بيان
تذكر الآيات صد المشركين للمؤمنين عن المسجد الحرام و تقرعهم بالتهديد و تشير إلى تشريع حج البيت لأول مرة لإبراهيم (عليه السلام) و أمره بتأذين الحج في الناس و جملة من أحكام الحج.
قوله تعالى: «الذين كفروا و يصدون عن سبيل الله و المسجد الحرام الذي جعلناه للناس» إلخ.
الصد المنع، و «سواء» مصدر بمعنى الفاعل، و العكوف في المكان الإقامة فيه، و البادي من البدو و هو الظهور، و المراد به - كما قيل - الطارىء أي الذي يقصده من خارج فيدخله، و الإلحاد الميل إلى خلاف الاستقامة و أصله إلحاد حافر الدابة.
و المراد بالذين كفروا مشركوا مكة الذين كفروا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول البعثة قبل الهجرة و كانوا يمنعون الناس عن الإسلام و هو سبيل الله و المؤمنين عن دخول المسجد الحرام لطواف الكعبة و إقامة الصلاة و سائر المناسك فقوله: «يصدون» للاستمرار و لا ضير في عطفه على الفعل الماضي في قوله «الذين كفروا» و المعنى الذين كفروا قبل و يستمرون على منع الناس عن سبيل الله و المؤمنين عن المسجد الحرام.
و بذلك يظهر أن قوله: «و المسجد الحرام» عطف على «سبيل الله» و المراد بصده منعهم المؤمنين عن أداء العبادات و المناسك فيه و كان من لوازمه منع القاصدين للبيت من خارج مكة من دخولها.
و به يتبين أن المراد بقوله: «الذي جعلناه للناس» - و هو وصف المسجد الحرام - جعله لعبادة الناس لا تمليك رقبته لهم فالناس يملكون أن يعبدوا الله فيه ليس لأحد أن يمنع أحدا من ذلك ففيه إشارة إلى أن منعهم و صدهم عن المسجد الحرام تعد منهم إلى حق الناس و إلحاد بظلم كما أن إضافة السبيل إلى الله تعد منهم إلى حق الله تعالى.
و يؤيد ذلك أيضا تعقيبه بقوله: «سواء العاكف فيه و الباد» أي المقيم فيه و الخارج منه مساويان في أن لهما حق العبادة فيه لله، و المراد بالإقامة فيه و في الخارج منه إما الإقامة بمكة و في الخارج منها على طريق المجاز العقلي أو ملازمة المسجد للعبادة و الطرو عليه لها.
و قوله: «و من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم» بيان لجزاء من ظلم الناس في هذا الحق المشروع لهم في المسجد و لازمه تحريم صد الناس عن دخوله للعبادة فيه و مفعول «يرد» محذوف للدلالة على العموم، و الباء في «بإلحاد» للملابسة و في «بظلم» للسببية و الجملة تدل على خبر قوله: «إن الذين كفروا» في صدر الآية.
و المعنى الذين كفروا و لا يزالون يمنعون الناس عن سبيل الله و هو دين الإسلام و يمنعون المؤمنين عن المسجد الحرام الذي جعلناه معبدا للناس يستوي فيه العاكف فيه و البادي نذيقهم.
من عذاب أليم لأنهم يريدون الناس فيه بإلحاد بظلم و من يرد الناس فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم.
و للمفسرين في إعراب مفردات الآية و جملها أقاويل كثيرة جدا و لعل ما أوردناه أنسب للسياق.
قوله تعالى: «و إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا و طهر بيتي للطائفين و القائمين و الركع السجود» بوء له مكانا كذا أي جعله مباءة و مرجعا له يرجع إليه و يقصده، و المكان ما يستقر عليه الشيء فمكان البيت القطعة من الأرض التي بني فيها، و المراد بالقائمين على ما يعطيه السياق هم الناصبون أنفسهم للعبادة و الصلاة.
و الركع جمع راكع كسجد جمع ساجد و السجود جمع ساجد كالركوع جمع راكع.
و قوله: «و إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت» الظرف فيه متعلق بمقدر أي و اذكر وقت كذا و فيه تذكير لقصة جعل البيت معبدا للناس ليتضح به أن صد المؤمنين عن المسجد الحرام ليس إلا إلحادا بظلم.
