بيان
أحكام و شرائع متناسبة و مناسبة لما تقدم.
قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها» إلخ، الأنس بالشيء و إليه الألفة و سكون القلب إليه، و الاستيناس طلب ذلك بفعل يؤدي إليه كالاستيناس لدخول بيت بذكر الله و التنحنح و نحو ذلك ليتنبه صاحب البيت أن هناك من يريد الدخول عليه فيستعد لذلك فربما كان في حال لا يحب أن يراه عليها أحد أو يطلع عليها مطلع.
و منه يظهر أن مصلحة هذا الحكم هو الستر على عورات الناس و التحفظ على كرامة الإيمان فإذا استأنس الداخل عند إرادة الدخول على بيت غير بيته فأخبر باستيناسه صاحب البيت بدخوله ثم دخل فسلم عليه فقد أعانه على ستر عورته، و أعطاه الأمن من نفسه.
و يؤدي الاستمرار على هذه السيرة الجميلة إلى استحكام الأخوة و الألفة و التعاون العام على إظهار الجميل و الستر على القبيح و إليه الإشارة بقوله: «ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون» أي لعلكم بالاستمرار على هذه السيرة تتذكرون ما يجب عليكم رعايته و إحياؤه من سنة الأخوة و تألف القلوب التي تحتها كل سعادة اجتماعية.
و قيل: إن قوله: «لعلكم تذكرون» تعليل لمحذوف و التقدير قيل لكم كذا لعلكم تتذكرون مواعظ الله فتعملوا بموجبها، و لا بأس به.
و قيل: إن في قوله: «حتى تستأنسوا و تسلموا» تقديما و تأخيرا و الأصل حتى تسلموا و تستأنسوا.
و هو كما ترى.
قوله تعالى: «فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم»... إلخ، أي إن علمتم بعدم وجود أحد فيها - و هو الذي يملك الإذن - فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم من قبل من يملك الإذن، و ليس المراد به أن يتطلع على البيت و ينظر فيه فإن لم ير فيه أحدا كف عن الدخول فإن السياق يشهد على أن المنع في الحقيقة عن النظر و الاطلاع على عورات الناس.
و هذه الآية تبين حكم دخول بيت الغير و ليس فيه من يملك الإذن، و الآية السابقة تبين حكم الدخول و فيه من يملك الإذن و لا يمنع، و أما دخوله و فيه من يملك الإذن و يمنع و لا يأذن فيه فيبين حكمه قوله تعالى: «و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم و الله بما تعملون عليم».
قوله تعالى: «ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم» إلخ، ظاهر السياق كون قوله: «فيها متاع لكم» صفة بعد صفة لقوله: «بيوتا» لا جملة مستأنفة معللة لقوله: «ليس عليكم جناح»، و الظاهر أن المتاع بمعنى الاستمتاع.
ففيه تجويز الدخول في بيوت معدة لأنواع الاستمتاع و هي غير مسكونة بالطبع كالخانات و الحمامات و الأرحية و نحوها فإن كونها موضوعة للاستمتاع إذن عام في دخولها.
و ربما قيل: إن المراد بالمتاع المعنى الاسمي و هو الأثاث و الأشياء الموضوعة للبيع و الشرى كما في بيوت التجارة و الحوانيت فإنها مأذونة في دخولها إذنا عاما و لا يخلو من بعد لقصور اللفظ.
قوله تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون» الغض إطباق الجفن، على الجفن و الأبصار جمع بصر و هو العضو الناظر، و من هنا يظهر أن «من» في «من أبصارهم» لابتداء الغاية لا مزيدة و لا للجنس و لا للتبعيض كما قال بكل قائل، و المعنى يأتوا بالغض آخذا من أبصارهم.
فقوله: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم» لما كان «يغضوا» مترتبا على
قوله: «قل» ترتب جواب الشرط عليه دل ذلك على كون القول بمعنى الأمر و المعنى مرهم يغضوا من أبصارهم و التقدير مرهم بالغض إنك إن تأمرهم به يغضوا، و الآية أمر بغض الأبصار و إن شئت فقل: نهي عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الأجنبي و الأجنبية لمكان الإطلاق.
و قوله: «و يحفظوا فروجهم» أي و مرهم يحفظوا فروجهم، و الفرجة و الفرج الشق بين الشيئين، و كنى به عن السوأة، و على ذلك جرى استعمال القرآن المليء أدبا و خلقا ثم كثر استعماله فيها حتى صار كالنص كما ذكره الراغب.
