بيان
الآيات متصلة بقوله السابق: «فذرهم في غمرتهم حتى حين» فإنه لما عقب قصص الرسل باختلاف الناس في أمر الدين و تحزبهم أحزابا كل حزب بما لديهم فرحون أوعدهم بعذاب مؤجل لا مناص لهم عنه و لا مخلص منه فليتيهوا في غمرتهم ما شاءوا فسيغشاهم العذاب و لا محالة.
فنبههم في هذه الآيات أن توهمهم أن ما مدهم الله به من مال و بنين مسارعة لهم في الخيرات خطأ منهم و جهل بحقيقة الحال، و لو كان ذلك من الخير لم يأخذ العذاب مترفيهم بل المسارعة في الخيرات هو ما وفق الله المؤمنين له من الأعمال الصالحة و ما يترتب عليها من جزيل الأجر و عظيم الثواب في الدنيا و الآخرة فهم يسارعون إليها فيسارع لهم فيها.
فالعذاب مدركهم لا محالة و الحجة تامة عليهم و لا عذر لهم يعتذرون به كعدم تدبر القول أو كون الدعوة بدعا لا سابقة له أو عدم معرفة الرسول أو كونه مجنونا مختل القول أو سؤاله منهم خرجا بل هم أهل عناد و لجاج لا يؤمنون بالحق حتى يأتيهم عذاب لا مرد له.
قوله تعالى: «أ يحسبون أنما نمدهم به من مال و بنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون» «نمدهم» - بضم النون - من الإمداد و المد و الإمداد بمعنى واحد و هو تتميم نقص الشيء و حفظه من أن ينقطع أو ينفد، قال الراغب: و أكثر ما يستعمل الإمداد في المحبوب و المد في المكروه، فقوله «نمدهم» من الإمداد المستعمل في المكروه و المسارعة لهم في الخيرات إفاضة الخيرات بسرعة لكرامتهم عليه فيكون الخيرات على ظنهم هي المال و البنون سورع لهم فيها.
و المعنى: أ يظن هؤلاء أن ما نعطيهم في مدة المهلة من مال و بنين خيرات نسارع لهم فيها لرضانا عنهم أو حبنا لأعمالهم أو كرامتهم علينا؟.
لا، بل لا يشعرون أي إن الأمر على خلاف ما يظنون و هم في جهل بحقيقة الأمر و هو أن ذلك إملاء منا و استدراج و إنما نمدهم في طغيانهم يعمهون كما قال تعالى: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون و أملي لهم إن كيدي متين»: الأعراف: 183.
قوله تعالى «إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون» إلى آخر الآيات الخمس، يبين تعالى في هذه الآيات الخمس بمعونة ما تقدم أن الذي يظن هؤلاء الكفار أن المال و البنين خيرات نسارع لهم فيها خطأ منهم فليست هي من الخيرات في شيء بل استدراج و إملاء و إنما الخيرات التي يسارع فيها هي ما عند المؤمنين بالله و رسله و اليوم الآخر الصالحين في أعمالهم.
فأفصح تعالى عن وصفهم فقال: «إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون»، قال الراغب: الإشفاق عناية مختلطة بخوف لأن المشفق يحب المشفق عليه و يخاف ما يلحقه، قال تعالى: «و هم من الساعة مشفقون» فإذا عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر، و إذا عدي بفي فمعنى العناية فيه أظهر، قال: «إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين» «مشفقون منها» انتهى.
و الآية تصفهم بأنهم اتخذوا الله سبحانه ربا يملكهم و يدبر أمرهم، و لازم ذلك أن يكون النجاة و الهلاك دائرين مدار رضاه و سخطه يخشونه في أمر يحبونه و هو نجاتهم و سعادتهم فهم مشفقون من خشيته و هذا هو الذي يبعثهم إلى الإيمان بآياته و عبادته، و قد ظهر بما مر من المعنى أن الجمع في الآية بين الخشية و الإشفاق ليس تكرارا مستدركا.
ثم قال: «و الذين هم بآيات ربهم يؤمنون» و هي كل ما يدل عليه تعالى بوجه و من ذلك رسله الحاملون لرسالته و ما أيدوا به من كتاب و غيره و ما جاءوا به من شريعة لأن إشفاقهم من خشية الله يبعثهم إلى تحصيل رضاه و يحملهم على إجابته إلى ما يدعوهم إليه و ائتمارهم لما يأمرهم به من طريق الوحي و الرسالة.