و تبوئته تعالى مكان البيت لإبراهيم هي جعل مكانه مباءة و مرجعا لعبادته لا لأن يتخذه بيت سكنى يسكن فيه، و يلوح إليه قوله بعد «طهر بيتي» بإضافة البيت إلى نفسه، و لا ريب أن هذا الجعل كان وحيا لإبراهيم فقوله: «بوأنا لإبراهيم مكان البيت» في معنى قولنا: أوحينا إلى إبراهيم أن اتخذ هذا المكان مباءة و مرجعا لعبادتي و إن شئت فقل: أوحينا إليه أن اقصد هذا المكان لعبادتي، و بعبارة أخرى أن اعبدني في هذا المكان.
و بذلك يتضح أن «أن» في قوله: «أن لا تشرك بي شيئا» مفسرة تفسر الوحي السابق باعتباره أنه قول من غير حاجة إلى تقدير أوحينا أو قلنا و نحوه.
و يتضح أيضا أن قوله: «أن لا تشرك بي شيئا» ليس المراد به - و هو واقع في هذا السياق - النهي عن الشرك مطلقا و إن كان منهيا عنه مطلقا بل المنهي عنه فيه هو الشرك في العبادة التي يأتي بها حينما يقصد البيت للعبادة و بعبارة واضحة الشرك فيما يأتي به من أعمال الحج كالتلبية للأوثان و الإهلال لها و نحوهما.
و كذا قوله: «و طهر بيتي للطائفين و القائمين و الركع السجود» و التطهير إزالة الأقذار و الأدناس عن الشيء ليعود إلى ما يقتضيه طبعه الأولي، و قد أضاف البيت إلى نفسه إذ قال: «بيتي» أي بيتا يختص بعبادتي، و تطهير المعبد بما أنه معبد تنزيهه من الأعمال الدنسة و الأرجاس التي تفسد العبادة و ليست إلا الشرك و مظاهره.
فتطهير بيته إما تنزيهه من الأرجاس المعنوية خاصة بأن يشرع إبراهيم (عليه السلام) للناس و يعلمهم طريقا من العبادة لا يداخلها قذارة شرك و لا يدنسها دنسه كما أمر لنفسه بذلك، و إما إزالة مطلق النجاسات عن البيت أعم من الصورية و المعنوية لكن الذي يمس سياق الآية منها هو الرجس المعنوي فمحصل تطهير المعبد عن الأرجاس المعنوية و تنزيهه عنها للعباد الذين يقصدونه بالعبادة وضع عبادة فيه خالصة لوجه الله لا يشوبها شائب شرك يعبدون الله سبحانه بها و لا يشركون به شيئا.
فالمعنى بناء على ما يهدي إليه السياق و اذكر إذ أوحينا إلى إبراهيم أن اعبدني في بيتي هذا بأخذه مباءة و مرجعا لعبادتي و لا تشرك بي شيئا في عبادتي و سن لعبادي القاصدين بيتي من الطائفين و القائمين و الركع السجود عبادة في بيتي خالصة من الشرك.
و في الآية تلويح إلى أن عمدة عبادة القاصدين له طواف و قيام و ركوع و سجود و إشعار بأن الركوع و السجود متقاربان كالمتلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر.
و مما قيل في الآية أن قوله: «بوأنا» معناه «قلنا تبوء» و قيل: معناه «أعلمنا» و من ذلك أن «أن» في قوله: «أن لا» مصدرية و قيل: مخففة من الثقيلة، و من ذلك أن المراد بالطائفين الطارءون و بالقائمين المقيمون بمكة، و قيل: المراد بالقائمين و الركع السجود: المصلون، و هي جميعا وجوه بعيدة.
قوله تعالى: «و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر يأتين من كل فج عميق» التأذين: الإعلام برفع الصوت و لذا فسر بالنداء، و الحج القصد سمي به العمل الخاص الذي شرعه أولا إبراهيم (عليه السلام) و جرت عليه شريعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لما فيه من قصد البيت الحرام، و رجال جمع راجل خلاف الراكب، و الضامر المهزول الذي أضمره السير، و الفج العميق - على ما قيل - الطريق البعيد.
و قوله: «و أذن في الناس بالحج» أي ناد الناس بقصد البيت أو بعمل الحج و الجملة معطوفة على قوله: «لا تشرك بي شيئا» و المخاطب به إبراهيم و ما قيل: إن المخاطب نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعيد من السياق.
و قوله: «يأتوك رجالا» إلخ، جواب الأمر أي أذن فيهم و أن تؤذن فيهم يأتوك راجلين و على كل بعير مهزول يأتين من كل طريق بعيد، و لفظة «كل» تفيد في أمثال هذه الموارد معنى الكثرة دون الاستغراق.