و المقابلة بين قوله: «يغضوا من أبصارهم» و «يحفظوا فروجهم» يعطي أن المراد بحفظ الفروج سترها عن النظر لا حفظها عن الزنا و اللواطة كما قيل، و قد ورد في الرواية عن الصادق (عليه السلام): أن كل آية في القرآن في حفظ الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية فهي من النظر.
و على هذا يمكن أن تتقيد أولى الجملتين بثانيتهما و يكون مدلول الآية هو النهي عن النظر إلى الفروج و الأمر بسترها.
ثم أشار إلى وجه المصلحة في الحكم و حثهم على المراقبة في جنبه بقوله: «ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون».
قوله تعالى: «و قل للمؤمنات يغضضن» إلخ، الكلام في قوله: «و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن» نظير ما مر في قوله: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم» فلا يجوز لهن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه و يجب عليهن ستر العورة عن الأجنبي و الأجنبية.
و أما قوله: «و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» فالإبداء الإظهار، و المراد بزينتهن مواضع الزينة لأن نفس ما يتزين به كالقرط و السوار لا يحرم إبداؤها فالمراد بإبداء الزينة إبداء مواضعها من البدن.
و قد استثنى الله سبحانه منها ما ظهر، و قد وردت الرواية أن المراد بما ظهر منها الوجه و الكفان و القدمان كما سيجيء إن شاء الله.
و قوله: «و ليضربن بخمرهن على جيوبهن» الخمر بضمتين جمع خمار و هو ما تغطي به المرأة رأسها و ينسدل على صدرها، و الجيوب جمع جيب بالفتح فالسكون و هو معروف و المراد بالجيوب الصدور، و المعنى و ليلقين بأطراف مقانعهن على صدورهن ليسترنها بها.
و قوله: «و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن - إلى قوله - أو بني أخواتهن» البعولة هم أزواجهن، و الطوائف السبع الأخر محارمهن من جهة النسب و السبب، و أجداد البعولة حكمهم حكم آبائهم و أبناء أبناء البعولة حكمهم حكم الأبناء.
و قوله: «أو نسائهن» في الإضافة إشارة إلى أن المراد بهن المؤمنات من النساء فلا يجوز لهن التجرد لغيرهن من النساء و قد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
و قوله: «أو ما ملكت أيمانهن» إطلاقه يشمل العبيد و الإماء، و قد وردت به الرواية كما سيأتي إن شاء الله، و هذا من موارد استعمال «ما» في أولي العقل.
و قوله: «أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال» الإربة هي الحاجة، و المراد به الشهوة التي تحوج إلى الازدواج، و «من الرجال» بيان للتابعين، و المراد بهم كما تفسره الروايات البله المولى عليهم من الرجال و لا شهوة لهم.
و قوله: «أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء» أي جماعة الأطفال - و اللام للاستغراق - الذين لم يقووا و لم يظهروا - من الظهور بمعنى الغلبة - على أمور يسوء التصريح بها من النساء، و هو - كما قيل - كناية عن البلوغ.
و قوله: «و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن» ذلك بتصوت أسباب الزينة كالخلخال و العقد و القرط و السوار.
و قوله: «و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون» المراد بالتوبة - على ما يعطيه السياق - الرجوع إليه تعالى بامتثال أوامره و الانتهاء عن نواهيه و بالجملة اتباع سبيله.
قوله تعالى: «و أنكحوا الأيامى منكم و الصالحين من عبادكم و إمائكم» الإنكاح
التزويج، و الأيامى جمع أيم بفتح الهمزة و كسر الياء المشددة و هو الذكر الذي لا أنثى معه و الأنثى التي لا ذكر معها و قد يقال في المرأة أيمة، و المراد بالصالحين الصالحون للتزويج لا الصالحون في الأعمال.
و قوله: «إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وعد جميل بالغنى و سعة الرزق و قد أكده بقوله: «و الله واسع عليم» و الرزق يتبع صلاحية المرزوق بمشية من الله سبحانه، و سيوافيك إن شاء الله في تفسير قوله تعالى: «فورب السماء و الأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون»: الذاريات: 23 كلام في معنى سعة الرزق.
قوله تعالى: «و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله» الاستعفاف و التعفف قريبا المعنى، و المراد بعدم وجدان النكاح عدم القدرة على المهر و النفقة، و معنى الآية الأمر بالتعفف لمن لا يقدر على النكاح و التحرز عن الوقوع في الزنا حتى يغنيه الله من فضله.
