بيان
تذكر الآيات من محاسن خصال المؤمنين ما يقابل ما وصف من صفات الكفار السيئة و يجمعها أنهم يدعون ربهم و يصدقون رسوله و الكتاب النازل عليه قبال تكذيب الكفار لذلك و إعراضهم عنه إلى اتباع الهوى، و لذلك تختتم الآيات بقوله: «قل ما يعبؤا بكم ربي لو لا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما» و به تختتم السورة.
قوله تعالى: «و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» لما ذكر في الآية السابقة استكبارهم على الله سبحانه و إهانتهم بالاسم الكريم: الرحمن، قابله في هذه الآية بذكر ما يقابل ذلك للمؤمنين و سماهم عبادا و أضافهم إلى نفسه متسميا باسم الرحمن الذي كان يحيد عنه الكفار و ينفرون.
و قد وصفتهم الآية بوصفين من صفاتهم: أحدهما: ما اشتمل عليه قوله: الذين يمشون على الأرض هونا» و الهون على ما ذكره الراغب التذلل، و الأشبه حينئذ أن يكون المشي على الأرض كناية عن عيشتهم بمخالطة الناس و معاشرتهم فهم في أنفسهم متذللون لربهم و متواضعون للناس لما أنهم عباد الله غير مستكبرين على الله و لا مستعلين على غيرهم بغير حق، و أما التذلل لأعداء الله ابتغاء ما عندهم من العزة الوهمية فحاشاهم و إن كان الهون بمعنى الرفق و اللين فالمراد أنهم يمشون من غير تكبر و تبختر.
و ثانيهما: ما اشتمل عليه قوله: «و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» أي إذا خاطبهم الجاهلون خطابا ناشئا عن جهلهم مما يكرهون أن يخاطبوا به أو يثقل عليهم كما يستفاد من تعلق الفعل بالوصف أجابوهم بما هو سالم من القول و قالوا لهم قولا سلاما خاليا عن اللغو و الإثم، قال تعالى: «لا يسمعون فيها لغوا و لا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما»: الواقعة: 26، و يرجع إلى عدم مقابلتهم الجهل بالجهل.
و هذه - كما قيل - صفة نهارهم إذا انتشروا في الناس و أما صفة ليلهم فهي التي تصفها الآية التالية.
قوله تعالى: «و الذين يبيتون لربهم سجدا و قياما» البيتوتة إدراك الليل سواء نام أم لا، و «لربهم» متعلق بقوله: «سجدا» و السجد و القيام جمعا ساجد و قائم، و المراد عبادتهم له تعالى بالخرور على الأرض و القيام على السوق، و من مصاديقه الصلاة.
و المعنى: و هم الذين يدركون الليل حال كونهم ساجدين فيه لربهم و قائمين يتراوحون سجودا و قياما، و يمكن أن يراد به التهجد بنوافل الليل.
قوله تعالى: «و الذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما» الغرام ما ينوب الإنسان من شدة أو مصيبة فيلزمه و لا يفارقه و الباقي ظاهر.
قوله تعالى: «إنها ساءت مستقرا و مقاما» الضمير لجهنم و المستقر و المقام اسما مكان من الاستقرار و الإقامة، و الباقي ظاهر.
قوله تعالى: «و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما»، الإنفاق بذل المال و صرفه في رفع حوائج نفسه أو غيره، و الإسراف الخروج عن الحد و لا يكون إلا في جانب الزيادة، و هو في الإنفاق التعدي عما ينبغي الوقوف عليه في بذل المال، و القتر بالفتح فالسكون التقليل في الإنفاق و هو بإزاء الإسراف على ما ذكره الراغب، و القتر و الإقتار و التقتير بمعنى.
و القوام بالفتح الواسط العدل، و بالكسر ما يقوم به الشيء و قوله: «بين ذلك» متعلق بالقوام، و المعنى: و كان إنفاقهم وسطا عدلا بين ما ذكر من الإسراف و القتر فقوله: «و كان بين ذلك قواما تنصيص على ما يستفاد من قوله «إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا»، فصدر الآية ينفي طرفي الإفراط و التفريط في الإنفاق، و ذيلها يثبت الوسط.
قوله تعالى: «و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر» إلى آخر الآية هذا هو الشرك و أصول الوثنية لا تجيز دعاءه تعالى و عبادته أصلا لا وحده و لا مع آلهتهم و إنما توجب دعاء آلهتهم و عبادتهم ليقربوهم إلى الله زلفى و يشفعوا لهم عنده.