قوله تعالى: «ليشهدوا منافع لهم و يذكروا اسم الله في أيام معلومات» إلخ، اللام للتعليل أو الغاية و الجار و المجرور متعلق بقوله: «يأتوك» و المعنى يأتوك لشهادة منافع لهم أو يأتوك فيشهدوا منافع لهم و قد أطلقت المنافع و لم تتقيد بالدنيوية أو الأخروية.
و المنافع نوعان: منافع دنيوية و هي التي تتقدم بها حياة الإنسان الاجتماعية و يصفو بها العيش و ترفع بها الحوائج المتنوعة و تكمل بها النواقص المختلفة من أنواع التجارة و السياسة و الولاية و التدبير و أقسام الرسوم و الآداب و السنن و العادات و مختلف التعاونات و التعاضدات الاجتماعية و غيرها.
فإذا اجتمعت أقوام و أمم من مختلف مناطق الأرض و أصقاعها على ما لهم من اختلاف الأنساب و الألوان و السنن و الآداب ثم تعارفوا بينهم و كلمتهم واحدة هي كلمة الحق و إلههم واحد و هو الله عز اسمه و وجهتهم واحدة هي الكعبة البيت الحرام حملهم اتحاد الأرواح على تقارب الأشباح و وحدة القول على تشابه الفعل فأخذ هذا من ذاك ما يرتضيه و أعطاه ما يرضيه، و استعان قوم بآخرين في حل مشكلتهم و أعانوهم بما في مقدرتهم فيبدل كل مجتمع جزئي مجتمعا أرقى، ثم امتزجت المجتمعات فكونت مجتمعا وسيعا له من القوة و العدة ما لا تقوم له الجبال الرواسي، و لا تقوى عليه أي قوة جبارة طاحنة، و لا وسيلة إلى حل مشكلات الحياة كالتعاضد و لا سبيل إلى التعاضد كالتفاهم، و لا تفاهم كتفاهم الدين.
و منافع أخروية و هي وجوه التقرب إلى الله تعالى بما يمثل عبودية الإنسان من قول و فعل و عمل الحج بما له من المناسك يتضمن أنواع العبادات من التوجه إلى الله و ترك لذائذ الحياة و شواغل العيش و السعي إليه بتحمل المشاق و الطواف حول بيته و الصلاة و التضحية و الإنفاق و الصيام و غير ذلك.
و قد تقدم فيما مر أن عمل الحج بما له من الأركان و الأجزاء يمثل دورة كاملة مما جرى على إبراهيم (عليه السلام) في مسيره في مراحل التوحيد و نفي الشريك و إخلاص العبودية لله سبحانه.
فإتيان الناس إبراهيم (عليه السلام) أي حضورهم عند البيت لزيارته يستعقب شهودهم هذه المنافع أخرويها و دنيويها و إذا شهدوها تعلقوا بها فالإنسان مجبول على حب النفع.
و قوله: «و يذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» قال الراغب: و البهيمة ما لا نطق له و ذلك لما في صوته من الإبهام لكن خص في التعارف بما عدا السباع و الطير فقال تعالى: «أحلت لكم بهيمة الأنعام».
انتهى.
و قال: و النعم مختص بالإبل و جمعه أنعام و تسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة، لكن الأنعام تقال للإبل و البقر و الغنم، و لا يقال لها: أنعام حتى تكون في جملتها الإبل.
انتهى.
فالمراد ببهيمة الأنعام الأنواع الثلاثة: الإبل و البقر و الغنم من معز أو ضأن و الإضافة بيانية.
و الجملة أعني قوله: «و يذكروا»، إلخ معطوف على قوله: «يشهدوا» أي و ليذكروا اسم الله في أيام معلومات أي في أيام التشريق على ما فسرها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و هي يوم الأضحى عاشر ذي الحجة و ثلاثة أيام بعده.
و ظاهر قوله: «على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» أنه متعلق بقوله: «يذكروا» و قوله: «من بهيمة الأنعام» بيان للموصول و المراد ذكرهم اسم الله على البهيمة - الأضحية - عند ذبحها أو نحوها على خلاف ما كان المشركون يهلونها لأصنامهم.
و قد ذكر الزمخشري أن قوله: «و يذكروا اسم الله» إلخ كناية عن الذبح و النحر و يبعده أن في الكلام عناية خاصة بذكر اسمه تعالى بالخصوص و العناية في الكناية متعلقة بالمكني عنه دون نفس الكناية، و يظهر من بعضهم أن المراد مطلق ذكر اسم الله في أيام الحج و هو كما ترى.