ثم قال: «و الذين هم بربهم لا يشركون» و الإيمان بآياته هو الذي دعاهم إلى نفي الشركاء في العبادة فإن الإيمان بها إيمان بالشريعة التي شرعت عبادته تعالى و الحجج التي دلت على توحده في ربوبيته و ألوهيته.
على أن جميع الرسل و الأنبياء (عليهم السلام) إنما جاءوا من قبله و إرسال الرسل لهداية الناس إلى الحق الذي فيه سعادتهم من شئون الربوبية، و لو كان له شريك لأرسل رسولا، و من لطيف كلام علي عليه أفضل السلام قوله: لو كان لربك شريك لأتتك رسله.
ثم قال «و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون» الوجل الخوف، و قوله: «يؤتون ما آتوا» أي يعطون ما أعطوا من المال بالإنفاق في سبيل الله و قيل: المراد بإيتاء ما آتوا إتيانهم بكل عمل صالح، و قوله: «و قلوبهم وجلة» حال من فاعل «يؤتون».
و المعنى و الذين ينفقون ما أنفقوا أو يأتون بالأعمال الصالحة و الحال أن قلوبهم خائفة من أنهم سيرجعون إلى ربهم أي إن الباعث لهم على الإنفاق في سبيل الله أو على صالح العمل ذكرهم رجوعهم المحتوم إلى ربهم على وجل منه.
و في الآية دلالة على إيمانهم باليوم الآخر و إتيانهم بصالح العمل و عند ذلك تعينت صفاتهم أنهم الذين يؤمنون بالله وحده لا شريك له و برسله و باليوم الآخر و يعملون الصالحات.
ثم قال: «أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون» الظاهر أن اللام في «لها» بمعنى «إلى» و «لها» متعلق بسابقون، و المعنى أولئك الذين وصفناهم هم يسارعون في الخيرات من الأعمال و هم سابقون إليها أي يتسابقون فيها لأن ذلك لازم كون كل منهم مريدا للسبق إليها.
فقد بين في الآيات أن الخيرات هي الأعمال الصالحة المبتنية على الاعتقاد الحق الذي عند هؤلاء المؤمنين و هم يسارعون فيها و ليست الخيرات ما عند أولئك الكفار و هم يعدونها بحسبانهم مسارعة من الله سبحانه لهم في الخيرات.
قال في التفسير الكبير: و فيه يعني قوله: «أولئك يسارعون في الخيرات» وجهان: أحدهما: أن المراد يرغبون في الطاعات أشد الرغبة فيبادرونها لئلا تفوت عن وقتها و لكيلا تفوتهم دون الاحترام.
و الثاني: أنهم يتعجلون في الدنيا أنواع النفع و وجوه الإكرام كما قال: «فآتاهم الله ثواب الدنيا و حسن ثواب الآخرة» «و آتيناه أجره في الدنيا و إنه في الآخرة لمن الصالحين» لأنهم إذا سورع لهم بها فقد سارعوا في نيلها و تعجلوها و هذا الوجه أحسن طباقا للآية المتقدمة لأن فيه إثبات ما نفي عن الكفار للمؤمنين.
انتهى.
أقول: إن الذي نفي عن الكفار في الآية المتقدمة هو مسارعة الله للكفار في الخيرات و الذي أثبت للمؤمنين في هذه الآية هو مسارعة المؤمنين في الخيرات، و الذي وجهه في هذا الوجه أن مسارعتهم في الخيرات مسارعة من الله سبحانه بوجه فيبقى عليه أن يبين الوجه في وضع مسارعتهم في الآية موضع مسارعته تعالى و تبديلها منها، و وجهه بعضهم بأن تغيير الأسلوب للإيماء إلى كمال استحقاقهم لنيل الخيرات بمحاسن أعمالهم، و هو كما ترى.
و الظاهر أن هذا التبديل إنما هو في قوله في الآية المتقدمة: «نسارع لهم في الخيرات» و المراد بيان أنهم يحسبون أن ما نمدهم به من مال و بنين خيرات يتسارعون إليها لكرامتهم و هم كافرون لكن لما كان ذلك بإعطاء من الله تعالى لا بقدرتهم عليها من أنفسهم نسبت المسارعة إليه تعالى ثم نفيت بالاستفهام الإنكاري، و أثبت ما يقابله على الأصل للمؤمنين.