فالمراد بدعائهم مع الله إلها آخر إما التلويح إلى أنه تعالى إله مدعو بالفطرة على كل حال فدعاء غيره دعاء لإله آخر معه و إن لم يذكر الله.
أو أنه تعالى ثابت في نفسه سواء دعي غيره أم لا فالمراد بدعاء غيره دعاء إله آخر مع وجوده و بعبارة أخرى تعديه إلى غيره.
أو إشارة إلى ما كان يفعله جهلة مشركي العرب فإنهم كانوا يرون أن دعاء آلهتهم إنما ينفعهم في البر و أما البحر فإنه لله لا يشاركه فيه أحد فالمراد دعاؤه تعالى في مورد كما عند شدائد البحر من طوفان و نحوه و دعاء غيره معه في مورد و هو البر، و أحسن الوجوه أوسطها.
و قوله: «و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق» أي لا يقتلون النفس الإنسانية التي حرم الله قتلها في حال من الأحوال إلا حال تلبس القتل بالحق كقتلها قصاصا و حدا.
و قوله تعالى: «و لا يزنون» أي لا يطئون الفرج الحرام و قد كان شائعا بين العرب في الجاهلية، و كان الإسلام معروفا بتحريم الزنا و الخمر من أول ما ظهرت دعوته.
و قوله: «و من يفعل ذلك يلق أثاما» الإشارة بذلك إلى ما تقدم ذكره و هو الشرك و قتل النفس المحترمة بغير حق و الزنا، و الأثام الإثم و هو وبال الخطيئة و هو الجزاء بالعذاب الذي سيلقاه يوم القيامة المذكور في الآية التالية.
قوله تعالى: «يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا» بيان للقاء الأثام، و قوله: «و يخلد فيه مهانا» أي يخلد في العذاب و قد وقعت عليه الإهانة.
و الخلود في العذاب في الشرك لا ريب فيه، و أما الخلود فيه عند قتل النفس المحترمة و الزنا و هما من الكبائر و قد صرح القرآن بذلك فيهما و كذا في أكل الربا فيمكن أن يحمل على اقتضاء طبع المعصية ذلك كما ربما استفيد من ظاهر قوله: «إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء».
أو يحمل الخلود على المكث الطويل أعم من المنقطع و المؤبد أو يحمل قوله: «و من يفعل ذلك» على فعل جميع الثلاثة لأن الآيات في الحقيقة تنزه المؤمنين عما كان الكفار مبتلين به و هو الجميع دون البعض.
قوله تعالى: «إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما» استثناء من لقي الأثام و الخلود فيه، و قد أخذ في المستثنى التوبة و الإيمان و إتيان العمل الصالح، أما التوبة و هي الرجوع عن المعصية و أقل مراتبها الندم فلو لم يتحقق لم ينتزع العبد عن المعصية و لم يزل مقيما عليها، و أما إتيان العمل الصالح فهو مما تستقر به التوبة و به تكون نصوحا.
و أما أخذ الإيمان فيدل على أن الاستثناء إنما هو من الشرك فتختص الآية بمن أشرك و قتل و زنى أو بمن أشرك سواء أتى معه بشيء من القتل المذكور و الزنا أو لم يأت، و أما من أتى بشيء من القتل و الزنا من غير شرك فالمتكفل لبيان حكم توبته الآية التالية.
و قوله: «فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات» تفريع على التوبة و الإيمان و العمل الصالح يصف ما يترتب على ذلك من جميل الأثر و هو أن الله يبدل سيئاتهم حسنات.
و قد قيل في معنى ذلك أن الله يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة و يثبت مكانها لواحق طاعاتهم فيبدل الكفر إيمانا و القتل بغير حق جهادا و قتلا بالحق و الزنا عفة و إحصانا.
و قيل: المراد بالسيئات و الحسنات ملكاتهما لا نفسهما فيبدل ملكة السيئة ملكة الحسنة.
و قيل: المراد بهما العقاب و الثواب عليهما لا نفسهما فيبدل عقاب القتل و الزنا مثلا ثواب القتل بالحق و الإحصان.
و أنت خبير بأن هذه الوجوه من صرف الكلام عن ظاهره بغير دليل يدل عليه.