و قوله: «فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير» البائس من البؤس و هو شدة الضر و الحاجة، و الذي اشتمل عليه الكلام حكم ترخيصي إلزامي.
قوله تعالى: «ثم ليقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم و ليطوفوا بالبيت العتيق» التفث شعث البدن، و قضاء التفث إزالة ما طرأ بالإحرام من الشعث بتقليم الأظفار و أخذ الشعر و نحو ذلك و هو كناية عن الخروج من الإحرام.
و المراد بقوله: «و ليوفوا نذورهم» إتمام ما لزمهم بنذر أو نحوه، و بقوله: «و ليطوفوا بالبيت العتيق» طواف النساء على ما في تفسير أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فإن الخروج من الإحرام يحلل له كل ما حرم به إلا النساء فتحل بطواف النساء و هو آخر العمل.
و البيت العتيق هو الكعبة المشرفة سميت به لقدمه فإنه أول بيت بني لعبادة الله كما قال تعالى: «إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا و هدى للعالمين:» آل عمران: 96، و قد مضى على هذا البيت اليوم زهاء أربعة آلاف سنة و هو معمور و كان له يوم نزول الآيات أكثر من ألفين و خمسمائة سنة.
قوله تعالى: «ذلك و من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه» إلى آخر الآية الحرمة، ما لا يجوز انتهاكه و وجب رعايته، و الأوثان جمع وثن و هو الصنم، و الزور الميل عن الحق و لذا يسمى الكذب و قول الباطل زورا.
و قوله: «ذلك» أي الأمر ذلك أي الذي شرعناه لإبراهيم (عليه السلام) و من بعده من نسك الحج هو ذلك الذي ذكرناه و أشرنا إليه من الإحرام و الطواف و الصلاة و التضحية بالإخلاص لله و التجنب عن الشرك.
و قوله: «و من يعظم حرمات الله فهو خير له» ندب إلى تعظيم حرمات الله و هي الأمور التي نهى عنها و ضرب دونها حدودا منع عن تعديها و اقتراف ما وراءها و تعظيمها الكف عن التجاوز إليها.
و الذي يعطيه السياق أن هذه الجملة توطئة و تمهيد لما بعدها من قوله «و أحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم» فإن انضمام هذه الجملة إلى الجملة قبلها يفيد أن الأنعام - على كونها مما رزقهم الله و قد أحلها لهم - فيها حرمة إلهية و هي التي يدل عليها الاستثناء - إلا ما يتلى عليكم -.
و المراد بقوله ما يتلى عليكم» استمرار التلاوة، فإن محرمات الأكل نزلت في سورة الأنعام و هي مكية و في سورة النحل و هي نازلة في آخر عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة و أول عهده بالمدينة، و في سورة البقرة و قد نزلت في أوائل الهجرة بعد مضي ستة أشهر منها - على ما روي - و لا موجب لجعل «يتلى» للاستقبال و أخذه إشارة إلى آية سورة المائدة كما فعلوه.
و الآيات المتضمنة لمحرمات الأكل و إن تضمنت منها عدة أمور كالميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل به لغير الله إلا أن العناية في الآية بشهادة سياق ما قبلها و ما بعدها بخصوص ما أهل به لغير الله فإن المشركين كانوا يتقربون في حجهم - و هو السنة الوحيدة الباقية بينهم من ملة إبراهيم - بالأصنام المنصوبة على الكعبة و على الصفا و على المروة و بمنى و يهلون بضحاياهم لها فالتجنب منها و من الإهلال بذكر أسمائها هو الغرض المعنى به من الآية و إن كان أكل الميتة و الدم و لحم الخنزير أيضا من جملة حرمات الله.
و يؤيد ذلك أيضا تعقيب الكلام بقوله: «فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور» فإن اجتناب الأوثان و اجتناب قول الزور و إن كانا من تعظيم حرمات الله و لذلك تفرع «فاجتنبوا الرجس» على ما تقدمه من قوله: «و من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه» لكن تخصيص هاتين الحرمتين من بين جميع الحرمات في سياق آيات الحج بالذكر ليس إلا لكونهما مبتلى بهما في الحج يومئذ و إصرار المشركين على التقرب من الأصنام هناك و إهلال الضحايا باسمها.