فمحصل هذا النفي و الإثبات أن المال و البنين ليست خيرات يتسارعون إليها و لا هم مسارعون إلى الخيرات بل الأعمال الصالحة و آثارها الحسنة هي الخيرات و المؤمنون هم المسارعون إلى الخيرات.
قوله تعالى: «و لا نكلف نفسا إلا وسعها و لدينا كتاب ينطق بالحق و هم لا يظلمون» الذي يعطيه السياق أن في الآية ترغيبا و تحضيضا على ما ذكره من صفات المؤمنين و دفعا لما ربما ينصرف الناس بتوهمه عن التلبس بكرامتها من وجهين أحدهما أن التلبس بها أمر سهل في وسع النفوس و ليس بذاك الصعب الشاق الذي يستوعره المترفون، و الثاني أن الله لا يضيع عملهم الصالح و لا ينسى أجرهم الجزيل.
فقوله: «و لا نكلف نفسا إلا وسعها» نفي للتكليف الحرجي الخارج عن وسع النفوس أما في الاعتقاد فإنه تعالى نصب حججا ظاهرة و آيات باهرة تدل على ما يريد الإيمان به من حقائق المعارف و جهز الإنسان بما من شأنه أن يدركها و يصدق بها و هو العقل ثم راعى حال العقول في اختلافها من جهة قوة الإدراك و ضعفه فأراد من كل ما يناسب مقدار تحمله و طوقه فلم يرد من العامة ما يريده من الخاصة و لم يسأل الأبرار عما سأل عنه المقربين و لا ساق المستضعفين بما ساق به المخلصين.
و أما في العمل فإنما ندب الإنسان منه إلى ما فيه خيره في حياته الفردية و الاجتماعية الدنيوية و سعادته في حياته الأخروية، و من المعلوم أن خير كل نوع من الأنواع و منها الإنسان إنما يكون فيما يتم به حياته و ينتفع به في عيشته و هو مجهز بما يقوى على إتيانه و عمله، و ما هذا شأنه لا يكون حرجيا خارجا عن الوسع و الطاقة.
فلا تكليف حرجيا في دين الله بمعنى الحكم الحرجي في تشريعه مبنيا على مصلحة حرجية، و بذلك امتن الله سبحانه على عباده، و طيب نفوسهم و رغبهم إلى ما وصفه من حال المؤمنين.
و الآية «و لا نكلف نفسا إلا وسعها» تدل على ذلك و زيادة فإنها تدل على نفي التكليف المبني على الحرج في أصل تشريعه كتشريع الرهبانية و التقرب بذبح الأولاد مثلا، و نفي التكليف الذي هو في نفسه غير حرجي لكن اتفق أن صار بعض مصاديقه حرجيا لخصوصية في المورد كالقيام في الصلاة للمريض الذي لا يستطيعه فالجميع منفي بالآية و إن كان الامتنان و الترغيب المذكوران يتمان بنفي القسم الأول.
و الدليل عليه في الآية تعلق نفي التكليف بقوله: «نفسا» و هو نكرة في سياق النفي يفيد العموم، و عليه فأي نفس مفروضة في أي حادثة لا تكلف إلا وسعها و لا يتعلق بها حكم حرجي سواء كان حرجيا من أصله أو صار حرجيا في خصوص المورد.
و قد ظهر أن في الآية إمضاء لدرجات الاعتقاد بحسب مراتب العقول و رفعا للحرج سواء كان في أصل الحكم أو طارئا عليه.
و قوله: «و عندنا كتاب ينطق بالحق و هم لا يظلمون» ترغيب لهم بتطييب نفوسهم بأن عملهم لا يضيع و أجرهم لا يتخلف و المراد بنطق الكتاب إعرابه عما أثبت فيه إعرابا لا لبس فيه و ذلك لأن أعمالهم مثبتة في كتاب لا ينطق إلا بما هو حق فهو مصون عن الزيادة و النقيصة و التحريف، و الحساب مبني على ما أثبت فيه كما يشير إليه قوله: «ينطق» و الجزاء مبني على ما يستنتج من الحساب كما يشير إليه قوله: «و هم لا يظلمون» فهم في أمن من الظلم بنسيان أجرهم أو بترك إعطائه أو بنقصه أو تغييره كما أنهم في أمن من أن لا يحفظ أعمالهم أو تنسى بعد الحفظ أو تتغير بوجه من وجوه التغير.