قوله تعالى: «و الذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا» إلخ المراد بالكتاب المكاتبة، و ابتغاء المكاتبة أن يسأل العبد مولاه أن يكاتبه على إيتائه المولى مالا على أن يعتقه، و في الآية أمر للموالي بإجابتهم إن علموا فيهم خيرا و هو كناية عن إحراز صلاحيتهم لذلك.
و قوله: «و آتوهم من مال الله الذي آتاكم» إشارة إلى إيتائهم مال المكاتبة من الزكاة المفروضة فسهم من سهام الزكاة لهم، كما قال تعالى: «و في الرقاب»: التوبة: 60 أو إسقاط شيء من مال المكاتبة.
و في هذه الآية و الآيات السابقة مباحث فقهية جمة ينبغي أن يراجع فيها كتب الفقه.
قوله تعالى: «و لا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا الفتيات الإماء و الولائد، و البغاء الزنا و هو مفاعلة من البغي، و التحصن التعفف و الازدواج و ابتغاء عرض الحياة الدنيا طلب المال، و المعنى ظاهر.
و إنما اشترط النهي عن الإكراه بإرادة التحصن لأن الإكراه لا يتحقق في من لا يريد التحصن، ثم وعدهن المغفرة على تقدير الإكراه بقوله: «و من يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم» و معناه ظاهر.
قوله تعالى: «و لقد أنزلنا إليكم آيات مبينات و مثلا من الذين خلوا من قبلكم و موعظة للمتقين» المثل الصفة و من الممكن أن يكون قوله: «و لقد أنزلنا» إلخ، حالا من فاعل قوله: «توبوا» في الآية السابقة أو استينافا و المعنى و أقسم لقد أنزلنا إليكم آيات تبين لكم من معارف الدين ما تفلحون به، و صفة من السابقين أخيارهم و أشرارهم يتميز بها لكم ما ينبغي أن تأخذوا به مما ينبغي لكم أن تجتنبوا، و موعظة للمتقين منكم.
بحث روائي
في تفسير القمي، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم - حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها» قال: الاستيناس وقع النعل و التسليم:. أقول: و رواه الصدوق في معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن مرفوعا عن عبد الرحمن عنه (عليه السلام).
و في المجمع، عن أبي أيوب الأنصاري قال: قلنا: يا رسول الله ما الاستيناس؟ قال يتكلم الرجل بالتسبيحة و التحميدة و التكبيرة و يتنحنح على أهل البيت.
و عن سهل بن سعد قال: اطلع رجل في حجرة من حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و معه مدرى يحك رأسه: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك إنما الاستيذان من النظر.
و روي: أن رجلا قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أستأذن على أمي؟ فقال: نعم. قال
إنها ليس لها خادم غيري أ فأستأذن عليها كلما دخلت؟ قال: أ تحب أن تراها عريانة؟ قال الرجل: لا، قال: فاستأذن عليها.
و روي: أن رجلا استأذن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتنحنح فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لامرأة يقال لها: روضة: قومي إلى هذا فعلميه و قولي له: قل السلام عليكم أ أدخل؟ فسمعها الرجل فقالها فقال: ادخل.
أقول: و روي في الدر المنثور، عن جمع من أصحاب الجوامع الرواية الأولى عن أبي أيوب، و الثانية عن سهل بن سعد و الرابعة عن عمرو بن سعد الثقفي.
و في الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن الاستيذان في البيوت فقال: من دخلت عينه قبل أن يستأذن و يسلم فقد عصى الله و لا إذن له.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «فإن لم تجدوا فيها أحدا - فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم» قال: معناه و إن لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم.
و فيه،: في قوله تعالى: «ليس عليكم جناح أن تدخلوا - بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم» قال الصادق (عليه السلام): هي الحمامات و الخانات و الأرحية تدخلها بغير إذن.
و في الكافي، بإسناده عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام): في حديث يذكر فيه ما فرض الله على الجوارح. قال: و فرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له و هو عمله و هو من الإيمان. فقال تبارك و تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم» فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: «و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن» من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها و تحفظ فرجها من أن ينظر إليه. و قال: كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فهو من النظر:.
أقول: و روى القمي في تفسيره، ذيل الحديث عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عنه (عليه السلام)، و روي مثله عن أبي العالية و ابن زيد.