و الذي يفيد ظاهر قوله: «يبدل الله سيئاتهم حسنات» و قد ذيله بقوله: «و كان الله غفورا رحيما» أن كل سيئة منهم نفسها تتبدل حسنة، و ليست السيئة هي متن الفعل الصادر من فاعله و هو حركات خاصة مشتركة بين السيئة و الحسنة كعمل المواقعة مثلا المشترك بين الزنا و النكاح، و الأكل المشترك بين أكل المال غصبا و بإذن من مالكه بل صفة الفعل من حيث موافقته لأمر الله و مخالفته له مثلا من حيث إنه يتأثر به الإنسان و يحفظ عليه دون الفعل الذي هو مجموع حركات متصرمة متقضية فانية و كذا عنوانه القائم به الفاني بفنائه.
و هذه الآثار السيئة التي يتبعها العقاب أعني السيئات لازمة للإنسان حتى يؤخذ بها يوم تبلى السرائر.
و لو لا شوب من الشقوة و المساءة في الذات لم يصدر عنها عمل سيىء إذ الذات السعيدة الطاهرة من كل وجه لا يصدر عنها سيئة قذرة فالأعمال السيئة إنما تلحق ذاتا شقية خبيثة بذاتها أو ذاتا فيها شوب من شقاء و خباثة.
و لازم ذلك إذا تطهرت بالتوبة و طابت بالإيمان و العمل الصالح فتبدلت ذاتا سعيدة ما فيها شوب من قذارة الشقاء أن تتبدل آثارها اللازمة التي كانت سيئات قبل ذلك فتناسب الآثار للذات بمغفرة من الله و رحمة و كان الله غفورا رحيما.
و إلى مثل هذا يمكن أن تكون الإشارة بقوله: «فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما».
قوله تعالى: «و من تاب و عمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا» المتاب مصدر ميمي للتوبة، و سياق الآية يعطي أنها مسوقة لرفع استغراب تبدل السيئات حسنات بتعظيم أمر التوبة و أنها رجوع خاص إلى الله سبحانه فلا بدع في أن يبدل السيئات حسنات و هو الله يفعل ما يشاء.
و في الآية مع ذلك شمول للتوبة من جميع المعاصي سواء قارنت الشرك أم فارقته، و الآية السابقة - كما تقدمت الإشارة إليه - كانت خفية الدلالة على حال المعاصي إذا تجردت من الشرك.
قوله تعالى: «و الذين لا يشهدون الزور و إذا مروا باللغو مروا كراما» قال في مجمع البيان:، أصل الزور تمويه الباطل بما يوهم أنه حق.
انتهى.
فيشمل الكذب و كل لهو باطل كالغناء و الفحش و الخنا بوجه، و قال أيضا: يقال: تكرم فلان عما يشينه إذا تنزه و أكرم نفسه منه انتهى.
فقوله: «و الذين لا يشهدون الزور» إن كان المراد بالزور الكذب فهو قائم مقام المفعول المطلق و التقدير لا يشهدون شهادة الزور، و إن كان المراد اللهو الباطل كالغناء و نحوه كان مفعولا به و المعنى لا يحضرون مجالس الباطل، و ذيل الآية يناسب ثاني المعنيين.
و قوله: «و إذا مروا باللغو مروا كراما» اللغو ما لا يعتد به من الأفعال و الأقوال لعدم اشتماله على غرض عقلائي و يعم - كما قيل - جميع المعاصي، و المراد بالمرور باللغو المرور بأهل اللغو و هم مشتغلون به.
و المعنى: و إذا مروا بأهل اللغو و هم يلغون مروا معرضين عنهم منزهين أنفسهم عن الدخول فيهم و الاختلاط بهم و مجالستهم.
قوله تعالى: «و الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما و عميانا» الخرور على الأرض السقوط عليها و كأنها في الآية كناية عن لزوم الشيء و الانكباب عليه.
و المعنى: و الذين إذا ذكروا بآيات ربهم من حكمة أو موعظة حسنة من قرآن أو وحي لم يسقطوا عليه و هم صم لا يسمعون و عميان لا يبصرون بل تفكروا فيها و تعقلوها فأخذوا بها عن بصيرة فآمنوا بحكمتها و اتعظوا بموعظتها و كانوا على بصيرة من أمرهم و بينة من ربهم.