قال الرازي في التفسير الكبير، فإن قيل: هؤلاء الذين يعرض عليهم ذلك الكتاب إما أن يكونوا محيلين الكذب على الله تعالى أو مجوزين ذلك عليه فإن أحالوه عليه فإنهم يصدقونه في كل ما يقول سواء وجد الكتاب أو لم يوجد، و إن جوزوه عليه لم يثقوا بذلك الكتاب لتجويزهم أنه سبحانه كتب فيه خلاف ما حصل فعلى التقديرين لا فائدة في ذلك الكتاب.
قلنا: يفعل الله ما يشاء، و على أنه لا يبعد أن يكون ذلك مصلحة للمكلفين من الملائكة.
انتهى.
أقول: و الذي أجاب به مبني على مسلكه من نفي الغرض عن فعله تعالى و تجويز الإرادة الجزافية تعالى عن ذلك، و الإشكال مطرد في سائر شئون يوم القيامة التي أخبر الله سبحانه بها كالحشر و الجمع و إشهاد الشهود و نشر الكتب و الدواوين و الصراط و الميزان و الحساب.
و الجواب عن ذلك كله: أنه تعالى مثل لنا ما يجري على الإنسان يوم القيامة في صورة القضاء و الحكم الفصل، و لا غنى للقضاء بما أنه قضاء عن الاستناد إلى الحجج و البينات كالكتب و الشهود و الأمارات و الجمع بين المتخاصمين و لا يتم دون ذلك البتة.
نعم لو أغمضنا النظر عن ذلك كان ظهور أعمال الإنسان له في مراحل رجوعه إلى الله سبحانه بإذنه، فافهمه.
قوله تعالى: «بل قلوبهم في غمرة من هذا و لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون» المناسب لسياق الآيات أن يكون «هذا» إشارة إلى ما وصفته الآيات السابقة من حال المؤمنين و مسارعتهم في الخيرات، و يمكن أن يكون إشارة إلى القرآن كما يؤيده قوله بعد: «قد كانت آياتي تتلى عليكم و الغمرة الغفلة الشديدة أو الجهل الشديد الذي غمرهم، و قوله: «و لهم أعمال من دون ذلك» إلخ، أي من غير ما وصفناه من حال المؤمنين و هو كناية عن أن لهم شاغلا يشغلهم عن هذه الخيرات و الأعمال الصالحة و هو الأعمال الرديئة الخبيثة التي هم لها عاملون.
و المعنى: بل الكفار في غفلة شديدة أو جهل شديد عن هذا الذي وصفنا به المؤمنين و لهم أعمال رديئة خبيثة من دون ذلك هم لها عاملون في شاغلتهم و مانعتهم.
قوله تعالى: «حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون الجؤار بضم الجيم - صوت الوحش كالظباء و نحوها عند الفزع كني به عن رفعهم الصوت بالاستغاثة و التضرع، و قيل: المراد به ضجتهم و جزعهم و الآيات التالية تؤيد المعنى الأول.
و إنما جعل مترفيهم متعلق العذاب لأن الكلام فيمن ذكره قبلا بقوله: «أ يحسبون إنما نمدهم به من مال و بنين» و هم الرؤساء المتنعمون منهم و غيرهم تابعون لهم.
قوله تعالى: «لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون» العدول عن سياق الغيبة إلى الخطاب لتشديد التوبيخ و التقريع و لقطع طمعهم في النجاة بسبب الاستغاثة و أي رجاء و أمل لهم فيها فإن أخبار الوسائط أنهم لا ينصرون لدعاء أو شفاعة لا يقطع طمعهم في النصر كما يقطعه أخبار من إليه النصر نفسه.
قوله تعالى: «قد كانت آياتي تتلى عليكم» - إلى قوله - تهجرون» النكوص: الرجوع القهقرى، و السامر من السمر و هو التحديث بالليل، قيل: السامر كالحاضر يطلق على المفرد و الجمع، و قرىء «سمرا» - بضم السين و تشديد الميم جمع سامر و هو أرجح، و قرىء أيضا «سمارا» - بالضم و التشديد -، و الهجر: الهذيان.
و الفصل في قوله: «قد كانت آياتي» إلخ، لكونه في مقام التعليل، و المعنى: إنكم منا لا تنصرون لأنه قد كانت آياتي تتلى و تقرأ عليكم فكنتم تعرضون عنها و ترجعون إلى أعقابكم القهقرى مستكبرين بنكوصكم تحدثون في أمره في الليل تهجرون و تهذون، و قيل: ضمير «به» عائد إلى البيت أو الحرم و هو كما ترى.