و في الكافي، بإسناده عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة و كان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها و هي مقبلة فلما جازت نظر إليها و دخل في زقاق قد سماه ببني فلان، و جعل ينظر خلفها، و اعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه و صدره فقال: و الله لآتين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و لأخبرنه. قال: فأتاه فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل بهذه الآية «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم - ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون»:. أقول: و رواه في الدر المنثور، عن ابن مردويه عن علي بن أبي طالب مثله، و ظاهر الحديث أن المراد بالأمر بالغض في الآية النهي عن مطلق النظر إلى الأجنبية، كما أن ظاهر بعض الروايات السابقة أنه نهي عن النظر إلى فرج الغير خاصة.
و فيه، بإسناده عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما يحل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال: الوجه و الكفان و القدمان.
أقول: و رواه في الخصال، عن بعض أصحابنا عنه (عليه السلام) و لفظه: الوجه و الكفين و القدمين.
و في قرب الإسناد، للحميري عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل ما يصلح له أن ينظر إليه من المرأة التي لا تحل له؟ قال: الوجه و الكف و موضع السوار.
و في الكافي، بإسناده عن عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا بأس بالنظر إلى رءوس أهل تهامة و الأعراب و أهل السواد و العلوج لأنهم إذا نهوا لا ينتهون.
قال: و المجنونة و المغلوبة على عقلها، و لا بأس بالنظر إلى شعرها و جسدها ما لم يتعمد ذلك.
أقول: كأنه (عليه السلام) يريد بقوله: ما لم يتعمد ذلك، الريبة.
و في الخصال،: و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي أول نظرة لك و الثانية عليك لا لك أقول: و روي مثله في الدر المنثور، عن عدة من أصحاب الجوامع عن بريدة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) و لفظه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى و ليست لك الآخرة.
و في جوامع الجامع، عن أم سلمة قالت: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و عنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم و ذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال: احتجبا، فقلنا: يا رسول الله أ ليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال: أ فعمياوان أنتما؟ أ لستما تبصرانه؟: أقول: و رواه في الدر المنثور، عن أبي داود و الترمذي و النسائي و البيهقي عنها.
و في الفقيه، و روى حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية و النصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن.
و في المجمع،: في قوله تعالى: «أو ما ملكت أيمانهن» و قيل: معناه العبيد و الإماء: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).
و في الكافي، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألته عن غير أولي الإربة من الرجال. قال: الأحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء.
و فيه، بإسناده عن محمد بن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله عز و جل إن الله يقول «إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله».
أقول: و في المعاني السابقة روايات كثيرة جدا عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من أرادها فليراجع كتب الحديث.
و في الفقيه، روى العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز
و جل: «فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا» قال: الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و يكون بيده عمل يكتسب به أو يكون له حرفة.
أقول: و في معناه روايات أخر.
و في الكافي، بإسناده عن العلاء بن فضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في قوله عز و جل: «فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا - و آتوهم من مال الله الذي آتاكم» قال: تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه، و لا تزيد فوق ما في نفسك. فقلت: كم؟ فقال: وضع أبو جعفر (عليه السلام) عن مملوك ألفا من ستة آلاف.
أقول: و روي في مجمع البيان، و كذا في الدر المنثور، عن علي (عليه السلام) ربع المال، و المستفاد من ظواهر الأخبار عدم تعين مقدار معين ذي نسبة.
و قد تقدمت في ذيل قوله و في الرقاب»: التوبة: 60 الجزء التاسع من الكتاب رواية العياشي أن المكاتب يؤتى من سهم الرقاب من الزكاة.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و لا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا»، قال: كانت العرب و قريش يشترون الإماء و يضعون عليهن الضريبة الثقيلة و يقولون: اذهبن و ازنين و اكتسبن فنهاهم الله عن ذلك فقال و لا تكرهوا فتياتكم على البغاء» إلى قوله غفور رحيم» أي لا يؤاخذهن الله تعالى بذلك إذا أكرهن عليه.
و في المجمع،: في قوله تعالى: «لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا» قيل: إن عبد الله بن أبي كانت له ست جوار يكرههن على الكسب بالزنا، فلما نزل تحريم الزنا أتين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكون إليه فنزلت الآية.
أقول: أما أنه كان له من الجواري من يكرههن على الزنا فقد وردت فيه روايات رواها في الدر المنثور، كما روى هذه الرواية، و أما كون ذلك بعد نزول تحريم الزنا فيضعفه أن الزنا لم يحرم في المدينة بل في مكة قبل الهجرة بل كانت حرمته من ضروريات الإسلام منذ ظهرت الدعوة الحقة، و قد تقدم في تفسير سورة الأنعام أن حرمة الفواحش و منها الزنا من الأحكام العامة التي لا تختص بشريعة دون شريعة.
|