قوله تعالى: «و الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماما» قال الراغب في المفردات،: قرت عينه تقر سرت قال، تعالى: «كي تقر عينها» و قيل لمن يسر به قرة عين قال: «قرة عين لي و لك» و قوله تعالى: «هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين» قيل: أصله من القر أي البرد فقرت عينه قيل: معناه بردت فصحت، و قيل: بل لأن للسرور دمعة باردة قارة و للحزن دمعة حارة و لذلك يقال فيمن يدعى عليه: أسخن الله عينه، و قيل: هو من القرار و المعنى أعطاه الله ما يسكن به عينه فلا تطمح إلى غيره انتهى.
و مرادهم بكون أزواجهم و ذرياتهم قرة أعين لهم أن يسروهم بطاعة الله و التجنب عن معصيته فلا حاجة لهم في غير ذلك و لا إربة و هم أهل حق لا يتبعون الهوى.
و قوله: «و اجعلنا للمتقين إماما» أي متسابقين إلى الخيرات سابقين إلى رحمتك فيتبعنا غيرنا من المتقين كما قال تعالى: «فاستبقوا الخيرات»: البقرة: 148، و قال: «سابقوا إلى مغفرة من ربكم و جنة»: الحديد: 21، و قال: «و السابقون السابقون أولئك المقربون»: الواقعة: 11، و كأن المراد أن يكونوا صفا واحدا متقدما على غيرهم من المتقين و لذا جيء بالإمام بلفظ الإفراد.
و قال بعضهم: إن الإمام مما يطلق على الواحد و الجمع، و قيل: إن إمام جمع آم بمعنى القاصد كصيام جمع صائم، و المعنى: اجعلنا قاصدين للمتقين متقيدين بهم، و في قراءة أهل البيت «و اجعل لنا من المتقين إماما».
قوله تعالى: «أولئك يجزون الغرفة بما صبروا و يلقون فيها تحية و سلاما خالدين فيها حسنت مستقرا و مقاما» الغرفة - كما قيل - البناء فوق البناء فهو الدرجة العالية من البيت، و هي كناية عن الدرجة العالية في الجنة، و المراد بالصبر الصبر على طاعة الله و عن معصيته فهذان القسمان من الصبر هما المذكوران في الآيات السابقة لكن لا ينفك ذلك عن الصبر عند النوائب و الشدائد.
و المعنى: أولئك الموصوفون بما وصفوا يجزون الدرجة الرفيعة من الجنة يلقون فيها أي يتلقاهم الملائكة بالتحية و هو ما يقدم للإنسان مما يسره و بالسلام و هو كل ما ليس فيه ما يخافه و يحذره، و في تنكير التحية و السلام دلالة على التفخيم و التعظيم، و الباقي ظاهر.
قوله تعالى: «قل ما يعبؤا بكم ربي لو لا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما» قال في المفردات:، ما عبأت به أي لم أبال به، و أصله من العبء أي الثقل كأنه قال: ما أرى له وزنا و قدرا، قال تعالى: «قل ما يعبؤا بكم ربي لو لا دعاؤكم» و قيل: من عبأت الطيب كأنه قيل: ما يبقيكم لو لا دعاؤكم.
انتهى.
قيل: «دعاؤكم» من إضافة المصدر إلى المفعول و فاعله ضمير راجع إلى «ربي» و على هذا فقوله: «فقد كذبتم» من تفريع السبب على المسبب بمعنى انكشافه بمسببه، و قوله: «فسوف يكون لزاما» أي سوف يكون تكذيبكم ملازما لكم أشد الملازمة فتجزون بشقاء لازم و عذاب دائم.
و المعنى: قل لا قدر و لا منزلة لكم عند ربي فوجودكم و عدمكم عنده سواء لأنكم كذبتم فلا خير يرجى فيكم فسوف يكون هذا التكذيب ملازما لكم أشد الملازمة، إلا أن الله يدعوكم ليتم الحجة عليكم أو يدعوكم لعلكم ترجعون عن تكذيبكم.
و هذا معنى حسن.
و قيل: «دعاؤكم» من إضافة المصدر إلى الفاعل، و المراد به عبادتهم لله سبحانه و المعنى: ما يبالي بكم ربي أو ما يبقيكم ربي لو لا عبادتكم له.
و فيه أن هذا المعنى لا يلائم تفرع قوله: «فقد كذبتم» عليه و كان عليه من حق الكلام أن يقال: و قد كذبتم! على أن المصدر المضاف إلى فاعله يدل على تحقق الفعل منه و تلبسه به و هم غير متلبسين بدعائه و عبادته تعالى فكان من حق الكلام على هذا التقدير أن يقال لو لا أن تدعوه فافهم.