و بذلك يظهر أن قوله: «فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور» نهي عام عن التقرب إلى الأصنام و قول الباطل أورد لغرض التقرب إلى الأصنام في عمل الحج كما كانت عادة المشركين جارية عليه، و عن التسمية باسم الأصنام على الذبائح من الضحايا، و على ذلك يبتني التفريع بالفاء.
و في تعليق حكم الاجتناب أولا بالرجس ثم بيانه بقوله: «من الأوثان» إشعار بالعلية كأنه قيل: اجتنبوا الأوثان لأنها رجس و في تعليقه بنفس الأوثان دون عبادتها أو التقرب أو التوجه إليها أو مسها و نحو ذلك - مع أن الاجتناب إنما يتعلق على الحقيقة بالأعمال دون الأعيان - مبالغة ظاهرة.
و قد تبين بما مر أن «من» في قوله: «من الأوثان» بيانية، و ذكر بعضهم أنها ابتدائية، و المعنى: اجتنبوا الرجس الكائن من الأوثان و هو عبادتها، و ذكر آخرون أنها تبعيضية، و المعنى: اجتنبوا الرجس الذي هو بعض جهات الأوثان و هو عبادتها، و في الوجهين من التكلف و إخراج معنى الكلام عن استقامته ما لا يخفى.
قوله تعالى: «حنفاء لله غير مشركين به و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير» إلخ، الحنفاء جمع حنيف و هو المائل من الأطراف إلى حاق الوسط.
و كونهم حنفاء لله ميلهم عن الأغيار و هي الآلهة من دون الله إليه فيتحد مع قوله غير مشركين به معنى.
و هما أعني قوله: «حنفاء لله» و قوله: «غير مشركين به» حالان عن فاعل «فاجتنبوا» أي اجتنبوا التقرب من الأوثان و الإهلال لها حال كونكم مائلين إليه ممن سواه غير مشركين به في حجكم فقد كان المشركون يلبون في الحج بقولهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه و ما ملك.
و قوله: «و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير» أي تأخذه بسرعة، شبه المشرك في شركه و سقوطه به من أعلى درجات الإنسانية إلى هاوية الضلال فيصيده الشيطان، بمن سقط من السماء فتأخذه الطير.
و قوله: «أو تهوي به الريح في مكان سحيق» أي بعيد في الغاية و هو معطوف على «تخطفه الطير» تشبيه آخر من جهة البعد.
قوله تعالى: «ذلك و من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» «ذلك» خبر لمبتدإ محذوف أي الأمر ذلك الذي قلنا، و الشعائر جمع شعيرة و هي العلامة، و شعائر الله الأعلام التي نصبها الله تعالى لطاعته كما قال: «إن الصفا و المروة من شعائر الله» و قال: «و البدن جعلناها لكم من شعائر الله» الآية.
و المراد بها البدن التي تساق هديا و تشعر أي يشق سنامها من الجانب الأيمن ليعلم أنها هدي على ما في تفسير أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و يؤيده ظاهر قوله تلوا: «لكم فيها منافع» إلخ، و قوله بعد: «و البدن جعلناها» الآية، و قيل: المراد بها جميع الأعلام المنصوبة للطاعة، و السياق لا يلائمه.
و قوله: «فإنها من تقوى القلوب» أي تعظيم الشعائر الإلهية من التقوى، فالضمير لتعظيم الشعائر المفهوم من الكلام ثم كأنه حذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه فأرجع إليه الضمير.
و إضافة التقوى إلى القلوب للإشارة إلى أن حقيقة التقوى و هي التحرز و التجنب عن سخطه تعالى و التورع عن محارمه أمر معنوي يرجع إلى القلوب و هي النفوس و ليست هي جسد الأعمال التي هي حركات و سكنات فإنها مشتركة بين الطاعة و المعصية كالمس في النكاح و الزنا، و إزهاق الروح في القتل قصاصا أو ظلما و الصلاة المأتي بها قربة أو رياء و غير ذلك، و لا هي العناوين المنتزعة من الأفعال كالإحسان و الطاعة و نحوها.