قوله تعالى: «أ فلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين» شروع في قطع أعذارهم في الإعراض عن القرآن النازل لهدايتهم و عدم استجابتهم للدعوة الحقة التي قام بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقوله: «أ فلم يدبروا القول» الاستفهام فيه للإنكار و اللام في «القول» للعهد و المراد به القرآن المتلو عليهم، و الكلام متفرع على ما تقدمه من كونهم في غفلة منه و شغل يشغلهم عنه، و المعنى: هل إذا كانوا على تلك الحال لم يدبروا هذا القول المتلو عليهم حتى يعلموا أنه حق من عند الله فيؤمنوا به.
و قوله: «أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين» «أم» فيه و فيما بعده منقطعة في معنى الإضراب، و المعنى: بل أ جاءهم شيء لم يأت آباءهم الأولين فيكون بدعا ينكر و يحترز منه.
و كون الشيء بدعا محدثا لا يعرفه السابقون و إن لم يستلزم كونه باطلا غير حق على نحو الكلية لكن الرسالة الإلهية لما كانت لغرض الهداية لو صحت وجبت في حق الجميع فلو لم يأت الأولين كان ذلك حجة قاطعة على بطلانها.
قوله تعالى: «أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون» المراد بمعرفة الرسول معرفته بنسبه و حسبه و بالجملة بسجاياه الروحية و ملكاته النفسية من اكتسابية و موروثة حتى يتبين به أنه صادق فيما يقول مؤمن بما يدعو إليه مؤيد من عند الله و قد عرفوا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سوابق حاله قبل البعثة، و قد كان يتيما فاقدا للأبوين لم يقرأ و لم يكتب و لم يأخذ أدبا من مؤدب و لا تربية من مرب ثم لم يجدوا عنده ما يستقبحه عقل أو يستنكره طبع أو يستهجنه رأي و لا طمعا في ملك أو حرصا على مال أو ولعا بجاه، و هو على ما هو سنين من عمره فإذا هو ينادي للفلاح و السعادة و يندب إلى حقائق و معارف تبهر العقول و يدعو إلى شريعة تحير الألباب و يتلو كتابا.
فهم قد عرفوا رسولهم (صلى الله عليه وآله وسلم) بنعوته الخاصة المعجزة لغيره، و لو لم يكونوا يعرفونه لكان لهم عذرا في إعراضهم عن دينه و استنكافهم عن الإيمان به لأن معنى عدم معرفته كذلك وجدانه على غير بعض هذه النعوت أو عدم إحرازه فيه، و من المعلوم أن إلقاء الزمام إلى من هذا شأنه مما لا يجوزه العقل.
قوله تعالى: «أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق و أكثرهم للحق كارهون» و هذا عذر آخر لهم تشبثوا به إذ قالوا: «يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون»: الحجر: 6 ذكره و رده بلازم قوله: «بل جاءهم بالحق».
فمدلول قوله: «بل جاءهم بالحق و أكثرهم للحق كارهون» إضراب عن جملة محذوفة و التقدير إنهم كاذبون في قولهم.
«به جنة» و اعتذارهم عن عدم إيمانهم به بذلك بل إنما كرهوا الإيمان به لأنه جاء بالحق و أكثرهم للحق كارهون.
و لازمه رد قولهم بحجة يلوح إليها هذا الإضراب، و هي أن قولهم: «به جنة» لو كان حقا كان كلامه مختل النظم غير مستقيم المعنى مدخولا فيه كما هو مدخول في عقله، غير رام إلى مرمى صحيح، لكن كلامه ليس كذلك فلا يدعو إلا إلى حق، و لا يأتي إلا بحق، و أين ذلك من كلام مجنون لا يدري ما يريد و لا يشعر بما يقول.
و إنما نسب الكراهة إلى أكثرهم لأن فيهم مستضعفين لا يعبأ بهم أرادوا أو كرهوا.
قوله تعالى: «و لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون» لما ذكر أن أكثرهم للحق كارهون و إنما يكرهون الحق لمخالفته هواهم فهم يريدون من الحق أي الدعوة الحقة أن يتبع أهواءهم و هذا مما لا يكون البتة.
