون جواب عن قول الذين لا يعلمون إلخ، و المراد أن الآيات التي يطالبون بها مأتية مبينة، و لكن لا ينتفع بها إلا قوم يوقنون بآيات الله، و أما هؤلاء الذين لا يعلمون، فقلوبهم محجوبة بحجاب الجهل، مئوفة بآفات العصبية و العناد، و ما تغني الآيات عن قوم لا يعلمون.
و من هنا يظهر وجه توصيفهم بعدم العلم، ثم أيد ذلك بتوجيه الخطاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الإشعار بأنه مرسل من عند الله بالحق بشيرا و نذيرا، فلتطب به نفسه، و ليعلم أن هؤلاء أصحاب الجحيم، مكتوب عليهم ذلك، لا مطمع في هدايتهم و نجاتهم.
قوله تعالى: و لا تسئل عن أصحاب الجحيم، يجري مجرى قوله: «إن الذين كفروا سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون»: البقرة - 6.
|