قوله تعالى: «لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق» المحل بكسر الحاء اسم زمان بمعنى وقت حلول الأجل، و ضمير فيها للشعائر، و المعنى على تقدير كون المراد بالشعائر بدن الهدي أن لكم في هذه الشعائر - و هي البدن - منافع من ركوب ظهرها و شرب ألبانها عند الحاجة إلى أجل مسمى هو وقت نحرها ثم محلها أي وقت حلول أجلها للنحر منته إلى البيت العتيق أو بانتهائها إليه، و الجملة في معنى قوله: «هديا بالغ الكعبة» هذا على تفسير أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
و أما على القول بكون المراد بالشعائر مناسك الحج فقيل المراد بالمنافع التجارة إلى أجل مسمى ثم محل هذه المناسك و منتهاها إلى البيت العتيق لأن آخر ما يأتي به من الأعمال الطواف بالبيت.
قوله تعالى: «و لكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» إلى آخر الآية.
المنسك مصدر ميمي و اسم زمان و مكان، و ظاهر قوله: «ليذكروا اسم الله» إلخ أنه مصدر ميمي بمعنى العبادة و هي العبادة التي فيها ذبح و تقريب قربان.
و المعنى: و لكل أمة - من الأمم السالفة المؤمنة - جعلنا عبادة من تقريب القرابين ليذكروا اسم الله على بهيمة الأنعام التي رزقهم الله أي لستم معشر أتباع إبراهيم أول أمة شرعت لهم التضحية و تقريب القربان فقد شرعنا لمن قبلكم ذلك.
و قوله: «فإلهكم إله واحد فله أسلموا» أي إذ كان الله سبحانه هو الذي شرع لكم و للأمم قبلكم هذا الحكم فإلهكم و إله من قبلكم إله واحد فأسلموا و استسلموا له بإخلاص عملكم له و لا تتقربوا في قرابينكم إلى غيره فالفاء في «فإلهكم» لتفريع السبب على المسبب و في قوله: «فله أسلموا» لتفريع المسبب على السبب.
و قوله: «و بشر المخبتين» فيه تلويح إلى أن من أسلم لله في حجه مخلصا فهو من المخبتين، و قد فسره بقوله: «الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و الصابرين على ما أصابهم و المقيمي الصلاة و مما رزقناهم ينفقون» و انطباق الصفات المعدودة في الآية و هي الوجل و الصبر و إقامة الصلاة و الإنفاق، على من حج البيت مسلما لربه معلوم.
قوله تعالى: «و البدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير» إلى آخر الآية البدن بالضم فالسكون جمع بدنة بفتحتين و هي السمينة الضخمة من الإبل، و السياق أنها من الشعائر باعتبار جعلها هديا.
و قوله: «فاذكروا اسم الله عليها صواف» الصواف جمع صافة و معنى كونها صافة أن تكون قائمة قد صفت يداها و رجلاها و جمعت و قد ربطت يداها.
و قوله: «فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها و أطعموا القانع و المعتر» الوجوب السقوط يقال: وجبت الشمس أي سقطت و غابت، و الجنوب جمع جنب، و المراد بوجوب جنوبها سقوطها على الأرض على جنوبها و هو كناية عن موتها، و الأمر في قوله: «فكلوا منها» للإباحة و ارتفاع الحظر، و القانع هو الفقير الذي يقنع بما أعطيه سواء سأل أم لا، و المعتر هو الذي أتاك و قصدك من الفقراء، و معنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: «لن ينال الله لحومها و لا دماؤها و لكن يناله التقوى منكم» إلى آخر الآية.
بمنزلة دفع الدخل كأن متوهما بسيط الفهم يتوهم أن لله سبحانه نفعا في هذه الضحايا و لحومها و دمائها فأجيب أن الله سبحانه لن يناله شيء من لحومها و دمائها لتنزهه عن الجسمية و عن كل حاجة و إنما يناله التقوى نيلا معنويا فيقرب المتصفين به منه تعالى.
أو يتوهم أن الله سبحانه لما كان منزها عن الجسمية و عن كل نقص و حاجة و لا ينتفع بلحم أو دم فما معنى التضحية بهذه الضحايا فأجيب بتقرير الكلام و أن الأمر كذلك لكن هذه التضحية يصحبها صفة معنوية لمن يتقرب بها و هذه الصفة المعنوية من شأنها أن تنال الله سبحانه بمعنى أن تصعد إليه تعالى و تقرب صاحبها منه تقريبا لا يبقى معه بينه و بينه حجاب يحجبه عنه.
و قوله: «كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم» الظاهر أن المراد بالتكبير ذكره تعالى بالكبرياء و العظمة، فالهداية هي هدايته إلى طاعته و عبوديته و المعنى كذلك سخرها لكم ليكون تسخيرها وصلة إلى هدايتكم إلى طاعته و التقرب إليه بتضحيتها فتذكروه بالكبرياء و العظمة على هذه الهداية.