إذ لو اتبع الحق أهواءهم فتركوا و ما يهوونه من الاعتقاد و العمل فعبدوا الأصنام و اتخذوا الأرباب و نفوا الرسالة و المعاد و اقترفوا ما أرادوه من الفحشاء و المنكر و الفساد جاز أن يتبعهم الحق في غير ذلك من الخليقة و النظام الذي يجري فيها بالحق إذ ليس بين الحق و الحق فرق فأعطي كل منهم ما يشتهيه من جريان النظام و فيه فساد السماوات و الأرض و من فيهن و اختلال النظام و انتقاض القوانين الكلية الجارية في الكون فمن البين أن الهوى لا يقف على حد و لا يستقر على قرار.
و بتقرير آخر أدق و أوفق لما يعطيه القرآن من حقيقة الدين القيم أن الإنسان حقيقة كونية مرتبطة في وجودها بالكون العام و له في نوعيته غاية هي سعادته و قد خط له طريق إلى سعادته و كماله ينالها بطي الطريق المنصوب إليها نظير غيره من الأنواع الموجودة، و قد جهزه الكون العام و خلقته الخاصة به من القوى و الآلات بما يناسب سعادته و الطريق المنصوب إليها و هي الاعتقاد و العمل اللذان ينتهيان به إلى سعادته.
فالطريق التي تنتهي بالإنسان إلى سعادته أعني الاعتقادات و الأعمال الخاصة المتوسطة بينه و بين سعادته و هي التي تسمى الدين و سنة الحياة متعينة حسب اقتضاء النظام العام الكوني و النظام الخاص الإنساني الذي نسميه الفطرة و تابعة لذلك.
و هذا هو الذي يشير تعالى إليه بقوله: «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم»: سورة الروم: 30.
فسنة الحياة التي تنتهي بسالكها إلى السعادة الإنسانية طريقة متعينة يقتضيها النظام بالحق و تكشف عنها تجهيزات وجوده بالحق، و هذا الحق هو القوانين الثابتة غير المتغيرة التي تحكم في النظام الكوني الذي أحد أجزائه النظام الإنساني و تدبره و تسوقه إلى غاياته و هو الذي قضى به الله سبحانه فكان حتما مقضيا.
فلو اتبع الحق أهواءهم فاقتضى لهم من الشرع ما تجازف به أهواؤهم لم يكن ذلك إلا بتغير أجزاء الكون عما هي عليه و تبدل العلل و الأسباب غيرها و تغير الروابط المنتظمة إلى روابط جزافية مختلة متدافعة توافق مقتضياتها مجازفات أهوائهم، و في ذلك فساد السماوات و الأرض و من فيهن في أنفسها و التدبير الجاري فيها لأن كينونتها و تدبيرها مختلطان غير متمايزين، و الخلق و الأمر متصلان غير منفصلين.
و هذا هو الذي يشير إليه قوله: «و لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن.
و قوله: «بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون» لا ريب أن المراد بالذكر هو القرآن كما قال: «و هذا ذكر مبارك»: الأنبياء: 50، و قال: «و إنه لذكر لك و لقومك»:، الزخرف: 44 إلى غير ذلك من الآيات، و لعل التعبير عنه بالذكر بعد قوله: «أم يقولون به جنة» نوع مقابلة لقولهم: «يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون»: الحجر: 6.
و كيف كان فقد سمي ذكرا لأنه يذكرهم بالله أو يذكر لهم دين الله من الاعتقاد الحق و العمل الصالح، و الثاني أوفق لصدر الآية بما تقدم من معناه، و إنما أضيف إليهم لأن الدين أعني الدعوة الحقة مختلفة بالنسبة إلى الناس بالإجمال و التفصيل و الذي يذكره القرآن آخر مراحل التفصيل لكون شريعته آخر الشرائع.
و المعنى: لم يتبع الحق أهواءهم بل جئناهم بكتاب يذكرهم - أو يذكرون به - دينهم الذي يختص بهم و يتفرع عليه أنهم عن دينهم الخاص بهم معرضون.
و قال كثير منهم إن إضافة الذكر إليهم للتشريف نظير قوله: «و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسئلون»: الزخرف: 44، و المعنى: بل أتيناهم بفخرهم و شرفهم الذي كان يجب عليهم أن يقبلوا عليه أكمل إقبال فهم بما فعلوه من النكوص عن فخرهم و شرفهم أنفسهم معرضون.