و الآية خاتمة السورة و تنعطف إلى غرض السورة و محصل القول فيه و هو الكلام على اعتراض المشركين على الرسول و على القرآن النازل عليه و تكذيبهما.
بحث روائي
في المجمع،: في قوله تعالى: «الذين يمشون على الأرض هونا» قال أبو عبد الله (عليه السلام): هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف و لا يتبختر.
و في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): في قوله: «إن عذابها كان غراما» قال: الدائم.
و في تفسير القمي، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله تعالى: «إن عذابها كان غراما» يقول: ملازما لا ينفك. و قوله عز و جل: «و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا» و الإسراف الإنفاق في المعصية في غير حق «و لم يقتروا» لم يبخلوا في حق الله عز و جل «و كان بين ذلك قواما» القوام العدل و الإنفاق فيما أمر الله به.
و في الكافي:، أحمد بن محمد بن علي عن محمد بن سنان عن أبي الحسن (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «و كان بين ذلك قواما» قال: القوام هو المعروف على الموسع قدره و على المقتر قدره على قدر عياله و مئونتهم التي هي صلاح له و لهم لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها.
و في المجمع، روي عن معاذ أنه قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك فقال: من أعطى في غير حق فقد أسرف، و من منع من حق فقد قتر.
أقول: و الأخبار في هذه المعاني كثيرة جدا.
و في الدر المنثور، أخرج الفاريابي و أحمد و عبد بن حميد و البخاري و مسلم و الترمذي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أي الذنب أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندا و هو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك فأنزل الله تصديق ذلك «و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر - و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون».
أقول: لعل المراد الانطباق دون سبب النزول.
و فيه، أخرج عبد بن حميد عن علي بن الحسين: «يبدل الله سيئاتهم حسنات» قال: في الآخرة، و قال الحسن: في الدنيا.
و فيه، أخرج أحمد و هناد و مسلم و الترمذي و ابن جرير و البيهقي في الأسماء و الصفات عن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه فتعرض عليه صغارها و ينحى عنه كبارها فيقال: عملت يوم كذا و كذا كذا و كذا و هو مقر ليس ينكر و هو مشفق من الكبار أن تجيء فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة.
أقول: هو من أخبار تبديل السيئات حسنات يوم القيامة و هي كثيرة مستفيضة من طرق أهل السنة و الشيعة مروية عن النبي و الباقر و الصادق و الرضا عليه و عليهم الصلاة و السلام.
و في روضة الواعظين، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما جلس قوم يذكرون الله إلا نادى بهم مناد من السماء قوموا فقد بدل الله سيئاتكم حسنات و غفر لكم جميعا.
و في الكافي، بإسناده عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قوله عز و جل: «لا يشهدون الزور» قال: الغناء:. أقول: و في المجمع، أنه مروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) و رواه القمي مسندا و مرسلا.
و في العيون، بإسناده إلى محمد بن أبي عباد و كان مشتهرا بالسماع و يشرب النبيذ قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن السماع فقال: لأهل الحجاز رأي فيه و هو في حيز الباطل و اللهو أ ما سمعت الله عز و جل يقول: «و إذا مروا باللغو مروا كراما».
و في روضة الكافي، بإسناده عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «و الذين إذا ذكروا بآيات ربهم - لم يخروا عليها صما و عميانا» قال: مستبصرين ليسوا بشكاك.
و في جوامع الجامع، عن الصادق (عليه السلام): في قوله: «و اجعلنا للمتقين إماما» قال: إيانا عنى.
أقول: و هناك عدة روايات في هذا المعنى و أخرى تتضمن قراءتهم (عليهم السلام): «و اجعل لنا من المتقين إماما».
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم و أبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر: في قوله: «أولئك يجزون الغرفة بما صبروا» قال: على الفقر في الدنيا.
و في المجمع، روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء؟ قال: كثرة الدعاء أفضل و قرأ هذه الآية.
أقول: و في انطباق الآية على ما في الرواية إبهام.
و في تفسير القمي، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله عز و جل: «قل ما يعبؤا بكم ربي لو لا دعاؤكم» يقول: ما يفعل ربي بكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.
|