و قيل: المراد بالتكبير معرفته تعالى بالعظمة و بالهداية الهداية إلى تسخيرها و المعنى كذلك سخرها لكم لتعرفوا الله بالعظمة على ما هداكم إلى طريق تسخيرها.
و أول الوجهين أوجه و أمس بالسياق فإن التعليل عليه بأمر مرتبط بالمقام و هو تسخيرها لتضحى و يتقرب بها إلى الله فيذكر تعالى بالكبرياء على ما هدى إلى هذه العبادة التي فيها رضاه و ثوابه، و أما مطلق تسخيرها لهم بالهداية إلى طريق تسخيرها لهم فلا اختصاص له بالمقام.
و قوله: «و بشر المحسنين» أي الذين يأتون بالأعمال الحسنة أو بالإحسان و هو الإنفاق في سبيل الله.
بحث روائي
في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: في قوله تعالى: «و من يرد فيه بإلحاد» إلخ قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعثه مع رجلين أحدهما مهاجري و الآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام و هرب إلى مكة فنزلت فيه «و من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم» يعني من لجأ إلى الحرام بإلحاد يعني بميل عن الإسلام.
أقول: نزول الآية فيما ذكر لا يلائم سياقها و رجوع الذيل إلى الصدر و كونه متمما لمعناه كما مر.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «إن الذين كفروا» إلى قوله «و الباد» قال: نزلت في قريش حين صدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مكة، و قوله: «سواء العاكف فيه و الباد» قال: أهل مكة و من جاء من البلدان فهم سواء لا يمنع من النزول و دخول الحرم و في التهذيب، بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية «سواء العاكف فيه و الباد» فقال كانت مكة ليس على شيء منها باب، و كان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان، و ليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور و منازلها.
أقول: و الروايات في هذا المعنى كثيرة و تحرير المسألة في الفقه.
و في الكافي، عن ابن أبي عمير عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «و من يرد فيه بإلحاد بظلم» قال: كل ظلم إلحاد، و ضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الإلحاد.
و فيه، بإسناده عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: «و من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم» فقال: كل ظلم يظلم الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شيء من الظلم فإني أراه إلحادا، و لذلك كان يتقي أن يسكن الحرم.
أقول: و رواه أيضا في العلل عن أبي الصباح عنه (عليه السلام) و فيه: و لذلك كان ينهى أن يسكن الحرم، و في معنى هذه الرواية و التي قبلها روايات أخر.
و في الكافي، أيضا بإسناده عن الربيع بن خثيم قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول: ارفعوني. فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قلت له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إن هذا يشق عليك فقال: إني سمعت الله عز و جل يقول: «ليشهدوا منافع لهم» فقلت: منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: الكل. و في المجمع، في الآية و قيل: منافع الآخرة و هي العفو و المغفرة و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).
أقول: و إثبات إحدى المنفعتين لا ينفي العموم كما في الرواية السابقة.
و في العيون، فيما كتبه الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: و علة الحج الوفادة إلى الله عز و جل و طلب الزيادة و الخروج من كل ما اقترف و ليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل، و ما فيه من استخراج الأموال و تعب الأبدان، و حظرها عن الشهوات و اللذات و التقرب بالعبادة إلى الله عز و جل و الخضوع و الاستكانة. و الذل شاخصا في الحر و البرد و الأمن و الخوف، دائبا في ذلك دائما. و ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع، و الرغبة و الرهبة إلى الله تعالى، و منه ترك قساوة القلب و جساءة النفس و نسيان الذكر و انقطاع الرجاء و الأمل، و تجديد الحقوق و حظر النفس عن الفساد، و منفعة من في شرق الأرض و غربها و من في البر و البحر ممن يحج و من لا يحج من تاجر و جالب و بائع و مشتر و كاسب و مسكين، و قضاء حوائج أهل الأطراف و المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم.
أقول و روى فيه أيضا ما يقرب منه عن الفضل بن شاذان عنه (عليه السلام):.
و في المعاني، بإسناده عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «و يذكروا اسم الله في أيام معلومات» قال: هي أيام التشريق.
أقول: و في هذا المعنى روايات أخر عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، و هناك ما يعارضها كما يدل على أن الأيام المعلومات عشر ذي الحجة، و ما يدل على أن المعلومات عشر ذي الحجة و المعدودات أيام التشريق، و الآية أشد ملاءمة لما يدل على أن المراد بالمعلومات أيام التشريق.