و فيه أنه لا ريب في أن القرآن الكريم شرف للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أنزل عليه و لأهل بيته إذ نزل في بيتهم، و للعرب إذ نزل بلغتهم و للأمة إذ نزل لهدايتهم غير أن الإضافة في الآية ليست لهذه العناية بل لعناية اختصاص هذا الدين بهذه الأمة و هو الأوفق لصدر الآية بالمعنى الذي تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى: «أم تسئلهم خرجا فخراج ربك خير و هو خير الرازقين»، قال في مجمع البيان:، أصل الخراج و الخرج واحد و هو الغلة التي يخرج على سبيل الوظيفة انتهى.
و هذا رابع الأعذار التي ذكرت في هذه الآيات و ردت و وبخوا عليها و قد ذكره الله بقوله: «أم تسئلهم خرجا» أي مالا يدفعونه إليك على سبيل الرسم و الوظيفة ثم ذكر غنى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «فخراج ربك خير و هو خير الرازقين» أي إن الله هو رازقك و لا حاجة لك إلى خرجهم، و قد تكرر الأمر بإعلامهم ذلك في الآيات «قل لا أسئلكم عليه أجرا»: الأنعام: 90 الشورى: 23.
و قد تمت بما ذكر في الآية أربعة من الأعذار المردودة إليهم و هي مختلفة فأولها «أ فلم يدبروا القول» راجع إلى القرآن و الثاني «أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين» إلى الدين الذي إليه الدعوة، و الثالث «أم يقولون به جنة» إلى نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و الرابع «أم تسئلهم خرجا» إلى سيرته.
قوله تعالى: «و إنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم و إن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون» النكب و النكوب العدول عن الطريق و الميل عن الشيء.
قد تقدم في تفسير سورة الفاتحة أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا يختلف و لا يتخلف في حكمه و هو إيصاله سالكيه إلى الغاية المقصودة، و هذه صفة الحق فإن الحق واحد لا يختلف أجزاؤه بالتناقض و التدافع و لا يتخلف في مطلوبه الذي يهدي إليه فالحق صراط مستقيم، و إذ ذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يهدي إلى الحق كان لازمه هذا الذي ذكره أنه يهدي إلى صراط مستقيم.
ثم إن الذين كفروا لما كانوا كارهين للحق كما ذكره فهم عادلون عن الصراط أي الصراط المستقيم مائلون إلى غيره.
و إنما أورد من أوصافهم عدم إيمانهم بالآخرة و اقتصر عليه لأن دين الحق مبني على أساس أن للإنسان حياة خالدة لا تبطل بالموت و له فيها سعادة يجب أن تقتنى بالاعتقاد الحق و العمل الصالح و شقاوة يجب أن تجتنب و هؤلاء لنفيهم الحياة الآخرة يعدلون عن الحق و الصراط المستقيم.
و بتقرير آخر: دين الحق مجموع تكاليف اعتقادية و عملية و التكليف لا يتم إلا بحساب و جزاء، و قد عين لذلك يوم القيامة، و إذ لا يؤمن هؤلاء بالآخرة لغا الدين عندهم فلا يرون من الحياة إلا الحياة الدنيا المادية و لا يبقى من السعادة عندهم إلا نيل اللذائذ المادية و هو التمتع بالبطن فما دونه، و لازم ذلك أن يكون المتبع عندهم الهوى وافق الحق أو خالفه.
فمحصل الآيتين أنهم ليسوا بمؤمنين بك لأنك تدعو إلى صراط مستقيم و هم لا هم لهم إلا العدول و الميل عنه.
قوله تعالى: «و لو رحمناهم و كشفنا ما بهم من ضر» إلى قوله «و ما يتضرعون» اللجاج التمادي و العناد في تعاطي الفعل المزجور عنه، و العمه التردد في الأمر من التحير، ذكرهما الراغب، و في المجمع،: الاستكانة الخضوع و هو استفعل من الكون، و المعنى ما طلبوا الكون على صفة الخضوع.
انتهى.
و قوله: «و لو رحمناهم» بيان و تأييد لنكوبهم عن الصراط بأنا لو رحمناهم و كشفنا ما بهم من ضر لم يرجعوا بمقابلة ذلك الشكر بل أصروا على تمردهم عن الحق و تمادوا يترددون في طغيانهم فلا ينفعهم رحمة بكشف الضر كما لا ينفعهم تخويف بعذاب و نقمة فإنا قد أخذناهم بالعذاب فما خضعوا لربهم و ما يتضرعون إليه فهؤلاء لا ينفعهم و لا يركبهم صراط الحق لا رحمة بكشف الضر و لا نقمة و تخويف بالأخذ بالعذاب.
و المراد بالعذاب العذاب الخفيف الذي لا ينقطع به الإنسان عن عامة الأسباب بقرينة ما في الآية التالية فلا يرد أن الرجوع إلى الله تعالى عند الاضطرار و الانقطاع عن الأسباب من غريزيات الإنسان كما تكرر ذكره في القرآن الكريم فكيف يمكن أن يأخذهم العذاب ثم لا يستكينوا و لا يتضرعوا؟.
و قوله في الآية الأولى: «ما بهم من ضر» و في الثانية: «و لقد أخذناهم بالعذاب» يدل على أن الكلام ناظر إلى عذاب قد وقع و لما يرتفع حين نزول الآيات، و من المحتمل أنه الجدب الذي ابتلي به أهل مكة و قد ورد ذكر منه في الروايات.
قوله تعالى: «حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون» أي هم على حالهم هذه لا ينفع فيهم رحمة و لا عذاب حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد و هو الموت بما يستتبعه من عذاب الآخرة - على ما يعطيه سياق الآيات و خاصة الآيات الآتية - فيفاجئوهم الإبلاس و اليأس من كل خير.
و قد ختم هذا الفصل من الكلام أعني قوله: «أ فلم يدبروا القول» إلخ بنظير ما ختم به الفصل السابق أعني قوله: «أ يحسبون أنما نمدهم به من مال و بنين» إلى آخر الآيات و هو ذكر عذاب الآخرة، و سيعود إليه ثانيا.
بحث روائي
في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون» إلى قوله يؤتون ما آتوا» قال من العبادة و الطاعة.
و في الدر المنثور، أخرج الفاريابي و أحمد و عبد بن حميد و الترمذي و ابن ماجة و ابن أبي الدنيا في نعت الخائفين و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله قول الله: «و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة» أ هو الرجل يزني و يسرق و يشرب الخمر و هو مع ذلك يخاف الله؟ قال: لا و لكن الرجل يصوم و يتصدق و يصلي و هو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه.
و في المجمع،: في قوله: «و قلوبهم وجلة» قال أبو عبد الله (عليه السلام): معناه خائفة أن لا يقبل منهم، و في رواية أخرى: أتى و هو خائف راج.
و في الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن أبي حاتم عن قتادة: «حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب» قال ذكر لنا أنها نزلت في الذين قتل الله يوم بدر. أقول: و روي مثله عن النسائي عن ابن عباس و لفظه قال: هم أهل بدر، و سياق الآيات لا ينطبق على مضمون الروايتين.
و فيه، أخرج النسائي و ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: جاء أبو سفيان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد أنشدك الله و الرحم فقد أكلنا العلهز يعني الوبر بالدم فأنزل الله: «و لقد أخذناهم بالعذاب - فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون».
أقول: و الروايات في هذا المعنى مختلفة و ما أوردناه أعدلها و هي تشير إلى جدب وقع بمكة و حواليها بدعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و ظاهر أكثرها أنه كان بعد الهجرة، و لا يوافق ذلك الاعتبار.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و لو اتبع الحق أهواءهم» قال: الحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و أمير المؤمنين (عليه السلام).
أقول: هو من البطن بالمعنى الذي تقدم في بحث المحكم و المتشابه و نظيره ما أورده: في قوله «و إنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم» قال إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و كذا ما أورده: في قوله: «عن الصراط لناكبون» قال: عن الإمام لحادون.
و فيه، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله: «أم تسئلهم خرجا - فخراج ربك خير و هو خير الرازقين» يقول: أم تسألهم أجرا فأجر ربك خير.
و في الكافي، بإسناده عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون» فقال: الاستكانة هي الخضوع، و التضرع رفع اليدين و التضرع بهما.
و في المجمع، و روي عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): رفع الأيدي من الاستكانة. قلت: و ما الاستكانة؟ قال: أ ما تقرأ هذه الآية: «فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون»؟: أورده الثعلبي و الواحدي في تفسيريهما.
و فيه، قال أبو عبد الله (عليه السلام): الاستكانة الدعاء، و التضرع رفع اليدين في الصلاة.
و في الدر المنثور، أخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب: في قوله: «فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون» أي لم يتواضعوا في الدعاء و لم يخضعوا و لو خضعوا لله لاستجاب لهم.
و في المجمع،: في قوله تعالى: «حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد» قال أبو جعفر (عليه السلام) هو في الرجعة.
|