و في الكافي، بإسناده عن أبي الصباح الكناني عن الصادق (عليه السلام): في قوله تعالى: «ثم ليقضوا تفثهم» قال: هو الحلق و ما في جلد الإنسان.
و في الفقيه، في رواية البزنطي عن الرضا (عليه السلام) قال: التفث تقليم الأظفار و طرح الوسخ و طرح الإحرام عنه.
و في التهذيب، بإسناده عن حماد الناب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «و ليطوفوا بالبيت العتيق» قال: هو طواف النساء.
أقول: و في معنى الروايات الثلاث روايات أخرى عنهم (عليهم السلام).
و في الكافي، بإسناده عن أبان عمن أخبره عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: لم سمى الله البيت العتيق؟ قال: هو بيت حر عتيق من الناس لم يملكه أحد.
و في تفسير القمي، حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث يذكر فيه غرق قوم نوح قال: و إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق.
و في الدر المنثور، أخرج البخاري في تاريخه و الترمذي و حسنه و ابن جرير و الطبراني و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما سمى الله البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط.
أقول: أما هذه الرواية فالتاريخ لا يصدقها و قد خرب البيت ثم غيره عبد الله بن الزبير نفسه ثم الحصين بن نمير بأمر يزيد ثم الحجاج بأمر عبد الملك ثم القرامطة، و يمكن أن يكون مراده (صلى الله عليه وآله وسلم) الإخبار عما مضى على البيت و أما الرواية السابقة عليها فلم تثبت.
و فيه، أخرج سفيان بن عيينة و الطبراني و الحاكم و صححه و البيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الحجر من البيت لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طاف بالبيت من ورائه، قال الله: «و ليطوفوا بالبيت العتيق».
أقول: و في معناه روايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
و فيه، أخرج ابن أبي شيبة و الحاكم و صححه عن جبير بن مطعم: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت و صلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار.
و في المجمع،: «فاجتنبوا الرجس من الأوثان» و روى أصحابنا أن اللعب بالشطرنج و النرد و سائر أنواع القمار من ذلك. «و اجتنبوا قول الزور» و روى أصحابنا أنه يدخل فيه الغناء و سائر الأقوال الملهية.
و فيه، و روى أيمن بن خزيم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه خطبنا فقال: أيها الناس عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ: «فاجتنبوا الرجس من الأوثان - و اجتنبوا قول الزور»:. أقول: و روى ما في الذيل في الدر المنثور، عن أحمد و الترمذي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن مردويه عن أيمن:.
و في الكافي، بإسناده عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «لكم فيها منافع إلى أجل مسمى» قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير عنف عليها و إن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي شيبة عن علي قال: يركب الرجل بدنته بالمعروف.
أقول: و روى أيضا نظيره عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و في تفسير القمي،: قوله: «فله أسلموا و بشر المخبتين» قال: العابدين.
و في الكافي، بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله تعالى: «فاذكروا اسم الله عليها صواف» قال: ذلك حين تصف للنحر تربط يديها ما بين الخف إلى الركبة، و وجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض.
و فيه، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله: «فإذا وجبت جنوبها» قال: إذا وقعت على الأرض «فكلوا منها و أطعموا القانع و المعتر» قال: القانع الذي يرضى بما أعطيته و لا يسخط و لا يكلح و لا يلوي شدقه غضبا، و المعتر المار بك لتطعمه.
و في المعاني، عن سيف التمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال: إني سقت هديا فكيف أصنع؟ فقال: أطعم أهلك ثلثا، و أطعم القانع ثلثا، و أطعم المسكين ثلثا. قلت: المسكين هو السائل؟ قال: نعم، و القانع يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، و المعتر يعتريك لا يسألك.
أقول: و الروايات في المعاني السابقة عن الأئمة كثيرة و ما نقلناه نبذة منها.
و في جوامع الجامع،: في قوله تعالى: «لن ينال الله لحومها و لا دماؤها» و روي أن أهل الجاهلية كانوا إذا نحروا لطخوا البيت بالدم فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت.
أقول: روى ما في معناه في الدر المنثور، عن ابن المنذر و ابن مردويه عن ابن عباس.
و في تفسير القمي،: قوله عز و جل: «لتكبروا الله على ما هداكم» قال: التكبير أيام التشريق في الصلوات بمنى في عقيب خمس عشر صلاة، و في الأمصار عقيب عشرة صلوات.
|